وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 17:58
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ياتي ايمان الانسان بوجود الله الخالق والديان وفكرة البعث بعد الموت من بحث الانسان عن اليقين الثابت الذي لايزعزع هذا الايمان لخوفه من الموت والمجهول والشك الذي يورده الى الضعف والخوف من المستقبل .
الايمان اليقيني هدفه قتل فكرة الشك التي تثير لدى الانسان الطموح نحو البحث عن الاجابة على الاسئلة الغامضة فيقتل الاجابة عن طريق الايمان .ظهر الدين منذ بدايات الانسان الذي عاش في الكهوف , محاولا الربط بين حياته وبين ظواهر الكون والطبيعة والموت القسري . هذا الدين الطبيعي يكون انعكاسا لبيئة الانسان سواء في البادية ام في المدينة .
وبالتالي فان الاسلام الطبيعي , هو الاسلام النابع من داخل الانسان والذي قد يختلف من دولة الى اخرى حسب تغير البيئة والثقافة ولكنه يبقى اسلاما طبيعيا .
اما تدين المسلم والاسلام فهو ظهور الانسان المسلم بشكل متميز في لحيته وفي ملبسه وفي الصلاة امام الناس .
التدين صفة وسمة للمسلم المنافق الكاذب الذي يمارس التقية ,بينما المسلم الطبيعي هو انسان متصالح مع ذاته ومع الاخرين .
اما تديين المجتمع واسلمته فهو يعني تديين السياسة وتسييس الدين .
انه يعني فرض الدين وشعائره علفى الناس بالقوة وبالارهاب الفكري والديني والميليشياوي , وذلك بفرض نوع معين من الملابس والحجاب والنقاب ونوع معين من السلام والوان معينة للملابس .انه قائم على مبدا الحلال والحرام عن طريق لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر . وبالتالي فرض الاسلام السياسي على كل نواحي الحياة , واصبح هناك تسمية الاقتصاد الاسلامي وعلم النفس الاسلامي وعلم الاجتماع الاسلامي , والبيرة الاسلامية , وهكذا ...
يكتب المفكر والكاتب فارس كمال نظمي في كتابه (الاسلمة السياسية في العراق – رؤية نفسية – ط1 – 2012 –الناشر – مكتبة عدنان – بغداد –شارع المتنبي : (ان الاسلمة تنقل المسلم من ذاته الاجتماعية المتسامحة والمتعايشة مع الاخرين المغايرين له , الى ذاته الاجتماعية المنغلقة المتاسلمة المتصادمة حتما معهم . وينطبق الحال على بقية الهويات والعقائد , فالقوميون يصبحون ( قومويين ) او ( عنصريين ) حالما ينتقلون الى موقف المواجهة العرقية حيال القوميات الاخرى . والثوريون يغدون ( ثورويين ) حالما تصبح الثورة لديهم غاية لا وسيلة . والملحدون يصيرون ( الحادويين ) حالما يريدون فرض احقية الحادهم على المؤمنين .) انتهى الاقتباس .
تتزامن ظاهرة اسلمة وتدين المجتمع بالقوة مع ظاهرة وفكرة الجبر , وهو ان الله خلق الانسان وقدر له حياته ورزقه ومماته , وعلى الانسان القبول بنصيبه بالحياة . وهذه هي العدمية يعينها .فلماذايخلق الله الانسان وهو يعلم بسابق علمه ماذا سيفعل من خطايا ومن سيقتل وكيف ومتى يموت ..
ولماذا يعاقبه في جهنم اصلا اذا كان خلقه حرا كما يزعمون ؟
واذا لم يخلق الانسان حرا فلا معنى يبقى لفكرة (جهنم ). من هذه النزعة الجبرية ظهرت في الفرد العراقي ظاهرة الماسوشية اي تعذيب وجلد الذات . وبتنا نقرا مقولة ( العراقيين ما يصيرلهم جارة ) وغيرها .
يقول فارس كمال نظمي في نفس كتابه ناقلا وجهة نظر هؤلاء الناس الذين يحبون تعذيب ذواتهم :
(الفقراء صاروا فقراء لانهم (كسالى ) لايبذلون اقصى جهودهم , والتفاوت الاجتماعي ليس الا نتاجا معقولا لفروق فردية في الذكاء والقدرات , والضحية المغتصبة جنسيا تستحق ما لحق بها لانها سارت لوحدها في الطريق ولم تكن محتشمة بما فيه الكفاية ) .
وينتج عن هذا الوهم كما يؤكد فارس كمال نظمي , التعطيل السايكولوجي للحراك البشري الجمعي الايجابي نحو الاحتجاج والتغيير والاصلاح .
ومن هنا جاء مشروع الاحتلال الاميركي في تدمير البنية التحتية للعراق وتمزيق نسيجه الاجتماعي , والتشجيع على اسلمة وتديين المجتمع , وذلك لافراغ البلد من الطبقة الوسطى ومن المثقفين ومن الكفاءات . والعمل على التعطيل السايكولوجي للحراك البيشري الجمعي الايجابي نحو الاحتجاج والتغيير والاصلاح .
