سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 23:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أو لنقل إحدى أزمات الشعب العراقي .....
تنص المادة 58 /ب من الدستور العراقي .....
ب ـ
1ـ لرئيس الجمهورية، تقديم طلبٍ إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.
2ـ لمجلس النواب، بناءً على طلب خُمس (1/5) أعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز إن يقدم هذا الطلب إلا بعد استجوابٍ موجهٍ إلى رئيس مجلس الوزراء، وبعد سبعة أيام في الأقل من تقديم الطلب.
3ـ يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه.
ج ـ تُعدُ الوزارة مستقيلةً في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء.
د ـ في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الأمور اليومية، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقاً لإحكام المادة (73) من هذا الدستور.
يقول مقتدى الصدر في رسالة نشرت " انه لن يتراجع عن سحب الثقة من رئيس الوزراء " ويقول بناء على سؤال من احد تباعه " تعهدت لشركائي إن حصلوا على 124 صوتا سيكون المتمم ل 164 صوتا المطلوبة لسحب الثقة " , حيث تعهدت العراقية بتجميع 80 توقيعا والتحالف الكردستاني 48 صوتا .....
وفي بيان تشره الصدر في مكتبه في النجف يخاطب السيد المالكي " اتمم جميلك واعلن استقالتك من اجل شعب لا يريد سوى لقمة العيش ....
لمدة طويلة بقيت كل الكتل السياسية واقفة على رجل واحدة غير مستقرة , والشعب العراقي غير مستقر معها .... لازال الشعب العراقي حائر بين شخصيات ولدت من رحم الأزمة العراقية والتي تكونت بفعل سقوط النظام البائد في عام 2003 , حيث ولد دستور المفروض انه يحمل في طياته الحد الادني من ضمانات الشعب العراقي بكل طوائفه وقوميته ....
شخصيات ولدت بفعل القوة ومحاولة التوازن بين المجموعات الكبرى في العراق وهي (( السنة والشيعة والأكراد )) ... أولدت لنا شخصيات أصبحت مفروضة وغير مرغوبة أبدا على الشعب العراقي شخصيات مثل (( المالكي والبرزاني وعلاوي والجعفري والحكيم والجلبي وغيرها .... )) شخصيات اعتقد الشعب العراقي بلحظة أنهم الحل , وتبين فيما بعد بأنهم هم المشكلة ..
هل حقيقة إن المالكي يحاول إن يتفرد بالسلطة , ربما هذه حقيقة والشواهد على ذلك كثيرة , فلم تزل الوزارات الأمنية لغاية اليوم بيده ويرفض أبدا تسليمها إلى شريكه في الحكم , بناء على حالة التوافق والتوازن والتي أوجدت الحكومة العراقية في مخاض اخذ الكثير من الدم العراقي على أرضية السياسة العراقية الصعبة ... ولقد أجهض المالكي مشروع مجلس السياسات الإستراتيجية حلم علاوي الباقي بتسلم صلاحيات حقيقية تستطيع إن تكون ندا لرئيس الوزراء المالكي.. كذلك قيامه على حجب الثقة عن نائبة المطلق لمجرد انه قال إن المالكي ديكتاتور ومتسلط ..... وفوق كل ذلك كل الملفات المغلقة والمنسية ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي , ملفات يتساءل الشارع العراقي بشدة لما بقيت كل هذه المدة مغلقة لا يعلم بها احد ولماذا يتم إعلانها في هذا الوقت .... الشارع العراقي مقتنع إن فتح الملفات المقصود به أمور شخصية لا علاقة بها أبدا بالعدالة والقانون .... ولا زلنا نتذكر قول رئيس الوزراء في جلسة البرلمان حين هاجمه احد النواب حيث قال اسكت أنت واسكت إنا .... لان عنده ملفات تمس شخص النائب المحترم .....
