أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الطائفية.. من صدام إلى بشار















المزيد.....

الطائفية.. من صدام إلى بشار


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3804 - 2012 / 7 / 30 - 16:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الطائفية.. من صدام إلى بشار

تكاد الساحتان العراقية والسورية أن تكونا متشابهتين إلى حد كبير وتستندان إلى بنى وقواعد متماثلة وخاصة بعد أن أسس البعثيون فيهما نظامين يتبعان نفس العقيدة حيث إستمر العراقي منهما مدة خمسة وثلاثين عاما في حين أنه ما زال مستمرا في سوريا ولفترة قاربت التاسعة والأربعين عاما وكانت حصة عائلة الأسد منها اثنتين وأربعين عاما.

إن البنى السياسية المتماثلة غالبا ما تطرح أسئلة متماثلة وحينها لن يكون مقدرا ان تأتي الأجوبة بعيدا عن التماثل أيضا. وأجدني معنيا في هذه المقالة أن أتابع سؤالا أجده على قدر كبير من الأهمية, ليس انطلاقا من قيمته التاريخية المجردة, وإنما أيضا لأن الإجابة ذاتها سوف تحدد ما إذا كان الذي حصل في العراق بعد سقوط صدام والذي انتهى بإقامة نظام حكم ذا طبيعة طائفية وأثنية, وذلك الذي حدث ويحدث في سوريا والذي قد ينتهي هو بدوره أيضا إلى تأسيس حكم على نفس الشاكلة, قد جرى في الحالتين كرد فعل طبيعي لفعل كان قد عاكسه في الاتجاه, لكن تماثل معه في المعنى.

وبصيغة أكثر وضوحا أقول أن هناك من يدعي أن تقسيم السلطة وشكل الدولة في الوضع العراقي الحالي هو استجابة ورد فعل تاريخي سياقي وطبيعي لإشكالية مذهبية طائفية جرت بإتجاه معاكس وكان قد جسدها النظام الصدامي. وإن الذي حصل بعد سقوط النظام هو إعادة ترتيب المعادلة بشكل عادل يتوازى ويتوازن مع حقيقة أن الشيعة هم الأكثرية, وكأن مشكلة العراق هي في هوية الطائفة التي تتصدر الحكم وليس في الطائفية ذاتها كمرض سياسي واجتماعي, وكأن بإمكان الحل الطائفي ان يقدم حلا لأزمة المواطن العراقي الشيعي خارج ميدان البحث عن ذلك الحل في البرنامج الوطني الذي يبدأ حقا من إلغاء الطائفية السياسية وإعادة بناء المجتمع العراقي على أسس علمانية ولبرالية تقدمية تقوم على معايير المواطَنة الموحَدة والموحِدة.
وفي سوريا اليوم ثمة طرح مماثل وتصور لإمكانية حل على الطريقة العراقية, رغم أن ذلك الحل مع سيئاته سيحمل سيئة مضافة كونه ربما سيمر من خلال حرب أهلية طائفية كارثية سوف تفتح الجرح على مصراعيه لا أن تغلقه.

ونعود إلى قضية التماثل السورية العراقية. فالاستعداد السوري لنصب سرادق الحكم الطائفي يقوم على أساس إختزال مشاكل سوريا والسوريين بالقرار الذي يؤكد على طائفية النظام البعثي السوري الذي تتصدره عائلة الأسد. وكما في الحالة العراقية فإن هذا الاختزال أو التضخيم قد يتجاوز حجم الظاهرة الحقيقي, والأخطر أنه قد يتجاوز تحديد ما إذا كانت هذه الظاهرة ولدت كناتج عرضي أو ثانوي لظاهرة أكبر وبما يوجب التعامل مع الظاهرة الأم وليس فقط مع نتاجاتها العرضية أو الإستخدامية.
باستفسار أدق صيغة: هل أن مشكلة سوريا السياسية الأساسية, هي مع الحكم الشمولي والنظام الدكتاتوري ومن ثم مع الطائفية كإحدى نتاجات ذلك الحكم ومتاريسه الإستخدامية ؟.. أم أن الطائفية ذاتها هي التي شكلت الرحم الذي أنجب الظواهر المرضية الأخرى والمتمثلة بالحكم الشمولي الدكتاتوري ؟!

