سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 12:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتم الترويج للأديان بأنها نواميس للأخلاق والسلوك جاءت من إله , سنتفق أنها نواميس للأخلاق والسلوك فقط بدون مردود إلهى فهذا الأمر يحتاج لإثبات وجود إله أولاً ثم صياغته لنواميس إخلاقية ثانيا , لكننا لن نرهق أحد بإثبات هذه الفرضية لو تأملنا الأخلاق والسلوكيات التى صاغتها الأديان لنجد أنها منتوج بشرى دماً ولحماً جاء فى خضم مشروع إجتماعى سياسى لجماعة بشرية ليبقى فى إطار إنتاج فكرى إنسانى له مطالبه وإحتياجاته وغاياته مشبعاً بروح الزمان والمكان والبيئة الحاضنة له , كما سنتلمس أن الأديان ليست مُبدعة لمنظومة الأخلاق والسلوك والقيم بل هى حصيلة إنتاج إرث بشرى هائل شكل بنيتها , فلا مجال لوهم كيانات ميتافزيقية رسمت خطوط العلاقة بين البشر .
سنبطل زعم أن الأخلاق والسلوك مُستمدة من الإله من خلال تلمس هذا النهج وإثبات بشريته فعندما يقال وجود إطار ومنظومة تعاملات بين البشر مستمدة من إله فهذا يعنى مثاليتها وكمالها مُتخطية بالضرورة النظم الوضعية ليصبح ناموس حياة صالح لكل زمان ومكان , ونهج تعامل الإنسان مع كافة البشر بغض النظر عن الإختلاف فى الإيمان أو الجنس أوالعرق , فعند النهى عن ممارسة فعل سلوكى مُحدد فهذا يعنى أن هذا الفعل مُستهجن فى ممارساته مع كل البشر فلا يكون مقتصراً على أتباع الجماعة المؤمنة فقط , فنحن نتحدث عن منظومة أخلاقية إلهية من المُفترض وفقاً لما يروج عن نهجها أن لا تقل عن المنظومات الوضعية لتكون القيم الأخلاقية والسلوكية فيها متماسكة وذات منهج عام وشامل بالضرورة , فلا تكون الاخلاق فيها مقصورة على التعاطى مع أفراد جماعة بشرية بعينها .
سنلاحظ فى التراث الدينى إزدواجية وإنتقائية فى التعامل مع المنحى السلوكى والأخلاقى , فالفعل الواحد يكون مذموماً مرفرضاً هنا ومباركاً ومستحسناً هناك , أو على أقل تقدير مُهمل تفعيله على الجانب الآخر , فالمؤمن يتعامل بمنظومته الأخلاقية فى إطار الجماعة المؤمنة فحسب بينما تتهاوى تلك الأخلاق والسلوكيات الطيبة وتنحسر ويتوقف تأثيرها وفعلها عندما تقترب من الآخر .
* إحذر القتل مذموم ولكن ليس على الدوام .!
أول ما يصادفنا هو رفض وإدانة الأديان للقتل وإزهاق الأرواح , ولكن هل هذا الرفض قيمة أخلاقية وسلوكية تتحدى الزمان والمكان والتموضعات القومية معنيه برفض القتل فى العموم أم هى تعتنى برفض القتل داخل الجماعة البشرية المؤمنة .. فالتوراة تشرع فى لاويين : 24 : 17-21 " واذا امات احد انسانا فانه يقتل. 18 ومن امات بهيمة يعوّض عنها نفسا بنفس. 19 واذا احدث انسان في قريبه عيبا فكما فعل كذلك يفعل به. 20 كسر بكسر وعين بعين وسنّ بسن.كما احدث عيبا في الانسان كذلك يحدث فيه. 21 من قتل بهيمة يعوّض عنها ومن قتل انسانا يقتل." -- وسنجد فى القرآن ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )
إذن زهق روح إنسان شئ مُحرم وتحت القصاص والشريعة ولا سبيل للمجادلة فيه ولكن هل الأديان تعتبر القتل مُحرم ومُدان دوماً ؟!.. هنا سنجد النص والتراث الدينى يجعل القتل مُدان داخل الجماعة المؤمنة بينما قتل الآخر ليس عليه قصاص ولا إدانة بل على العكس تُشيد الأديان بقتل الآخر ويُبارك الرب هذا الفعل بل يَحث ويَلح عليه ليعد مؤمنيه بالبركه والخير والمتع الأبدية فى جنته .!
