مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1116 - 2005 / 2 / 21 - 10:25
المحور:
الادب والفن
تبرزُ الحافلة الندية بالرصاص الرمادي
كضوءٍ من زجاج يلمع في الظهيرة
عبر زقاق ترابي
منحني
كأحدب نوتردام
تمرق بضجة دراماتكية
ندية برذاذ الرصاص المتناثر في الجدران
مملؤءة بدخان السجائر الوطنية
اذهب بتؤدة الى حافة الرصيف
وانظر بنزق بعيدا.. اجازف في التحديق
عبر المقبرة القديمة
بعد أنْ يعسعس الليل داخل أقبية المصباح
ثم يخرج كهلالٍ من جانب البركة في الصباح
تخرج الحافلة في هدوء ملونٍ
عندما تنتهي الساقية في الفراغ الارضي
يركض الاطفال على سطوح البيوت الدخانية
يظّنُ الحارس الليلي
وهو يحدق بتحديقي النزق البعيد المدى
لتذهب الصحراء بساكنيها
وتجلس الجبال لعاشقيها
لتأتي الأشجار بظل المتجوّلين
لأننا سنركب الحافلة الندية يوماً
مثقلين بالذكريات
ـــ أنا وأنتَ
قال: وحيديد مازلنا نحاول!
غامضين كليلةٍ خريفيةْ
كقطين بريين في الغابة.
.........................................
.......................................
.......................................
تدلفُ الحافة الندية بالرصاص
إلى أزقتنا المسرحية
ازقتنا الموشحة بسواد هملت
سواد المواقد القديمة
سواد الحذلقة اليومية
سواد الانواع الكيمياوية
سواد القنابل والصواريخ،
ومؤخرات طيارات اليانكي
سواد الحافلات والدبابات والمدرعات الآليـة
وبقايا السيجار الكوبي المنهك من السواح.
بهدوء يتصاعد أريج حقل الحنطة
رطب ومحفز
حقل الحنطة المضطجع براحةٍ
على سطح الأرض الملتوية
الجاثم عند المقبرة القديمة
بعد ليلةٍ مطرية
آه.. ما اكثر الملامح الندية عبر ظلال البيوت الدخانية
بعد ان ترى دخان الحافلة من بعيد
من بعيد يتلوى مع الساقية
على حوافي حقل الحنطة المغبر
الممتد على حوافي الشارع الفرعي
يركض الاطفال مفعمين بالضجيج
فتخفق أفواج القطاة
ليندفع الصدى
قرب الساقية
وبايدٍ عشبية تقطر فرحاً .. وحزناً
يلوحون للقادمين والراحلين على حد سواء.
.....................................
...................................
..................................
اذهب بعد العصر بتؤدة
الى أطراف البيت الطيني
الطين الاحمر بلون الشفق المسائي
اجلس قرب الحارس الليلي
مهزمين بالنعاس
ـــ أنا وأنتَ
أقولُ : مازلنا خائفين كجنديين هاربين من الحرب .
الحافلة الزرقاء كأفعى تنسل كلصٍ ليلي
تغادر ازقتنا في كل صباح
بهدوء ملون
يظّنُ الحارس الليلي
ما يراه في حلم البارحة المتغير
لتذهب الصحراء بساكنيها
وتجلس الجبال لعاشقيها
ولتأتي الاشجار بثقل ظلال الاماسي المهجورة
لأننا سنرافق الحافلة الندية يوماً
ـــ انا وأنتَ
قالَ : وحيدين مازلنا نحاول..
محملين باشباحٍ نحاسية
كقطعتين مهمولتين من معدنٍ خربْ.
كل يوم والحافة الندية بالرصاص الرمادي
تأتي، وترحل مع اريج حقل الحنطة
ولون السواد الجاثم كالبعير المريض
وانا والحارس الليلي نحدق بحدقاتنا السوداء
وحديين ننعم بأريج حقل الحنطة
الجاثم عند المقبرة القديمة
وبأيدٍ منسية
نلوح للقادمين والراحلين على حد سواء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