أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثنائيةُ الحادةُ














المزيد.....

الثنائيةُ الحادةُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3799 - 2012 / 7 / 25 - 09:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع خروجِ العربِ من العصور الوسطى الذي يجري حالياً والذي يكلفُ حروباً اجتماعية هي حروبٌ دينيةٌ في شكلها، وثوراتٌ ضد رأسماليات الدول الشمولية في جوهرها، تظهرُ الثنائياتُ الحادةُ في مجتمعاتٍ تسير نحو النهضة بتناقضاتٍ اجتماعية وسياسية عميقة.

إنها ثنائيةُ الرجلِ والمرأة، وثنائيةُ السلطةِ والمعارضة، ثنائية المحافظة والتقدم، ثنائيةُ المذهبِ السائد والمذهب المسود وغير هذا من تناقضاتٍ صارخة ليس فيها وسط وتداخل وتجاوز!

الثنائية هي بسبب أن الرجل لا يريد حباً فيه مساواة، بل يريدُ خضوعاً، والسلطةُ تريدُ معارضةً مستأنسةً لا تشكل بديلاً جديداً داخل النظام المتطورنفسه دائماً، والمذهب السائد لا يريد أن يكونَ في الحرية الدينية ليتطور عبر الأبحاث الحرة وجهود رجال الدين المستقلين.

ولكن في الجانب الآخر فإن المرأةَ إما أن تكون تابعة وإما فوضوية في رد فعلها على اضطهاد الرجل. في كلتا الحالتين هي تخسرُ شخصيتها، التحديثية، الديمقراطية الإنسانية المتراكمة، التي لا تتشكلُ إلا عبر الحرية والثقافة وتراكم التجارب الخلاقة في حالةِ أنها حرة، وعبر العقلانية وتطوير الرجل والأسرة في حالة أنها تتجاوز أن تكون تابعة.

السلطة والمعارضة في عالم الخروج من العصر الوسيط تعانيان التقوقع نفسه على ذاتهما الكلية، هي انعكاسُ الرجل، هي الذكورة وقد صارت سياسةً، هي الطائفة وقد صارتْ جماعةً مسيّسةً مهيمنة، هي شرائحها العليا، وهي في إنتاجها للوعي السياسي المذهبي تفرغهُ من مضامينه، تحيلهُ لعادات غير فاعلة في التغيير، لآراء عامة لا تطور طبقات الناس.

هذا ما يؤدي إلى أن تكون المعارضة هي طائفة أخرى، ديناً مغايراً، أو إلحاداً عدمياً.

وقد قامتُ رأسمالياتُ الدول بحمل هذه التناقضات على كاهلها الاقتصادي، وحين تكون (اشتراكيةً) تحطم المعارضة الرأسمالية الليبرالية، وحين تكون ملحدةً عدمية تقوضُ الإيمان الشعبي، وخاصةً تجسيداته السياسية من المنظمات الدينية، التي راحت ترعى هذا الإيمان المحافظ وتُسيّسهُ بشكلٍ مضاد للحداثة والاشتراكية والليبرالية.

وحين تكون الدول الرأسمالية الحكومية دينيةً فإنها تقوضُ الحداثةَ والديمقراطية وتصعّد المذهبية السياسية.

أحياناً تبلغ الثنائية الحادة كيان الدول الداخلية، ويكون الانفصام قد وصلَ إلى هيكلها العظمي، فهي غيرُ قادرةٍ على الرجوع للوراء أو التقدم للإمام، غيرُ قادرةٍ على مسايرة مذهبية سياسية كاسحة وتشدها مذهبيةٌ سياسية صغيرة، وتنفصم الدولةُ بين مذهبيةٍ سياسية وعسكرية مذهبية، أو تغدو رهناً لتقاسم المذهبيات السياسية القومية.

الخروجُ من العصر الوسيط تحددُهُ مقاييسه في تلك الركائز السابقة، في وضع النساء، في كون النص الديني يتحول لقيد، في كون الدولة تقليدية، في كون كل عنصر منغلق في ذاته، يتصور نفسه الكل.

في كون هذه العناصر لا تتداخل، لا يشكلها تحديث ديمقراطي.

مرحلة (التثوير) السابقة التي لها إيجابياتها رغم كونها أنظمة قمعية، لحقتْ بها مرحلةُ تنوير وأسرع إليها التثويرُ بقوة شديدة وقفزات.

مرحلة التنوير الديمقراطية تفترض سنوات من الصبر السياسي ونشر ثقافة ديمقراطية وتفكيك العقد العربية الاجتماعية الطويلة، لكن القوى الغربية المتحكمة في الأسواق، وخاصة أسواق البضاعة الدعائية، ليس لديها صبر وتريد تفكيك رأسماليات الدول العتيقة، وربما شطب دول من الجغرافيا، وتغيير سمات الشعوب وعلاقاتها وفتح المجال لبضائعها، فهي لها إيقاعات سوقية في الثورات العربية.

يخرج العرب من العالم الوسيط مقذوفين نحو أكثر أشكال الحداثة والعولمة الرأسمالية الهائلة، وهم في عالمهم التقليدي، مثلتهم القوى المحافظة المذهبية اليمينية وعبرت عن علاقاتهم العتيقة ومستوى أغلبيتهم، وجسمت طموحاتهم للتغيير، حيث يسود الرجال والنصوص الدينية القديمة والدول العتيقة.

الخروج من الثنائيات الحادة يحتاج إلى عالم جديد.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديثٌ عربيٌّ جديدٌ
- نقدُ المغامرةِ التاريخية(٢-٢)
- نقدُ المغامرةِ التاريخية (١-٢)
- بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت
- الحريقُ
- الإخوان المنشأ والتطور
- صعوباتُ التراكمِ في الخليج بالقرن ال ١٩
- صراعُ المحورين والثقافة الديمقراطية
- المقارباتُ الديمقراطيةُ مطلوبةٌ
- بين قطبينِ اجتماعيين مختلفين
- الدينُ والاشتراكية (٢-٢)
- الدينُ والاشتراكية (١-٢)
- ديمقراطيةٌ من دون برجوازية
- الطريقُ الجنوني للديمقراطية
- التنويرُ الاجتماعي
- مشكلاتُ الفوائضِ الاقتصادية في الدول الخليجية
- تداخلُ الاشتراكياتِ الخيالية
- التثقيفُ الذاتي والحقيقة
- تفكيكُ وحدةِ العمال
- تدويرُ رأسِ المال الوطني


المزيد.....




- 3 مطارات عربية ضمن قائمة الأفضل عالميًا لعام 2025.. ما هي؟
- الحرب التجارية.. الصين تعلن رفع الرسوم الجمركية على أمريكا إ ...
- سجن ألكاتراز.. باحثون يكتشفون مناطق كانت -مخبأة- في الجزيرة ...
- إيران تحدد -خطوطها الحمراء- قبل المحادثات النووية مع أمريكا ...
- اكتشفت بقاياها قبل نحو 30 عامًا.. تطور علمي يُظهر معلومات عن ...
- وزير الخارجية اللبنانية: أبلغنا أن لا إعادة إعمار ومساعدات ق ...
- رغم فصل زملائهم... مئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات ...
- لافروف: عودة روسيا لحدود 1991 مستحيلة وواشنطن تريد التعمّق ف ...
- لافروف: تبادل السجناء مع واشنطن يساعد في بناء الثقة المدمرة ...
- عريضة وقف القتال تحشد تأييدا كبيرا في الأوساط العسكرية الإسر ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثنائيةُ الحادةُ