سيقول قائل بأن قتل الآخر يأتى كونه عدو فإن لم أقتله قتلنى وأرى أنها حجة لا يوجد لها أى سند فى تاريخ التراث الدينى فنحن أمام غزوات وإجتياحات فى كل المشاهد فلم يكن طرد اليهود للكنعانيين والفلسطينين هو صد ودفاع عن النفس , كما لم يكن إجتياح المسلمين لشمال إفريقيا وأسبانيا دفاعاً عن النفس والعرض , وإذا تسايرنا أنه كان دفاعاً فى حرب كما يروجون فلن ينفى عنه أنه قتل وإزهاق أرواح فلا يتحول تعريف القتل كسلوك أخلاقى مذموم ومُستقبح سابقا ً إلى سلوك يحظى بالرضا والحبور الإلهى .!
سننصرف عن القتل الذى دار فى الحروب سواء إعتداءاً أو دفاعا ً لنجد النص الدينى يفضح نفسه فى إزدواجيته وإنتقائيته عندما يتعامل مع قضية قتل الآخر الغير محارب ليصبح فعلا غير مذموم وليس علي فاعله حرج !!! .. فنجد حكم نبى الإسلام بعدم قتل مسلم بكافر .!!
6517 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا مطرف أن عامرا حدثهم عن أبي جحيفة قال قلت لعلي ح حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف سمعت الشعبي يحدث قال سمعت أبا جحيفة قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القرآن وقال ابن عيينة مرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ."- فالقتل والقصاص يكون على قتل المؤمن بينما قتل الكافر فلا قصاص على دماءه !!!
وفى مشهد آخر نرى النص التوراتى والقرآنى يتفقان على قتل موسى لمصرى فلا نجد حداً ولا قصاصاً ولا حتى إستنكاراً أو عتاباً عنيفاً أو رقيقاً من الله على هذه الجريمة النكراء .!!
ففى سورة القصص {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ} (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} (19)
النص القرآنى يسير على نفس سرد الكتاب المقدس ففى خروج 2: 14، 15» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟». فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقًّا قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ». 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هذَا الأَمْرَ، فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ، وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ. "-- ثم نجد التكملة فى خروج4: 19 » 19وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى فِي مِدْيَانَ: «اذْهَبْ ارْجِعْ إِلَى مِصْرَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ». 20فَأَخَذَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى الْحَمِيرِ وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ. وَأَخَذَ مُوسَى عَصَا اللهِ فِي يَدِهِ.«.!!
فى تلك الرواية نجد إعتراف بقتل موسى المصرى وخوفه من القصاص على يد المصريين ولم نجد أى أدانة أو حتى إستنكار أو عتاب من الله العادل على قتل المصرى بل حظينا بموقف متواطئ من الإله فهو يُبشره بأن الذين يطلبونه قد رحلوا -إظهر وبان وعليك الأمان -!!!
* لا تزنى .. ولكن يمكنك أيضا .!!
الزنا هى علاقة جنسية حرة بين الرجل والمرأة خارج مؤسسة الزواج لذا فهى مذمومة ومرفوضة وملعونة فى الأديان وتعتبر خطية ومعصية سيعاقب عليها الله فى سماءه ولن يعفى فاعليها من العقوبة الأرضية الممثلة بالقتل رجماً أو الجلد لنجد فى التوراة
10. وَاذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَاةٍ فَاذَا زَنَى مَعَ امْرَاةِ قَرِيبِهِ فَانَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ.
11. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَاةِ ابِيهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ ابِيهِ. انَّهُمَا يُقْتَلانِ كِلاهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
12. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ فَانَّهُمَا يُقْتَلانِ كِلاهُمَا. قَدْ فَعَلا فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
13. وَاذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَاةٍ فَقَدْ فَعَلا كِلاهُمَا رِجْسا. انَّهُمَا يُقْتَلانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
14. وَاذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَاةً وَامَّهَا فَذَلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَايَّاهُمَا لِكَيْ لا يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ.
لا يختلف الحال فى تحريم الزنا بالقرآن (( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)) (الإسراء:32).
إذن الزنا مُحرم ومُستهجن فى الكتاب المقدس والقرآن ليستوجب العقاب والدينونة , ولكن هذا الأمر يسرى فقط على العلاقات الجنسية المُنفلتة داخل الجماعة المؤمنة , أما الممارسات الجنسية للمؤمنين خارج الجماعة المؤمنة فلا تعتبر زنا , فسبى النساء والإماء وإغتصابهن عمل خارج عن مفهوم الزنا فى المنظومة الأخلاقية للأديان !!.. لتندهش من تلك الإزدواجية الغريبة فى التعاطى مع فعل سلوكى واحد فالذى يُمارس الجنس مع إمرأة داخل الجماعة المؤمنة مُدان حتى ولو جمعتهما علاقة حب بينما لو أجبر المؤمن إمرأة من خارج الجماعة وقهرها وإغتصبها رغماً عنها فلا يعتبر زنا ولتستمعوا .!!!
لا يكون هذا الموقف خاص بالإسلام فقط فالتراث العبرانى حافل بسبى النساء وإغتصابها لنجد أن الأديان فى البشاعة والإزدواجية درب واحد , ومن هذا الدرب ينهل المهووسون بهكذا تراث , فكما أفتى الشيخ الحوينى بجواز الغزو وسبى النساء وإتخاذهن ملكات يمين حيث قال " بعد انتصار جيش المسلمين على من يرفض الدخول فى الإسلام أو دفع الجزية يحق للجيش أن يأخذ الغنائم وفقا للحكم الثابت فى كتاب الله، وأن السبايا والغنائم يتم توزيعها على المقاتلين وأضاف: "حينئذ تعقد سوق النخاسة اللى هى السوق اللى تباع فيها الحريم والجوارى، مشيرا إلى أن الجوارى هم "ملك اليمين".. وأضاف: "تروح السوق تشتريها وتبقى كأنها زوجتك ولا محتاجة عقد ولا ولى ولا الكلام ده وده متفق عليه بين العلماء "!! ... لنجد هذا الصدى بنفس التردد الصوتى على الجانب الآخر فيفتى الحاخام ميموند: " إن لليهود الحق في اغتصاب النساء الغير مؤمنات، أي الغير يهوديات " .!! - ولكن يبقى الفرق أن الأول يحمل أحلامه وأمنياته وهو فى حالة من البؤس الشديد والثانى يمكن ان يحقق ما يقوله لولا أن دولته العلمانية ستحوله دون فعل ذلك .
* لا تسرق هكذا قال الرب ولكن هناك إستثناءات فلا تحزن .!!
الكتب الدينية حافلة بموبقات مارسها الانبياء مثل القتل والذبح والنهب والزنا ولكن سنتعامل معها فى إطارها الإنسانى كونهم بشر مُعرضون للخطأ والزلل لننصرف عن سلوكهم , فلن نُقيم الدين بهم بالرغم انهم أنبياء مُصطافون مُحاطون بالقداسة وممثلين حقيقين للدين ولكننا سنتعامل مع النص بحكم انه الدستور الأخلاقى والسلوكى للرسالة الإلهية , فعندما يقول الله أو الرب أن السرقة عمل غير اخلاقى سيعاقب مرتكبيه فى السماء , فتكون السرقة فعلاً مذموماً , ولكن أن نجد الرب يحث على السرقة فنحن هنا أمام خلل اخلاقى لم تعهده الثقافات السابقة ولا المعاصرة ولا اللاحقة .
