|
الأصرار
عودة وهيب
الحوار المتمدن-العدد: 1099 - 2005 / 2 / 4 - 09:34
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
(ابتعدوا .. ابتعدوا ..هذا ارهابي يريد ان يفجر نفسه). انه صوت الشهيد (عبد الأمير محمد) يطلب من الناخبين ان يهربوا بعد ان ادرك بحسه الأنساني والوطني ان هذا الشخص المندفع الى وسط الحشد الأنتخابي هو وحش بهيئة بشرية يريد بالعراق والعراقيين شرا. ابتعد الناس عن الأرهابي بصورة لاأرادية استجابة لنداء الحياة في الوقت الذي اندفع فيه الشهيد عبد الأمير محمد الى الموت (بصورة لاارادية ايضا) استجابة لنداء العراق واحتضن الأرهابي محاولا طرحه ارضا للحيلولة بينه وبين تنفيذ جريمته، او لتقليل الخسائر من خلال منع هذا المجرم من الوصول الى الحشد الأنتخابي ، وهكذا كان، حيث حدث الأنفجار بعيدا عن الحشد الأنتخابي فلم يصب احد بأذى، واستشهد عبد الأمير . اي حب كبير تحمل للعراق ياعبد الأمير اي وطني عظيم انت ايها الأنسان الأنسان
ان استشهاد المواطن (عبد الأمير محمد) بهذه الكيفية، ابتداء من تمكنه من تشخيص الأرهابي مرورا بأتخاذه قرار الأستشهاد ثم تنفيذه لهذا القرار بكل شجاعة، يحمل دلالات ودروسا وطنية عظيمة تستحق ان يقال عنها الكثير .
الدرس الأول : أن تمكن الشهيد عبد الأمير محمد من معرفة الأرهابي يحمل دلالة وطنية عميقه فهو يشيرالى أن هاجس الحفاظ على أمن العراقيين كان مسيطرا على الشهيد عبد الأمير ما جعله يقظا يراقب الناخبين وجها وجها،ويتفحص ملامحهم وانفعالاتهم وحركاتهم ، وهذه اليقضة والحرص على سلامة العراق والعراقيين سهلت عليه مهمة التعرف على الأرهابي ، بل وجعلته يجزم انه ارهابي فأخذ يحذر الناس ثم فداهم بروحه الطاهرة .
الدرس الثاني : سهولة تشخيص الأرهابيين . لو ان الشهيد عبدالأمير بيننا الأن وسألناه : كيف عرفت ان ذلك اللعين هو ارهابي، لأخبرنا عن سهولة التعرف على الأرهابين. فجبنهم وأرتعاشات خوفهم ،وقلقهم الكبير،وكلاحة واصفرار وجوههم، تجعل تشخيصهم سهلا . وقد ذكرت تقارير عدة عن قيام المجاميع الأرهابية بتقييد الأنتحاريين داخل السيارات المفخخة التي يقودونها حتى لايتراجعوا عن التنفيذ ، واعطائهم كميات كبيرة من المخدرات حتى يسيطروا على خوفهم الطبيعي من الموت، فضلا عن غسل ادمغتهم بأساطير (الحوريات) اللاتي ينتظرنهم على ابواب (جهنم). وفي كل مرة يلقى فيها القبض في العراق على ارهابين قبل تنفيذهم لمهامهم الأجرامية تظهر عليهم علامات الأنهياروالبؤس الى درجة تثير (شفقة) رجال الحرس الوطني والشرطة وتجعلهم لايصدقون أنّ هؤلاء هم انتحاريون يذهبون بأنفسهم للموت. ان الكثير من الناس يظنون ان الأنتحاريين على درجة عالية من المبدئية والوعي العقائدي الى درجة تجعلهم يضحون بأنفسهم في سبيل مبادئهم. ولكن الحقيقة التي يعرفها كل من تعامل مع الأرهابيين، سواء وهم طلقاء او بعد اسرهم، هي ان اغلبهم على سذاجة وضحالة فكرية لاتصدق، وهذا الصفات هي التي سهلت على محترفي الجريمة تجنيدهم ودفعهم للموت العبثي . وقد اخبرني احد ضباط الأمن الوطني العراقي انه لم يصدق مرة اعترافات شخص سوداني القي القبض عليه مع مجموعة ارهابية في الكوت بالرغم من وجود دلائل قطعية على صحة اعترافاته، منها مطابقة اقواله لأقوال الأرهابين الآخرين، فهذا الشخص امي بكل معنى الكلمة، ومن عائلة سودانية معدمة، ومتزوج وله خمسة اطفال اكبرهم عمره تسع سنوات، ولاينقطع عن البكاء المرير والتوسل الذليل طالبا الرحمة به وبأطفاله، ومرددا انه قد خدع، وداعيا الله الى الأنتقام ممن خدعوه.فالتعرف على الأرهابيين ليس عسيرا على كل مواطن عراقي يضع أمن العراق نصب عينيه ليل نهار كما كان يفعل الشهيد عبد الأمير محمد.