الأكراد ... أو الكرد كما يحبون إن نسميهم , باتوا مستاءين جدا من المالكي لأنه بات يتدخل في أمور يعتقد التحالف الكردستاني هي من الأمور الخاصة جدا بالحالة الكردية لا ينبغي للمالكي أو غير المالكي إن يتدخل بها , ومنها طبعا تصدير النفط من اقليم كردستاني ... ولأنه من المفروض إن تستوفي دولة المركز مبالغ عن التصدير إلى خارج كردستاني والأكراد قلقين ومستاءين للطريقة التي يتعامل بها المالكي مع هذا الملف , وهم مستاءون من تدخل الشهرستاني المستمر للملف النفطي , ويعتقدون إن طريقته غير لائقة وغير مقبولة في إدارة الملف ....
كلنا يعلم أن إقليم كردستان , اعتبر قائما وجزء من العراق لحظة تشكيل الدستور ... ولان الإقليم تشكل بكل إداراته ورئاسته وبرلمانه ووزارته قبل تشكيل الدستور ...حيث تقول (( المادة 113 أولا : يقر الدستور عند نفاذه إقليم كردستان وسلطاته القائمة إقليما اتحاديا ))..... المشكلة والتي لم تكن واضحة زمن علاوي ولا الجعفري هو حجم السلطات نظريا والتي تتمتع بها دولة المركز إمام الإقليم , ولان الدستور اعترف لدولة المركز بسلطات سيادية تفوق الممنوحة للإقليم ... من هنا بدأت المشكلة حين حاول المالكي التدخل في ملفات باتت من المحرمات في المعتقد الكردي , ولان المالكي حاول إن يثبت سلطة المركز على الإقليم وهذا ربما من حقه ولكن هذا الأمر لم يعتد عليه الساسة الأكراد وشعروا به تدخل غير محمود من المالكي ... وتسبب حنق المسئولين الأكراد .من هذا رأينا مسعود برزاني ينتقد أكثر من مرة رئيس الوزراء المالكي ويتهمه بأنه يسعى لتشكيل جيش المليون مقاتل لمصلحته هو لا لمصلحة العراق .... ومن هذا وجدنا الأكراد في كل مناسبة يلوحون دائما بحق تقرير المصير , وأنهم موجودون في عراق اليوم بإرادتهم هم ورغبتهم , ولكن هذا مشروط دوما وابدأ بما تحققه دولة المركز للإقليم الكردي , ولكن في اللحظة التي تتقاطع بها المصلحة الكردية مع المصالح العربية , ساعتها حق تقرير المصير والاستقلال في دولة منفصلة هو غاية مطالبهم وإرادة شعبهم ....
التيار الصدري ومقتدى الصدر بالذات يوجد بينه وبين المالكي الكثير من الملفات المخزونة جيدا لحين إن تأتي ساعتها , وحانت اليوم ساعتها ... هناك الكثير من أتباع التيار لازالوا في السجون وحاول كثيراً فك أسراهم ولم يستطيع , كذلك قاتل المالكي التيار في أكثر من محافظة وقضى على نفوذهم وتسلطهم في الشارع وهذا الذي حدث في البصرة والناصرية .. ولقد وصف السيد مقتدى السيد المالكي بالكذاب أكثر من مره , وبالمخادع أكثر من مره , وينفس الوقت هدد المالكي الصدر بإثارة موضوع مقتل عبد المجيد الخوئي والذي اتهم به مقتدى الصدر وصدرت بحقه مذكرة إيقاف لم تنفذ لغاية اليوم .... وبنفس الوقت هدد التيار الصدري بإثارة ملفات حول حادثة الزركة وملفات فساد كثيرة تخص المالكي نفسه ....
اتهام المالكي بالتفرد بالسلطة والسعي إلى الدكتاتورية قلنا ربما هذا صحيح , ولكن اعتقد إن تشكيل شخصية رئيس الوزراء خلال الزمن من تسلمه ذك الخجول للسلطة حين كان حلا لمشكلة إبراهيم الجعفري حين رآه كل الشركاء السياسيون مشكلة ينبغي حلها ... وكان المالكي حلا لتلك المشكلة حتى تحول عبر الزمن إلى شخصية تسعي إلى تركيز المزيد من الصلاحيات بيده ... والي شخصية تحاول مع الوقت إبعاد الكثير من الشركاء معه في العملية السياسية .. ليكن هو المتفرد الوحيد بالسلطة .... أو ربما تكون هذه طبيعة العراق والعراقيين وان من يمسك السلطة في العراق وان جاء عن طريق ثورة أو علي أكتاف الشعب يتحول مع الزمن إلى حكم مستبد متسلط ....
