أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التثقيفُ الذاتي والحقيقة














المزيد.....

التثقيفُ الذاتي والحقيقة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كما توحدت أفكارُ القرامطة والفرق الدينية المختلفة في أثناء التطبيقات التاريخية، وتحولت ليمين حاكم تقليدي، وزالت التفاصيلُ بينها، ولم يعد ثمة فرقٌ بين من يسرق الحجر الأسود ومن يسرق الناس، كذلك فإن الفرقَ السياسيةَ المعاصرة العائدة لرأسماليات الدول المختلفة في أثناء تآكلها التاريخي تغدو متماثلةً، لأنها كانت تستورد نسخا من شموليات مختلفة التفاصيل الوطنية والقومية والأيديولوجية، أو تنتجها في بلدانها، ومن هنا كانت سماتها مشتركة وهي التآكل الفكري والتسطيح المشترك والعودة لليمين التقليدي، وهو بسبب عدم قدرة هذه الرأسماليات الحكومية على الديمقراطية وبناء التعددية وتبادل الحكم، وبالتالي وجود العقلية النقدية والاختلاف والحفر في تحليل المجتمعات والظاهرات المختلفة.

حين يتغذى الطلبة على ثمار الشمولية الفكرية والثقافية لا تستفيد منهم الأوطان، فلا يقدرون على إنتاج البحوث، وعلى تطوير ثقافتهم المحلية، ربما كانوا قبل أن يسافروا ويدرسوا أكثر قدرة على الانتاج الثقافي المستقل، لكنهم هناك تحنطوا وانبهروا بثقافة منفوخة فارغة.

البلدُ الجنةُ هناك والبلدُ النار هنا، الحقيقةُ الكلية هناك والباطلُ هنا. ثنائياتُ الجنةِ والنار والعلم والأباطيل، تعود إلى جوهر الثقافة الشرقية نفسه سواء كانت دينية أو ماركسية لينينية أو ماوية أو قومية بعثية أو ناصرية أو مذهبية، ورغم ضخامة المصدر الشرقي في إنتاج نسخة أكثر اتساعا وفيها عناصر نقدية متوارية تلغيها عقلية الشمولية السائدة، فانها في النهاية ومع التخرج لا تنتج عقلية معرفية نقدية، ولكن تنتجُ عقليةَ نصوص، ثم تتغلغل أكثر داخل التنظيم الذي يشكلُ الحقيقة الواحدية، وعدم الاختلاف، والمجهد بصراعاته الضارية، والمتحول لمنشورات محروقة ضائعة، مع غياب الأرشيف الذي هو في حد ذاته مستمسك.

يستنزف الوعي الجديد نفسه، لا يقدرُ على الإنتاج العميق، ويتصحرُ مع الأيام، ويتحولُ لمواد مسطحة، لا تجد فوارق بينها وبين النصوص الدينية التي تستعيد النمط نفسه لكن عن طريق العودة للنصوص القديمة، لكنها تتباهى بكثرة مريديها، لا بكثرة علومها وعمق نظراتها، وتتمكن من تحريك الخريطة الاجتماعية باتجاه تمزيقها، وتحويلها إلى مذهبيات سياسية كثيرة، كللا مذهبيةٍ سياسيةٍ هي من نمطِ غيرِها لكن تختلف الشعائر مثلما تختلف الصين عن روسيا في الأمور الثانوية لكنهما تجسدان الشمولية نفسها التي بدأت شعبية وصارت استغلالية عليا، تغدو الاختلافات عبر الوقوف في الصلاة أو تباين الولاء للزعماء المحنطين، كل هذه نتاج دول شمولية قديمة وحديثة.

لا يستطيع الشموليون الشرقيون أن يتباينوا كثيرا، وثمة حشودٌ من الدول والدويلات ذات الأعلام المختلفة والتقاليد المتباينة لكنها في ذات الجوهر الاجتماعي.

لذا فإن الثقافة المنتجة المقدمة لمختلف الأجيال عبر هذا التنميط التسطيحي لا تصمد حتى للثقافة الاستهلاكية الفجة المقدمة بشكل شعبي واسع، فهذه الثقافة التافهة تتغلبُ عليها وتنتشر بين الناس وتقدم لهم غذاء مسموما.

