|
مرسي الذي أصبح للثورة مرساةً!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 15:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وإنَّها لتَحِيَّة ثورية يَسْتَحِق أنْ يُحيَّا بها مرسي بعد، وبسبب، الخطاب التاريخي الذي ألقاء في مليونية "تسليم (ونَقْل) السلطة كاملةً"، والذي يَصْلُح (أُسلوباً وشكلاً ومضموناً) للتأسيس لعلاقة جديدة، جيِّدة، في مصر، وسائر البلاد العربية، بين "الشعب" و"الرئيس"، بين "الحاكم" و"المحكوم".
لمَّا اختارت قوى الثورة المضادة، في مصر، وفي القَلْب منها "سلطة حُكْم العسكر"، التي يتولاَّها "المجلس العسكري الأعلى"، أحمد شفيق مرشَّحاً رئاسياً لها، قُلْنا إنَّ محمد مرسي هو الذي يجب أنْ يكون، من وجهة نظر مصالح الثورة المصرية، المرشَّح الرئاسي المضاد، والذي يُصوِّت له الناخبون الثوريون، والمؤيِّدون للثورة، إنْ عن اقتناعٍ به (أيْ بما يُمثِّل، وبمن يُمثِّل) أو عن اضطِّرارٍ (فيه كثير من معنى النكاية بشفيق وبمن يَقِف معه).
ولم نتحدَّث عن المرشَّح الرئاسي مرسي إلاَّ بما يشتمل على "إذا الشرطية"، أو ما يَعْدِلها معنى؛ فليس من موقف مُطْلَق (غير مشروط) نَقِفُه من هذا المرشَّح (الإسلامي) الرئاسي؛ ولقد قُلْنا، غير مرَّة، "مرسي إذا ما تغيَّر (بما يجعله أصْدَق تمثيلاً للثور)"، أو "مرسي الذي تغيَّر..".
وانتصر مرسي (انتصاراً يُبشِّر، لجهة حجمه، بدُنُوِّ قيام الدولة الديمقراطية المدنية) وهُزِم شفيق (ومعسكره) على الرُّغم من انتصار الدولة القديمة (الضاربة جذورها عميقاً في الحياة المصرية) له؛ فحَظِيَت مصر بأوَّل رئيس (مدني) مُنْتَخب في تاريخها، واستولت ثورة 25 يناير العظمى، من ثمَّ، على "القصر الجمهوري"، سِلْماً، ومن طريق "صندوق الاقتراع".
ثورة مصر نالت، أوَّلاً، "مرشَّحها الرئاسي"، ثمَّ نالت "رئاسة الجمهورية" إذ فاز مرسي؛ لكنَّها ظلَّت، حتى 29 حزيران 2012، بلا قائد، أو رأس، لها؛ فإذا بالرئيس المُنْتَخَب مرسي، وفي ساعة واحدة، استغرقها خطابه التاريخي، يغدو لها القائد والرأس؛ ولقد عَرَفَ محمد مرسي، الذي حَملته مصر في بطنها زمناً طويلاً، كيف يكون (في خطابه ووقَفْتِه في ميدان الثورة) القطيعة بعينها مع عهدي "محمد أنور السادات" و"محمد حسني مبارك"، وكيف يُحْيي بعضاً من جَمال عهد "جمال عبد الناصر"، وكيف يُزاوِج في شخصه وموقفه بين "رَجُل الدولة"، أو "رئاسة الدولة"، وبين "رَجُل الثورة"، أو "قيادة الثورة"، وبما يجعله يبدو "مُطَعَّماً" بما يَجْتَذِبُ إليه تأييد "العلمانيين (أو بعضهم)"، و"الليبراليين (أو بعضهم)"، واليساريين والقوميين وأنصار "الدولة المدنية" و"الديمقراطية (بطابعها الغربي)" والأقباط.. (أو بعضهم).