وسيكون من المستحيل العثور على إجابة عادلة ومحقة ومتوازنة وحِرَفية ما لم يبتعد البحث أولا عن ضغط النوايا الطائفية لحركة الإسلام السياسي السوري التي تدفع لأن تأتي الإجابة بما يتفق مع تلك النوايا, وهو أمر كان قد حصل مثله تماما في العراق, ونرى أن العديد من السياسيين والكتاب الدائرين في فلكهم ما زالوا يجتمعون حوله ويُنَّظِرون له بدعم من حقيقة أنه بات مطلوبا بشدة, لا لشيء إلا لتقديم تبرير مقنع لطائفية النظام العراقي الحالي.
فلو تقدر أن تكون الإجابة على سؤال من نوع هل كان صدام طائفيا هي إجابة سلبية, أي كلا لم يكن طائفيا, فسوف يترتب على ذلك إعادة النظر بكامل الثقافة التي اعتمدها الإسلام السياسي الذي تمسك بالحل الطائفي لعملية تقسيم السلطة وما تبعها من مؤسسات وثقافة سياسية وإجتماعية. ولذلك فإن على المرء ان يبحث عن وجود هذه الطائفية وأن يكون عادلا في تفسيرها وتقدير حجمها بمعزل عن نوايا تبرير طائفيته.
وبنفس هذا الاتجاه وتماثلا مع غاياته فإن من مصلحة الإسلام السياسي السوري أن ينفخ بطائفية بشار الأسد إلى الحد الذي يبرر الميل إلى اعتماد حكم الضِدْ الطائفي كحل للأزمة السورية الحالية ولمسيرة المستقبل السوري.

ولهذا نرى كيف أن الساحة السورية باتت تنجب نفس الأجوبة التي أنجبتها الساحة العراقية وذلك من حقيقة تماثل الأسئلة في كلا الساحتين بعد تماثل الظروف التي أوجبت تلك الأسئلة وحددت طبيعتها. وهو أمر لاشك أن الإجابة المغلوطة عليه ستؤدي إلى وقوع المنطقة بكاملها في ظلامية إقليمية وصدامات مفتوحة لما يحمله أي حل طائفي سوري على صعيد العلاقة مع العراق الذي يحكمه بالمقابل نظام بهوية طائفية مختلفة.

إن الصورة متداخلة بشكل يجعل الساحتين تطرحان أسئلة موحدة وتعثران بالتالي على أجوبة موحدة, فإن كان بوسع العراقي أن يؤكد على أن صدام كان طائفيا فسوف يكون من الصعوبة عليه أن ينفي تلك الصفة عن بشار الأسد. وسوف يلاقي هذا العراقي نفسه في مأزق حقيقي إذا وقف ضد حق الإسلام السياسي السوري الرامي لإسقاط نظام الأسد بسبب طائفيته وإستبداله بحكم الطائفة الأخرى في حين أنه وقف في العراق إلى جانب هذا الإستبدال ذو الطبيعة الطائفية. ونرى بذلك كيف أن الطائفيين في العراق هم قبل غيرهم من يمنح الإسلامويين السوريين شرعية إقامة حكم البديل الطائفي لنظام الأسد, إذ كيف تمنع على الناس ما ترضاه لغيرك وكيف تنهى عن خلق وتأتي بمثله.

