|
الطريق الى نورم بيرك ..
صباح كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 3811 - 2012 / 8 / 6 - 17:29
المحور:
الادب والفن
الطريق الى نورم بيرك .. إهداء .. الى الصديق المصور كاردو كامو
في سفرهِ من مدينة هامبورغ الى نورم بيرك قرر الدكتور علوان البياري أن يصطحب معه زميله وصديقه الدكتور جواد الذي كان حينها طالباً في السنة الأخيرة من كلية الطب .. مع نفسه قرر العودة إلى اجواء المقالب والهَزل التي فارقها منذ عامين بعد ان تخرج كأول طبيب من الطلبة العراقيين الذين وصلوا المانيا إثرَ انقلاب شباط عام 1963 كل بطريقته مع اختلاف الدوافع والأسباب. لم تمنعهم المعاناة والأوضاع الصعبة التي رافقت انتقالهم من المَيل لصنع المقالب وخلق اجواء من الفرح والمرح بالرغم من الجوع والفقر وقسوة الغربة .. كانوا شباباً في مقتبل العمر .. قرروا مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات التي تعترض طريقهم لهذا اندفعوا بحماس وانغمسوا في مشروع جدي حينما اختاروا مواصلة الدراسة والتخصص في ميدان الطب .. كانت مغامرة منهم او على الأقل مغامرة لجواد الفتى المتضور من الفقر الذي لا يملك إلا العزيمة ويفتقد المال لشراء ما يساعده على طوي الجوع وزاد الطين بلة تلك العجوز الشمطاء التي قبلت أن يستأجر غرفة في دارها وفرضت عليه شرطاً قاسياً يمنعه من إعداد وطهي الطعام تحسباً لصرف الكهرباء .. هكذا عانى من قسوة تلك الأيام وتحمل جلف و صلف العجوز بصبر يُحسدُ عليه .. مما جعله حذراً يميل للصمت وتجاوز ما يحيط به من احزان برواية النكات وصنع المقالب وشفع له بين اقرانه وسامته وسرعة انجذاب الفتيات اليه وهي الصفة الوحيدة التي ميزته وجعلته محسوداً من بعضهم أو متملقاً يستعطفه المساعدة من اجل مدِ جسر لعلاقة عابرة مع واحدة من النسوة التي كنّ على علاقة به .. الدكتور علوان .. الرجل المتجهم الوجه الذي قضى جل وقته عابساً يستخفُ بغيره وتبتعد منه النساء .. قرر اليوم أن يصطحب معه في الطريق الممتد من اقصى الشمال الالماني بين هامبورغ ونورم بيرك في الجنوب زميله وصديقه جواد في سيارته الخاصة وخطط كعادته أن يغيض جواد اثناء قطع المسافة بين المدينتين التي تستغرق أكثر من ثمان ساعات لتجاوز الـ 800 كيلومترا.. كان يتشفى به وهو يتوقف بين حين وآخر في محطات الاستراحة يمد يده نحو ثلاجة صغيرة في الحوض الخلفي للعربة ويتناول منها علبة كولا واحدة يتلذذ بشربها قائلا لزميله وصديقه الذي قرر استفزازه .. ـ جواد اتفقنا على أن اصحبك معي فقط .. ولم نتفق على ان امنحك علبة كولا .. هذه الكولا لي وحدي .. اياك ان تطلب مني واحدة منها .. أدرك جواد ان علوان قد عاد لخبثه وهو يستذكر تلك الأيام الصعبة التي مروا بها التي رافقتها مواقف ومقالب لا تعد ولا تحصى .. وأدرك ان زميله الدكتور يريد أن يستفزه كي يغيظه متشفياً بثأر لنفسه من بعض ما لحق به في حينها في هذه الرحلة بين هامبورغ ونورم بيرك .. واختار كعادته ان يلجأ لأسلوبه الهادئ في التعامل والرد مع اية محاولة استفزاز وتحريض .. أخذ يضحك ويبتسم مع كل وقفة للاستراحة يتذوق فيها الدكتور علوان علبة جديدة من الكولا .. كان جواد يمسك بالكاميرا ويطلب من زميله ان يقف مبتسماً امام العدسة ليلتقط له المزيد من الصور ، وفي المحطات اللاحقة جعله يبتسم و يضحك وهو يطلب منه رفع رأسه وتعديل ياقة قميصه او شكل استدارته كي تكون الصور أوضح وأجمل .. هكذا توقع الدكتور علوان أن تكون الصور وأخذ يضحك ويبتسم تلقائياً في المحطة الأخيرة قبل الوصول الى نورم بيرك بساعة واحدة .. مع ذلك استمر في موقفه المشاكس مكرراً : ـ جواد بَسْ لا تطلب مني علبة كولا .. كان قد قرر مفاجأة بقية زملائهم في نورم بيرك بهذا المقلب المعد منه لجواد الذي تحمل الموقف وكظم غيضه هو الآخر متشفعاً بما كان قد خبأه من ردٍ على مقلب علوان .. في نورم بيرك أثناء وصول بقية الزملاء الذين احتفوا بقدوم زميلهم جواد قصّ عليهم الدكتور علوان ما مرّ بهم في تلك الرحلة.. عدد محطات التوقف.. أخذ يسهب في التفاصيل ولذة الكولا كولا عند السفر.. حينما انتهى .. قبل ان يستعد جواد للرد اضاف علوان و فوق ذلك فقد اصبح جواد اثناء الرحلة مصوراً يصورني كما أشاء حسب رغبتي .. هاهو ابني سعيد قد عاد بالصور تواً بعد ان أرسلته لسحبها في الاستوديو القريب منا ومد يده ليسحب الرزمة المخبئة في المظروف .. انظروا .. شوفوا الصور .. كانت المفاجأة .. المقلب الآخر المكمل .. الموثق للرحلة الميمونة .. الصور التي اختزلت واختصرت الجزء الأسفل من الدكتور علوان والتقطت منه الحذاء فقط .. مجموعة صور لا يظهر فيها إلا الحذاء الذي أنتعله الدكتور المُبتسم في تلك المحطات من الرحلة .. ـــــــــــــــــــــ صباح كنجي
#صباح_كنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدايات الفكر الماركسي بين الإيزيدية في العراق ..
-
السَجين لازار ميخو ..
-
نصيحة مدني للفريق بشار الأسد ..
-
خلدون جاويد ابداع شاعر وغضب ثائر عنيد ..
-
رسالة مفتوحة لسيمرسي ..
-
صبري هاشم يطير بأجنحة القصيدة
-
ثانية عن الفيلم الخاص داستانا ركافا ..
-
مرة أخرى ملحمة أم كارثة ركاڤا!؟
-
دعاء في زمن المحنة و التغيير..
-
كارثة ركاڤا رواية ينقصها الوفاء
-
يوم الدم والنجدة في ركاڤا..
-
صهيل البرق..
-
الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (7)
-
الانتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (6)
-
الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (5)
-
الأنتفاضة وحكاية الثلج الأسود..! (4)
-
الإنتفاضة وحكاية الثلج الأسود!..(3)
-
الإنتفاضة وحكاية الثلج الاسود..! (2)
-
الانتفاضة وحكاية الثلج الأسود..!! (1)
-
الثويني المبرقع يسوقُ بضاعة لا تنفع..
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|