|
مناف طلاس قادم إليكم
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3799 - 2012 / 7 / 25 - 13:08
المحور:
كتابات ساخرة
تابعت بمزيج من مشاعر مختلطة بين القرف والاحتقار والازدراء والاشمئزاز فيديو المدعو مناف طلاس الذي بات يبيض اليوم بطولات وشرف على السوريين بعد أن باض، دهراً، عليهم فساداً ومص هو وأبوه وأخوه دماء السوريين وأفقرهم وجعلهم من أفقر شعوب العالم قاطبة. هذا التافه و"البلاي بوي" اللعوب اللاهي الفاشل الذي لا يعرف كيف يركـّب كلمتين فوق بعض كما بدا من الفيديو، وصل، وبكل أسف، إلى رتبة عميد ركن في جيش سوريا العظيم البطل، جيش يوسف العظمة وداوود راجحة(أول وزراء دفاع في المنطقة يستشهدون دفاعاً عن وطنهم وهذا عز وشرف لا يضاهى وصعب المنال). والسؤال كم من مليارات النهب والفساد أخذ معه مناف ويتنعم بها اليوم، وكم من المليارات الجديدة يطمح لكنزها، وهل وصل لقناعة راسخة، بأن النظام بات يترنح ويعيش أيامه الأخيرة، وبات عليه أن ينجو بنفسه وبملياراته، ويقفز من المركب الغارق، ويضمن له مكاناً ومقعداً وثيراُ في "سوريا الجديدة" كما يرطنون، بعد أن عاش دهراُ في حضن النظام الوثير ومركبه الأثير؟ والسؤال لماذا لا يعيد هؤلاء الثوار الإرستقراطيون الجدد الطارئون المليارات المسروقة وحقوقنا المنهوبة وأموالنا التي سطوا، بحكم المنصب والنفوذ، عليها وتحولوا بموجبها إلى أباطرة ولوردات ومليارديرية، فقد يكون هناك مصداقية وفرصة للاقتناع، على الأقل، بما يتقيؤون هم وببقية الفاسدين المفسدين الناهبين حين يتحدثون كثوار ومناضلين؟
وللعلم، ففي الوقت الذي كان فيه، البلاي بوي، "العميد الركن" صاحب السيجار الكوبي الشهير(1)، مناف طلاس، الذي بات يبيض على السوريين بالنضال ويبكي ويتألم على دمائهم وأحوالهم وعذاباتهم وهو الذي ولد في أروقة السلطة وفي فمه ملعقة أقلها من عقيق وماس، يرفل بالنعيم، ويعقد الصفقات، ويصول ويجول بغطرسة وصلف وبطر وتعال، ويقضي الليالي المخملية الرومانسية الحمراء، ويلعب بالمليارات المنهوبة من دم وعرق السوريين، ويلهو، ويعبث، ويرفع هذا ويخسف الأرض بذاك، ويوزع الشرف والوطنيات، ويجوب الأجواء في رحلات المتعة والاستكشاف والسياحة والاصطياف بطائرات خاصة، ويترقي وظيفياً وعسكرياً من دون إنجازات ولا مواهب تذكر سوى وراثة مجد "البابا" عليه أفضل السلام، وتفتح له ليالي القدر السلطوية على مصراعيها، ليغرف منها ما يشاء من دون حسيب ولا رقيب، ويتصرف على هواه، مع نخب الفساد الأشهر، في تاريخ سوريا، كآلهة، وآباطرة، وملاّك حصريين لمزرعة خاصة، كان الملايين من أبناء سوريا الفقراء يجوعون في بلادهم ويكدّون، ويتعبون، ويشقون، ويسعون في مناكب الأرض، ومشارقها، ومغاربها، بحثاً عن السترة، وعن اللقمة المرة المخزية، ولسد رمق أطفالهم، المغمسة بالذل والقهر، والمهانة والغربة القاسية في الخليج، وأوروبا، والأمريكيتيين، وحتى في لبنان والأردن "الشقيقين" و"لا تقرفوا" رجاءُ.
