عامر هشام الصفّار
الحوار المتمدن-العدد: 3776 - 2012 / 7 / 2 - 00:34
المحور:
الادب والفن
لا يمكن لك أن تزور السوق القديم في مدينتي دون أن تمرّ أولا على محل بيع الأسماك الكائن في مقدمة السوق، شاغلا كل الجانب الأيسر منه..تأخذ بطاقتك المرقمّة وتنتظر دورك القادم في صف لم يكن طويلا هذا اليوم..
رائحة السمك في كل مكان..وأنت تحاول أن تستوعب منظر أنواع السمك أمامك..وقع نظرك على سمكة السلمون في حوض ماء كبير..الغلاصم الوردية لا زالت تتحرك..وقلب السمكة الصغير ينبض..
هل تتذكر ..يومها كنت طفلا لم يتجاوز عمرك العشر سنوات عندما كان مدرس النشيد في مدرستك التطبيقات دار المعلمين في بغداد يغني في التلفزيون مساءً "يا صياد السمك صدْ لي بُنيّة.."..من أين لك بالبُنيّة اليوم..كبرت وغادرت أرض السمك المسقوف الذي كنت تراه وتشّم رائحته.. وكفى..الآلاف مثلك يشمّون رائحة الشواء ويمروّن مسرعين..مَنْ كان يأكل السمك المسقوف في شارع "أبو نؤاس" غير المقاولين وأغنياء بغداد..تُرى مَنْ هم آكلو السمك المسقوف اليوم في بغداد..؟..
أخيرا قررّتَ أن تشتريها هذه السمكة السلمون..وهي أمامك ..تحرك ذيلها كأنها تبغي الهرب..عندما جاء دورك أمام البائع ومددت يدك حيث محفظتك وفلوسك..أيقنت أنك قد نسيت المحفظة..فجيبك فارغ ..فارغ..مرة اخرى..!.
#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