محمد محمد – ألمانيا
الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 22:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بصدد فداحة جشع الطموح الشخصي البشري أحيانا!
- ... وذلك لدى سيدا مثالا، ولدى درويش وبشار طموحا مفرطا مثالا آخرا!
بديهي أن يملك أي كائن بشري طموحا فرديا مشروعا الى جانب مجتمعي عامي ولكن بألا يتناقض ويتنافى ذلك بشكل حاد مع الواقعية والموضوعية من جهة، وبحيث أن لا تضر وتعيق تحقيق أهداف وطموحات المجتمع التحررية والاقتصادية المشروعة، وكذلك بأن لا يجحف ذلك الطموح على الأقل بحقوق أصحاب ورفاق ذلك الكائن الحزبيين أو المهنيين من جهة ثانية.
انطلاقا من هذه المقدمة المتواضعة والصحيحة من وجهة نظري، ومن خلال متابعة ومراقبة سير الثورة والمعارضة السورية بشكل عام والمعارضة الكوردية الغربية هناك بشكل خاص، ونظرا الى أهمية وحساسية المرحلة، يفرض هنا أيضا الواجب القومي ولو بايجاز اجراء بعض التقييم والتعقيب على سر تشبث السيد عبدالباسط سيدا اللصق الحثيث بالمجلس الوطني السوري في كافة الأحوال حتى ولو كان بعض قرارات أو رؤى هذا المجلس سلبيا ومعيقا بل وخطرا جدا على انتزاع الحقوق والآمال التحررية المصيرية المشروعة للشعب الكوردي الغربي(سوريا) والذي ينتمي اليه سيدا نفسه، وكذلك على دوافع خروج السيدين عبدالحميد درويش وعبدالحكيم بشارالفجائي والسريع الغير مبرر بعد تشكيل المجلس الوطني الكوردي الغربي مباشرة من هناك الى أقليم كوردستان الجنوبي(العراق) وغيره.
١ - هنا، ومع تقديري للمعرفة والتواصل السابق أحيانا بيننا، فلدى المراجعة والاطلاع بعض الشيء على السيرة السياسية ل سيدا، يتبين لنا بأنه ناضل ومارس العمل التنظيمي كغيره وفق طبيعة العمل السياسي الكوردي الغربي المعلوم ولكن لسنوات محدودة جدا داخل الحزب اليساري الكوردي ومن ثم داخل حزب الشغيلة الكوردي، ولينتهي به لاحقا سسريعا الى مغادرة العمل التنظيمي يكاد بشكل نهائي، وذلك لعوامل ذاتية وردود معينة على اختلاف الرؤى مع الآخر قد دفعته ربما الى مواقع اليأس والى الانكفاء; وهذه الأسباب ما كانت ولاتزال تدفع بالكثير من الساسة والنخب الكورد الآخرين أيضا الى التصرف بذلك المنوال أحيانا عديدة.
غير أنه ورغم ذلك كله، ولكون سيدا مثقفا طموحا أيضا كغيره وليس عاملا أو رجل أعمال ليصرف وقته طويلا في المعمل أو المتجرة، فكان يسعى أحيانا لدى انعقاد بعض الملتقيات الكوردية الغير متعلقة بنفوذ الحركة السياسية الكوردية لايجاد موقع معين وموطئ قدم له وذلك على حساب تواضع وبراءة الحاضرين الآخرين, وكذلك كان هو يبحث ويتواصل أحيانا انفراديا غالبا خارج الحركة التحررية الكوردية مع بعض الأشخاص والمجموعات المعارضة السورية، يقال على الأكثر مع تيار الاخوان المسلمين خصوصا في السنوات الأخيرة ومنذ أن بدأ الغرب بعد تحرير العراق بممارسة ضغوط متنوعة على النظام البعثي الدكتاتوري الشوفيني في سوريا وبعد أن بدأ تلوح في الأفق نوعا ما آمال امكانية احداث تغيير معين هناك.