الدرس الثالث ، وهو اهم الدروس الوطنية والأنسانية.وهو أن الشهيد عبد الأمير يحمل في لاوعيه الأستعداد للشهادة في سبيل العراق ، فهو حين اكتشف الأرهابي قفز الى وسط الموت دفاعا عن الوطن والمواطنين بلاوعي او تفكير كما يقفز اب حنون ، بدافع الغريزة الأبوية، الى وسط النيران التي تحتجز اطفاله . ان طبيعة الأنسان، وبدافع غريزة البقاء، تجعله يتصرف في حالات الخطر المفاجيء بصورة لاأرادية، كأول رد فعل، بما يبعده عن الخطر، وكان يفترض في الشهيد عبد الأمير (لوكان انسانا عاديا) ان يفر من وجه الخطر بصورة لاشعورية كفرار الناس الذين حذرهم من خطر الأرهابي، ولكن التضحية في سبيل العراق كانت مهيمنة على عقله الباطني نتيجة اخلاصه اللامتناهي للعراق فأندفع بلا وعي او تفكير لأنقاذ مواطنيه عندما ادرك حجم الخطر الذي يهددهم . ان تحول الأفعال الأرادية الى افعال لاارادية يحتاج الى تمرين طويل ومتواصل ، فقيادة السيارة مثلا(في بداية التعلم) هي فعل ارادي يحتاج انجازه الى تفكير وتروي، ولكنه ونتيجة الممارسة الطويلة يتحول الى فعل لاأرادي يقوم به الأنسان بدون الحاجة الى التفكير. ولاشك ان تحول السلوك الوطني المخلص من فعل أرادي خاضع للنقاش والتفكير والتحليل الى فعل لا ارادي ( وهو قمة الأخلاص الوطني) يحتاج الى ممارسة سلوك الأخلاص الوطني لفترة طويلة. وهذا يؤكد لنا ان تفاني الشهيد عبد الأمير في اخلاصه للعراق الى حد التضحية بحياته بصورة لاشعورية لم يكن وليد صدفة او وليد ساعته وظرفه ، بل هو سلوك وطني ايجابي مارسه الشهيد بصورة متكررة الى ان تحول لديه الى فعل لاارادي يقدم عليه بصورة لاشعورية ، وهنا تكمن عظمة الشهيد عبد الأمير محمد. انا لااعرف الشهيد عبد الأمير ولكن لو سألت الذين يعرفونه لقالوا لي انه مثال الوطني المخلص، ولسمعت من معارفه عشرات القصص التي تؤكد عشقه للعراق، وهذا امر حتمي، فمن يضحي بحياته من اجل ابناء وطنه بصورة لاشعورية ، كما فعل عبد الأمير،لابد ان يكون وطنيا من الطراز الأول.
ان وطنا فيه امثال هذا المواطن لهو وطن يستحق المجد بأمتياز، وأن شعبا انجب مثل عبد الأمير لهو شعب يستحق الحياة الكريمة . هنيء للعراق بوفائك وحبك ووطنيتك ياعبد الأمير، وهنيء لك، يارافع راية المجد، بشرف الأنتساب الصادق لرحم العراق. [email protected]
#عودة_وهيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مباديءالبعث بين النظرية والتطبيق
-
مليون توقيع ... مليون خيبة
-
شركاء في الجريمة
-
عراق مابعد الأنتخابات
-
المرأة بين الظلم والشعور بالظلم
-
رمّانتان... بيد الدكتور الباجه جي
-
انّي ادّعي
-
ليست دعاية انتخابية ... شيعة ونساء العراق انتخبوا العلمانيين
-
الديمقراطية الأرهابية
-
العام الجديد وصراع الأمل في العراق
-
بصراحة ابو كاطع
-
بين المنع والأمتناع
-
حكي شباط
-
الفلم الأمريكي
-
عبادة حقوق الأنسان
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|