|
نتائج الأنتخابات البرلمانية 2005 في الدانمارك
صباح قدوري
الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:31
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يتاريخ 8 شباط/ فبراير 2005 ، جرت الأنتخابات البرلمانية في الدانمارك . شاركت فيها كل من الأحزاب : الأشتراكي الديمقراطي ، اليسار الراديكالي ، الشعب الأشتراكي والقائمة الموحدة . تشكل هذه الأحزاب كتلة اليسار . اما كتلة اليمين ، المتمثلة بالحزب اليسار الدانماركي- الليبرالي اليميني ، المحافظين ، الشعب الدانماركي– يمثل اقصى اليمين . وبمشاركة ايضا الحزبين الأخرين ، اللذان يميلأن الى اليمين، هما الديمقراطي الوسط (المركز) والديمقراطي المسيحي ، وكذلك بعض الأحزاب الصغيرة . أجريت 66 مرة الأنتخابات في الدانمارك منذ السنة 1847 ، وهذه الأنتخابات هي المرة 67 .
شارك في التصويت 8 و83 % من الناخبين مقابل 2 و86 في الدور السابقة ، وذلك لأنتخاب 179 مقعدا ، مقسمة على : 4 أربعة منها للجزيرتين ذات الحكم الذاتي ، هما،( غريلأند و في أورنه) ، و بمعدل معقدين لكل منها ، والباقي 175 للجزر الثلأث (شيلأن ، فون ويولأند ) في الدانمارك . نسبة النساء المرشحات ، تمثل 6 ,31% .لأتزال نسبة مشاركة الأجانب في الأنتخابات البرلمانية وكذلك المحلية ، ضعيفة ومنخفضة ، وهي ظاهرة سلبية تعكس أثرها على نتائج الأنتخابات لصالح كتلة اليمين ، التي مستمرة في سياستها المعادية للأجانب في المجالأت الأقتصادية ، الأجتماعية ، الثقافية والتعليمية وغيرها . امام هذه الحالة ، تقتضي الضرورة من الأجانب ، بان يكونوا في مستوى المسؤولية اكبر للدفاع عن أنفسهم ، والتصدي لكل البرامج المعادية لتطلأعاتهم وأمالهم المستقبلية في هذا البلد ، مما يتطلب منهم المشاركة الفعالة والفعلية في العمليات الأنتخابية القادمة في الدانمارك . أسفرت نتائج الأنتخابات ، بفوز كتلة اليمين ، التي حصلت على نسبة 54% من الأصوات ، وهي تمثل 95 مقعدا . منها 52 لليبرالي اليميني اي بخسارة 4 مقاعد عن السنة 2001، والذي اصبح اكبر حزبا في الدانمارك منذ ذلك الحين ، 19 للمحافظين اي بزيادة 3 مقاعد عن 2001 ، و 24 للشعب الدانماركي اي بزيادة 2 مقعدين ، وذلك مقابل نسبة 46% لكتلة اليسار، والتي تمثل 80 مقعدا ، منها 47 للأشتراكي الديمقراطي اي بخسارة 5 مقاعد عن 2001 ، 16 لليسار الراديكالي اي بزيادة 7 مقاعد ،11 للشعب الأشتراكي، اي بنقص 1 مقعد واحد ، و6 مقاعد للقلئمة الموحدة اي بزيادة 2 مقعدين عن الدورة السابقة . لم يحضى كل من الأحزاب ، الديمقراطي الوسط ، والديمقراطي المسيحي والأحزاب الصغيرة ، باي مقعدا في البرلمان .
ان أهم المحاور التي دار النقاش عليها ، في عشية الحملة الأنتخابية في الدانمارك بين الكتلتين ، يمكن أجمالها بالأختصار في النقاط التالية :-
1- السياسة الأقتصادية : تتفق أحزاب الكتلتين ، على المضي في تحقيق معدلأت الرفاهية العالية للمجتمع ، وذلك من خلأل رفع معدل نمو الناتج القومي الأجمالي للأقتصاد الوطني . تستمر كتلة اليمين في تعميق فكرة لبرالية الأقتصاد ، ومزيد من الخصخصة وتطبيق اقتصاد السوق في كافة القطاعات الأقتصادية ، تمهيدا لألتحاق الدانمارك بدوعاة الفكر النيوليبرالي في شتى مجالأت الحياة ووفق النموذج الأمريكي . بينما تهدف كتلة اليسار الي راديكالية الأقتصاد ، من خلأل ايجاد نوع من التوازن بين الأقتصاد المخطط والسوق ، ولأسيما في تعزيز دور القطاع العام في مجالأت الصحة ، التعليم ، والخدمات الأجتماعية ورعاية المسنين والمعوقين ، من خلأل معالجة السلبيات الموجودة والملأزمة في هذه المجالأت لحد الأن .