هكذا الى أن هبت رياح المسمى بالربيع العربي منذ نهاية وبدايات عامي ٢٠١٠ و ٢٠١١ واندلاع الانتفاضة أو الثورة الشعبية السورية معه منذ حوالي ستةعشر شهرا، حتى صعد سيدا مثل آخرين أيضا من مساعيه وتواصله المنفرد مع أولئك المعارضين السوريين المذكورين، وذلك لنفوره و لعدم توفر آمال لديه على أطراف ونخب الحركة الكوردية الآخرين بامكانية حفظ موقع مناسب له داخل الحراك المعارضي السوري والكوردي الحالي والمستقبلي في سوريا ما بعد التغيير أيضا. في هذا السياق بدأ هو أيضا يحوص هنا وهناك, يفشل أحيانا في مسعاه عن المبتغى الشخصي, الى أن سنحت له الفرصة بقدرة قادر في احدى ملتقيات استنبول السيئة الصيت بأن ينال رضا أولئك الاخوانيين الاسلامويين السياسيين وبعض القومويين العرب الآخرين وليصبح عضوا في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري; تلك الملتقيات التي كانت أغلب أطراف الحركة السياسية والنخبوية الكوردية الوطنية تنبذها ولا تود حتى المشاركة فيها وذلك على قاعدة الخوف المشروع من تنامي النفوذ والدور التركيين السلبيين والخطرين على قرارات وتوجهات تلك الملتقيات حاليا ومستقبليا أيضا خصوصا ازاء مساهمة الكورد مع المعارضة السورية وكذلك ازاء مشروعية انتزاع حقوقهم المصيرية في سوريا الغد, وذلك نظرا الى النزعة التورانية الشوفينية التقليدية اتجاه الكورد وانكار حقوقهم القومية داخل أي جزء كوردستاني وكذلك لكون السلطات والدوائر التركية تشكل العقبة الكأداء الأساسية في المنطقة أمام نيل الكورد لتلك الحقوق المشروعة! وفي هذاالاطار ومنذ انطلاقة الثورة السورية عمدت السلطة التركية الأردوغانية الحليفة مسبقا لسنوات عدة مع سلطة بشار الأسد المستبدة, الى التدخل المتسارع في شؤون المعارضة السورية وذلك للتأثير وللعب دورها السلبي باضعاف مساهمة أطراف ونخب الحركة التحررية الكوردية في الحراك المعارضي وبالحض داخل مجالس تلك المعارضة على متابعة تقزيم سقف الحقوق القومية المصيرية للشعب الكوردي الغربي في برامج المرحلة الانتقالية والمسمى الأخرى بالعهد الوطني لسوريا المستقبل, وذلك لكي لا يتم في سوريا أيضا تكرار تجربة حصول الكورد الجنوبيين سابقا على حقوقهم القومية والادارية المبنية على أساس صيغة النظام الفدرالي هناك; حيث ترى السلطات التركية الحالية منتقدة سابقاتها التي لم تكن تقوم بدور نشط آنذاك في شؤون المعارضة العراقية السابقة, مما ادى ذلك الى انفلات الوضع هناك خارج السيطرة وبالتالي تم حصول الشعب الكوردي الجنوبي على تلك الحقوق الواسعة المهمة, ومن هنا تحاول تلك السلطة التورانية بكل السبل أن تحرم على الشعب الكوردي الغربي من الحصول على هكذا حقوق في سوريا مستقبلا. هنا يجدر التذكير بأنه لولا تسارع وتهافت بعض الكورد المنفردين على تلك الملتقيات الأولى في استنبول ولكون العلويين والمسيحيين والدروز كانوا أصلا ينبذونها، لكان الغرب فضل التقاء المعارضة داخل دول أخرى وبالتالي لما كانت السلطات التورانية ستلعب هذا الدور السلبي داخل بعض مجالس المعارضة السورية; هذا مع العلم ان هذا الغرب نفسه يرى أصلا أن سياسة ومشاريع ونوايا تلك السلطات نفسها تعيق استراتيجيته الجديدة في المنطقة.
فرغم كل ذلك يمكن القول بأن سيدا هو كغيره حر التصرف في ما يريد ويبتغي لذاته, ولكن نظرا الى الأهمية والدقة البالغتين لهذه المرحلة الحساسة بخصوص الآمال التحررية للشعب الكوردي الغربي, يفترض بل وينبغي على كل كوردي وطني يتصف بنوع من الموضوعية والانصاف أن يراعي ويلتزم بالنضال وبالدفاع عن مصالح هذا الشعب المضطهد والمهدد سواء كان ميدانيا أو داخل الهيئات والمجالس المعارضة السورية وكذلك لدى المحافل الدولية المعنية.
في هذا المجال, وعلى الأقل خلال انعقاد مؤتمرين لممثلين من المجلس الوطني الكوردي وغيره مع المجلس الوطني السوري, الأول قبل شهور مضت في استنبول والأخير قبل بضعة أيام في القاهرة مع هذا المجلس ومع أطياف معارضة سورية أخرى, بغية مناقشة وضع الحراك السوري العام وبرنامج المرحلة الانتقالية وكذلك للاتفاق على بعض الرؤى الأساسية حول سوريا المستقبل وحقوق مكوناتها القومية والدينية والطائفية المشروعة.
