|
ماذا لو ؟!
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 22:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( الولد الشاب الذي بالكاد تجاوزَ مرحلة المُراهَقة ... لم يَعَد يميل الى المشي على قدمَيهِ ، فهو منذ سنتَين قد تَعّودَ ان يسوق السيارة .. وباتَ يستخدمها حتى للذهاب الى مشاوير في الأسواق القريبة ، لشراء الصمون مثلاً، حيث تبعد الأسواق عن المنزل مِئة متر فقط .. وصارَ يتحجج بالبرد شتاءاً والحَرِ صيفاً .. وأصبحَ يُقارن بين سيارته وسيارات أصدقاءه .. ويستاء من عدم إقتناع والده بضرورة تبديلها بموديل أحدث ! ويضغط لكي يذهب مع أقرانه في سفرة سياحية الى لبنان وتركيا . البنت الصغيرة .. لاتستسيغ الأكلات التقليدية المطبوخة في البيت وتعتبر الطبيخ تحت إشراف أُمها ، عادةً قديمة وشيئاً زائداً .. ولا تأكل غير البيتزا الإيطالية والهمبوركر الأمريكي ، ومعظم الوقت تقضيه في المولات والمعارض ، للتسوق والتفرج وتبادل أخبار الأزياء والأغاني .. وحتى الأُم تغيرت طبائعها في السنوات الاخيرة .. فبدلاً من نهوضها في وقتٍ مُبّكِر وقيامها بأعمال المنزل .. فأنها إستمعتْ الى نصائح معارفها .. وجلبتْ فتاةً من جنوب شرق آسيا ، لتقوم بأشغال البيت .. ولم تعد هي تفعل شيئاً مهما في الحقيقة .. وأصبحتْ تعتمد على الخادمة . كُل هذه التغييرات حدثتْ منذ بضعة سنوات .. حين حصلَ الأب فُجأةً على اموال كبيرة ، بطريقةٍ سهلة وسريعة .. ومن غير جُهدٍ يَذكَر . ولأنهُ ساذجٌ وقصير النظر .. فلقد سارعَ الى الصرف الفوضوي ، والإستهلاك الأرعن .. وعّودَ عائلته أيضاً ، على نفس النهج .. وما زالت الأوضاع تتفاقم في إتجاه الإنجرار وراء المظاهر الزائفة .. مادامتْ الموارد تَصِله عن طريقِ سهلٍ وسريع ) . المشكلة الكبيرة هي .. ان الأب وأعضاء العائلة ، المنغمسون في الإستهلاك المُفرِط ، بدون وعي ولا تفكيرٍ سليم .. والمنبهرون بالموارد السهلة التي يحصلون عليها .. لايفكرون بالغد .. حيث إحتمالات شُبُه مُؤكدة .. ان تَقلُ الموارد ولا تُستَحصَل بِيُسْر ! ) . حالة هذه العائلة شبيهة الى حدٍ كبير ، بحالة العراق عموماً .. وأقليم كردستان خصوصاً .. حيث ان الأحزاب القابضة على السلطة ، منذ عقدين من الزمن .. والتي تتحكَم بموارد الأقليم .. تلك الموارد التي تفوق موارد دول كبيرة ومهمة في المنطقة ، مثل لبنان والأردن وغيرها من الدول .. فالغالبية العظمى من هذه الأموال .. تنفقها حكومات الأقليم المُتعاقبة .. على الرواتب ، وعلى مشاريع غير مُنتِجة .. مشاريع إستهلاكية تُكّرِس الإعتماد على الإستيراد ، وعلى بَث روح الإستهلاك عند المواطنين ... فَكُل مُجّمعٍ تجاري ضخم اُنشِأ في اربيل والسليمانية ودهوك وكُل بُرجٍ عالٍ.. كَلف كُلٌ منها عشرات الملايين من الدولارات .. غايته الإستهلاك من قِبَل المواطنين والربح لِقلةٍ من المستثمرين الأغنياء وشركاءهم من المسؤولين الكبار في الدولة والحزبَين الحاكمَين ! ... بينما ، لو اُنشِئتْ مصانع ومعامل إنتاجية ، بهذه الاموال أو جزءٍ منها .. لكانتْ الفائدة مُزدوجة .. تشغيل العمالة المحلية والمساهمة في تخفيض البطالة .. وكذلك التقليل من الإستيراد والتقليل من الإعتماد على الخارج في كُل شئ . ان إنتهاج الحزبَين الحاكمَين ، لسياسة كسب التأييد السياسي ، من خلال " تعيين " أعداد هائلة في الوظائف الحكومية وفي التشكيلات العسكرية والامنية ، مثل البيشمركة وقوات الحدود وحراس الغابات ...