أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!















المزيد.....

حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3805 - 2012 / 7 / 31 - 16:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قِيَم ومبادئ الديمقراطية هي "عالمية" و"غير عالمية (أو دون العالمية)" في آن؛ فالفُرُوق التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. بين الأُمم (والشعوب والمجتمعات) تُتَرْجَم، ولا بدَّ لها من أنْ تُتَرْجَم، بفُرُوق في "الوقائع الملموسة" لهذه القِيَم والمبادئ؛ لكنَّ هذه الفُرُوق يجب ألاَّ تكون حجومها من الكِبَر والاتِّساع بما يفضي، حتماً، إلى تحوُّل "الفَرْق في الكم" إلى "فَرْق في النوع"، أيْ إلى انتفاءٍ لقِيَم ومبادئ الديمقراطية من حيث "الجوهر".
وأحسبُ أنَّ هذا الذي قُلْتُ وأَوْضَحْتُ يفيد كثيراً في فَهْم (وتفسير وتعليل) ما يُخالِط ويكتنف الديمقراطية (والدولة المدنية) التي انتصر لها "الربيع العربي"، وجاء بها، من "مَدٍّ سياسي وثقافي إسلامي"، ومن اشتدادٍ وتَعاظُمٍ لـ "الانتماء الصغير الضَّيِّق (دون القومي العربي)" بأشكاله وصوره المختلفة، والذي إنْ لم يُكْبَح بمكابح "قوى دولة المواطَنة الديمقراطية العلمانية" يمكن أنْ يُخْرِج "الربيع العربي" عن "سِكَّتِه الديمقراطية"، ويُفْسِد الدوافِع الشعبية (الأوَّلية) إليه، وغاياته السامية النبيلة، ويجعله أقصر الطُّرق إلى "جهنَّم"، أيْ إلى "نقائضه"؛ ومع أنَّ "الضحية" هي التي تتحمَّل، في المقام الأوَّل، مسؤولية ما جَعَلَها "ضحية"، أيْ مسؤولية الكارثة، أو الكوارث، التي يمكن أنْ تَحِلَّ بشعوب "الربيع العربي"، فإنِّي لا أُبرِّئ، ولا أستطيع أنْ أُبرِّئ، ساحة "الحُكم الدكتاتوري الشمولي الأوتوقراطي (الفردي، العائلي، الفئوي)" من تُهْمة "الإفساد للدوافع والغايات الشعبية النبيلة السامية الكامنة في الربيع العربي"، فإنَّ سياسة "فَرِّقْ، تَنْجو وتبقى"، والتي تتَّخِذ من كل تعصُّب مُعْمٍ لأبصار وبصائر الشعب الثائر وقوداً لها، هي التي يتسلَّح بها هذا الحُكْم في صراعه اليائس من أجل البقاء؛ فـ "الحُكْم الفردي" لا يدوم ويستمر ويبقى إلاَّ من طريق نجاحه في جَعْل الشعب كله "جَمْعاً (كَوْماً) من الأفراد".
في سورية، مثلاً، أو على وجه الخصوص، لا نستطيع أنْ نمنع الغالبية الشعبية، والتي هي من المسلمين السنة، من أنْ تَفْهَم نظام حكم الأسد (الأب والابن) إلاَّ على أنَّه نظام حُكْمٍ دكتاتوري، فردي ـ عائلي، أَسَّس له (في طرائق وأساليب شتَّى) في "الطائفة العلوية" قاعدة شعبية، مُبْتَنِياً من "علويين" دولةً منفصلة عن المجتمع، معادية للشعب، لا تتورَّع عن إبادة الناس كما تُباد الحشرات، في سبيل أنْ تبقى وتدوم وتستمر.
أقول هذا وأنا أعْلَم أنَّ كثيراً من أبناء "الأقلية العلوية" كانوا أعداء ألدَّاء لنظام حكم الأسد، أو لم ينالوا منه إلاَّ بؤس العيش، وأظهروا انتماءً قومياً عربياً صَلْباً وقوياً، وأنَّ "علوية" نظام الحُكم هذا لم تكن صادقة، ولم تَعْدُ كونها دِرْعاً (شعبياً) يَتَدَرَّعُه، لعلَّ هذه الدِّرع تَقيه وتصونه وتحميه في أوقات الضِّيق والشِّدَّة؛ فليس من مُغْتَصِب للسلطة اغتصاباً إلاَّ وسعى في الاحتماء بعصبية ما.
واستكمالاً للنُّطْق بالحقيقة أقول أيضاً إنَّ نظام حُكْم الأسد كان يشبه الرَّجُل متعدِّد الزوجات؛ فهو جَعَل من فئة واسعة من كبار التُّجار وأرباب العمل والأثرياء السنة (من مواطنيه العرب) زوجةً ثانيةً له؛ فأمْنُه وأمانه يأتيا من "علويين"، وتمويله يأتي من هؤلاء السنة؛ فهو لا يَعْرِف من "الانحياز الحقيقي الصَّادِق" إلاَّ إلى نفسه، أيْ إلى "الرئيس"، و"عائلته"، و"العائلات المتحالفة مع عائلته".
ونظام الحُكْم الفردي الدكتاتوري يكفي أنْ يَلْبِس لبوس عصبية ما، أو يَتَدَرَّع بها، مُمَكِّناً لِمَن تستبدُّ بهم هذه العصبية في عالَم السلطة، حتى يَسْتَثير ويؤجِّج عصبية مضادة؛ فَكَما تُصارِع خصمكَ، يُصارِعُكَ؛ صارِعْهُ دينياً، يُصارِعُكَ دينياً؛ صارِعْهُ قَبَلياً، يُصارِعُكَ قَبَلياً؛ صارِعْهُ قومياً، يُصارِعُكَ قومياً؛ ولن يشذَّ عن هذه القاعدة (في الصراع الكريه، وغير الحميد) إلاَّ أُناساً أدركوا خُبْث وشَرَّ هذه "اللعبة"، فتساموا عنها وانصرفوا.
