|
يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3805 - 2012 / 7 / 31 - 16:43
المحور:
الادب والفن
يلزمنا الكثير من التخفّي في المفازات
الى كريم راهي
تغطس رغبتنا في محو ما يفضي الى غيابه في النسيان ، العنيف والشرير . نحن العشّاق الغرقى متّنا آلاف المرات من أجل انقاذ ما حنونا عليه في الحرب ، وفي أحلام الجلاّدين الأكثر تشاؤماً من النساء اللاتي تسلّلن بخرابهن الى ذهب أعماقنا . طنين مزعج لا يتاح لنا فيه التماثل الحقيقي للرغبة . كلّ ما يفيض عن الحاجة ، نودعه مثل ثعلب لعب بالنصل ، ونمنحه الغفران . ينبوع عذاباتنا ، يرّوي كلّ نحلة عاشقة ، ولا يشفي في ظلاله الرحيمة ، السعلاة المنقادة الى عفنها . جيّف كثيرة تشظت في بؤسها ، وفي هزيمتها بين الأيّام المتفّحمة للحاضر الذي لا يطاق . حضورها الباهت في رائحته الكريهة التي تنبعث بتواز مع مخلّفات الاعصار ، لا يحضن معنا الشعاع المخمور للنجوم المنحنية على حافة الزمن . أبنيتنا المليئة بما يخفّف عن العصافير ، سهادها ، نطرد منها القلوب الحاسدة ، والمرأة { منكودة الحظ } . يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين ، وعلى اخوتنا الغرقى الذين دفنّاهم تحت شعلات كبيرة . تحرّرنا طبيعة ما يتأوّه في غرقه ، من مداعباتنا لطيور البطريق ، ولتحية من أحببناه وسقط في صفاقته الثقيلة ، يلزمنا الكثير من التخفّي في المفازات .
الزمن المشلول للحلم
أيّة حياة نرجو فيها النسمة العقيمة لأملنا الجامح في أسقامه المنتصبة ؟ لا المرشد ولا الدليل يوصلاننا الى المفتاح الذي تتجابه عنده خيبات ما نطمح اليه . مخاتلاتنا في النجع الغائم للوقت ، لا تعيننا على حذق التناغم السامي مع الركيزة الأساسية لأضحية مصائرنا . يهجرنا الشغف بالندم ، في قابليتنا للتآلف مع ما ينحسر في لحظته العبثية ، ولا منطقة محمودة نعالج فيها الزمن المشلول للحلم .
الحركة التي نصارعها بمهانة
يستولي الميّت في تحوّله الهائل من نفاية عالم شرس ، الى شجرة موهنة للجروح الجماعية ، على الذهب المجلوّ للموت . ربابنة نعرفهم في أرضنا التي تطغى عليها العظام المدّنسة ، يردمون علينا الأبواب في خلائط مرضنا ، ويبحرون بودائعنا تحت نجوم مضرّجة بفضيحة نشور . الحركة التي نصارعها بمهانة ، تطبق على السلم الملحي لسعينا المحظور في الوجود الشائخ ، وتتوشى بنمش نذورنا الى الزمن الذي تسيّجه الخرابات . مكابدات دائمة لا نستطيع فيها الخلاص من المعانقات الملعونة ، لما تخبئه لنا فيها الرهون المصفرّة لمصائرنا . ما يتعقبنا ويتلف الشُعل اللاهبة لحريتنا ، نتقدّم صوبه بكراهية ، ونسلمه النفيس بلا احتراز . لا ترتاب الفريسة في ارجوحة جرحها بالقنّاص . يعذبها غيابه ، وترجو منه في كلّ حين ، أن يتعجّل في نكرانه لذاته ، وينزلها الى القبر .
أرض الخزامى
أبحث في زمن عقيم ، عن مومياء الشفيعة في قبور العالم ، في أرض الخزامى التي لم يدخلها أحد ، في المرافىء الشاحبة التي تنتظر الاعصار . حياتي التي تلهج بجروحها المذعنة للسهاد ، خطّفتها الاشارات وغابت عنَّي النعمة الرثائية ، وانخيدوانا غنّت أغنيتها الأخيرة ، مرصّعة بالغياب ، واختنقت في تهجد طويل للألم . نحلة تنوح في شجرة متلافة لعسل الحبّ ، لا تحنو شفاعتها على العشاق المُدّعين . عذابها علامة الجرح القانط ، لكنّا نحن الغرقى في اعفاء مغاير من رحمتها ، نمجّدها في الوميض الإلهي للرغبة . قصيدة كتبناها في العطر الدافىء للعراق ، وفيها رفعنا الارادة على الخلود .
شقيقنا سيزيف
يهجرنا في تسريحنا للأضحية ، ايماننا بأولئك الذين نفوّضهم نومنا في الساعات المأتمية . اجازة الألم الذي يجاور الجمال ، تورطنا في مصاهرة الحاذق ، وما يتّقن موته في غياب الحلم . بعيداً عن النافذة المحجوبة للنهار ، علينا معايشة النهاية التعّسفية للماوراء . اللحظة المحترسة والمحتاطة لانفجارها ، تتضوّع في الثقل الكبير للادانة ، ونحن نعاني خسائر فادحة في سهرنا بين المجاذيف الصدئة لايماننا الذي تزعزعه الأسرار . شقيقنا سيزيف المحتفى به في الآثام الاخلاقية لمجابهة العوالم ، يحمل فتاته العذراء من شاطىء الى شاطىء . نظام عبودية يتلائم مع التمرد المهان للمصير البشري .
كلّ ما سعينا لأجله
الى جليل حيدر
أصياف جنائزية نسينا فيها الحصاد بين النسائم الراشدة التي يجرّها الملح ، وغفونا في الحواجز التي هجرتها المذنبات الضرورية للشمس . فتياتنا اللواتي تركناهن مرعوبات تحت الغيوم القاحلة للآبار ، لم يكن بحوزتهن أشياء مهمة ليسلمنها بترحاب الى نوتي الموت . احساساتنا في تصدّع الرأفة المجرمة ، تمنعنا من تملك اللحظة المترعة لخيانة ما آمنّا به ، وليس بوسعنا أن نضيف الاستغاثة الى ما يلاقي جروحنا المفرطة في عذوبتها . كلامنا تحت الإثمار البطيء للأشجار المطوّقة ، لا يعزّينا في اقترابنا من العقيق الأزرق للحاضر ، ولا يمنحنا تجربة ما . كلّ ما سعينا لأجله في حياتنا ، تكفّن في مجابهات يائسة مع ما يتحلّل في الطبيعة . قعودنا الآن على صخور ما يعيق تلمسنا لفجر الوردة ، ينسينا طموحنا المتواضع للخروج من الهاوية التي تطبق علينا في مضغنا لحجارة ألمنا .
31 / 7 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
المزيد.....
-
حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
-
فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
-
بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي
...
-
فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
-
الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب
...
-
ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في
...
-
توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
-
من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال
...
-
“احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م
...
-
فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|