أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - النوم كغاية يومية














المزيد.....


النوم كغاية يومية


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 3827 - 2012 / 8 / 22 - 16:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النوم حالة شبه نباتية، تتسم عادة بالسلام والاستسلام، وفيها لذة ونشوة كبيرة، وهي أيضا حالة من اللاغاية أو اللاغرض.

وقد تتخلل الغفوة يقظة من حلم تأملي محايد أو حلم جميل مرفه أو حلم مقلق منغص، لكن شغل النوم يبقى تنقية العقل الباطن مما لوثه خلال اليوم، واستغلال حالة استسلام الجسم والعقل أثناء النوم لعمل كل ما يمكن لدعم العقل والروح والجسم وإراحتهم، كما في النباتات، كل العمليات تسير للحفاظ على ازدهار النبات وجعله في أفضل حالة، فلا غاية ولا فكرة تعطل ذلك بخلاف حالة الإنسان الذي ينشغل خلال يومه بما يقلق عقله وروحه ويمتهن جسده.

إن انسحاب الإنسان أثناء نومه إلى الحالة النباتية يعيد "الإرادة الحقيقية" للإنسان - والتي يكبحها بمشاغله أثناء صحوه- إلى وظيفتها الأساسية والضرورية، دون عوائق خارجية، ودون استنزاف لقواها في التفكير والقلق، فتتوجه كامل جهود هذه الإرادة أثناء النوم إلى ما يشبه إجراء عمليات الصيانة والشفاء، ولا عجب أن عمليات الشفاء والتعافي يحدث جلها أثناء النوم.

فإذا كان النوم هو الموت اليومي وكان الصحو هو الحياة اليومية، فإن ما يجعل الموت أكثر سلاما ورفقا وهناء هو أن لا يحمل إليه الإنسان من الحياة ما يثقل الكارما من الآثام، فعذاب الضمير يقلق، والتقصير يقلق، الانشغال بالغد الذي لم نعمل له يقلق، والقلق أيا كانت أسبابه ينغص النوم "الموت اليومي"، فإذا ما جعلت النوم الهانئ الممتلئ بالسكينة والسلام والسرور هو غايتك، لم تشتغل أثناء صحوك بما يجعلك تحمل القلق إلى الليل ولا تحظى بغايتك، فتتجنب العداوة، وتتجنب الانشغال بالكراهية، وتتجنب ما قد يجر عليك الشعور بتأنيب الضمير.

ولا تظن أنك بجعلك من النوم غايتك اليومية ستصبح كسولا، بل على العكس، لأنك ستسعى إلى إجهاد نفسك بما عليك فعله كي يتسنى لك أن تنام جيدا، وستسعى إلى أن تتمم ما تستطيع إتمامه كي لا يعيقك عن النوم قلقك مما فاتك أو خوفك على غد، وستحاول أن تبقي ذهنك صافيا ونقيا من الكراهية والأحكام لأن امتلاء ذهنك بهذه الأشياء سيعيقك عن النوم أو سيجعل نومك حافلا بالكوابيس.

ستدرك إذا ما جعلت النوم غايتك النومية أن الصواب هو ما يجعلك هادئ البال ولو جرمه الجميع، أما عن القلق المتعلق بالخوف على الأحباب، والتحرق لتصويب خلل وظلم، فقد آن لك أن تدرك أن القلق لا يفعل شيئا لمصلحة الأحباب ولا يسير بك خطوة واحدة في سبيل تحقيق العدالة، بل إن من يصحو بعد نوم هانئ هو أقدر على الفعل الخيّر والمنتج، ليحظى ليلة بعد ليلة بنوم هانئ، أو إن الموت الهانئ يجعلك أقدر على الفعل حين تنهض من سباتك بعد الموت.

لكل ذلك يمكن للموت الهادئ المتنعم الهانئ المتحرر من الكارما أن يكون هو الغاية أثناء الحياة، دون أن يمنع ذلك الاستمتاع بالحياة، فالاستمتاع بالحياة لا يتنافى مع سلك طريق اللاأذى الذي لا تتلوث طالما سلكته.

وعلى المستوى اليومي، يمكن للنوم الليلي الهانئ الحر من القلق أن يكون هو الغاية اليومية لك منذ اللحظة التي تصحو فيها مسرورا بعد ليلة هانئة، متحررا من القلق والحقد، متشوقا ليوم جديد، دون أن تمنعك غايتك من أن تستمتع بيومك وتجعل صحوك احتفالا يوميا.



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوري .. وهذه الثورات لا تمثلني
- المتصوف المتمرد ... 4
- المتصوف المتمرد ... 3
- صهيونية، بما لا يخالف شرع الله
- المتصوف المتمرد ... 2
- المتصوف المتمرد ... 1
- لست حرا ما دمت تسعى
- هل يمكن أن نصبح أنا وأنت والآخرون.. أنا فقط
- كيف نعيش ما تبقى من وقت للعالم
- ماذا لو انتهى العالم غدا؟
- الماتريكس الحقيقي !!
- ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- بانغلوس ينتظر البيان رقم واحد
- مقابلة مع نعوم تشومسكي سنة 1995
- عن اللاحكمية .. والتعادلية .. والتحرر من تعين الذات
- عن الديمقراطية: ليس كل ما يلمع ذهبا
- إضاءات على اللاحكمية
- اللاحكمية
- سلمى (7) ... صلاة
- حق الحياة .. في لزوم ما لا يلزم


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - النوم كغاية يومية