من خلال تتبعي لسيل الحوارات في مختلف الفضائيات والصحف العراقية, بانت الشخصية العراقية كم هي منحازة وطائفية بقوة وعنصرية وعصبية .. فكثير من السادة المتحدثون , أسهبوا حول شخصية نوري المالكي وهو المنقذ ولدرجة إن أتباعه ومريديه تحدثوا كأنه المهدي المنتظر وشبهوه بالمختار الثقفي كشخصية قيادية شيعية جاءت مثلما جاء المختار لإعادة الحق ونصرة إل البيت والشيعة المظلومون , حتى قال بعضهم " لا تتخلوا عن نوري المالكي كما تخلى الشيعة الأوائل عن الحسين ومسلم بن عقيل وعن المختار الثقفي .... هذه النبرة والتي كادت تحول المالكي إلى أمام معصوم وتقدس الشخصية ... ولا تنظر إليه كموظف عمومي اليوم موجود وغدا سوف يرحل .... ومن جانب أخر تكلم بعض السادة المشاهدين وروجت له بعض الفضائيات ... وتكلمت عن المالكي وكأنه مجرم يتبع بكل هواه وسياساته السادة الفرس في الدولة الصفوية ... وحتى انه يأخذ كل توجيهاته من سليماني قائد فيلق القدس ... وليس المالكي بل كل الساسة الشيعة (( المالكي , الجعفري , الحكيم , الصدر , موفق الربيعي , احمد الجلبي )) كل من يصدق عليه لفظة شيعي ما هو إلا ذنب للسادة في طهران .... ولا يوجد في عرفهم ولا نظرهم وطني شيعي واحد .....
خطرت لي أسئلة كثيرة تحاول تحلل ما حدث وتحاول إن تضع إجابات مقنعة لما يحدث , هل نحن في سبيل بناء دولة ديمقراطية على أساس من المواطنة ؟ أم نحن نسعى إلى بناء دولة طائفية , بها طوائف متصارعة في البلاد ولكل طائفة مناطق نفوذ لا يجوز أبدا إن يتم اختراق هذه المنطقة وإلا سال الدم بقوة .... الديمقراطية ودولة القانون تعني إن هناك تقسيمات محددة لكل منصب من ناحية مكانية وزمنية .... وان أي منصب يأتي عن طريق الاقتراع وصندوق الانتخابات هو منصب مؤقت ويجب إن لا يستمر عن دورتين لا أكثر .... وان محاولة مد المنصب بحيث يشغل أكثر من دورة انتخابية لابد إن يدخل في المساحة الضبابية لتقديس الشخصيات ... ويجب إن نعلم إن التقديس هذا هو مشكلة ومصيبة تقع على رأس الشعب العراقي .... كيف نستطيع إن نشيع الثقافة الوطنية والتعليم الديمقراطي في البلد , كيف نستطيع إن ننظر إلى الموظف العمومي في المناصب العليا في البلد على انه شخصية إنسانية , ولا ننظر لها بنظرة التقديس القاتل , مشكلة التقديس التي تؤدي إلى عدم المحاسبة وتنظر إلى الشخصية إلى أنها منزلة من السماء ذات إيحاء الهي .. وبناء عليه لا تحاسب ....
مشكلة القيادة العراقية اليوم تقع بين التقديس والتدنيس , وكلا الأمرين مشكلة حقيقية , ونحن نعلم بكل تأكيد إن القيادة العراقية وظيفة عامة تأتي عن طريق صندوق الانتخابات , وعن طريق هذا الصندوق تأتي اليوم شخصية لتفشل غدا, وهذه طبيعة العملية الديمقراطية , ولنا في الدول الديمقراطية الحقيقية أسوة حسنة , مثل فرنسا فمع نجاح المرشح الاشتراكي هولند ظهر ساركوزي وهنأه على المنصب , ورحل عن قصر الاليزيه بكل سهوله فلم يبكي ولم يصرخ ولم يولول ... ولم يخرج أتباعه وناخبيه والذي يبلغون 48 % من مجموع الناخبين الفرنسيين , وهم يصرخون ويبكون ولي الأمر والمهدي المنتظر الذي سقط بالانتخابات ....