وحين كان البلاي بوي الشهير، يقيم الحفلات الماجنة والصاخبة اللاهية في قصوره المترامية في الصبورة ويعفور، اللتين أصبح امتلاك قصور وفيلل فيهاً، رمزاً للجاه والعز، والانتقال من طبقة إلى طبقة الناجين من نار الفقر والعذاب والشقاء، نحو التقرب من أروقة النظام والدوائر المغلقة والعصية في ذات الآن على الانفتاح أمام الشعب الطيب الفقير الغلبان، والتمتع بالرضا والمغفرة السلطوية، وصك غفران أمني مبرم، وكمكافأة على الطاعة والولاء، وجواز مرور عابر للطبقات ينسلخ فيها صاحب هذا الامتياز عن كل ما يمت إلى ماضيه وأهله وأصله وفصله ومواطنيه ويـُشعر بحكم الفارق الحاد الذي وصل إليه بين حياة المواطن العادي وحياة البذخ والترف الأسطورية التي يعيشها هؤلاء، حيث الفيلل الفارهة الأسطورية الباذخة التي لا يقبل صاحبها إلا بالسيجار الكوبي والكافيار والويسكي الاسكوتلندي الفاخر المعتـّق لعشرات السنوات (هذا شرط لتناوله وسحقاً للعرق البلدي المضروب)، والسيارات الفارهة والخدم والحشم والأزلام والأتباع، وكأنه مواطن في سويسراً ولوكسمبورغ وأي بلد آخر غير سوريا "الصمود والتحدي والبؤس والتردي"، والذي تحول 70% من سكانها إلى قاطنين للعشوائيات وأحزمة الفقر والبؤس والقهر والعذاب. وكان ذلك الامتياز السلطوي الممنوح لهم تعبيراً عن ارتقاء الفاسد إلى دنيا النخب والمشاهير، والبزنس، والصفقات، وانضمام إلى النخب الثرية المتخمة من أبناء النـِعم المستحدثة التي أوغلت كثيراً في المال السوري، ولم تشبع منه في يوم من الأيام لدرجة أن أصبح فيها المواطن السوري واحداً من أفقر شعوب الأرض على الإطلاق ووصلت نسب البطالة في سوريا إلى أكثر من ـ60% بسبب هؤلاء الفاسدين واستهتارهم واستخفافهم بمصير وحياة السوريين ومستقبلهم واستقرارهم وأمنهم ومستقبل عائلاتهم وأطفالهم المساكين، نقول في ذلك الوقت كان الملاييين من السوريين يعيشون في العشوائيات، وأحزمة البؤس ومدن الصفيح الـSlums عيش الشظف والقـِلـّة الكفاف، ويتابعون إعلامهم "الوطني"، الحامي التاريخي لمناف طلاس ومشاهير الفاسدين والفساد، والذي-الإعلام- كان يرطن ويلهج كثيراً بالحديث عن المقاومة، والممانعة والنضال ويستضيف ويلمـّع إمعات ودون منحطين وخونة آخرين كخالد مشعل، وعزمي بشارة، وكان أولئك الفقراء المنكوبون يصدقون ويستمتعون بالإنجازات الوهمية لأزلام مناف طلاس من المسؤولين الحكوميين والوزراء الذين كان "يدعمهم" مناف ويقف وراء تعيينهم، ومن ثم يأوي الفقراء إلى فراشهم قريري العين هانيها مطمئنين إلى ما قاله لهم المذيع الفصيح في نشرة الأخبار عن الخطة الخمسية القادمة، وحتمية نجاحها، وبعدما، وبالكاد، يكونوا قد سدوا بطونهم الخاوية وبطون أطفالهم بأبسط الأكلات الخالية من البروتين والكوليسترول والكافيار والكحول المحرّم شرعاً والحمد لله (مكدوس، شكليش، زعتر، وحمص وفلافل وفوقها الرفاهية بكأس من الشاي الأوكرك عجم)، ويعدون الأيام، ويطوون الليالي البأساء المظلمة السوداء علها تأتي لهم بالفرج والنجاة والخلاص.
