|
غزوة الإخوان التقاعدية
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 20:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعيداً عن المشاعر العاطفية التى طغت على وسائل الإعلام وعلى الكثير من أقلام الصحفيين والكتاب والتعليقات الكثيرة للقراء بما تحتويه من سخرية وشتائم وشماتة وفرحة وإهانات..، وكلها مشاعر لا تعبر إلا عن جهل سياسى وهو جهل طبيعى لشعب لم يمارس السياسة ولا يعرف خباياها، بل يعيش مرحلة أنتقالية يتأرجح فيها ولا يعرف رأسه من قدميه، كانت الضربة الإرهابية ضد جنود الجيش المصرى فى سيناء أثناء تناولهم إفطار رمضان، وكانت تلك اللحظة التى كان ينتظرها الإخوان المسلمين لإستكمال أمتلاكهم لجميع السلطات فى الدولة المصرية ليتمكنوا بحرية فى وضع الصورة التى يتم رسمها لمستقبل مصر وشعبها فى ردهات ودهاليز جماعة الإخوان.
إن حركة التقاعدات والتعيينات الجديدة الغرض منها إعادة تشكيل مصر عن طريق مجلس الدفاع الوطنى المصرى الذى شكله سابقاً المشير طنطاوى من سبعة عشر عضواً بينهم أحد عشرة عسكريين ويرأسه رئيس الجمهورية وتصدر قراراته بالأغلبية، وذلك بالتخلص من الوجوه التى كانت تقف أمام تحقيق أهداف جماعة الإخوان من تملك مصر، حيث تم تجييش مشاعر الشارع المصرى ضد المجلس العسكرى وعلى رأسهم المشير طنطاوى، وبالفعل بعد جريمة رفح الإرهابية وجد أعضاء الجماعة أنه الوقت المناسب للإطاحة بكل الرموز القديمة لتجميع السلطة والحكم فى يد رئيس الجمهورية دون الحاجة إلى دستور ما زالوا يتلاعبون فى طريقة إعداده حتى تحين لهم اللحظة المناسبة ليضربوا ضربتهم التى يضمنوا بها صمت جميع المصريين والمعارضين. إذن لم تكن تلك القرارات مفاجئة بالإحالة إلى التقاعد وحركة التعيينات الجديدة والتى تم مناقشتها فى إجتماع مجلس الدفاع الوطنى وقد يكون هناك إحتمال وجود عنصر المفاجئة فى تلك القرارات لأصحابها، لكنى لا أعتقد أنهم أغبياء إلى الدرجة التى كان يمكنهم تصديق أن جماعة الإخوان ستتركهم يشكلون لها إرهاباً خفياً فى كل لحظة ويمكن أن يدمر كل أحلامهم وإخراجهم من القصر البديع قصر الحاكم بأمره ليجلسوا مرة أخرى مكبلى الأيدى مع بقية المصريين، لذلك كان طبيعياً ومنطقياً أن يحدث ذلك وأن يتناقش الرئيس مرسى معهم فيما قرر من قرارات لا رجوع فيها، وكان بديهياً رضوخ شيوخ المجلس العسكرى للقرارات لأنه لم يكن أمامهم طريق آخر، لأنها النهاية الإجبارية المنتظرة لنهاية عملهم وبداية عمل الرئيس بإبعادهم عن طريقه لينفرد هو وجماعته بشعب مصر وسلطانها.
لكن يبقى خيط رفيع ننتظر الأيام للكشف عنه وهو عن الأسباب الحقيقية لإقالة اللواء مراد موافى رئيس جهاز المخابرات العامة، الذى أعلن للصحف بعلم جهازه بخطة الهجوم الإرهابى على أفراد الجيش وأنه قام بواجبه فى تبليغ الجهات التنفيذية المختصة بذلك، ومعنى هذا الكلام أنه كان من الواجب تكريمه ليقظته ويقظة جهازه، لولا التراخى الذى حدث من البعض والذى يضعنا أمام علامات أستفهام لا تنتهى وتحتاج إعلان إجاباتها من رئاسة الجمهورية لأن جهاز المخابرات العامة يتبع رئاسة الجمهورية، فهل كان رئيس الجمهورية على علم أم أن هناك تفاصيل أخطر من ذلك تتم فى دهاليز منظومة الحكم الرئاسى الجديد التابع للتنظيم العالمى للإخوان المسلمين؟ إن قرارات الرئيس الأخيرة أيقظت من كان ما زال يحلم بإمكانية تحقيق حلم الدولة المدنية فى مصر وأجهزت على ما تبقى من أحلام الثورة من ديموقراطية وحرية وعدالة ومواطنة فعلية يمكن أن يتمتع بها الإنسان المصرى، إنها الديموكتاتورية أى الأخذ ظاهرياً بالديموقراطية والتى يصلون من خلالها إلى الدكتاتورية والنظام الشمولى الذى بدأت معالمه تتضح أكثر وسانده الكثيرين عن جهل أو حسن نية أو عن معرفة لكن لغرض فى نفس يعقوب، لكن الواضح الآن أن مصر تعيش تلك الديموكتاتورية التى يهللون لها والتى لا يعلم المصرى إلى أين ستقوده، لأن الإرادة الشعبية والمسيرة الثورية أصبحت كلمات من الماضى البعيد.
إن مستقبل كل مصرى هو مسئوليته الشخصية وعليه أن يخرج من ظلام الأمس ومن كل ظلام يحاول البعض فرضه عليه، والخروج من الظلام معناه أن يلجأ إلى وسائل التنوير الحقيقية التى تنقذه من التخلف الذى عاشه بعيداً عن عصر العلم والتقدم والحضارة، عصر الإنسان الحقيقى الذى يصنع حريته ويأخذ حقوقه ويتمتع بالمواطنة الحقيقية فى مجتمع يعترف بإنسانيته.
إن تأثير تلك القرارات لن يظهر سريعاً لكنه سيظهر مع مرور الأيام ومع تطبيق سياسات النظام السياسى الجديد من تغيير سينال كل مكان فى مصر المحروسة، والمستقبل هو القادر أن يظهر لنا هل سيبقى المجتمع المصرى مصرياً أم سيتغير ليصبح مجتمع آخر له هوية لا يعرفها المصرى الحقيقى.!!
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترشيد البشر لتوفير الكهرباء
-
ظلام الديموقراطية الجديدة
-
دولة مصر ودولة الإخوان
-
علاء الأسوانى والوقاحة العنصرية
-
تحية واجبة إلى شعب مصر
-
نوال السعداوى وجائزة العقل
-
المواطنة والثورة الجريحة
-
العمال والجهل بالثورات
-
جمعة تخريب المصير
-
إهانة العقل فريضة
-
كل ثورة وأنت طيب
-
حقائق مؤلمة يا أهل العراق
-
من الذى فشل فى إدارة مصر
-
سوريا وحاجز الصمت
-
شريعة الوجود الديناصورى
-
المرأة ضحية العقلية البدوية
-
المرأة والثورات العربية فى المجتمع الذكورى
-
العامرية وغياب القانون
-
خواطر فى ذكرى 25 يناير
-
سنة أولى ديموقراطية
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|