عبد الرزاق عيد
الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 20:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطاب الشمولي ،خطاب كلي متعالي برزخي ومتعجرف ، يرفض أن يحط في الأرض ليمثل شريحة أو مجموعه ، بل هو يقدم نفسه على أنه ممثل لـ (كلانية المجتمع ) ، أي للمصالح الكلية للشعب الذي لا يعرف مصلحته الكلية العليا (الوطنية والطبقية والقومية ) إلا عبر النخب العليا القومية أو اليسارية أو الإسلامية ..هكذا كنا نردد كيساريين نعتبر أنفسنا ممثلين للمصالح العليا للمجتمع .
ليس مهما من نمثل من الشرائح والجماعات والطبقات المتنوعة والمختلفة المصالح النسبية داخل المجتمع بشكل ملموس وعياني محسوس، بل نحن ممثلو (مصلحة الإرادة الكلية للمجتمع)، وكأننا مكلفون ومحصنون من إرادة عليا...لأنا نحن نخبة الوعي التاريخي والفهم الكلي الشمولي للمصالح الكلية لمجتمع لم يدرك ذاته لذاته بعد .
لقد قطعنا مع هذا المنظور الشمولي الكلياني – نحن كتيار من اليساريين والقوميين والإسلاميين الليراليين الديموقراطيين- لكن المفاجأة الكبرى أننا لا زلنا نجد بعض من يفترض أنهم ( اليبراليون سوريون متفرنسون) ، ممن عاشوا كل حياتهم بفرنسا ، يجيبون منافحين بذات الإجابة والرطانة بنكهتها الشمولية عندما يستنكرعليهم البعض تصديهم لقيادة المجتمع السوري وهم لم يعايشونه منذ عشرات السنوات ، ومع ذلك يريدون معاقرته كخمرة الشمول على حد تعبير المتنبي (وليس من تدار عنده المنايا ..كمن تدار عنده الشمول )، دون أن يكون المجتمع السوري بل والجاليات السورية التي تعيش بفرنسا والغرب تعرف عنهم شيئا أو يعرفون عنها شيئا سوى أنها مادة للمعاقرة والمعاشرة .
هذا ما تابعناه على برنامج (قناة العربية) في برنامج (نقطة نظام) ، حيث تقول المتحدثة باسم المجلس الوطني بما معناه أنهم إذا كان تمثيلهم القيادي ليس نتاج صندوق الاقتراع والانتخابات : لكنهم مع ذلك فهم يعبرون عن إرادة ومصالح المجتمع السوري غير الواعي لمصالحه العليا ،المتمثلة وفق سياق الخطاب (في المصالحة والحوار مع النظام ) ..!
وذلك دون وعي من الشعب "غير الواعي بذاته ولذاته" وفق المصفوفة المعرفية الشمولية، بغض النظر عن تجلياتها الايديولوجية (يساروية كانت أو قوموية أو إسلاموية ...) ،وتلك هي مهمة طليعيتهم الايديولوجية السباقة المتخطية لمستوى الوعي السائد الخامل والسكن والتقليدي الذي لا يدرك مصلحته العليا ...أي من أمثال هؤلاء الرعاع من آلاف الشهداء الذين يستشهدون دون أن يعرفوا لماذا استشهدوا ، و ما هي المعادلة الدولية الصعبة والمتشعبة التي استشهدوا من أجلها أو وفق حيثياتها المعقدة دوليا !!؟؟.
لكن دون أن يدرك هؤلاء : ( المستلبون سياسيا وثقافيا والبعيدون عن حساسية شعوبهم وأوطانهم ببداهة حسهم السليم بكرامتهم وحريتهم)، أن المعادلة بلغت لدى شعوبهم وأهلهم الذين نسوهم ذروة توتر قوسها : (الموت ولا المذلة ) ...تلك هي حكمة الثورة السورية التي يصعب على من لم يعشها ويكابدها أن يدرك كنهها ، أي يصعب عليه أن يقتنص دلالة معنى معادلة ( السجن أو الموت ...أرحم من الذل والمذلة !
#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