|
الثورتان الإيرانية و السورية .. بين نظام صدام و حكومة المالكي
علي زاير الجواري
الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 16:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1978 ضد نظام الشاه( محمد رضا البهلوي ) ، حيث أن الأوضاع في إيران آنذاك بلغت ذروتها من السوء من تباين طبقي بين فئات الشعب و نشوء طبقة برجوازية غنية ارتبطت بالنظام الحاكم و تحكم الفقر و الفاقة بغالبية الشعب الإيراني ، و تذمر الشعب من سياسة النظام الخارجية بربط مصالح إيران بعجلة السياسة الأمريكية و الغربية و ممارسته دور الشرطي في الخليج المنفذ للأجندة الغربية و الأمريكية في المنطقة ، فضلاً عن سياسة الشاه الداخلية في الضرب بيد من حديد لكل تحرك يطالب بحقوق الشعب في الحرية و العدالة و تحسين الأوضاع المعيشية ، و زج الآلاف من المعارضين في المعتقلات . و لما اشتد أوار الثورة في إيران التي كان وقودها الشباب الإيراني إستخدم النظام الشاهنشاهي قبل رحيله كل وسائل القوة و الإرهاب لقتل الثورة ، و سالت دماء الكثيرين من الشباب الإيراني على مذبح الحرية .. هؤلاء الشباب الذين كانوا يتلقون رصاص البنادق مصممين على النصر بقلوب شجاعة مؤمنة بالحرية . و سياسة النظام الشاهنشاهي تجاه العراق كانت سياسة ( الجار القوي الطامع ) .. فقد استطاع انتزاع نصف شط العرب في اتفاقية الجزائر عام 1975 التي وقعها صدام حسين في مؤتمر القمة الإسلامي مرغماً ، بعد أن توترت الأوضاع بين إيران و العراق و استخدم الشاه خلالها سياسة لوي الذراع بدعم الجماعات الكردية المسلحة شمال العراق في قتالها ضد النظام . كان نظام البعث في العراق برئاسة أحمد حسن البكر ثم صدام حسين يراقب بحذر و ارتياح تطور الثورة في إيران عن كثب و يرى نظام خصمه اللدود يتهاوى ، و يشهد بقلق إستيلاء القادة الجدد على مقاليد السلطة الذين جلهم من رجال الدين الشيعة المتشددين . و بعد انتصار الثورة في إيران و تأسيس النظام الجمهوري الإسلامي بعث صدام حسين ببرقية تهنئة لزعيم الثورة الإمام الخميني مرحباً بالحالة الجديدة في إيران و أن يحقق الشعب الإيراني آماله و تطلعاته في الحرية كبادرة لإبداء حسن النية تجاه حكام إيران الجدد و جس نبضهم و استكشاف رؤاهم تجاه جارهم البعثي ، و ذلك قبل توتر الأوضاع بين البلدين و اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات . و لو نظرنا اليوم إلى الحالة العراقية السورية اليوم لوجدنا تشابهاً كبيراً في الظروف و الرموز في جوانب ، و اختلافها في جوانب أخرى ، و كأنما التأريخ يعيد نفسه . فنظام الأسد البعثي في سوريا الذي بدأ بتسهيل دخول ما يسمى بـ ( المتطوعين العرب ) لنصرة نظام صدام بعد اندلاع الحملة العسكرية الأمريكية عام 2003 و إيواء القيادات البعثية المهزومة و تأمين المعسكرات و الأسلحة و الدعم اللوجستي للتنظيمات الإرهابية التي ضربت الشعب العراقي بالمفخخات و خطفت و ذبحت و هجرت و فجرت بيوت العراقيين و مدارسهم و منشآتهم الخدمية و الحكومية و ما زالت تفعل ذلك و كل ذلك مؤكد و حكومة المالكي تمتلك من الوثائق و الأدلة و الشهود ما جعل أقطابها يتهمون النظام السوري علناً بذلك في السنوات الماضية ، و آخر من فضح الدور القذر لنظام الأسد و مخابراته في زعزعة أمن العراق و محاولة تدمير تجربته الجديدة و ذبح الشعب العراقي هو السفير السوري في بغداد بعد انشقاقه عن النظام . هذا النظام في سوريا يتهاوى اليوم بثورة أيضاً كما انهار النظام الشاهنشاهي في إيران قبل ثلاثة عقود .. و هو يستخدم كل وسائل القوة أيضاً للقضاء على هذه الثورة ( المسلحة ) ، و أبرز أوجه التشابه بين الثورتين الإيرانية و السورية هو حملهما لطابع التطرف المذهبي ، فالثورة الإيرانية بدأت شبابية مدنية تطالب بالحرية و انتهت ( دينية شيعية ) ولدت جمهورية إسلامية محكومة بولاية الفقيه ، و الثورة السورية أيضاً بدأت كاحتجاجات شعبية سلمية تطالب بالحرية و التغيير و هي اليوم ثورة مسلحة عارمة يغلب عليها طابع إسلام متطرف و تتصاعد من داخلها أصوات تنادي بإقامة الخلافة الإسلامية و إنهاء النظام ( العلوي النصيري الشيعي ) بعد أن سرقت قيادتها المجموعات السلفية السنية و أمست ثورة مدعومة من قوى غربية و عربية و إقليمية بدعوى حماية الشعب السوري و وقف العنف . حكومة المالكي و منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة السورية أبدت عدم قبولها بهذه الثورة رغم أن أقطابها صرحوا أنهم لا يعارضون التغيير في سوريا و يحترمون إرادة الشعب السوري في مطالبته بالحرية ، إلا أن المالكي بدى اكثر وضوحاً عندما قال : إن الجماعات المسلحة في سوريا هي نفسها التي الجماعات الإرهابية التي قتلت و فجرت في العراق !! إن الموقف العراقي اليوم من الثورة السورية ليس موحداً فهناك أقطاب في الحكومة و قوى برلمانية و شعبية و تيارات و أحزاب سياسية تقف موقف المؤيد للثورة السورية و جلهم من خصوم المالكي و كتلة الإئتلاف ، و هذه الصورة توضح مدى ركون القوى السياسية في العراق لهذه القوة الإقليمية أو تلك و عدم استقلالية المواقف العراقية و ذلك لكون العراق اليوم عبارة عن ساحة صراع و تصفية حسابات بين تلك القوى التي أبرزها إيران و السعودية . إن نظام الأسد يضعف و ينهار شيئاً فشيئاً بعد فقدانه السيطرة على أجزاء كبيرة من الدن السورية و انشقاق العشرات من كبار ضباط و قادة جيشه و استقواء شوكة الجيش السوري الحر بالسلاح و الدعم المالي ، و أن الثورة السورية ستنتصر و أن أي قوة تراهن على بقاء نظام الأسد أو انتصاره مخطئة و واهمة . ترى ما هو الموقف الحاسم الذي يجب على حكومة المالكي أن تتخذه تجاه القضية السورية فيما لو وضعت مصالح العراق و شعبه في الإعتبار ؟ تأييد الثورة السورية و دعم الشعب السوري و مساعدته ؟ أم البقاء في خندق المراهنين على نظام الأسد البعثي و هو ساقط لا محالة ؟
#علي_زاير_الجواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو
...
-
شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
-
هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
-
السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
-
اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
-
RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
-
الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت
...
-
البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح
...
-
-اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|