هكذا كان حال الثائر المقدام مناف أيام زمان، فكيف هو الحال اليوم مع هذا الانشقاق وبما أن ثورتنا السورية ليست ككل الثورات، وإنها ثورة الكرازايات والإمعات والفاسدين والأوباش والأوغاد والمرتزقة، والخراتيت والدون المنبوذين الخصيان والقتلة المأجورين والمرتزقة الوهابيين والذبيحة الطالبان والخونة العملاء المروجين للأطلسي والاحتلال والذين تحالفوا مع كل زناة الأرض للإيقاع بسوريا وتمزيقها؟ فليس من المستغرب أن ينضم إليها السيد مناف مع كل دجال ومنافق أفاك، وبكل ثقله "الاستراتيجي" الكبير وإرثه الممتاز الباهر في عالم الفساد والرشوة والتكسب والارتزاق وجني المال. إذ صارت المعارضة السورية، و"الثورة"، وأنتم أكبر قدر ولا تقرفوا، مزبلة ومغسلة لكل فاسد ومجرم ونصاب ومحتال وتاجر ووسخ وقذر ومتسلق وفاسق وفاجر وقليل الحياء وخليع وفاسد سابق يحاول أن يبيـّض تاريخه المشين الأسود الذي بناه على آلام ومعاناة وبؤس وفقر وشقاء وعذابات وقهر السوريين. وهو يقصد بذلك حلـْب الثورة والاستفادة من خيراتها الخليجية والمليارات البدوية المتدفقة عليها كما حلب وعاش على بركات وخيرات وعطاءات وامتيازات وكنف النظام الذي كان كريماً جداً فقط، ويا عيني عليه، مع هؤلاء الفاسدين وهؤلاء الأوباش ورفعهم درجات فوق الناس وفوق خلق الله. والسؤال لكل ذي بصر وبصيرة و"عامل حاله" فهيم وفهمان: هل توقع أحد من العباقرة أو الأغبياء، على حد سواء، أن يكون الفاسد واللص والحرامي والنشتري ومصاص دم الشعب والعابث اللاهث وراء المناصب وشهوة المال السحت الحرام وطنياً وشريفاً ومخلصاً وإنساناً يمكن الوثوق به، أو مجرد التعامل معه، وتسليطه على رقاب الناس، أو أن يكون لديه ذرة من شرف وإخلاص ووفاء؟ وهل كان هناك أي ربط، عبر التاريخ البشري العقلاي المعروف، بين الشرف والنضال والمقاومة والممانعة والفساد والتحلل وعشق الفجور وحب الفشخرة والتباهي بالتملك والنهب والسبي وكنز الأموال، أم هو العكس والنقيض من ذلك على التمام؟
مناف، اليوم، والبشرى والفرحة الكبرى، ثائر يريد تحرير البلد وممن لا ندري؟ مناف ثائر، حجَّ واعتمر وتاب، وكل الحمد والشكر لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وعاد كمن ولدته أمه اليوم، ووزعت له صور في البيت العتيق، وغسل نفسه، وكل الحمد لله، من ذنوب الفساد والمال السحت الحرام، وشمـّر عن ساعديه ليبدأ "معركة" ورحلة جديدة، ويريد أن يتابع مسيرته الناجحة بالنيل من، والفتك بالسوريين بعد أن عجز عن الإجهاز عليهم تجويعاً ونهباً وعوزاً وإفقاراً وهو في قمة الهرم في النظام، ويريد بذلك أن يحرر سوريا ممن تبقى فيها من فقرا وأهل طيبين مسالمين كي يخلو له الجو هو ورهطه من الثوار والخزنة الجدد المفسدين بيعها بالكامل للأغراب، ومتابعاً مسيرة زملائه الثوار، بإرسال القتلة الوهابيين والعصابات المسلحة للسوريين، وإلا أين كانت حميـّته ونخوته وغيرته الثورية حين كان النظام في أوج عزه، ومجده وبهائه وأمنه وسلامته؟ لماذا لم نر هذه الوطنية والثورية والغيرة على السوريين ايام العز والجاه والعظمة والأبهة والصولجان؟
من نجا من السورييين بروحه وجسده وأطفاله وحاله من فساد ونهب وإجرام مناف، وأمثاله الفاسدين المفسدين في الأرض، فعليه اليوم أن يستعد لجولة جديدة من موت معنوي وقتل رمزي وفساد وتجويع ونهب إفقار، فمناف قادم إليكم، بحلة جديدة و"نيو ولوك" بدل "اللوك" السلطوي القديم، فهو يحبكم جداً وأنتم في "باله" على الدوام، أي وأيم الله، أيها السوريين.
لا تخافوا يا أبناء سوريا فأوباشكم في المعارضة، هم أوباشكم في النظام.
(1)- يقال والله أعلم، أن ثمن السيجار الكوبي الفاخر الذي كان يدخنه الثائر مناف، على أعين "الشباب" ما غيرهم، ويتباهى به أمامهم، كان فقط 400$ "بلس تاكس" وهو رقم ومبلغ خرافي بالنسبة لفقراء وبؤساء ومعتري سوريا.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيار وفقوس: أبناء الجارية وأبناء الست
-
سوريا: متى يضغط الروس على الزر الأحمر؟
-
آصف شوكت: فارس من هذا الزمان
-
سوريا: هل يفلح سلاح الانشقاق؟
-
المثقف والجنرال: فن تصنيع الأعداء
-
كوفي عنان لا أهلا ولا سهلاً
-
سوريا: انشقاق فتى النظام المدلل
-
الأسد يصفع أردوغان
-
العرب كصدفة تاريخية
-
من الذي أسقط الطائرة التركية؟
-
متاهات إعلامية سورية
-
سوريا مقبرة الوهابية
-
أفشل ثورة في التاريخ
-
عوجة: مفارقات انتخابية عجيبة في سوريا
-
هل وقع الروس في شرك مقلب أممي؟
-
انشقاقات وسقوط الجزيرة
-
مهلكة الظلمات الوهابية والتورط بالدم السوري
-
حان وقت الحساب
-
جنون البشر
-
ولادة المثقف المسطول
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|