إن السوريين لا يحتاجون إلى من ينبههم إلى طبيعة الإرباك الذي ستقع فيه سوريا إذا ما تم إعتماد الحل الطائفي. فقط يكفيهم النظر شرقا لكي يعثروا على إجابتهم في الساحة العراقية.
وفي النتيجة فإن تماثل سياقات الصراع في الساحتين السورية والعراقية لكون الساحتين حكمتا من قبل حزب واحد قد أدى إلى تماثل كثير من الأسئلة السياسية الرئيسية مثلما أدى أيضا إلى تماثل أجوبتها. إن ذلك يخلق مشكلة حقيقية للفكر الطائفي في كلا البلدين. إن عضو حزب الدعوة في العراق مثلا وهو يُنَّظَر لطائفية صدام يتماهى مع وهابي سوريا وهم يُنَّظِرون لطائفية الأسد, وسوف يكون كلاهما ذا ازدواجية أخلاقية لو أن الواحد منهما وقف ضد حاكمه بحجة كونه طائفي ثم ذهب ليقف مع الحاكم على الجهة الأخرى رغم أن هذا الحاكم لا يختلف في التعريف الطائفي المتماهي عن كونه هو طائفي أيضا.

والحال إن صدام وبشار هما أولاد رحم واحد, وليس دفاعا عنهما أن أقول أن كلاهما ليس طائفيا إلا بالمعنى الإستخدامي, وأن - طائفيتهما – هي نتاج لدكتاتوريتهما التي تدفع بالمقابل إلى بناء كافة المصدات القادرة على حماية أنظمتهما, ولهذا فهي لم تكن عقيدة سياسية, وما لجوئهما إلى المصّد الطائفي إلا لغرض دفاعي هدفه خدمة النظام الفردي الدكتاتوري تماما كما هو اللجوء إلى المصدات القبلية والعائلية والجهوية .
ولنتذكر كيف أن حافظ الأسد كان قد هاجم بدون رحمة الإخوان المسلمين في حماة في العام 1982 وقتل منهم الألوف ثم لنحدد من منهما كان الطائفي الفعلي في تلك اللحظة دون أن ننسى أن تلك المعركة ذاتها كانت نتاجا لحكم دكتاتوري شمولي ودون أن ننسى أيضا أن فعل الأخوان المسلمين في التصدي لدكتاتورية ذلك الحكم كان عبر عن نفسه بصيغ هي في البداية والنهاية طائفية العقيدة والمنحى, وإن ذهاب حكم الأسد بعدها إلى مزيد من الإعتماد على الطائفة العلوية قد جاء لا لغرض خدمة تلك الطائفة وإنما لغرض وضعها في خدمة نظامه.

وهل يمكن لنا ونحن نتذكر ونقارن قصة الأسد مع حماة أن ننسى قضية التماثل بينها وبين قصة صدام مع إنتفاضة الجنوب بعد الهزيمة في الكويت.. كِلا الحاكمين كانا بعثيين وكلا الإنتفاضتين كانتا إسلامويتيين وذات طبيعة وهوية مذهبية. ورغم أنهما تعبران عن حالة رد فعل مشروع ضد الكتاتورية لكنهما لم يضبطا رد الفعل لكي يأتي بإتجاهات وطنية سليمة من شأنها أن تؤدي إلى إستبدال حاكم دكتاتور بنظام وطني ديمقراطي علماني متحضر ولا مكان للطائفية فيه, نظام من شأنه أن ينقذ البلد من أزماته المتفاقمة لا أن يزيدها تفاقما.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن نتقاطع مع الدم السوري.. تلك هي المشكلة
- ثلاثة طرق طائفية للهجوم على الطائفية
- كيف تكره الأسد دون أن تحب حمد
- البصرة.. مدينة السياب والشاوي وأهلها الطيبين
- طائفيو المهجر
- ما الذي فشل مع فشل الاستجواب
- الخلل في الدستور أم في الرجال والنظام
- ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي
- حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه
- الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية
- أزمة سلطة أم أزمة وطن


المزيد.....




- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الطائفية.. من صدام إلى بشار