آريين آمد
الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 20:57
المحور:
الادب والفن
الاسير
قصة قصيرة
بقلم / آريين آمد
8/8/ 2012
الى سائق التريلة (ماجد علوان الركابي)
الذي وقع في الاسر في سوريا
على يد الجيش السوري الحر
لم يكد ماجد علوان الركابي ان يغمض عينه على كشن تريلته حتى فاجئته اصوات كثيرة واقتحمت خلوته التي انتظرها طوال ساعات السياقة المتعبة من العراق الى سوريا... نهض مرعوبا من شدة الاصوات التي تردد (الله اكبر) ولكن بنغمة اخرى غير تلك التي كان يسمعها من ابيه وهو يصلي صلاة الفجر... فتلك (الله اكبر) كانت تبعث في الروح الطمأنينة .... اما هذه (الله اكبر) فلا تبث الا المزيد من الخوف لتمتلئ منهم رعبا... وبين ان يلملم شتات نفسه او يبحث عن نعالاته ليترجل من مقطورة التريلة تنفيذا لاوامرهم.... لم يشعر الا وهو محاط بفوهات بنادق عديدة وباشكال واطوال مختلفة ... لكنها كلها عنوان واحد للقتل ...
قف... لا تتحرك ... هل انت عراقي؟؟؟؟؟
في تلك اللحظة احتار علوان كيف يجيب على سؤال لم يخطر بباله ابدا ... بسؤال لا يعني له شيئا ... فهو لا يعرف من العراق الا مزيدا من الشقاء والبؤس والحرمان .
نعم ... انا من العراق... قالها بدون تفكير .
لكن لطمة قوية على خده كادت ان توقعه ارضا، لولا ان مسكه احدهم من خلفه مسكة قوية كادت ان تشلع قطعة من شعر راسه...
جاوب حسب السؤال الموجه اليك... ولا تراوغ معنا. والا هشمت جمجمتك.
فاجاب: نعم .... نعم ... عراقي.
هل انت شيعي؟؟؟؟؟
في هذه اللحظة ادرك علوان بان ساعة تسديد فاتورات حياته التي لم يوقعها ابدا قد حانت... ولا مفر من ذلك... فبعد قليل سيسالونه عن اسمه... وهو تهمة ... وعن عشيرته... فهي تهمة!!!! وعن منطقته وهي تهمة!!!!! وكل تفاصيل حياته تحولت في لحظة الى تهمة .... وليس بعيدا ان يسالونه عن ربه فلا غرابة ان يتحول حتى الله الى تهمة في زمن انعدام موازين العقل والضمير والوجدان ... ترى اي الاجوبة يمكنها ان تنقذه من ايدي اناس مليئين بالحقد والغضب.... ومدججين بالسلاح وبالطلقات كانهم يملكون مخازن الارض كلها... وهل يمكن ان ينهي غضبهم ضربه لساعات او تعليقه من رجليه لايام ، او تجويعه او تعطيشه؟؟؟؟؟ كلا .... انه غضب غامض وحقد مجنون يمتد في التاريخ 1400 سنة !!!!!! وهناك من يغذيه يوميا باسم اللات والعصبيات القبلية... انه ميت لا محال وانهم ميتون...
في تلك اللحظة مرت شريط ذكرياته بسرعة امام عينيه... لينتهي المشهد وتختفي الصورة ولم يبقى الا التشويش.
#آريين_آمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