|
الحب والعاصفة 13
حوا بطواش
كاتبة
(Hawa Batwash)
الحوار المتمدن-العدد: 3752 - 2012 / 6 / 8 - 10:47
المحور:
الادب والفن
بعد انتهاء محاضراتي عدت الى البيت مساءً مسكونة بنشوة جميلة وفرحة لذيذة. أحسست بشعور غريب، وكأني أريد أن أطير... أن أحلّق عاليا وبعيدا عن هذا الكون... الى عالم من السحر والجمال، عالم السعادة الأبدية. حين دخلت الى غرفتي ورأيت فادية، جمدتُ في مكاني للحظة. كان وجهها متجهّما وهي جالسة الى مكتبتها ورشقتني بعينين ينطلق منهما الغضب، وكأنّها كانت على علم بلقائي مع سامر وبحديثي معه. "مساء الخير." قلت وأنا أخطو الى الداخل. وضعت حقيبتي على المقعد القريب من فراشي وحاولت تهدئة نفسي. ثم وجدتها تقول لي: "قولي لي إن ما سمعته ليس الا كذبا." إستغربت منها، وسألت: "ماذا سمعت؟" "أنك تقابلين سامر ابو جودة في الجامعة." قالت. شعرت بغصّة في حلقي وتسارعت ضربات قلبي. لم أردّ. وتابعت هي: "وأنك ذهبت الى بيته معه، وتناولت الغداء مع عائلته... قولي لي إن ذلك ليس الا كذبا وافتراء." قلت وأنا أشدّ الكلمات من حلقي: "من أخبرك؟" "الأمر صحيح اذن؟!" قالت وقد تضاعف الغضب في صوتها، واتّسعت عيناها بدهشة وذهول. ذهبت الى سريري وقد اشتدّ اضطرابي. "أجيبي!" هتفت بي. فقلت حانقة: "لا أحد له علاقة بما أفعل. أنا أقابل من أشاء وأتحدّث الى من أشاء. لا شأن لك بذلك على الإطلاق!" رأيت أشدّ إمارات الغضب والسخط ترتفع الى وجهها. "لا أصدّق ما أسمع. لقد أطحتُ بفاتن بأشد كلمات التجريح والإهانة حين أخبرتني بذلك لأني لم أصدّقها. والآن، أهذا ما لديك قوله؟!" "فاتن! هي التي أخبرتك؟ كان عليّ أن أعرف! اللئيمة!" أحسست أنني قادرة على خنقها في تلك اللحظة. "كيف تفعلين ذلك؟ كيف ترضين؟" "سامر ليس الرجل الذي تظنين. إنه ليس مثل أبيه ولم يقتل أحدا. إنه شاب لطيف." "إنه ابن قاتل أبيك! كيف تتناسين ذلك؟!" "قاتل أبي موجود في السجن يأخذ جزاءه منذ عشر سنوات. وأبي في قبره مدفون ولن يعيده شيء. ما حصل قد حصل ولن يغيّره شيء. يجب أن نستمر في حياتنا وننسى ما حصل. ذلك لن يفيدنا بشيء. عليك أن تتخلّي عن الحقد الذي يتأجّج فيك منذ مقتل أبي." "ماذا تعنين بهذا الكلام؟ لماذا تدافعين عنه وعن عائلته بهذا الحماس؟" "أنا أحاول أن أنصفهم." "ولماذا تصرّين على مقابلة سامر ابو جودة رغما عنا؟ أتكونين..." "نعم، أنا أحبه! وهو يحبني!" صُعقت فادية لسماع قولي. "ماذا؟ ماذا قلت؟!" "ما سمعتِه." "ألهذا ترفضين الإرتباط برامز؟" "لا علاقة لذلك بموضوع رامز. أنا أرفض رامز بغضّ النظر عن علاقتي بسامر." "هنادي، أنت تشعلين النار بيديك وتدعين لهيبها ينفذ الى حياتك." "ألأنني أختار من أحب برغبتي؟" "يجب أن تقطعي علاقتك بسامر ابو جودة في الحال. إنها لن توصلك الى شيء." "أنا أحبه. تعلمين ماذا يعني ذلك؟" "لا أريد أن أعلم شيئا. واعلمي أنني لم أخبر وليد بالأمر حتى الآن. ولكن... إن لم تقطعي علاقتك به فسأضطرّ لإخباره." إنها لم تفهمني. أو بالأحرى، رفضت أن تفهمني او تنصت لكلمة واحدة صدرت مني بشأن سامر، فرفضها للفكرة كان قاطعا لا نقاش فيه. ازدادت الفجوة بيني وبينها ولم يكن من الممكن التفاهم بيننا بعد أن علمَت بعلاقتي مع سامر. وهدّدتني بأن تخبر وليد بالأمر إن لم أقطع علاقتي به. ولكن... كيف كان بإمكاني أن أفعل ذلك؟ كنت قد ذقت طعم السعادة، طعم الحياة الحلو، وهاجت دمائي حبا ولهفة، وثارت نفسي، ولم يعُد من الممكن رد المارد الى قلب الزجاجة بعد إطلاق عنانه.