الخ .. من دون الحاجة الفعلية لكل هذه الوظائف والمواقع .. مما أدى الى تَرّهُلٍ كبير وبطالةٍ مُقّنعة وتعويدٍ على الكسل والتهرب من الدوام .. الى جانب إبتداع وسيلةٍ مُخزية .. لمُكافأة المُقربين وشراء الذِمم .. من خلال إستخراج " تَقاعُد " مُجزٍ ، بدرجات عُليا وهمية أو رُتَبٍ عسكرية كبيرة وهمية أيضاً .. والكثير من هؤلاء ، أما يُقيمون في الخارج منذ سنواتٍ طويلة ، أو يُمارسون في الداخل أعمال تجارية او غيرها .. وفي نفس الوقت يستلمون رواتب تقاعدية عالية ، عن خدمةٍ مُفتَرَضة لم يمارسوها في حياتهم ! . ...................................... الكثير من الدلائل تُشير .. الى ان أسعار النفط الخام .. سوف تنخفض بِحِدة في السنوات القادمة .. ورُبما تَصِل الى خمسين دولاراً للبرميل أو حتى اقل .. فإذا حدث ذلك .. وإنخفضتْ ميزانية العراق الإتحادي .. وبالتالي تقلصتْ حِصة أقليم كردستان الى النصف أو أقل .. فَمِنْ أينَ ستدفع الحكومة " رواتب " و " تقاعد " كُل هؤلاء من المتبطلين وأصحاب المناصب الوهميين وقابضي التقاعد من ذّوي الرُتَب الكاذبة ؟! . كُل هؤلاء الذين ، تعوّدوا في السنوات الماضية .. على الحصول على أموال سهلة وسريعة .. وعّودوا عوائلهم على ، الإستهلاك المنفلت .. وإكتسبوا أخلاق توائم هذه الروحية الإستهلاكية السخيفة والمُنحطة .. كيف سيتعاملون مع الحكومة والاحزاب الحاكمة حينها ؟ هل فكرتْ الاحزاب الحاكمة حقاً .. بذلك اليوم .. الذي لاريبَ انه قريب ؟.. كما ان العائلة أعلاه .. سوف تَمُر بأوقات عصيبة إذا إنخفضَ سعر برميل النفط .. فأن النظام الحالي في العراق وأقليم كردستان .. سوف يدفعان غالياً ثمن سياستهما غير الحكيمة والحمقاء ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسافة
-
البيشمركة المُناضل ( خوسيه موخيكا ) !
-
المراحيض الغربية والشرقية
-
دولة الدكاترة
-
التصالُح مع النَفس
-
الأزمة العراقية .. أعمق مِما تبدو
-
يوم البيئة : من أجل حفنة من الدولارات
-
السُلطة لي .. مَذهبٌ ودِين
-
مَشهدٌ من الموصل
-
المالكي والإستعانة بالضباط السابقين
-
الرياضة المدرسية
-
الشعب المصري والتثاؤب
-
المالكي في الموصل
-
جائزة ( التخّلُص من الحَياء ) !
-
ماذا تعمل ؟
-
حبذا لو كان قادتنا غير متزوجين !
-
5+1 = 6 !
-
الصراع على الموارد و - دولة - كردستان
-
خريف الإتفاق الإستراتيجي
-
لعبة جَر الحَبِل
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين
...
-
قصة أسيرين التقيا توأميهما اللذين أنجبا بنطف مهربة
-
رئيس الوزراء الفرنسي يعتزم إقرار الميزانية في التفاف على الب
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
زيلينسكي: سيتعين علينا الانتقال إلى المفاوضات مع روسيا بعد ل
...
-
الجيش الأمريكي يكشف هوية الجندية في المروحية التي اصطدمت بطا
...
-
إسبانيا.. إقالة السفير الإسباني في بروكسل لسبب غريب
-
سفير روسيا في الدنمارك: موسكو لن تسمح بتحويل البلطيق إلى بحر
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|