أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد عبد الزهرة - ( وجه)....قصة قصيرة














المزيد.....


( وجه)....قصة قصيرة


رغد عبد الزهرة

الحوار المتمدن-العدد: 3787 - 2012 / 7 / 13 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


( وجـــه)....قصة قصيرة


كالمنطوي في ركن ٍ مظلم؛ وحيداً يجتر الهموم, يبدو مقهى( الحاج جاسم) في حي الدورة في بغداد، مقابل أبهة مقهى (البغدادي), الذي ذاع صيتة بسبب عدة انفجارات استهدفته مراراً, ليعاد ترميمه بعد كل أنفجار, بعناد غريب.
حتى ليبدو اليوم غارقاً في لجة من الانوار. تعلو ضحكات رواده - ومعظمهم من الشباب-, وطققة الدومنة, وخشخشة أقداح الشاي, ممزوجة برائحة الشواء العبقة, التي تنطلق مخترقة الأزمنة والمسافات, ضاربة ً ستاراً ضبابياً على الأمس القريب, كأن لم يكن.

أما مقهى (الحاج جاسم), فلا زال مثلما كان يوم أفتتح, لم يتغير به شيء سوى لونه التبني الذي استحال لوناً مزعجاً لا يريح الناظر, وقد يروق لبعض العجائز - ممن أعتادوا قضاء نهاراتهم الفارغة هنا- أن يستغرقوا ساعات وساعات, في تخيل تفسيرات للهيئات التي نحتتها الرطوبة على الجدار.
و إلى يمين المدخل؛ ثمة شاب, يجلسُ وحيداً, مولياً ظهره صوب الباب. بادي الملل, في تطلعه ِ خلال الواجهة الزجاجية القذرة, المغطاة بطبقات سوداء وبنية من ذراق الذباب.
ظل يتثائب ضجراً بين الحين والآخر, كارهاً أن لا تكون بيدهِ حيلة سوى الأنتظار, والتطلع في صورة وجههِ المنعكسة على الزجاج, كأنه شخص آخر يسليهِ في وحدته, و أن لم يكن شخصاً محبباً إلى نفسهِ.
أبدى نفوره من هذا الكائن قبالته؛ سخر من وجههِ الأسمر, المشوه بالبثور, من العينين الجاحظتين, من الكنزة الصوفية الزرقاء التي تدلت إلى الأمام, لكثرة المرات التي حشر رأسه الضخم فيهِ عنوة.

انتبه إلى الشباب على الجانب الآخر, يتدفقون بحيوة إلى مقهى البغدادي. أبتسم مكتئباً, تطلع في زوايا المقهى, لم يرى سوى بضع عجائز , كان أحدهم يقص على رفيقه القصة ذاتها, عن بطولاته الحربية, بينما غط رفيقه في نوم عميق.
أخترقته نظرات عجوز, يجلس وحيداً, ويحرك شفتيه كساحر يلقي تعويذة.
تشاغل عنه؛ بالنظر إلى سطح المائدة, العاري من الأغطية, سوى كوب بلاستيكي, كان أبيضاً يوماً ما.
حدق َ في قعرهِ, الذي ترسبت على حوافاه بقايا الزمن. بدا له كنفق ٍ طويل, كان مضيئاً في البداية, بل وغارقاً في النور, حينما حلَ على حين غرة, ظلام دامس.
حدق َ حوله, محاولاً بجهد بالغ التقاط أيما صورة, لكن دون جدوى. ظل يتعثر, حتى لاحت لهُ أخيراً؛ خيوط نور مرتعشة , نفذت إليه من خلال ثقوب, في باب حديدي قديم, ركله ُ وهو يلتقط أنفاسهُ بصعوبة, كأن ما سُلب منه ُ ليس النور وحسب, بل حتى الهواء.
كاد يتعثر بعربة الخضار الخشبية, والتي ركنت على عجل ٍ, بيد عجوز متعبة, عَدّل َ وضعها, و استدار ليصطدم بنظرات والده ُ البكماء,تحييه, وهو مُقعدٌ على أريكة خشبية, أحترق أحد أركانها منذ زمن بعيد, فاستُعيض عنه ببضع طابوقات.
عبثاً أراد التوقف هناك, أذا بدأ تاريخه الشخصي المثير للسخرية, يعاد أمام عينيه, كفلم فاشل.
سرت في جسدهِ رعدة خفيفة, رفع رأسه ُ ونظر إلى الواجهة, أحتوى بعينيه تلكَ الأسراب البشرية, وهي تعود إلى منازلها , وقد أقترب اولى خطوات الليل.
واجهتهُ عند باب المقهى؛ آية قرانية:
{أن الله مع الصابرين}...
- و نعم بالله.



#رغد_عبد_الزهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجمة صبح
- سعيدة برحيلك (كاظم إسماعيل الكَاطع)
- رياح التغيير و ...... (شارلوك هولمز)
- قارئة الفنجان ...ستودي بحياتي!!


المزيد.....




- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رغد عبد الزهرة - ( وجه)....قصة قصيرة