تقول القصة :وأعطى نعمة لهذا الشعب في عيون المصريين . فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين " سفـر الخـروج (3 : 21 – 22) -- " وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى , طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً . وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم . فسلبوا المصريين " سفـر الخـروج (12 : 35 – 36)
الله هنا يشجع اليهود على سرقة المصريين بخسة وندالة !!... الله يًمارس دور المُخطط والمُدبر والمُيسر للسرقة بل زعيم العصابة حيث مارس كفائته بإعطاء نعمة فى عيون المصريين حتى يُعيروا اليهود أمتعتهم من فضة وذهب وثياب ولا بأس من بعض ملابسهم الداخلية وأوانى الطهى .. فيقرضهم المصريون الطيبون لينهبها الرعاع ويفروا بها من أرض مصر .. وحسب هذه القصة فالمصريون تم خداعهم والخدعة لم تأتى من اليهود فقط بل من المُخطط والمُدبر الأكبر لتصبح السرقة فعل اخلاقى مَحمود بل مُبارك .!!
القرآن والكتاب المقدس يُسمى سرقة ونهب الشعوب الأخرى بالغنائم "فكلوا مما غنمتم حلالا طيباً واتقوا الله ان الله غفور رحيم ".. لتصل الأمور إلى حد تحليل الغنائم والنهب بل يتم إرسال تشريع من السماء لينظمه بعد حدوث حالات فوضى عند تقسيم الغنائم كما فى غزوة بدر فنجد المقاتلين ثلاثة أقسام: قسم واجه العدو , وقسم من ورائهم، وأولئك جمعوا الغنائم.!! وقسم حاط العريش الذي كان به رسول الله الكريم وهو يدير المعركة ليختلفوا فيما بينهم بشأن توزيع تلك الغنائم .!! .. فقال من جمع الغنائم: "هو لنا"...وقال الذين كانوا يقاتلون العدو: "والله لولا نحن ما أصبتموه , فنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم".. وقال الذين كانوا يحرسون رسول الإسلام: "والله ما أنتم بأحق به منا، لقد خفنا على رسول الله كرة العدو فقمنا دونه، فما أنتم بأحق به منا".!! .. ليتحرك الله سريعا ً أمام هذه المشكلة فى توزيع النهب !!..فهل للذين يقاتلون ..أم الذين كان عملهم جمع الغنائم !! ..أم الذين كانوا يحرسون القائد !!.. فينزل آياته البينات التى تعالج هذا الخلاف العويص !!! ... فينزل القرآن بالتشريع الذي يحسم الخلاف : "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 1]. ... ثم يوضح القرآن أسلوب تنفيذ هذا التشريع : "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنفال: 41]
السرقة كفعل سلوكى غير أخلاقى مُدان ومَذموم داخل الجماعة المؤمنة فقط لتتوقف تفعيل القيمة السلوكية أمام الآخر فيحل سرقته ونهبه , فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ليصبح هكذا نسق منهجية اخلاقية وسلوكية ذات منحى إزدواجي انتقائي فى تعاطيها .. ليتبارى الكهنه وحاملى البخور فى النهل منها وتسويقها , فنجد إفتاء رجل الدين السعودي والباحث في وزارة الأوقاف السعودية عبدالعزيز الطريفي، بجواز استخدام البطاقات الإئتمانية الإسرائيلية المسروقة لأنها صادرة من بنوك غير مسلمة مشيرا الى انه لا عصمة الا لبنوك المسلمين.!!.. ويأتى توأمه من التراث العبرانى ليخطو نفس النهج حيث أفتى الحاخام دافيد دودكفيتش حاخام مستوطنة «يتسهار» المقامة قرب نابلس بجواز سرقة ثمار الزيتون فى الأراضى الفلسطينية ، بل أنه سيزود المستوطنين الراغبين بسرقة زيتون الأهالي الفلسطينيين الذين يقطنون في القرى المجاورة بالتعليمات المفصلة حول ذلك.!!