2- سياسة الأجانب : تستمر كتلة اليمين في مزيد من التشديدات على قوانين اللجوء ، جمع شمل الأسرة ، سوق العمل ، قانون الجنسية الدانماركية . التفكير الجدي في ارجاع طالبي اللجوء ، والذين لديهم الأقامة الدائمة وليس لديهم حتى الأن المواطنة الدانماركية الى بلدانهم الأصلية . اما كتلة اليسار لها تباين في سياستها تجاه الأجانب ، اذ ان الاحزاب ، اليسار الراديكالي والشعب الأشتراكي والقائمة الموحدة ، يتضامنون ويدعمون قضايا الأجانب ، وخاصة في مجالي برنامج الأندماج وسوق العمل ، في الوقت الذي نجد هناك تراجع نسبي من قبل الأشتراكي الديمطراطي في سياسته هذه .
3- سوق العمل : تتزايد نسبة البطالة في ظل الحكومة اليمينية . هناك كثير من الصناعات لشركات الصغيرة في طريق غلقها وتصفيتها او اصبحت ملكا لأصحاب الشركات الكبرى القابضة . نقل كثير من الشركات الوطنية الكبيرة الى الخارج ، مما تركت اثرها على فقدان مقاعد العمل في البلد ، وتسريح عمالها من العمل . تزايد نسبة البطالة في صفوف الأجانب ، والتي تبلغ حوالي 20% مقابل 11% للدانماركين .
4- الموقف من الوحدة الأوربية : لم يحضى هذا الموضوع باهتمام جدي للمناقشة اثناء الحملة الأنتخابية . فان كتلة اليمين لها وجهات نظر متباينة بهذا الخصوص . بعضها تريد بقاء علأقة الدانمارك على حالها مع الوحدة الأوربية ، وذلك في مجالأت البيئة ، سياسة اللأجئين، سوق العمل والأمن ، مع تاجيل الأنضمام الى الوحدة النقدية ، اما حزب الشعب الدانماركي ، لأيزال ينظر الى مسالة الوحدة الأوربية سلبا . اما كتلة اليسار تعمل في سبيل تعزيز دور الدانمارك في الوحدة الأوربية ، وذلك من خلأل انجاح الأستفتاء الشعبي ، الذي يتم في هذه السنة وللمرة الثانية ، بخصوص انضمام الدانمارك الى الوحدة النقدية – يورو.
5- تتفق كلتا الكتلتين ، على ضرورة مكافحة الجرائيم بانواعها المختلفة ، وذلك من خلأل تعزيز دور الشرطة في تامين الأمن والأستقرار . كذلك معالجة مشاكل المدمنين على المخدرات والمشروبات الكحولية ، ومحاربة تجارة المخدرات . توكد كتلة اليسار ايضا على محاربة العنصرية والنازية الجديدة والتفرقة اوالنزعات القومية المتطرفة ، وباشكلها المختلفة ، التي تمارس ضد الأجانب ، واتخاذ الأجراءات القانونية بحق المخالفين والممارسين لها .
6- السياسة الضريبية : تطبق كتلة اليمين ، نظام تخفيض الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، حتى يتسنى للفرد امكانية في الأدخار ، ومن ثم توجهه اوجه نفقاته بشكل حر، وعدم اعتماده الرئيسي على الدعم المادي من البلدية ، وبالتالي يكون له خيارات اكثرلأشباع خدماته وحاجاته وبنوعية افضل من القطاع الخاص. وفي الحقيقة ان هذه السياسة ، نهدف بالأساس الى تخفيض الضريبة للفئات الغنية من الشعب . اما كتلة اليسار تطرح فكرة أجراء أصلأحات مستمرة في النظام الضريبي ، بحيث تستفاد منه كافة فئات المجتمع . وما دام الفرد يدفع الضريبة ، اذ لأبد ان تقدم له الدعم المادي والخدمات من البلديات، وخاصة في مجالأت الصحة والتعليم والخدمات الأجتماعية.
