أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - هموم المثقفين














المزيد.....


هموم المثقفين


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 14:07
المحور: الادب والفن
    



لم تكن معاناة المثقف وليدة اليوم او البارحة، وانما هي هموم قديمة بقدم وجود الانسان على هذه الارض، حمل اوراقه وانطلق الى الاندلس يبحث عن سلطان يمدحه ليزداد بمدحه اعطية يسد بها رمقه، ابن زريق البغدادي، الذي ترك زوجة له في بغداد وهو يقول:
استودع الله في بغداد لي قمرا بالكرخ من فلك الازرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة واني لا اودعه
ولم يكن ابن زريق فريدا في هذا المضمار، وانما سبقه مسلم بن الوليد، وابو الفتح الاسكندري، ولم تنته القضية عند السياب او امل دنقل وانما هو خيط ممتد الى عقيل علي وشعراء ومثقفين آخرين، دائما ماترى المثقف في الطليعة يحمل هموم الشعب ويجاهر بما يخفيه البعض من المنتفعين الذين يتحينون الفرص للفائدة الشخصية، المثقف وصل الى مرحلة ان ابحر ضد تيار المجتمعات المتخلفة فدفع حياته ثمنا لذلك، لقد باع عبد الامير الحصيري قصائده بربع من عرق مغشوش، وانبرى يترنم:
تمرد على الدنيا وعش صحوها سكرا وعاش بظل الجنة البرد والحرا
تمرد وكن كالسيل لاتستطيبه بقاع يصوغ الملح سحنتها الغبرا
وعاند دساتيرا يظن غباؤها بان شرار الشوك يقتحم الفكرا
وبعد هذا مات الحصيري في زاوية عقيمة ولم يحظ بعدها بسوى نعي خجول، وسبقه الى هذا المصير حسين مردان، في حين دفع كتاب كثيرون حياتهم ثمنا لمقالة او ربما طرفة في بار عتيق، هناك تحالف غريب بين الفاقة والثقافة، لقد مات ابن زريق البغدادي بعيدا عن بغداد، ولم يترك له القدر حتى قراءة قصيدته امام الامير الاندلسي، وترك الحصيري منضدته فارغة ليختار زاوية بعيدة ويموت فيها كالامراء، وهناك مثقفون عالميون، لم يسلموا من براثن الفقر والعوز والفاقة فان كوخ وادكار المبو، وسواهم الكثير الكثير، لتبقى مأساة بدر شاكر السياب ماثلة للعيان في كل عصر نطرق فيه اشكالية موت المثقف سواء في بلداننا ام في بلدان اخرى، انها وثيقة بالاخلاص للكتابة، الموت الحلم الذي يحياه المثقف ككابوس ثقيل، يترنح قربه في اي مكان تناول فيه كأسا، او دخل في قضية تتناول الادب والثقافة، لقد احدثت روايات عالمية كبيرة تغييرا نوعيا في شكل وطعم بعض المجتمعات، ليحصد ثمرتها السياسيون في آخر المطاف.
والغريب في الامر دائما مايحيا المثقف بعد موته، في حين ان السياسي يعيش مرة واحدة، لينطوي بعدها بعيدا في دهاليز الظلام، انها اشكالية غريبة الحياة بعد الموت والموت في الحياة، ولذا نستطيع من البداية ان نقرر من سيكسب الجولة، انه المثقف بلا ادنى شك وان كان يسبح ضد التيار، وربما يرجم في بعض الاحيان، او يطارد او يختفي عن العيون لبيت شعر قاله هجا فيه الامير او ذكر حقيقته، لم تكن اشكالية مؤلمة البتة، انها اشكالية لذيذة يكون الطرف المنتصر بها دائما هو المثقف مع تزاحم السياسي على مركز القرار والسلطة، ان للمثقفين يد طولى في رسم صور المجتمعات، او رسم الصورة التي يجب ان تكون عليها هذه المجتمعات، لكن للاسف تصطدم دائما الصور التي يرسمها المثقف بوحدانية رجل الدين، وانانية السياسي، ليبقى التهميش ماثلا ومقنعا للمثقف، وهو يعتبره احدى حسناته التي عليه ان لايتخلى عنها، لان هناك حياة اخرى بانتظاره، حياة يحكمها الخلود الابدي في اذهان الآخرين، ببعد زمني لايمكن ان يكون منظورا لكثير ممن يمتلكون نظرة قاصرة للامور، ويعتبرون ان مرتبات ووجاهة اليوم ستكون مثابة لهم على امتداد حياة قصيرة لاتعني شيئا لاحد.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة السرية في ترميم لحاكم محمد حسين
- على جدرانك يبتدىء الصمت
- حمى مجانينك تخترق الجدران
- جثة السندباد
- تأويلات الطاعن في الحلم
- تقرع سن اليأس كؤوس نداماي
- تذكرتين
- هزيمتي والوقت
- امنيات اخرى
- في اولى اللحظات
- حفلة للجنون
- يوميات دمشقية
- ياشيخ العشاق
- الى شاعرة
- ترنيمة المطر
- يكفيكِ انك واقفهْ
- من يوميات الوسخ العربي
- حين ينحسر الظل بيننا
- لكل النجوم التي غادرتني ، وللّيل ذاك الطويل سأكتب عزائي
- طائر الفينيق طار


المزيد.....




- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - هموم المثقفين