أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي














المزيد.....

نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ظهرت آراءٌ إصلاحية في بدايات الرأسمالية تستهدف تحجيم الاستغلال أو إزالته وتطوير حياة العاملين، وهي تقدم مقترحات فردية ومعزولة عن لوحة الإنتاج العامة، وهي جزءٌ من الدعاوى الأخلاقية.

لم يقم الاشتراكيون الخياليون بدراسة المجتمعات والتاريخ، وقراءة الرأسمالية كحقبة تاريخية، غربية ثم عالمية، فكانت آراؤهم تنبثق من ملاحظات جزئية من داخل المعمل، أو من البلد، ومن تطوره الاجتماعي الخاص، وتتوجه أنظارهم نحو الحياة الاقتصادية التي يرون فيها إجحافاً بحقوق العاملين، ويعزلون المستوى الاقتصاديَّ عن المستويات الأخرى.

إن عدم رؤيتهم للرأسمالية كحقبة، وكظاهرةٍ عالمية، وكتتويجٍ لتطور الحياة الاجتماعية الاقتصادية البشرية خلال قرون، خاصة تكوينات مثل النقد، ورأس المال، والبضاعة، وقوة العمل الخ، تجعل تصوراتهم تتجه نحو الأخلاق والتجريب الاجتماعي، ومع نمو الديمقراطية السياسية الاجتماعية، وخضوع الظاهرات للبحث والنقد والتجربة والتغيير، فإنهم طرحوا وجهات نظر لتجاوز الرأسمالية، باعتبارها مجرد مشكلة، أو أخطاء. ويمكن عبر تقديم براهين ونماذج جديدة من البنوك والمعامل يمكن أن تتعمم تجاربهم وتتغير الإنسانية.

(يرى روبرت أوين أن مصدرَ الربح هو استعمال النقود فالسلع يجب أن تُباع بنفقة انتاجها، ولكن النقود تغطي حقيقة القيمة وتسمح للبائع بالتلاعب للحصول على ثمن أكبر من قيمة السلعة وتحقيق الربح بهذا الشكل.

ولذلك فقد نادى أوين بتكوين جمعيات من العمال والمنتجين تكون المبادلة في داخلها بواسطة شهادات عمل، فكل عامل ينتجُ سلعةً معينة أو جزءاً من سلعة يحصل على شهادة تثبت أنه عمل عدداً معيناً من الساعات.)،

إن روبرت أوين لا يدرك أن القيمة هي مصدر الربح وكذلك كون العمال فقراء يبيعون قوة عملهم، وليس بإمكانهم القيام بجمعيات إنتاجية، وحتى لو حدثت تكون جزئية، وغير قادرة على تغيير البُنية الاجتماعية لنظام معين.

هنا يغدو المثقفُ مقدماً لتجربة اجتماعية جزئية تغيب عنها قراءة طبيعة النظام التاريخي، ولهذا فإن تجربة أوين بإنشاء مؤسسة اقتصادية تجريبية فيها شروط عادلة مختلقة يتحملُ هو وحده خسارتها المالية.

لدى الفرنسيين تكون الأبعاد أكبر وقريبة من السياسة:

(نادى شارل فورييه بتكوين جماعات تكفي كل منها نفسها بنفسها من حيث الانتاج، بحيث يختار كل فرد العمل الذي يروقه، فإذا نجحتْ الجماعةُ في جعل العمل جذاباً عمتْ السعادة أفراد الجماعة.

لويس بلان نادى بتكوين المصانع الاجتماعية وهي مصانع تكون مملوكة للعمال الذين يعملون بها ولا تهدف لتحقيق الربح، وإنما رفع مستوى معيشة العمال.).

المشكلة هنا إن المنتجين المعوزين لا يمتلكون إمكانيات مادية للقيام بهذا، ولا حتى إمكانية ثقافية ليفكروا بمثل هذه المشروعات، وهذه الأحلام من الممكن أن تكون مفيدة عبر تطور التعاونيات. لكنها كوسيلة لتغيير طبيعة الانتاج الرأسمالي العام تغدو غير ممكنة.

ولكن لدى الفوضوية وهي تيار فكري سياسي تقفز المسألة نحو إسقاط الدولة، وتشكيل مجتمع من المنتجين المتعاونين دون سلطة تنظيم:

(جوزيف برودون هاجم الرأسمالية لأنها تقوم على نظام الملكية الفردية، فهذا النظام يسمح في نظره للأفراد الذين يتمتعون بملكية خاصة أن يعيشوا من عمل الآخرين، فهو ينادي بإلغاءِ الملكية وإحلال ما يسميه نظام الحيازة الذي يسمح لكل فرد أن يحتفظ بقطعة الأرض التي يستطيع زراعتها بنفسه دون استخدام عمال، وأن ينشأ مصرف لإقراض صغار الصناع والتجار من دون فائدة.).