ففي خلال هذين المؤتمرين تم رفض البرنامج القومي الكوردي المقدم من قبل ممثلي الكورد بل وتم تقزيم سقف حقوقهم من قبل تلك المجالس والهيئات والمجموعات المعارضة المجتمعة حتى الى درجة أقل ما كان مقبولا لديهم سابقا. هنا وفي أعقاب ذلك لم يكن يبقى لأغلب ممثلي الكورد الا وأن يحتجوا على ذلك الرفض والانكار وينسحبوا من مؤتمر استنبول المذكور وذلك باستثناء بضعة أشخاص كورد من بينهم سيدا, بل ومنذذاك قد انسحب شخصيات كوردية وطنية عدة مغررة بهم سابقا حتى من المجلس الوطني السوري نهائيا. وهكذا أيضا عندما تم تقزيم حقوق الكورد في مؤتمر القاهرة الأخير, كان من الطبيعي بأن انسحب هذه المرة احتجاجا أيضا كافة ممثلي الكورد الحاضرين ومرة أخرى فقط باستثناء سيدا وشخص آخر! بطبيعة الحال وكما هو معلوم، أن بعض المتنفذين المعارضين الاسلامويين والقومويين العرب يستغلون وجود بعض الكورد المنفردين أمثال سيدا وغيره في مجالسهم المزعومة أمام القوى الدولية وكأن هناك تواجد كوردي أيضا معهم في وضع تلك البرامج والعهود المزعومة، هكذا مقلدين هؤلاء بذلك للسلطات البعثية العنصرية نفسها التي كانت ولاتزال تستغل بعض الكورد العملاء في بعض المراكز الحكومية لتزعم بوجود مشاركة كوردية أيضا في ادارة الدولة السورية. في هذا النطاق وطالما أن الظرف الذهبي الحالي أصبح أكبر بكثير حتى من السلطات التركية التورانية ومن تلك السلطة البعثية وكذلك بالطبع من أولئك المتعارضين وبعض من موظفيهم الكورد المنفردين معا وبوجود ارادة الكورد القوية المتمسكة بمبادئ حق تقرير مصيرهم المشروع وبتوفر بعض القوى والنخب الديموقراطية المنصفة السورية ثم وبوجود الاستراتيجية الغربية الجديدة في المنطقة، فان تلك الأساليب والمشاريع البغيضة وأدواتهم الضعيفة سوف تفشل ولن ترى النور في سوريا المستقبل وسيصل الشعب الكوردي على حقوقه القومية المصيرية والادارية في أقليم كوردستان سوريا اتحادية. لكن رغم ذلك، لا بد بهذا الصدد تقييم مدى درجة تشبث ولصق سيدا نفسه بتلك العضوية والمصلحة الوظيفية داخل تلك المجموعة المتعارضة التي لم يكن ربما يحلم بها, متحديا هو بذلك رؤية كافة ممثلي الحركة السياسية والنخبوية الكوردية بل واهماله حتى للدفاع عن حقوق الشعب الكوردي المشروعة, يمكن للمرأ أن يستخلص من ذلك الجشع الذاتي على حساب المجتمعي المضطهد عبرا ودروسا رهيبة ومخيفة حول بعض الرغبات والوصولية المفرطة والنزوات الذاتية الجشعة التي يخضع لها أحيانا كائن بشري ما!
٢- أما بخصوص الطموح الذاتي المفرط الذي أبدياه السيدان درويش و بشار وذلك من خلال خروجهما الفجائي والسريع الغير مبرر بعد تشكيل المجلس الوطني الكوردي الغربي مباشرة من هناك الى أقليم كوردستان الجنوبي(العراق) وغيره، فيمكن تقييم ذلك بالأسف والخيبة!
ولتعليل ذلك، فلا بد من القول بأنه في حالات الانتفاضات والثورات الشعبية يلزم على مسؤولي أطراف حركات التحرر القومي والوطني البقاء والتواجد بين صفوف الشعب المنتفض المعني سواء علنا أو اختفاءا وليس الخروج بدافع الخوف أو بدافع السعي في الخارج على رغبات ووجاهات خاصة، بل ويلزم حتى على المسؤولين الموجودين سابقا في الخارج بالعودة الى الوطن والمساهمة في الانتفاضة والثورة .
حيث كما هو معلوم فان السيدين درويش وبشار لم يكونا أصلا ملاحقين من قبل السلطات، بل وقد تم عقد المؤتمر الكوردي الذي انبثق منه المجلس الوطني الكوردي حتى داخل غرف الأقبية العائدة للسيد درويش وذلك ظنا وشعورا من بعض مسؤولي الأطراف الكوردية الأخرى بنوع من الأمان هناك خلال مجريات أعمال ذلك المؤتمر!
كذلك في هذا المجال وكما يعلم الكثيرون يجب الاشارة الى أن هناك في كوردستان العراق وفي دول الغرب وغيرها العديد من رفاق وكوادر أكفاء علميا سياسيا لغويا المنتمين الى حزب الديموقراطي التقدمي والديموقراطي(البارتي) الكورديين واللذين يتزعمهما درويش وبشار، هولاء الكوادر الذين يتمكنون أفضل من السيدين المذكورين بالتواصال مع القوى الدولية والمعارضة السورية في الخارج، وبالتالي لم تكن هناك حاجة اطلاقا لخروجهما من الوطن!
لذلك يستنتج تماما بأنهما ارادا ولدوافع رغبات ذاتية مفرطة ان يحتكرا وفق تصورهما بعض من تلك المظاهر الوجاهية والتواصلية المتوفرة في الخارج وذلك دون أي مراعاة لمشاعر وأحاسيس رفاقهما المتواجدين في الخارج من جهة، وكذلك أضروا الوضع في الواقع الميدانيى على ساحة الثورة وذلك بتفشي الشعور لدى المنتفضين الكورد بأن المسؤولين يهربون الى الخارج للنعيم بينما نحن في الداخل نخرج بالصدور العارية الى التظاهر مقابل جلاوزة النظام المدججة بالسلاح من جهة ثانية!
محمد محمد – ألمانيا
[email protected]
#محمد_محمد_–_ألمانيا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