............................
في نفس تلك الليلة، اتّصلت بسامر وطلبت منه اللقاء في أقرب وقت. وقد لاحظ من صوتي أهمية الموضوع. فاتّفقنا أن نلتقي في نفس المكان على شرفة الكافيتيريا. وحين التقينا، بادرني بسؤاله: "ما بك يا هنادي؟ تبدين قلقة." قلت: "يجب أن أخبرك بشيء مهم، وأرجو أن تفهمني جيّدا." رأيته ينصت اليّ باهتمام بالغ. ثم سأل بنبرة حزن: "هل أنت نادمة؟" استغربت. "على ماذا؟" فقال: "على حبنا." أجبته: "لا. ولكن... منذ اليوم، أريد لعلاقتنا أن تكون سرية." استولت الحيرة على ملامح وجهه، فأسرعت بقولي: "لقد علمت أختي بعلاقتنا وهدّدتني أن تخبر وليد بأمرنا إن لم أقطع علاقتي بك. أنا خائفة جدا يا سامر. لا أريد أن أخسرك. يجب أن لا يعلم وليد بالأمر." "إنه سيغضب، أليس كذلك؟" "بصراحة... وليد ما يزال متأثّرا بما حدث لأبي منذ عشر سنوات. لم أخبرك بالأمر سابقا، الا أنه، في الحقيقة، أمرني بأن لا أكلّمك أبدا بعد أن أخبرته بلقائنا في حفلة الجامعة." "وأنت لم تطيعي أوامره!" "لم أستطِع فعل ذلك." "ولكنك لا تستطيعين أيضا إخفاء الأمر عنه طوال الوقت." "صحيح، ولكن عليّ ان أعالج معه أمرا قبل أن يعلم." "حسن، كما تشائين." وهكذا، اتّفقنا على أن نحافظ على سرية علاقتنا، وكنت قلقة أكثر مما أبديت أمامه من انكشاف الأمر لوليد، فقد عرفت أنه لن يتقبل الأمر بسهولة. ولكن كان عليّ فتح موضوع رامز معه أولا.
يتبع...
#حوا_بطواش (هاشتاغ)
Hawa_Batwash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب والعاصفة 12
-
الحب والعاصفة 11
-
وردة تستجدي الحياة
-
الحب والعاصفة 10
-
الحب والعاصفة 9
-
الحب والعاصفة 8
-
لماذا لا نقرأ مثلهم؟
-
الحب والعاصفة 7
-
لو كنت أما ليوم واحد
-
الحب والعاصفة 6
-
الحب والعاصفة 5
-
الحب والعاصفة 4
-
الحب والعاصفة 3
-
منذ التقينا
-
الحب والعاصفة 2
-
الحب والعاصفة 1
-
العصا والأصدقاء
-
مساءات لهفة
-
ما هذه الأصوات في الليل؟
-
المعلّمة أورا
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|