مرسي الذي انتخبه رئيساً نصف المقترعين المصريين (تقريباً) هو الآن، وبفضل خطابه ووقْفَتِه، الرئيس وقائد الثورة الذي يُحِبُّه، ويطمئنَّ إليه، ويَثِق به، ويؤيِّده، معظم المصريين؛ كيف لا وهو الذي خَطَبَ في "أهل الثورة" في ميدانهم، وخاطب شعب مصر كله عَبْرَهُم، وحَلَف اليمين أمامهم، وغَلَّب انحيازه إلى "الشَّرعيَّة الثورية" على ما عداها، وأعاد كل فروع السلطة إلى أصلها، وجَعَل مبدأ "الشعب هو مَصْدَر السلطات جميعاً" نابضاً بالحياة، وأحْيا "ديمقراطية أثينا" في "ميدان التحرير"، واعترف بهذا الميدان (وبسائر ميادين الثورة في مصر) على أنَّه "القَلْب النابض (أبداً)" للحياة الديمقراطية الجديدة في مصر، والملجأ الذي إليه يلجأ في أوقات الضيق والشِّدَّة، وصَفَع "المجلس العسكري الأعلى"، و"محكمته الدستورية العليا"، وأعاد "الرئيس (والحاكم)" إلى "كينونته البشرية"، نازِعاً منه "الفرعونية"، وخاطب الشعب كما يُخاطِب الخادِم سيِّده، منحنياً أمامه انحناء غصن يمتلئ ثماراً، وزَهَدَ في "الشَّكلانيَّة الرئاسية" في غير موقف وسلوك وتصرُّف، وكَشَف عن صدره ليقول إنَّ من يُحِبَّ شعبه، ويُحِبه شعبه، لا يحتاج أبداً إلى أنْ يلبس سترة واقية من الرصاص.
مرسي الذي أظهر قابليَّةً لهذا التغيير، ولمزيدٍ منه، ونال، من ثمَّ، ما نال من ثقة الشعب به، وبقيادته، يستطيع الآن أنْ يتنازل ويستخذي (عن اضطِّرار ثوري يَقْبله الشعب على مضض) لـ "المجلس العسكري الأعلى"، و"محكمته الدستورية"، حالِفاً اليمين أمام الجمعية العمومية لهذه المحكمة (التي لن تَفْرَح، مع طنطاوي وصحبه، طويلاً بهذا "الانتصار" الذي هو الهزيمة بعينها وقد لبست لبوس الانتصار).
إنَّه التراجع خطوة إلى الوراء؛ ولن يَقِف على الأهمية الثورية لهذا التراجع إلاَّ من قرَّر اجتياز الهوَّة السحيقة بقفزة كبرى واحدة لا غير.
لكن على الثورة ألاَّ تَضْرِب صفحاً عن أهمية وضرورة أنْ تُحافِظ على مرسي الذي نراه ونسمعه الآن من طريق محافظتها على الأسباب التي حَمَلَتْهُ على أنْ يتغيَّر بما جَعَلَه جديراً بقيادتها؛ فالقائد الثوري لا يمكن فهمه إلاَّ على أنَّه ثمرة صراع دائمٍ يخوضه، أو يُخاض، ضدَّ كل ما يَكْمُن فيه، وفي واقعه الموضوعي، من قوى وميول منافية ومضادة للثورة، ولثوريته؛ فـ "الخالِص من نقيضه" إنَّما هو شيء لا وجود له.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا شرعية في مصر تَعْلو -الشرعية الثورية-!
-
حتى يكون مرسي مرساةً للثورة!
-
قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!
-
هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
-
مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
-
لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
-
لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
-
لو قرأوا -الدولة والثورة-!
-
إيضاحات وردود
-
-مأثرة- ماركس التي عَجِزوا عن النَّيْل من إعجازها!
-
-دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!
-
-الديمقراطية- ليست -فتوى-!
-
العودة إلى 11 شباط 2011!
-
حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
-
صراعٌ يَصْرَع الأوهام!
-
خَبَرٌ صغير!
-
.. إلاَّ انتخاب شفيق!
-
مصر.. عودة الوعي وعودة الرُّوح!
-
-الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!
-
-الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|