سامي بن بلعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3825 - 2012 / 8 / 20 - 01:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الى الذين يندبون الحظ نظراً لفوز الاسلام السياسي في بلدان الربيع العربي
مفارقات لا يستصيغها العقل ... إرهاصات وأصوات متذمّرة واستنكار الى درجة تحوّل بعض من كان يتصف بالأُممية الثورية الى مشكك في مسار الثورات السلمية لا لأنها سلبية بل إن الأمر يتعلّق بواقع العداء والخلاف والاختلاف مع الاسلاميين
الأقطار العربية مفتوحة والثورة السلميّة تحرّكت على أوسع نطاق وشعاراتها ـ بغالبية ملحوظة ـ ثورية مدنية على درجةٌ من الاتساع إلى اليسار منها الى اليمين , والثورات ليست ثورات جياع كما يروّج لها حكام الفساد وأزلامهم فتلك نظرةٌ حيوانيّة بحته , وليست ثورات بتوجيهات غربية كما يدعون ويظهرون حرصهم على هوية الأمة ونسوا بأنهم يقطعونها إربا منذ عقود
الشعوب جاهزة ولا زالت جاهزة وقامت بأعمال جبّارة عجزت عن القيام بها أغلب النُّخب المثقفة في أقطار الربيع ... ولكن ردود الفعل والتجاوب مع الثورات السلمية من قبل اليسار الثوري وبعض الكيانات ذات الميول اليسارية كانت قاصرةٌ في أغلب ألأحوال ومجافية في بعض الأحوال ألأخرى وكأننا أمام إيحاءات ودلالات واضحة تتحدّث لسان حال أولئك المقصرين بحق الثورة وتقول ثوروا وجهزوا لنا الواقع وكراسي الحكم وأرسلوا لنا دعوة للحضور من أجل أن نقود البلاد
إنها فرصة تأريخيّة كانت سانحة ولا زالت وطريق الثورات الربيعية طويل ووصول الإسلام السياسي الى الحكم ليس بمشكلة بقدر ما هو قدر عظيم أخرج الاسلاميين من المتارس الخلفية التي كانت تشغل الشعوب الى السطح وأصبحوا تحت المجهر والتجرية فإن أزداد نجاحهم فمزيد من اللوم على الطرف الجامد ـ المُكتفي بالإنتقاد ـ أما في حال فشل الاسلاميين ـ وهو الأمر المرجّح ـ سيكون سقوطهم مدوي ونهوضهم ثانيتاً مستحيل
لكن دعونا نقف أمام ألأمر الأهم ... أولئك المكتفين بالعويل والنواح والصراخ والشجب والاستنكار لفوز الاسلاميين ... دون أن يسألوا أنفسهم أين هم غائبين ؟
ولماذا تركوا الأبواب مفتوحةً للإسلاميين ؟ لماذا لم يحسنوا الوصول الى الشعوب ... وفضلوا النظر الى مجريات ألأحداث من على قمة جبل عالي بخيلاء ونرجسية مفرطة وإختلاف فيما بينهم حتى أصبحوا مثل خيط العنكبوت
أتمنى ممن لا زال ينظر الى الواقع من عيون العقل والمنطق الأنساني أن يقف أمام ذوي الظاهرة الصوتية المزعجة ومن يعملون بطريقةٌ مجرّدة عن الواقع ويكتفون بالشعارات والنقد دون تقديم أدنى الحلول ألإستراتيجية التي تخرج الشعوب من أزماتها
من وجهة نظري الشخصيّة إن أولئك العاجزين لا يخدمون قضايا الشعوب ولا يخدمون النهج اليساري الحقيقي الذي يهدف للعمل لصالح الجماهير
فإن لم يتنبّه العقلاء لمثل ذلك سيندفع اليساريين نحو المزيد من التيه والضياع وسيظرب الحظ لصالح ألإسلاميين الذين صاروا أكثر إنفتاح على أنفسهم وعلى الآخر
أدرك مقدماً إن الواقفين في أقاصي اليسار قد لا يطيب لهم الكلام
#سامي_بن_بلعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