عشراتٌ من هذه النماذج المثقفة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الأوربيين طرحتْ مثل هذه الأفكار وصارع التيار الفوضوي التيار الاشتراكي لعقود للوصول لفهم لكيفية التطوير الحقيقي للمجتمعات.

وكان هذا بسبب ان الوعي الاجتماعي ينمو بشكل تاريخي، عبر تراكم المعارف والتجارب، والواقع الموضوعي يشقُ طريقه، فمعاناة ملايين العمال لن تنتظر نجاح أو فشل هذه التجارب المعملية الاجتماعية لتنقية الرأسمالية، بل ستعتمد على الصراعات الاجتماعية والسياسية لانتزاع حقوق جديدة وتغيير شروط العمل، ولهذا فإن القراءة الموضوعية للرأسمالية واكتشاف سببياتها الداخلية في الانتاج والنظام الاجتماعي، بدءًا من كيفية إنتاج البضاعة إلى كيف يظهر فائض القيمة، وكيف تنمو الديمقراطية وتتصاعد أصواتُ العمال في المجالس والسلطات المختلفة، لتغيير شروط حياة الناس، هذه كلها تنتج علوماً اجتماعية جديدة وممارسات سياسية بمستوى أدوات المعرفة وبمساحة تجارب أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية باعتبارهما القارتين اللتين نما فيهما هذا الأسلوب الجديد من الإنتاج.

لقد بدأ التفكير في العلاقات التجارية والمالية من العصور القديمة، لكنها لم تتشكل كنظام متكامل إلا من القرن الثامن عشر. وسرعان ما طرح مفكرون مسألة التجاوز له، وتظل أفكارهم سابقة للتطور ومعبرة عن أفق تاريخي بازغ، لكن التجارب الفردية في الغرب تزول، لكون العلاقات الرأسمالية ترسخت، وجاءت بثمار اجتماعية كبيرة، والتناقضات الشديدة التي ظهرت في البداية أمكن التغلب على مظاهر حادة منها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساةُ الشعبِ السوري بين القوميات
- تحديدُ (عصرنا)
- الثورة السورية.. تفتيتُ صخرةِ الجيش
- الإخوانُ المصريون من الأيديولوجيا إلى الحكم (٢-٢ ...
- الإخوانُ المصريون من الآيديولوجيا للحكم (١-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي (٢-٢)
- تراجعُ الخيالِ الاشتراكي(١-٢)
- الثنائيةُ الحادةُ
- تحديثٌ عربيٌّ جديدٌ
- نقدُ المغامرةِ التاريخية(٢-٢)
- نقدُ المغامرةِ التاريخية (١-٢)
- بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت
- الحريقُ
- الإخوان المنشأ والتطور
- صعوباتُ التراكمِ في الخليج بالقرن ال ١٩
- صراعُ المحورين والثقافة الديمقراطية
- المقارباتُ الديمقراطيةُ مطلوبةٌ
- بين قطبينِ اجتماعيين مختلفين
- الدينُ والاشتراكية (٢-٢)
- الدينُ والاشتراكية (١-٢)


المزيد.....




- 3 مطارات عربية ضمن قائمة الأفضل عالميًا لعام 2025.. ما هي؟
- الحرب التجارية.. الصين تعلن رفع الرسوم الجمركية على أمريكا إ ...
- سجن ألكاتراز.. باحثون يكتشفون مناطق كانت -مخبأة- في الجزيرة ...
- إيران تحدد -خطوطها الحمراء- قبل المحادثات النووية مع أمريكا ...
- اكتشفت بقاياها قبل نحو 30 عامًا.. تطور علمي يُظهر معلومات عن ...
- وزير الخارجية اللبنانية: أبلغنا أن لا إعادة إعمار ومساعدات ق ...
- رغم فصل زملائهم... مئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات ...
- لافروف: عودة روسيا لحدود 1991 مستحيلة وواشنطن تريد التعمّق ف ...
- لافروف: تبادل السجناء مع واشنطن يساعد في بناء الثقة المدمرة ...
- عريضة وقف القتال تحشد تأييدا كبيرا في الأوساط العسكرية الإسر ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي