أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - في هذا الزمن














المزيد.....


في هذا الزمن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 00:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في هذا الزمن صارت تنتشرُ الحروب محل السلام الدائم وتنتشرُ فيه ثقافة الكراهية والعداء للآخر محل الحب الطاهر ولا ننظر إلى بعضنا على أساس أننا إخوان في الحب والإنسانية والعدل والمساواة والحرية,في هذا الزمن توقفت فيه النساء عن إنجاب أبطال للسلام وكل ما تنجبه النساء عبارة عن أبطال في الحروب والتدمير والكراهية, في هذا الزمن صار الخوف هو الذي يحكم محل الأمن والنظام, في هذا الزمن لا يمكن أن نجد للثقافة احتراما ولا يمكن أن نجد للأناقة عطرها القديم الذي كان يفوحُ منها في الماضي,وكل عام نفتحُ صفحةً جديدة ونغلق صفحةً قديمة وفي هذا الزمن لم نعد نتنفس هواء نقيا وكل الأجواء المحيطة بنا غير صحية وغير نقية علماً أننا طوال عمرنا ونحن نقول وننادي:إبداع من أجل الإبداع ونقاء من أجل أن يستمر النقاء... ليس لنا مكان في هذا الزمن لأن هذا الزمن ليس زمننا بل هو زمن الوحوش حيث يقادُ أمثالنا مثل القطيع من المراعي إلى المسالخ التي تسلخ جلدنا عن لحمنا وتجرم لحمنا عن عظمنا,وإلى هذا الحد يكفينا ما شربناه وما أكلناه وما شعرنا به ,يكفينا أن أمواج البحر تضربُ بنا وتتلاطمُ معنا وتبسط فراشها للغادرين ....في هذا الزمن المقلوب وفي هذا الزمن العاتي,وفي هذا الزمن المر يعبر فيه الشرفاءُ البحرَ على ظهورهم سباحة والسفلة يعبرون البحرَ على متن الغواصات والسفن الكبيرة, في هذا الزمن العابر ليس لنا عبور وفي هذا الزمن الميت ليس لنا حياة كريمةً نحياها,وفي هذا الزمن الصعب عبرنا كل الامتحانات وأجبنا للزمن عن كل ما طرحه من أسئلةٍ, وفي هذا الزمن الخانق نحن مخنوقون,في هذا الزمن تموتُ الكلمة الطيبة وتحيى الكلمة الخبيثة وتأخذ الكلمةُ الخبيثة مكانا غير مكانها تماما كما يوضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب, هذا الجرح الذي لن ننساه أبدا وهذه السلوكيات لن ننساها أبدا ومهما تمادى الجلاد في جلدنا لا بد وأن يأت يوم عليه وعلينا يأخذُ فيه كل ذي صاحب حقٍ حقه,في هذا الزمن ضاع كل شيء الصحبةُ والجيرة والوفاء والأمانة وفي هذا الزمن يجلس أصحاب الكلمة الخبيثة محل أصحاب الكلمة الطيبة, ويموت أصحاب القلوب الطيبة ويأخذ أصحاب القلوب الخبيثة مجدهم وينتشرون ليتبوءوا مقاعد غير مقاعدهم وأماكن غير أماكنهم وفي هذا الزمن يعيش المفسدون ملوكا وسلاطينَ ويحيا الزعران والبلطجية حياة طيبة, في هذا الزمن تنتحرُ الأشواق وتُشنق الرؤوس الممتلئة بالأفكار والتي تشع مثل شعاع الشمس, في هذا الزمن يتوه أصحاب المشاعر الرقيقة ويبكي فيه الناس الطيبون ويضحك كثيرا أصحاب العقول المتحجرة وفي هذا الزمن يطول الانتظار أكثر وتبدأ رحلة المستكشفين وتنتهي من أول خطوة يخطونها,وبالنسبة لنا نعتبرُ في هذا الزمن أن كل شيء قد انتهى فلم يعد لنا وجود ولم يعد علينا طلب وأمثالنا لا يمكن أن يشتريها أحد وكتاباتنا لا يمكن أن يقرأها أحد لأننا لا نُباعُ ولا نُشترى وبالنسبة لنا جميعا توقفت الحياة كلها فلم تعد الساعة تدق بخطواتٍ ثابتة ولم يعد أحدٌ يأبه بوجودنا, نحن أصحاب الكلمة الحرة كل شيء بالنسبة لنا قد انتهى وانتهت معه الحياة للأبد ولم يعد وجودنا ضروريا ولم يعد لنا أحباب يسألون عنا ولم يعد لنا أصدقاء يحملون عنا ولم يعد في هذا الزمن من يسأل عن غيابنا إذا غبنا وإذا حضرنا لا يأبه أحدٌ بحضورنا.

في هذا الزمن تتلاشى الكلمات التي تحفر في الصميم ويعيش المثقفون على الهامش وفي هذا الزمن تحترق الدماء الحمراء المميعة وتعيش ذوات الدم البارد والمتجمد في العروق,وفي هذا الزمن تتساقط الأوراق الخضراء قبل أن يأتيها فصل الخريف وفي هذا الزمن تجف الينابيع في فصل الشتاء قبل أن يأتيها فصل الصيف وفي هذا الزمن تنضج بعض أنواع الفواكه قبل موعدها المحدد تماما كما تنضج جلودنا على رأي(أبي تمام),وفي هذا الزمن تتسع الصدور لأصحاب القلوب الغليظة وفي هذا الزمن ترتفع الأصوات المطالبة بالعودة للوراء وتختنق حناجر الذين يطالبون بالتقدم وبالتطور.

في هذا الزمن تقفُ فيه الناسُ احتراما للصوص الذين يسرقون ثروات بلدانهم وفي هذا الزمن لا تنتشرُ إلا الروائح الكريهة وبالنسبة للروائح الطيبة تأخذها الريح بعيدا بعيدا حيث لا توجد أنوف تشعر بها وبرائحتها الزكية,في هذا الزمن انقلبت الموازين وازداد الطلب على أصحاب الأقلام المأجورة وفي هذا الزمن انتعش التخريب والتدمير وفي هذا الزمن لا أظنُ بأن الخير فيه يدوم ولا أظن بأن أصحاب المشاعر الرقيقة سيجدون مكانا لهم تحت ظل هذه الظروف التي نعيشها وفي هذا الزمن صار لازما علينا أن ننافق وأن نداهن لكي نتمكن من أن نحصل على لقمة خبزنا وفي هذا الزمن لا قيمة فيه للشرف وللأمانة وفي هذا الزمن لا قيمة فيه للكلمة وفي هذا الزمن نعيش عالة على غيرنا وفي هذا الزمن يزداد المتعصبون والمتشنجون فكريا وفي هذا الزمن انتهت حلول الوسط وأنصاف الحلول وفي هذا الزمن كل شيء يباعُ ويشترى حتى القصيدة والكلمة الشاعرية,وفي هذا الزمن نحن لا نملك من أمرنا شيئا وفي هذا الزمن لا حول لنا ولا قوة وفي هذا الزمن صار الشاطر فيه يحمل سكينه وينزل فينا ذبحا وسلخا وإجراما إرضاء للسلطان وكل من أراد أن يحصل على ترقية استثنائية يتوجه إلينا بالإهانة لكي يرضى عنه سيده ويكافئه على كل جرائمه,وفي هذا الزمن نحن على حافة الهاوية وفي هذا الزمن لا نجد صديقا أو رفيقا أو حبيبا وفي هذا الزمن صار الكل يكرهنا وصار الكل يلعن فينا حتى المتعهرون صاروا يبيعون على ظهورنا الشرفَ والأمانة وفي هذا الزمن يتسلق فيه المتطفلون على أكتافنا وفي هذا الزمن نُطردُ فيه من مواقعنا الرئيسية وفي هذا الزمن تنتشر سياسة المكر والخديعة ولا يوجد في هذا الزمن مكان يتسع للإنسان الصادق,وفي هذا الزمن تنهش فيه الكلاب لحومنا وشحومنا وفي هذا الزمن لا يسألنا أي إنسان عن حاجتنا وعن مواجعنا وفي هذا الزمن تعيش وتعيشُ وتعيش النذالة وتنطوي صفحةٍ من العمر على الذكريات المريرة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تحرمني من هذه العادة
- عبادة الشمس
- كيد المرأة عظيم وكيد الشيطان ضعيف
- لماذا أنا غير إرهابي؟
- فاتورة الكهرباء والمواد التموينية
- طوال عمري
- الحماس الديني عن غير علم
- الفادي
- المسيحية والاسلام نظرة عن كثب
- علاقتي بالمسيحيين وباليهود
- المسيح,نظرة من الأفق
- مللتُ
- نظرة جانبية للمسيح
- شكرا للرب
- خلق الكون والقرآن
- الحظ لعب مع المسلمين دورا كبيرا في مواجهة الفرس
- عدت مبتسما
- مقال الاعتزال
- الثقافة والبراءة
- شرب القهوة


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - في هذا الزمن