|
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3799 - 2012 / 7 / 25 - 10:49
المحور:
الادب والفن
مرثاة
نمشي بين النجوع المهجورة للزمن بلا تجارب ولا الهامات ، ونبحث بين الأبنية المتصدّعة للتاريخ ، عن شرارات لحيواتنا المعارة للحروب المصلصلة بمدننا الخالية من ضفائر الأشجار . لدينا الآن في الواح شرائعنا التي عصفت فيها التوحشات ، الكثير من الحمق ، ومن المجاعات الهائلة ، ونحن نقرفص في ساعات يأسنا ، ونحلم بالميتة الهانئة . امكانيات عظيمة أضعناها تحت رماد أمجادنا الطنّانة ، وبين كوارث صلواتنا في الجسارات المحبوبة للرغبة . يدهمنا الزمن الآن في شغفنا بالنوم بين التأنيبات الشديدة للابادات التي قمنا بها في الماضي ، واللحظة تتصلب في شحنتها ، وتهدّم فوق رؤوسنا الأعمال الفاسدة و والنعومات . تستفز الميتة المتريثة عند الباب المرتعد لبركان الزمن ، التلميحات المضطربة لجرائمنا في الظلال الحانية على الأصياف ، وتفرُّ منِّا القناديل العظيمة للنجوم . هل كانت لمذابحنا في الهاوية المغردة للتاريخ ، قيمة ما ؟ هل كانت لتحالفاتنا الفضائحية مع الأسياد الحمقى ، جماليات تعين البروق في السهر على اليأس المحفوظ للانسان ؟
كلّ لحظة لها ميتة جذّابة
منقاداً الى الهواء المسموم للثكنات التي مكثت بين أنقاضها في الماضي ، أنصت الى الرنّات الطقوسية لمرضي العضال ، وأدير الرقّاص المصعوق للساعة . لا تراودني فكرة الانتحار في تجربة الحبّ الفاشل ، ولا آملُ بحياة أطول من حياة سلحفاة . يعلو الموت السقف العالي ليومي ، وأشياء العالم لا تتضامن معي في عجزي عن التنفس في حديقة النهار . كلّ لحظة لها ميتة جذّابة ، وبين اللحظة واللحظة ، يتهدم حاضري من دون تعزية في الهاوية التي تسيّج الزمان . التحرّر من الذكرى المتأرجحة في ميزان المستقبل ، يحتّم عليّ أن أتخلص من أغلال كثيرة ، وأغوص في دفء أبوّة المرض . التجرد من النار الكاملة للفضائل ، يقوّض كل مسعى لنا في النوم تحت الشرارات التي تتلاقى في الديمومة .
جهامة العالم
الى محمد مظلوم
يحمل الانسان ذخيرته المتربة منذ البدء ، بلا رغبة وفي يده حزمة تعفّناته . مناحات متشابهة محمولة فوق الباب المتخلّع لحياتنا التي تبهظنا في كل حين . تعوّضنا سهام العدم المنطلقة صوبنا ، عن النسيم المعصوم من كراهياتنا للعفن في جهامة العالم ، لكنّ تنفساتنا المنقبضة في وعود الأسلحة التي تطهر الأشجار من النجوم ، لا تعيننا على رمي جثث الذين نحبهم تحت الحجارة ، ولا تذكرّنا بلم الشمل في معركة ما . ما نسرّ به ، لحظة سرور تخاصم نيراننا المشدودة الى الخرائب المهيبة . نحيّي العيد وشمسه المعانقة تمائم نعوش أجدادنا الذين يبللهم الندى بين ثغاء قبورهم ، ونركن ما حلمنا به الى جانب الحائط المتصدع لسهادنا . أولئك الذين وصلوا قبلنا وانطمروا في ليل الوادي الأخير لرغباتهم التي تنهشم ، لا يتردّدون في العوم بهياكلهم العظمية في رماد غيابهم .
أدوار
الى جابر السوداني
نتخلّى في صدّنا للحظات اللئيمة لضعفنا في تعثراتنا بين الجثث الفاحشة ، عن مناقب عظّمناها كثيراً في الماضي . ترويضنا لإثم جرائمنا التي تهدّم البهاء الطاهر للعالم ، في النفاية المحتقنة لزريبة علم السياسة ، يحفظ لنا في أيّامنا المسرنمة ، نبل ما نطمح للانفلات من شعائره في الراسخ ، وفي العابر . هاهي الأدوار الآن ، ترّنحت فيها الموازين ، ولم تبق في طقوسها الحائلة ، إلاّ التعاويذ الطفولية الهازئة بالأسرار . لا نقاوة رعوية في الربيع السلمي لآلهتنا المغطاة بالديون ، ولا نضارة غفران تخترق الظلال المريضة لصدى صلواتنا في الشُعل المنشدة على مرارة الفجر . مباخرنا المتّقدة في الشواطىء المردومة للفجر ، أطفأتها المدافع الوراثية لأسيادنا اللصوص الحمقى ، واقتلعت آخر قوانين أسلافنا في العقم الذي يغطسنا مع الوعود .
قرابين
الى ناجي ابراهيم
قرابين موشومة بصموغ ترّنحاتنا بين الغمغمة الهزيلة للأيّام ، نحملها بكسل ونتقدّم في الطقس الرائق صوب كهوف آلهتنا الجائعة . خلاء لا حدود له ، نغطس في ظلمته ونستريح في اهانات تتوارى عن القناديل الملحدة للرأفة ، والوعظ في الحدائق المدّنسة للبيوت ، لا يرسل لنا اشارات تعيننا على الخلاص من السلطة . ما يتضمّخ في عبير الخرابات ، يصوب أسلحته نحو الابرة المتناغمة للشمس ، ويقتلنا في اكراه طويل للسأم . صخور صلدة تتفجّر في أسرّتنا التي يدفئها الفرو الجافّ للزمن ، نتوسد فيها اللحظة المجفّفة ، ونلوح للموتى على الشاطىء المتهدم للماضي .
في تخفّي مرضهم
الى أحمد يعقوب
تحجب الأشواك المخضلّة لجروحنا في نوافذ النهار ، الحاضر المرهق والمثقل بظلمته . ملامح متشابهة للأزل الذي ينفجر فيه النبض السَّخي للطبيعة . المسافرون في الأتربة الى حتفهم ، يتخلّون في تخّفي مرضهم عن الكثير من نذورهم ، ويقلّدون الحشرات في رحلتهم التطبيعية . وقت الفقدان ، لا تنطلي عليه الحيلة ، والإله الذي نخترعه في خوفنا ، وفي ضعفنا أمام المجهول ، يستيقظ بوضوح في ثوبه العدمي ، ولا يعرفنا . أوهام يصنعها البشر الحزانى ويتلّطخون بعفن ضراطها . التحديق في الغروب ببئر نجمة ، يصيب العين بالانتفاخ . مدّمراً طقوس كلّ العبادات التي ترّسخ مصائبنا ، يتقدم موتنا المرضوض في شدّوه ، ويغدق علينا نعمته العظيمة . موت عنصري . لا أحد يضبط إيقاع صواعقه التي تفصلنا عن انسانيتنا المهزومة في كل الأزمنة والأمكنة . يصعد بجرّافاته الملوّثة ، شباب الجميل والخيّر والمتألق ، وينسى الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم للتحريض ضدّ فراشات أحلامنا ، وذهب غزلياتنا للحياة التي نبغي .
24 / 7 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
-
في خرائب الفايكينغ
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|