يقول الكاتب : ( لايمكن شفط الثروات الطبيعية بسلاسة من اعماق هذه البلاد , ولاتهجير ثرواتها البشرية قسرا الى الغرب , ولا اقامة قاعدة دائمية فيها للتحكم بالمخزون النفطي العالمي , الا اذا انشغل سكانها المغرمون بحلم العدالة باحراق هويتهم الوطنية في موقد الطائفية والعرقية الميتا فيزيقي.لانحتاج احزابا اشتراكية ولا ليبراليين وطنيين , ولا طبقة وسطى مثقفة ولا رجال دين متنورين . كل ما نريده فكرا اساطيريا سائدا , يحرك العنف واللاعقلانية في سلوك الحكام والناس على حد سواء , نحميه باطار دستوري لفظي ريثما ننتهي من صفقاتنا التي عبرنا البحار والمحيطات لانجازها بالتمام والكمال ) .
يشجع مشروع الغزو المعولم للعراق ما يسمى ب ( القطع المبرمج ) في الكهرباء الوطنية .ان الحياة الطبيعية تتعطل بدون كهرباء وبالتالي استخدم حكام العراق في زمن صدام سياسة قطع الكهرباء من بين سياسات اخرى لتطويع الشعب واذلاله وصرف انتباهه عن القضايا الجوهرية التي تخصه
يكتب فارس كمال نظمي في كتابه (ان القطع المبرمج للكهرباء هو في جوهره تطبيق مبتكر لجداول التعزيز schedules of rein forceement التي اكتشفها العالم الاميركي ( سكنر ) , مستخدما اياها ببراعة في تشكيل سلوك الحيوانات , معمما هذ1 التكنيك على السلوك البشري ضمن ما صار يعرف بمذهب (الحتمية الاجتماعية ) .
يقول سكنر ان السلوك البشري جبري تحدده الاحداث البيئية اما حرية الانسان فمحض وهم .عندما نرى حصان السيرك يدور حول نفسه ثم يحني راسه ثم يرفع قائمتاه , لا لانه يرغب واعيا بامتاع الجمهور , ولكنه تعلم عبر جداول تعزيز سابقة تعرض لها حصوله على المكافاة ( تفاحة مثلا ) اصبح مرهونا بانتهائه النمطي من كل تلك الحركات التي قد تكون مرهقة له لكنها تبدو مدهشة وذكية للمشاهد .
لقد جرى فعلا تشكيل جزء مهم من السلوك الاجتماعي للعراقيين ضمن جداول تريضية غير ثابتة زمنيا , مماثلة لجداول سكنر , بوشر بها منذ عقدين من الزمن , اذ فقدوا مرونة الكينونة الحياتية التلقائية التي تبيحها الكهرباء الدائمية التدفق . وامسوا يقننون مواقيت نشاطاتهم اليومية , العمل, النوم ,الدراسة , مشاهدة التلفاز والعلاقات العاطفية وغيرها على نحو وسواسي قهري بانتظار مجيء الكهرباء التي مصدرها الدولة او المولدات الاهلية بوصفها الجائزة التي تهون من اجلها كل انواع المعاناة التي تسبقها . فاصبح الصبر والتقنين والحذف والتاجيل والالغاء والتخلي هي ( القاعدة ) المتاحة للعيش بينما باتت التلقائية والمبادرة والاشباع والثقة بالحياة هي الاستثناءات شبه الغائبة . وبمعنى اكثر تحديدا , جرت محاولة تدجين العراقيين على قبول ادنى الحقوق البدهية ( الكهرباء ) كما لو انها جوائز كبرى لايمكن نيلها الا بعد مرورهم الميكانيكي الحتمي بجداول التخلي عن نيل الحقوق ) . انتهى الاقتباس
وهكذا نتوصل الى نتيجة مفادها الى ان الكهرباء ستبقى معطلة لانها محاولة لتدجين الشعب وستبقى معطلة لحين شفط جميع ثروات العراق . وبالتالي فان الترويج لفكرة الجبر ولتدين الانسان والمجتمع واسلمته هي تتوافق وتتناسق مع مشروع الاحتلال الاميركي الصهيوني المعولم تلازمها فكرة جلد الذات وتعذيبها والقول بان العراقيين كسالى وان العرب ضيعوا فلسطين وان اسرائل ديمقراطية . كما تتوافق هذ ه السياسة مع برامج التعزيز في تدجين الشعب العراقي .
من هنا نرى بعض الكتاب الليبراليين – رعد الحافظ كنموذج يتوافقون مع المشروع الاميركي لغزو العراق ويسمونه تحريرا وهو اي رعد الحافظ مع ديمقراطية اسرائيل ومع القاء اللوم على كسل العراقيين والعرب .
ان شخصا يسمي نفسه ليبراليا مثل رعد الحافظ لايستطيع الدخول في نقاش معي لانه الغى صداقته لي عبر الفيس بوك فكيف سيتحاور مع الناس البسطاء ؟
ان الليبرالية فكر وسلوك وليس بدلة تلبس وتنزع متى شاء .
الديمقراطية والليبرالية تتطلب الحوار الصريح والاحترام المتبادل والقبول بالاختلاف
اما اللجوء الى ( الشلة ) فهو على مبدا الجاهلية انصر اخاك ظالما اكان ام مظلوما ...
على المودة نلتقيكم ....
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