سعد تركي
الحوار المتمدن-العدد: 3754 - 2012 / 6 / 10 - 10:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من بين أحلامنا الكثيرة والكبيرة، كانَ الحلم الأجمل والأروع هو ما تسبّب بكلّ هذا الحزن والألم والفراغ. مُذ تورّطتْ أصابعنا بنداء البنفسج وانغمست فيه، علَقَتْ أقدامنا بشراك حريّةٍ منعت العقلَ من التفكير والقلب من النبض، ولاذت الأفواه بالصّمت بعد أن تعدّت حدود الصراخ ولم يسمعها أحد. حلمٌ استحال وهماً كما غيمة ماكرة حبلى بالوعود والآمال تمرق فوق قاحل أيامنا من دون أن تمنحنا غير الصواعق التي أحرقتْ ما بقي من اخضرار. حلمٌ أحال كثيرين منّا إلى كسالى شُلّت أياديهم وتسمّرت أقدامهم لمواصلةِ دربٍ كانت مثابته إصبعاً مغموساً اختطَّ جملةً عجز عن إنهائها.
لا بأس بالأخطاء في بداية المشوار.. تتخبّط العصافيرُ المأسورة وهي تجرّب أجنحتها في فضاء الحريّة، وتتعثّر الساق إذ تختبر قدرتها على السير في درب جديد، ولا ينجح حبرُ الأصابع في إصابة الهدف من المرّة الأولى. الأحلام تستحيل أوهاماً إنْ توقّفَ إصرارُنا على تحقيقها، والخطأ يضحى خطيئة لو تعمّدنا إتلاف كلّ طوق نجاةٍ ترميه يدُ محبّة تحاول انتشالنا من الغرق في دوّامة الحقد والضغينة والطائفية.
حالنا ـ عبر التاريخ ـ مثل صائم فرّط بأجر وثوابِ يومٍ كامل فأفطر قبل الغروب بدقيقة أو بعضها، أو كمحارب أدمن خسارة المعارك وأنهكته الهزائم المتتالية حتى لم يعد يؤمن بشيء اسمه انتصار، ننتهي بأروع أحلامنا وأبهى آمالنا إلى كوابيس مرعبة. لا تنقصنا الإرادة ولا الطاقة اللازمة لإنتاج الأمل، مثلما نمتلك الألوان الزاهية التي نرسم بها النهايات السعيدة. وبرغم ذلك نقبل بما هو أقلّ من التضحيات وأضأل مما نستحق. ثورة العشرين جيّرناها لمَلكٍ مستورد.. رضينا بتسلّط قطاعِ الطرقِ وعصابات البعث بدل تفرّد العسكر.. سدّدنا بأيدينا للطغاة كلّ الضربات التي أطاحت بهم باستثناء ضربة أخيرة نتركها ـ دوماً ـ لآخرين.. عبر التاريخ يشلّ أقدامنا اليأس والقنوط حين نكون على بعد خطوة من قطاف الثمر!!
المؤمن يميّز صوتَ الله مهما علا من حوله الضجيج، والعاشق لا يصدّه دلالُ الحبيب أو تمنّعه، فهما من لوازم الغرام. أعيننا لم تخطئ، فالبنفسجُ بعض ألوان الورد الذي أدهشنا عبقُه وشذاه. ليس علينا، وقد بدأنا الأول، إلاّ أن نكتبَ السطر الأخير.
#سعد_تركي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