|
مهمتنا وعظ السلطان وتقويم الرعية
منير حداد
الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 01:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدل من ان تلعن الظلام اشعل شمعة مثل صيني تلك هي علاقتنا بالوطن، انتماء وجداني لا اهداف من ورائه، ننتصر فيه لذواتنا، بالموعظة الحسنة، شعبا وحكومة، كل يقوم الآخر، الكاتب بالكتابة والعامل بالعمل والمشرع بالشريعة.. عملا بالحديث النبوي الشريف: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. حتى الشعب راع للحكومة، مثلما الحكومة راعية لمصالح الشعب. هذا الكلام يبدو مبالغا فيه؛ لأن العراق (دولة ضد مجتمعها) منذ تشكلت حكومة فيه.. الحكومات تمكث اطول ما يمكن على دفة الحكم بمقدار قهرها الشعب. هذا الفهم لم يعد قائما، طالما انتخبناها.. انتخبنا الحكومة؛ فاصبح الشعب مسؤولا عن خياره، فليدافع عن خياره ويصحح الاخطاء انتخابيا وليس بربكة الاعتراض! المثل العربي يقول: انصر اخاك ظالما او مظلوما. اما نصرته ظالما فهي بالنصيحة الرادعة عن الغي، كي يتجه للحق ولو على نفسه، اما وان نوري المالكي محاط بمحاولات لم تنصفه؛ فواجب اخلاقي ووطني علينا نصرته بالانتصاف له. ولان لكل حادث حديث ولكل مقام مقال والكلمة التي تضر في توقيت ما، تنفع بادخارها لتوقيت آخر. ولنسأل انفسنا: لماذا يعظ الفرد سلطانا؟ اجيب: نعظ السلطان كي نبرر تقويمنا للرعية، فواجب الفرد ان يعظ حكومته ويعينها من موقعه، تشجيعا على تعميق الحسنات وتعاونا على تشذيب الزوائد. تلك هي المشاركة التي يداعي بها البعض، محرفا الكلام عن مواضعه.. كلمة حق يراد بها باطلا. يعظ الفرد حكومته لأن العراق ببنيته الرسمية والشعبية التي تتألف منها الدولة، عبارة عن قدر ملتبس.. قال فيه الشاعر.. قال في الوضع الملتبس وليس العراق: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها هنا والان.. هذا هو العراق بتركيبته الاجتماعية (الصعبة!!!) وواقعه الاقتصادي الذي يصب ثرواته في الهباء مثلما يجري نهرا دجلة والفرات الى البحر، ليختلط ماؤهما العذب بملوحة البحر. ومحاولة اعادة ترتيب الوضع، تستلزم اعادة تصنيع الذات العراقية التي نشأت في ظل حروب وتشنجات متنوعة، شكلت انسانا مليئا بالعقد، في ظل دولة تأسست لتقمع شعبها. هذه التراكمات كلها.. بمجموعها، تدعونا للتريث في اطلاق الاحكام على دولة تحاول ان تستجمع كيانها من حطام الحرب، بمواجهة الارهاب، في ظل وضع غير مسمى.. لا هو تحرير تماما ولا هو احتلال انما تحرير احتلالي او احتلال تحرري او اية تسمية ما زال العراق عائما على بحرها... فهل نزيد الارباك ارباكا بنقدنا المدمر للحكومة؟ الحكومة التي انتخبناها كي تنوب عنا في مهمات اساسية، انجزت معظمها وظل البعض عالقا، ام نؤجل ملاحظاتنا ريثما يجرجر الارهاب اذياله، وتستقر الحال. وللانصاف اقول: برغم كل ذلك، تمكنت الحكومة من تحقيق المعجزات! فمن يتخيل ان امريكا ستسحب قواتها من العراق بعد مليارات الدولارات التي انفقتها على العراق وآلاف الجنود الذين زهقت ارواحهم في العراق، مع حساب ان امريكا مواطنها عزيز عليها بقدر ما نفرط نحن بمواطننا! انسحاب امريكا منجز يعد للحكومة، والمصالحة الوطنية والقضاء على الارهاب وخدمات كثيرة تحققت واخرى في طور التبلور، تحديا من الحكومة للمعوقات التي يضعها بعض المندسين