والظُّلْم في نظام حُكْمٍ كنظام الحُكْم السوري ليس كله من "النوع الديمقراطي"، أيْ من النوع الذي فيه تُسْحَق وتُداس الحقوق الإنسانية والديمقراطية للناس؛ فثمَّة من أصابه ظُلْمٌ ديني، أو قومي، أو قَبَلي، أو إقليمي؛ فنادى بـ "الدولة الديمقراطية المدنية" لاعتقاده أنَّها قد تَرْفَع عنه هذا الظُّلْم الديني، أو القومي، أو القبلي، أو الإقليمي؛ فالناس بعيون معاناتهم يَرون قِيَم ومبادئ الديمقراطية، وليس ممكناً أنْ تُرْغِمهم على أنْ يروها بعيون غيرها.
لكنَّ هذا "الصواب" تَفْصِله "شَعْرة" عن "الخطأ"؛ فالذي يعاني ظُلْماً دينياً، مثلاً، قد يُسيء فَهْم الديمقراطية، فيَفْهمها على أنَّها السبيل إلى أنْ يَظْلِم دينياً بعدما ظُلِمَ دينياً؛ وسوريَّاً، نقول إنَّ الدولة الديمقراطية المدنية التي ينشدها الشعب السوري الثائر لا تعني أبداً إحلال "سيادة سنية" محلَّ "السيادة العلوية"؛ فإنَّ "سيادة الشعب" تنفي، شكلا ومحتوى، هذه السيادة وتلك.
ومصيبتنا الكبرى نحن أبناء الشرق تكمن في كوننا نميل دائماً إلى ترجمة كل صراعٍ واقعي نخوض (أيْ كل صراعٍ يَضْرِب جذوره عميقاً في تربة مصالحنا وحاجاتنا الواقعية الدنيوية) بـ "لغة الدِّين"، أيْ بمفرداته وعباراته وشعاراته؛ فهذا "الدكتاتور" نصارعه مُلْبسين صراعنا ضده لبوس صراع "الخير (الديني)" ضدَّ "الشَّر (الديني)"، أو صراع "المؤمِن" ضدَّ "الكافِر". حتى صراعنا (الواقعي الدنيوي) ضدَّ القوَّة الإمبريالية العظمى في العالَم، وضدَّ عدوِّنا القومي الأوَّل، وهو إسرائيل، نُتَرْجِمه بـ "لغة دينية (إسلامية)"، ناظرين إليه على أنَّه صراع إسلامي ضدَّ حملات صليبية جديدة؛ فَلْنَنْبُذ هذه الطريقة في التفكير والتعليل والتفسير، وفي النَّظر إلى الأمور، وإلاَّ حَفَرْنا بأيديناً قَبْراً لـ "الربيع العربي" بما يُمثِّل ويعني، واتَيْنا بدليل جديد على أنْ لا عدوَّ لنا أَلَد وأَشْرَس من أنفسنا؛ فأبناء "الربيع العربي" الشرعيون إنَّما هُم ثورة على أنفسهم وعلى استبداد الحاكم في الوقت نفسه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية صالحي!
- عندما يَشْتَغِل -القطاع الخاص- بالصحافة!
- لن يَشْمَلَ إسرائيل ب -شمشونيته-!
- والَّذين هُمْ باللَّغْوِ مُشْتَغِلون!
- نظام الحُكْم الكيميائي!
- هذا الخلل في -طريقة التفكير-!
- كيف نفهم الموقف السعودي من الثورة السورية؟
- -الولاء اليساري- للحُكْم السوري!
- قُطِعَت -الرَّقَبَة-.. وبَقِيَ -الرأس-!
- حديث -المؤامرة-!
- في -البيروقراطية-!
- .. وبينهما أمورٌ مُشْتَبِهات!
- -وابشَّاراه-!
- مصر.. أهي -ولاية الفقيه الدستوري-؟!
- بشار الذي يحبه شعبه!
- نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!
- عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!
- عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
- -أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!
- مِنْ -سجين طرَّة- إلى -سجين طنطاوي-!


المزيد.....




- هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي ...
- هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
- ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
- محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح ...
- إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
- سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
- الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
- تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف ...
- هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
- نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!