كما فعلنا حين خرج إبراهيم الجعفري من رئاسة الوزراء وكما نفعل اليوم حين نقدس شخصية رئيس الوزراء المالكي ونحملها أكثر مما تحتمل , اليسار الفرنسي ظل 17 سنة خارج قصر الرئاسة الفرنسية , وقاد النضال والمعارضة حتى وصل اليوم إلى سدة الحكم , واليمين الفرنسي لم يتحول شهيد ... إنما خرج ساركوزي بابتسامة جميلة بينت كم هي الانتخابات الفرنسية جميلة ورائعة .....
مشكلة التقديس والتدنيس هي مشكلة الشخصية العراقية , للأسف الشديد ولغاية اليوم لم يستطيع إن يدرك الإخوان السنة , إن العالم تغير ولم يعد كما كان , وان الأخر الشيعي جدير بالمشاركة بالحكم حيث يستحق نصيبه في إدارة البلد بكل جدارة , وان وطنيه الشيعي لا تقل أبدا عن وطنية السني , وان الشيعي العربي له في العراقي ما يساوي حقوق السني العربي ... إن ارث 1400 سنة من الحكم السني لازالت ثقيلة على أكتاف كل العراقيين , وان أساس المشاركة مبني اليوم على المواطنة .... وليس على الطائفة , كذلك يجب إن يتعلم الشيعي المسامحة قدر الامكان ويحاول إن يتناسى ما تعرض له من ظلم خلال قرون من الحكم السني المتفرد , وان يحاول إن يبني الثقة بين الأخر السني ....
لنعترف إننا في العراق تم تشكيل النظام الجديد على المحاصصة , والمحاصصة كم هي بغيضة إلا أنها كانت وللأسف ضمانة حتى يتعايش الشيعة مع السنة ويتعايش الأكراد مع العرب ...ولنعترف إن هناك عدم ثقة واضحة للعيان بين مكونات الشعب العراقي , فلا الشيعة يثقون بالسنة وإلا السنة يثقون بالشيعة ولا العرب يثقون بالأكراد ولا الأكراد يثقون بالعرب .... وان تشكيلة الحكومة كما أصبحت إنما هي اقل ما يمكن إن تتشكل به حكومة تفتقد بحق الثقة بين أعضائها .... نوري المالكي كان نتيجة للواقع المؤلم في العراق , فلو كانت الوطنية موجودة بقوة بالعراق لا اعتقد إن هذه الشخصيات سوف تأخذ دورا في حكم العراق ... إذن إننا امامه مشكلة ونتيجة .... وسحب الثقة أبدا لم يكن حلا , إنما التعاون هو الحل , وما دام التعاون مستحيل بين أطياف الشعب العراقي .... فسيبقى الحال على ماهو عليه مستقرين في المنطقة الرمادية بين الحرب والسلام ... فلا حرب ولا سلام , إنما نعيش الأزمة كل يوم وكل ساعة ....
لكن اتمنى ان نخرج من هذه الازمة بشي واحد مفيد وهو تحديد مدة رئاسة الوزراء بمدتين انتخابيتين فقط , ويعتزل , ربما نتعلم شي من الديمقراطية , وان الوظيفة العامة , هي مجرد وظيفة لا تختص بشخص معين , انما وظيفة ادارية , يستحقها الشخص بالانخاب فقط لا غير , وحين تنتهي امدة يرحل مثل غيره .... اتمنى ان نستطيع بهذه الازمة كسر قدسية الاشخاص , وننظر لهم ان بشر مثلنا , لا بل اثبتت الوقائع انهم اقل منا , حيث ثبت ان معظم السادة المسئولين من مزوري الشهادات والمفسدون في الارض .
والحل يبقى مستعصيا صعبا , ولن نرى الضوء في أخر النفق أبدا ....
سلمان محمد شناوة
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