في العملية السياسية لتعطيلها!!! نعظ السلطان كي نبرر تقويمنا للرعية، والكمال لله وحده. نوري المالكي.. مواطن يعمل رئيس وزراء؛ بموجب انتخاب دستوري، انسان يخطئ ويصيب، بحاجة للنصح والموعظة، مثلما الشعب بحاجة للتقويم، وهذا هو دور الكاتب من اي اتجاه كان. وسواء اكان الكاتب من مهنة ما، ام كاتبا محترفا.. متفرغا للكتابة، فهو دورنا جميعا، انا كقاض وسواي بصفته الوظيفية او الفكرية، كل يدلي برأيه، في حث الحكومة على الحسنى. انا مواطن لابد ان اعبر عن انتمائي للوطن.. حق وواجب في الوقت نفسه.. من خلال الحوار المفتوح مع الحكومة عبر المواقع الالكترونية والصحف الورقية، حوار ايجابي يسهم بحل المعضلات، من دون تشنج ولا تشهير.. لماذا لا نعارض السيئات ونتوافق على الحسنات.. معا بالتآزر مع الحكومة المنتخبة التي تمثل خلاصة الرأي الشعبي وفق مبدأ (العقد الاجتماعي) الذي قال به جان جاك روسو. وهذا ما اريده من وعظي للحكومة عبر ما انشره الكترونيا وورقيا. علينا ان نحيد ملاحظاتنا فالوقت غير مناسب للتشهير بالحكومة، ولا اي وقت مناسب لذلك؛ لان كرامة الوطن والمواطن تتجسد بخياره الديمقراطي.. الحكومة! بعيدا عن التشهير قريبا من التسار.. حفظ الاسرار. العراق في خطر، من الداخل والخارج، فهل نترك مخالب الموت تنهشه منشغلين بتجريح بعضنا.. تبادلا.. الشعب والحكومة، في حين علينا ان نؤجل مصالحنا الشخصية لتدعيم اركان عراق مداهم باشكال شتى من المخاطر التي تهب عاصفة عليه برياح سموم صفراء. انا شخصيا، وسواي اكثر.. قدمنا من حياتنا سنوات سجن تعفن خلالها المعتقل من حولنا وقدمت عوائلنا شهداء في ريعان الشباب، وعانى العراقيون ما عانوه، بغية التخلص من الطاغية صدام حسين. فهل نحترب عندما عاد الوطن الينا!؟ علينا الا نندفع في الخلافات، انما نتأمل واقعنا ونتعاطى معه بالحسنى، فالمالكي بشر.. يجتهد من موقع المسؤولية، فاذا اصاب له حسنتان واذا اخطأ له حسنة واحدة، يعني لم يقض الله بمعاقبة المجتهد ان أخطا، ومع ذلك لم نشهد خطأً مقصودا من قبله، سوى ما اسفرت عنه الانعطافات المفتعلة من قوى مضادة للشعب العراقي وحكومته الوطنية. فهل نتكأكأ على الحكوم نشغلها بملاحظات قابلة للتأجيل عن مهمات عاجلة بحاجة لمعالجات سريعة، ومن ابرزها تسوية العلاقات التي خربها النظام السابق مع المحيط الدولي، وهي مهمات عسيرة لا يريد لها الكثيرون ان تنتظم.. داخليا وخارجيا. لا تملق بين حكومة وشعبها، فالوضوح سيد الموقف، ومن دونه تستحيل المجاملات الى ورطة تهوي بالبلد الى منحدرات التردي التي تداعى اليها النظام السابق وهو يؤجر المداحين، حتى خربت النفوس وتعفنت الضمائر وآل العراق الى ما نتحاور بشأنه اللحظة من رماد جمر انطفأ بعد ان احرق نفسه من دونما نفع! هل ثمة حاجة لأن اذكر بانني اعظ السلطان كي تستقيم الرعية!؟ ربما نعم؛ فالذكرى تنفع المؤمنين.
#منير_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انصاف الضحايا واجب وسواهم مستحب
-
الى د. هاشم العقابي: حتى المالكي معك لكن ليس كل مايعؤف يقال
-
صباح الساعدي ومدحت النحمود يخلطان الماء بالزيت
-
الشيخ الوندي.. ايقونة الماضي التي تضيء مستقبل حياتي
-
شعب عادل وقضاء نزيه
-
لينجو من يستطيع النجاة وفي الصباح يحمد القوم السرى
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|