أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادين البدير - أبى.. أريد وقتاً إضافياً














المزيد.....


أبى.. أريد وقتاً إضافياً


نادين البدير

الحوار المتمدن-العدد: 3819 - 2012 / 8 / 14 - 09:40
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أريد أن أعود طفلة تختبئ داخل عباءته. كانت هذه عادته، أن يرتدى عباءته ويخفينى داخلها، ثم يسير فى المنزل قبل الإفطار يسأل عنى كأنه أضاعنى. وأضحك للخدعة عالياً، لدرجة أن صوت ضحكاتى باق يرن بأذنى إلى اليوم.

أريد وقتاً إضافياً. أريد أن أعيد الكرة، أن أعود من يوم مدرسى فأخبره بدرجاتى العالية لأراه يبتسم قائلاً: «هذه الوحيدة اللى طلعتلى»، وأتنهد لحظتها بارتياح كبير كأننى أنجزت كل فروض العلم.

أريد وقتاً.. أعبر به عن أشياء لم أتمكن من التعبير عنها فى حينها. لما يعجز القدر عن منحنا أوقاتاً إضافية؟

ماذا سيحدث لو يزيد الوقت قليلاً أو يعود قليلاً؟ ما الانهيار الكونى الفظيع الذى سينجم عن ذلك؟ هل ستسقط النجوم أو تغير الشمس مسارها؟ لما نحن محرومون من استرجاع الماضى؟

كنت أعرف كل تفاصيله اليومية. لم يغمض جفنى يوماً قبل أن يرجع إلى البيت وأتأكد من نومه. جدوله لا يتغير ونظامه صارم لا يتحرك. أعرفه أكثر مما عرفته كل زوجاته بمن فيهن أمى. وهو لم يدرك ذلك أبداً.

رمضان يذكرنى به كثيراً وبجمال زمان. بالنسبة لى الذكريات التعيسة أكثر رحمة من الذكريات الجميلة. الأخيرة قاسية.

بالنسبة لى. هناك جو يستحيل أن يتكرر، أو هكذا أظن. بعد الإفطار. الشاى بالنعناع، أعداد كبيرة من العائلة، فوازير رمضان، أحاديث لا تنتهى وأمان بلا حدود. وأنا كنت صغيرة، ربما لم يشعروا بى كثيراً، لكننى كنت أشعر بهم جيداً وأرقبهم بدقة وأحفظهم جميعاً. لم أكن أهوى الجلوس مع الأطفال، كان مجلس الكبار أكثر إقناعاً، يكفى أنه كان يتصدره. وظننت لسنوات أن كل شىء سيدوم قبل أن يقسو الزمن ليقنعنى بأننى كنت أمر بوقت اسمه الطفولة. نعم. أريد مزيدا من تلك المرحلة. لا تقولوا إن مرحلة الطفولة ساذجة. فالطفل أحياناً يكون أكثر رشداً، كنت طفلة قوية متماسكة لا تشعر بالضعف.

أرادنى أن أكون أقوى النساء. لم أعرف حتى اليوم من تكون المرأة القوية فى نظره. لم يقتنع لحظة بحياة السيدة المحلية السطحية. اعتبره جرماً ألا تكمل الفتاة تعليمها، وجرما ألا تشارك فى العمل والتنمية. لذا أدين له بأكثر طموحى، إذ دون أن يشعر تركنى أحلم بلا حدود.

وحين قررت أن أبوح وأشرك العالم بوحى. كان أكثر قارئ جمع مقالاتى. كلها دون استثناء. يبحث عن اسمى بين الصحف، يجمعها فى ملفات ويضعها فى خزانة بمكتبه. ويراجعها كل حين ليتأكد من اكتمال عددها. تمضى فى الحياة متوهماً أنك على خلاف مع الوطن، ثم تكتشف أن اقترابك منه ونقدك الحازم له ما هو إلا حب عظيم ينمو بداخلك وتحاول المستحيل لتحجيمه فلا تتمكن. لم أتوصل إلى تناقض هذه المشاعر سوى حديثاً. أتظنون أن الوقت قد تأخر؟

كان لى مقعد إلى جانبه على طاولة الطعام «تذكره بابا؟» لم يجرؤ فرد من العائلة على الجلوس مكانى منذ طفولتى حتى كبرت. ولى صور كثيرة معه فى المطاعم والمقاهى وبأسفارنا كلها تظهر مقعدى إلى جانبه، أجملها وأنا فى الثالثة وهو يعلمنى كيفية الإمساك بالشوكة والسكين. ترى ما سيكون مصير كل تلك الصور؟

كتبت هذا المقال لأننى لم أعد أستطيع تحمل ذكرى اختبائى داخل عباءته. وأريد من يحملها عنى حين أبوح بها هنا. أو لعلى أرسلها له ليقرأها.



#نادين_البدير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القابض على دينه
- ترافقينى؟ طبعاً أرافقك (٢)
- ترافقينى فى السفر؟ طبعاً أرافقك
- ثقافة السيقان العارية
- شىء سماه العرب ربيعاً
- حرام يا أخضر حرام
- اسرقوا حسابات الإسرائيليين
- نهاية الأوطان
- احلم.. احلم.. احلم
- منافق.. خائف.. خائن.. محايد
- من مصر ٢
- رسائل أول السنة
- فى إيطاليا: معبد لمئذنة وصليب
- لماذا؟
- لا تنام أو أنام
- ويل للمنافقين
- سلف مصر.. نسخة تايوانية
- فى السعودية.. هذه انشغالاتنا
- السعودية: نجم الليبرالية الجديد
- شباب التحرير صناع التحرير


المزيد.....




- منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر anem.dz شروط التقديم وخط ...
- السجنة 15 عاما لامرأة متهمة بالخيانة في القرم
- العثور على رفات 100 امرأة وطفل كردي في مقبرة جماعية بالعراق ...
- شبح النظام الأبوي يلاحق النساء إلى -أروقة العدالة-.. لبناني ...
- كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 والشروط m ...
- التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2025..إليكم التفاصي ...
- مبارك عليكن.. الوكالة الوطنية للتشغيل توضح كيفية التسجيل في ...
- الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz: حقيقة زيادة منحة المرأة الم ...
- عندي بسكليتة ما بعرف سوقا ركبنا عليها.. حدث تردد قناة وناسه ...
- الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب في قراءة في ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادين البدير - أبى.. أريد وقتاً إضافياً