سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 3764 - 2012 / 6 / 20 - 16:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل العروبة عرق ونسل وإنتساب !!؟... أم أن العروبة هي بالأساس مسألة شعور بالهوية وإستعراب لغوي وثقافي أي إندماج كامل في الهوية العربية!؟... فهناك في العالم العربي الكثير من العرب ممن يرجعون في أصولهم العرقية والعائلية القديمة لا لنسل "يعرب" أو لنسل نبي الله "إسماعيل" الذي يطلق عليه البعض لقب " أبو العرب" فليس هم منحدرون من العرب العاربة ولا العرب المستعربة بل منحدرون من أعراق أخرى كالترك أو الألبان أو الشيشان أو الأمازيغ أو الزنوج الأفارقة أو اليونان أو الشركس أو الأقباط أو حتى الروم أو الفرس.. أو ... أو ..... ولكنهم خلال قرون مديدة إستعربوا بالكامل وإنقطعت علاقتهم النفسية والثقافية بتلك الأصول العرقية البعيدة!؟.
الشاهد هنا أن العروبة ليست عرقا ً بل هي تحدث بالإستعراب فحتى سيدنا "إسماعيل" نفسه - عليه السلام - لم يكن من العرب العاربة بل كان من (العرب المستعربة) !.... فالإستعراب ظاهرة قديمة كانت قائمة حتى قبل الإسلام بقرون!!!.. ولكن الإستعراب لا يكون بالفرض والقوة بل هو قرار نابع من أعماق الإنسان ورغبته في الإندماج مع المحيط العربي والذوبان في الهوية العربية بالكامل!.. فكما يمكن للإنسان أن يغير دينه فيمكن أن يغير هويته الوطنية والقومية أما الأعراق فهي ثابتة إلا أنها تتبدل وتتحور وتتطور من خلال الإنصهار بين أعراق مختلفة لإنتاج أعراق جديدة مختلطة وهذا ما حدث ويحدث في العالم منذ قرون لذلك لا وجود لقومية عرقية صافية 100% فالأعراق إختلطت ولا يمكن إقامة دولة اليوم على أساس عرقي بل فقط على أساس قومي ووطني بل حتى القومية أصبحت ترتبط بالوطن/الدولة أي أنها باتت تنحى المنحى الوطني فهي قومية وطنية لذلك يمكن وصف الإمريكيين بأنهم قوم وأمة وطنية واحدة – وهي أمة وطنية حديثة نسبيا ً – عمرها بضعة قرون فقط ! – وكذلك العراقيين مثلا ً يمكن وصفهم بأنهم قوم أي أنهم أمة وطنية واحدة بغض النظر عن أعراقهم وأديانهم وطوائفهم وخصوصياتهم اللغوية والثقافية وكذلك الحال بالنسبة إلى اللبنانيين أو الليبيين فكل منهم يشكل قوما ً وجماعة وأمة وطنية واحدة !.. ففي كل وطن/دولة اليوم "قوم" أي لكل وطن قوم ولكن القومية هنا لا بالمعني الأثني العرقي أو حتى الثقافي اللغوي أو بالمعنى الديني (الأمة المسلمة) بل القومية هنا بالمفهوم الوطني السياسي أي كأمة وطنية واحدة ذات دولة واحدة!.. كذلك الحال بالنسبة للقومية العربية فهي ليست قومية عرقية بل قومية قائمة على الثقافة والشعور بالإنتماء والإستعراب .. والإستعراب يحدث بشكل إختياري أو إنصهاري تلقائي عبر الزمن!.. ولو كان الإستعراب بالقوة لأستعربت تركيا وباكستان والهند ولأستعرب أكراد العراق وسوريا كلهم ولأستعرب أمازيع شمال إفريقيا كلهم فبقاء هؤلاء على لغتهم وهويتهم الأصلية دون إستعراب يدل على أن الإستعراب لم يكن يتم بالفرض والقوة بل بالإندماج والإنصهار والإستيعاب التلقائي!.
سليم الرقعي
كاتب ليبي مقيم في بريطانيا
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