|
مصر المحروسة تترنح
كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 20:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصر المحروسة تترنح
• أتصور أن البداية الحقيقة لحداثة مصر ولنفضها غبار التخلف وأقذار الكراهية والعداء للعالم عن نفسها وثقافتها هو أن تدرك أكذوبة عروبة مصر، وأن يرى المصريون أنفسهم مجرد مصريين فقط لا غير، ليبدأوا في التعامل مع العالم المحيط والبعيد على أسس إنسانية ومصلحية دون عقد الكراهية والتوجس التي حقنتها بها أيدولوجية العروبة. • من أهم معالم الثقافة المصرية "ثقافة الإنكار"، وبها يهرب الإنسان من مواجهة حقائق الحياة، فلا يستطيع عقله تقبل ما يخالف تصوراته المسبقة، فهو يعجز سيكولوجياً وليس عقلياً فقط عن مواجهة أي ملامح لصورة مختلفة مضادة لما استقر في مخيلته ويقينه، فيلجأ للإنكار والتحول إلى من ينبهه لتلك الحقائق المختلفه ليواجهه بشراسة مكيلاً له قائمة اتهامات تجرده من الموضوعية وتصمه بدوافع دنيئة وما شابه، وكأن هذا الهجم كاف لمحو تلك الدلائل المزعجة التي تهدد استقراره النفسي والعقلي. • لا شك أن مرسي وجماعته ينشدون استقرار مصر، لكنه استقرار في قاع المجتمع الدولي والحضارة والقيم الإنسانية. . استقرار بعد تجريد مصر من ركام حضارتها عبر آلاف السنين، لنحيا بقيم البدو البدائية الوحشية. . تاريخ ممتد من العنف والإرهاب. الكذب والتدليس. الصفقات المشبوهة. التجارة بالدين. . هذا هو تاريخ الإخوان المسلمين الذين تنحو بعض الروايات أنهم من اغتالوا حسن البنا مؤسس الجماعة. . الجماعة وتوابعها ليسوا تشكيلات هامشية هشة، بل يستندون لقاعدة جماهيرية ونوعية فكر وثقافة ضاربة بجذورها في الشعب المصري. . أظن أنه من المبالغة في حسن النية أن نتوقع من مرسي في مواجهة جرائم المتهوسين الإسلاميين أكثر من الإدانات الكلامية التي تتضمن استحساناً وتشجيعاً مضمراً، فهو منهم وهم منه يا سادة. . أتمنى لو استطعت التسلل لمخ مرشد المحظورة، لأضطلع على الأسباب الحقيقية لجعله مرسي رئيساً لحزب الإخوان ثم ترشيحه رئيساً للجمهورية، فربما كان نشر هذه الأسباب بمثابة هدية بشعة لمن انتخبوه!!. . هل ينجح طنطاوي وعنان في أن يحلوا لدى مرسي الجميل المطيع محل فضيلة المرشد ونائبه الشاطر؟. . أعتقد أن من يطالبون مرسي بتأسيس دولة مدنية حديثة يطلبون منه هكذا أن يخون مبادئه التي أنفق من أجلها عمره، ويخون جماعته ومن انتخبوه من أجل دولة قروسطية إرهابية. • تحتاج حرية الإنسان إلى الحماية في مصر، لذا فهي تحتاج للحماية الدستورية، أما الدين فهو في مصر أقوى من الدولة ودستورها، لذا فالمادة الثانية لا مبرر لها ويجب حذفها من الدستور. • العلمانية ولا طريق غيرها يؤهل الشعوب للالتحاق بموكب الحضارة الإنسانية، وبدونها ننكفئ على وجوهنا في مستنقعات التخلف والجهالة. . العلمانية الصريحة المستقيمة طريق النجاة يا سادة. . هناك شعوب تجتهد وتشقى من أجل إنتاج العلم، وشعوب أخرى نتوسل إليها أن تتفضل وتقبله، رغم شغفها باستخدام واستهلاك تطبيقاته!! • لقد ظل الشعب المصري وصفوته طوال مائتي عام يجمعون في ثقافتهم وسلوكياتهم بين متناقضات لا تجتمع من التقاليد والأفكار العتيقة وكذا من الحداثة وقيمها ومفاهيمها، في مزيج غريب متنافر غير متوافق أو متناسق، ولقد حاول سلامة موسى وغيره التشجيع على الحسم لصالح قيم الحداثة، فيما ظهر حسن البنا للحسم باتجاه انتصار القديم واستئصال الجديد ومعادته وتكفيره. . كان الحسم في الحقيقة ضرورياً وملحاً، ولقد قيض النصر أخيراً لصالح التخلف والارتداد عن هامش حداثي فشلنا في التوافق مع أو تعميقه. • لا أنكر وجود مؤامرات، ولكن أستهجن نسبة كل ما يحدث لمؤامرات دون وجود دلائل مادية تشير إليها. • مايحدث من تجمهر أمام القصر الجمهوري يؤكد مقولة أن العبيد لا يعرفون الحرية ولكن الفوضى. • الفلول أنواع، أسوأهم فلول المعارضة وفي مقدمتهم الإخوان والسلفيون أصحاب الصفقات الشهيرة مع عهود ستة العقود الماضية، والذين كان يعيش نظام مبارك على تخويفنا من سيطرهم، وهو ما اتضح حقيقيته، يليهم العروبجية المعادون لكل العالم حتى لأنفسهم، والذين يتاجرون بكل القيم في دعارة سياسية لا يستطيع أحد منافستهم فيها، واليساريون الذي عجزوا عن التوافق مع حقائق العصر وظلوا أسرى نظريات اكتشف العالم أجمع فشلها، أما فلول الفساد الذين استشروا في عهد مبارك فهؤلاء يصعب حصرهم لأنهم ينتمون للشعب المصري بجميع طبقاته، يتبقى فلول التسلق والانتهازية، وهؤلاء يتزايدون الآن بمن يزحف على بطنه لنفاق والاسترزاق من عهد دولة مصر الإسلامية. . إنها مصر المحروسة يا سادة التي تترنح الآن من فساد وتهالك شعبها وترهل دولتها وفشلها. الولايات المتحدة- نيوجرسي
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هو أوان العلمانية
-
خربشات لا ثورية
-
قال الشعب كلمته
-
في انتظار جودو
-
رصاصة رحمة
-
طريق بلا عودة
-
ثورة حتى مشارف العصر
-
أنا لا أبكي د. فرج فودة
-
طريق الوكسات
-
الشيطان ولا مرشح الإخوان
-
فرصة مصر الأخيرة
-
وطن يضيع
-
في سبيل الوطن والناس
-
في مصر الجديدة . مصر الثورة
-
لماذا أحمد شفيق
-
روشتة إنقاذ مصر
-
انتهى الأمر يا سادة Game over
-
مفاضلة بين أنداد السوء
-
قبل طلوع الروح
-
عندما يحكم الإرهابيون
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|