التقاء الجماعات الشديدة الاختلاف سابقا التي كانت تتصارع من أجل شعرة من الشعارات وتتصادم على الاحتفال بيومٍ أو آخر من أيام النضالات، ليس غريبا مع هذا التحلل الترديدي الداخلي وغياب الاهتمامات العميقة وتلاشي النقد والدراسات، من هنا لا تتحول لتيارات فكرية سياسية، بل إلى "شِللٍ"، فلم تستطع أن تصل إلى فئاتها وطبقاتها وشعوبها، استنزفتْ نفسها في الصراعات وغيّبت الوحدات والبحث عن نقاط مشتركة، وركزت في تلك الشعيرات من الأفكار التي تجاوزها التاريخ، بل كانت خاطئة في حينها.

لكن التاريخ لم ينتهِ بل يتجدد؛ مواد الأخطاء تغدو هي نفسها بحوثا ونقدا وتصورات جديدة تقوم بها قوى شابة خرجتْ من العُقد السياسية، وما كانت مدارس شاملة تغدو أدوات تحليل ومناهج فكرية، والعبرة بدور الفكرة في التأثير والحركة العقلانية.

صار التثقيف الذاتي المستقل ضرورة، وتعدديةُ الرؤى أفضل من التنميطات والأشكال المعلبة، وإجراء البحوث حتى لو كانت صغيرة أفضل من الاستماع للخطب المطولة وخاصة المبجلة للتجربة الفريدة، وغدت مهمات الشباب درس الماضي والعثور على أوراقه ونقده وتحليله لا على تحنيطه.

قوة الأفكار التحديثية في نقدها، وتحليل نفسها، وتجاوزها.

مشكلة الماضين اتباع مركز واحد مطلق، لا للتوجه لمراكز متعددة، وعدم وجود أصوات متعددة، وقراءات لنقد الذوات، وتحنيط التجارب والرموز وتضخيم الشخوص، وعدم قراءة المشكلة والوضع من زوايا متعددة.

إن العالم يقوم الآن بمراجعاتٍ واسعة للماضي، وقد أضر الجمود بالأغلبيات العربية الشعبية التي لم تحصل على قوى طليعية ديمقراطية ذات بُعد نظر، فسقطتْ فيما هو متاح مختلف عن الأنظمة الشمولية باستيرادها الشرقي لا عن استبدادها، فلم تستطع القوى الديمقراطية أن تتبصر المستقبل، وقفزتْ في الفراغ، واستعاد المحافظون السلطات وراحوا يكررون نسخ الأنظمة السابقة بأشكال جديدة، وبعضها واعد لكن صراع القوى الاجتماعية سيوضح هذه الشعارات المجردة حتى الآن.

في إعادة فهم الماضي ونقد الشموليات الشرقية ومصادرها الفكرية مادة كبيرة للتثقيف والتغيير.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيكُ وحدةِ العمال
- تدويرُ رأسِ المال الوطني
- اشتراكيةُ الفقرِ واشتراكيةُ الغنى
- التحركات الاجتماعية والاقتصاد
- الثورةُ السوريةُ.. بطولةُ شعبٍ
- تحولاتُ العاملين بأجرٍ في الخليج (٣-٣)
- تحولاتُ العاملين بأجر في الخليج (٢ - ٣)
- تحولاتُ العاملين بأجرٍ في الخليج (١)
- القرنُ السادس عشر والسابعُ عشر العربيان
- انتقالُ الصراعِ المصري داخل الدولة
- النشأة المبكرة للتحديث
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية( ٢-٢)
- الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية (١-٢)
- الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر
- تطور مشترك للديمقراطية في المنطقة
- مناضلون بلا قواعد
- الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي
- الاشتراكيةُ من حلمٍ إلى كابوس (٢-٢)
- الاشتراكية من حلم إلى كابوس (١- ٢)
- مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة


المزيد.....




- -الأكل العاطفي-.. كيف يتحول الطعام إلى وسيلة لمواجهة المشاعر ...
- -هرم- غارق في اليابان.. لغز عمره 10 آلاف عام يحير العلماء
- موتورولا تطلق هاتفا بقدرات مميزة لشبكات 5G
- اكتشاف علاقة خفية بين السمع وصحة القلب
- في انتصار لترامب.. محكمة أمريكية تلغي عقبة قانونية أمام فصل ...
- -عمالقة- وادي السيليكون زوكربيرغ وماسك وبيزوس تبرعوا لترامب. ...
- -خوفا من كارثة-.. مصادر تكشف لـCNN سبب تعليق ترامب لرسومه ال ...
- تعليق ترامب للرسوم الجمركية ينعش الأسواق مؤقتا.. وبكين تحذر ...
- إسرائيل تعلن الاستيلاء على مساحات واسعة في غزة وتفاقم عزلة ا ...
- الحوثي: 14 غارة أميركية على صنعاء منذ صباح الأربعاء


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - التثقيفُ الذاتي والحقيقة