* الربا للآخرين ياحبيبى .!!
الربا من السلوكيات المرفوضة والمذمومة ولكن هذا الأمر لا يكون سلوكاً أخلاقياً مرفوضاً ومُداناً على الدوام فهو ملعوناً إذا تمت ممارسته داخل الجماعة المؤمنة ليتحرر من لعنته عندما يمارس على الآخر لنجد أنفسنا امام قيمة سلوكية مهترئة تمارس أخلاق ازدواجية انتقائية .
"لا تقرض أخاك بربا للأجنبي تقرض بربا لكن لأخيك لا تقرض بربا"(26) -- "إن أقرضت فضة لشعبي فلا تكن كالمرابي . لا تضع عليه ربا" (27) -- وورد في التلمود أنه (مسموح غش الأمي، وأخذ ماله بواسطة الربا الفاحش لكن إذا بعت أو اشتريت من أخيك اليهودي شيئاً فلا تخدعه ولا تغشه).وورد ايضا (إن الله لا يغفر ذنباً ليهودي يرد للأمي ماله المفقود، وغير جائز رد الأشياء المفقودة من الأجانب).
* السلام والتحية والمحبة ليست لكل أحد .!!
يصدعون رؤوسنا بأن الأديان من عند الخالق الذى يريد السلام والمحبة والخير بين البشر كسلوكيات يرتضيها ولكن هل ما تزعمه الأديان بأنها داعية للسلام والمحبة بين البشر يمكن أن نعثر على أى مشهد من خلال نصوصها , أم هى تعتنى بالسلام والحب والتعاون داخل الجماعة المؤمنة فحسب , فلا تكون هذه القيم السلوكية لكافة البشر , فالإسلام مثلا يدعو للمحبة والسلام والتعاون ولكنه هو معنى بالمسلمين فقط ” لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ” الراوي :مسلم
الإسلام لا يكتفى بعدم موادة الإخر بل ينهج نهجاً غريباً ليجعل بغضه واجب إيمانى فهو من أوثق عرى الإيمان !! .. ففى حديث لنبى الإسلام "الحب في الله والبغض في الله أو الولاء والبراء من أوثق عرى الإسلام " - وفي حديثٍ آخر قال:"مَن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان"(رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك) !!
لا تتخلص المسيحية من تراث وأخلاقيات النبذ بالرغم انها حاولت التحرر من تراثها القديم الذى تعتمده فنجد فى رسالة يوحنا الثانية في العدد 9" كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعًا. 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِيءُ بِهذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ."
أما فى التوراة فالأمور أكثر سوءاً فلا سلام ولا تحية ولا محبة للآخر والمشاهد أكثر من أن تعد سواء فى التوراة أو التلمود بل ان كل توصية بمحبة ومودة وتعاون هى خاصة باليهود فقط لا تمر دون أن يكون مقابلها دعوات لحوحة بنبذ الآخر وإحتقاره وإمتهانه .!
ماذا نستخلص من هذه النفحات ؟
الأخلاق والسلوكيات فى الأديان معنية بالأساس فى تدعيم العلاقات بين المؤمنين فى داخلها وغير معنية أن تكون منظومة سلوكية عامة بين جميع البشر كأى منظومة سلوكية وضعية لا تضع حدود فاصلة وحادة فى ممارساتها ,لتتسم الأخلاق والسلوك فى الأديان بإزدواجية وإنتقائية فجة فى التعاطى بين البشر .. الأخلاق والسلوكيات فى الأديان تشترط لتفعيلها أن تكشف عن هويتك أولا .
دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)