7- القواة العسكرية الدانماركية في العراق : لأتزال هنالك خلأفات واضحة بين الكتلتين ، بخصوص هذا الموضوع .فكتلة اليسار كانت ولأتزال تطالب بالأنسحاب الفوري لهذه القواة من العراق ، بينما توكد كتلة اليمين على بقاءها ، وذلك لدعم السياسة الأمريكية في المحافل الدولية وخاصة في الشرق الأوسط . فعليه ان نتائج الأنتخابات سوف تحسم هذه القضية باتجاه اما الأنسحاب الفوري او بقاءها وانسحابها وفق تطورمسارالسياسة الأمريكية في العراق .
8- تعير كل من الكتلتين الى اهمية حفاظ على البيئة ، ومنعها من التلوث ، وذلك من خلأل العمل المشترك مع البلدان الأسكندنافية من جهة ، وتعزيز دور الدانمارك في الوحدة الأوربية من جهة اخرى في هذا المجال.
وبهذه المناسبة ، لأبد من وقفة سريعة ومختصرة على بعض الأسباب التي اعتقد ، انها ادت الى خسارة كتلة اليسار في هذه الأنتخابات ، ومنها على سبيل المثال ( دون الدخول في التفاصيل ) ، عدم قدرة هذه الكتلة ، وخاصة الحزب الأشتراكي الديمقراطي ، الذي يعتبر اكبر حزبا في هذه الكتلة ، وكان ذلك ايضا في الدانمارك قبل 2001، في اختيار وتطبيق البرامج الأصلأحية الملأئمة لمعالجة مشكلة البطالة المزمنة والمتزايدة في البلد . عدم مواجهة الحكومة الليبرالية اليمينية السابقة ، والتي تم اعادة انتخابها في هذه الدورة ، من استمرار نهجها في تقليل اهمية دور القطاع العام في تقديم الخدمات الأساسية والضرورية في المجالأت الأجتماعية ، الصحية ، الثقافية والتعليمية والتربوية ، وذلك من خلأل تقليل الأعتمادات المرصدة لها في الميزانية العامة للدولة . تحويل كثير من المشاريع والأنشطة الأقتصادية للقطاع العام الى القطاع الخاص . تعزيز دور اقتصاد السوق في السياسة الأقتصادية ، والتوسع الراسمالي ، وذلك لمسايرة العولمة . أستمرار الحكومة الليبرالية اليمينية ، في تطبيق نهج السياسة الخارجية المؤيدة للمواقف الأمريكية تجاه الأحداث العالمية ، وخاصة دعمها السياسي والعسكري لها في الحرب العراقية الأخيرة ، وبقاء الجيش الدانماركي في العراق لحين اشعار أخر . لقد حان الوقت لكتلة اليسار ، ان تعيد النظر في برامجها ، وخاصة الحزب الأشتراكي الديمقراطي ، واجراء الأصلأحات التنظيمية في هيكلها ، وعلى مستوى قياداتها ، التي لأتزال مسيطرة عليها عناصر كلأسيكية في قدراتها وطروحاتها ، التي لأتتمشى مع التطورات والأحداث والتغيرات العالمية السريعية ، التي تحدث في شتى مجالأت الحياة ، وخاصة دخل العالم في المرحلة جديدة من الصراع والعنف، على اثر التوسع الراسمالي ، وانشاء التكتلأت الأقتصادية والتقدم التكنولوجي ، مما تتطلب بذول جهود استثنائية لمواجهة هذه الحالة
#صباح_قدوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فالنصوت لقائمة أتحاد الشعب ،لأنها الضمانة الأكيدة لمستقبل عر
...
-
باقة ورد روز حمراء عطرة، لصحيفة الحوار المتمدن
-
المركز الثقافي المسيحي في اقليم كردستان العراق
-
تفعيل مشروع الريفرندوم في المحافل الدولية
-
محنة أصحاب الكفاءات ، قبل وبعد الأطاحة بالديكتاتورية
-
نظام الحكم ، ومهمات اليسار في العراق
-
حساب الخسائر والأرباح للنظام العراقي ، قبل وبعد أسقاطه
-
ألأنتخابات الأمريكية والسياسة الأقتصادية المقبلة
-
ألفيدرالية الكردستانية بين العاملين الداخلي والخارجي
-
مستقبل التطور الأقتصادي في ألأدارة الفيدرالية لكردستان العرا
...
-
على هامش الأنتخابات العامة في العراق
-
أسرار شبكة الأسلحة النووية والبالوجية
-
نحو عراق الأمل والسلأم
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|