أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!














المزيد.....

-الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 13:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إنَّ أسوأ طريقة في الحُكْم، أو للاحتفاظ به، هي التي تتَّبِعها (ولو عن اضطِّرار) من غير أنْ تَجِد في نفسكَ من "الجرأة"، والتي ليست بـ "جرأة"، ما يكفي لاعترافكَ باتِّباعها والأخذ بها؛ فإنَّ الحماقة بعينها هي أنْ تَلْبس لبوس هذه "الفضيلة (الاعتراف)"، التي يكفي أنْ تلبسها، أو أنْ تجرؤ على لباسها، حتى تتعرَّى تماماً من البقية الباقية من شرعيتكَ الإنسانية والأخلاقية في الحُكْم؛ فهل في مقدوركَ، إذا ما كنتَ حاكِماً، أنْ تَرْتَكِب مجزرة (ولو عن اضطِّرار) كمجزرة "الحولة"، وأنْ تَقِف، من ثمَّ، لتُعْلِن على رؤوس الأشهاد أنَّكَ مرتكبها؟!

خيارُكَ، إذا ما كان في هذا الأمر شيء من معنى "الخيار"، إنَّما هو أنْ تَرْتَكِب جريمة ثانية، لعلَّها تُبرِّئ ساحتكَ من ارتكاب الجريمة الأولى، وهي مجزرة "الحولة" في مثالنا؛ وهذه الجريمة الثانية إنَّما هي جريمة "الإنكار"، ترتكبها، هذه المرَّة، ليس في حقِّ أطفال، وإنَّما في حقِّ "العقل" و"المنطق"؛ لأنَّه "إنكارٌ" كمثل إنكار أنَّ الأرض تدور حَوْل الشمس.

ومع ذلك، دَعُونا نتخيَّل أنَّ "المعجزة" قد وَقَعَت، فأعلن "المُنْكِر المُطْلَق"، إذْ استأسد على "الضمير الإنساني"، أنَّه هو مُرْتَكِبها، أيْ مُرْتِكب مجزرة الأطفال في الحولة؛ فهل من الحصافة بمكان أنْ نتوقَّع أنْ يكفَّ المُسبِّحون بحمد نظام حُكْم بشار عن التسبيح بحمده؟!

إنَّني لمتأكِّد تماماً (لإيماني بأنَّ بعض البشر لن يتورَّعوا عن معاداة بديهية هندسية إذا ما رأوا فيها إيذاءً لمصالحهم) أنَّهم سيجادلون في الأمر، وسيسعون في إقامة الدليل (غير المُقْنِع حتى لهم أنفسهم) على أنَّ "غاية نبيلة" تَكْمُن في هذه المجزرة، ألا وهي ردُّ، أو جَعْلُ، كيْد "الأعداء" في نحورهم؛ وربَّما تجرأوا أكثر، واحتسبوا هؤلاء الأطفال الضحايا شهداء عند الله؛ فـ "الأمْر (المكيافيللي) السَّامي" هو: أُقْتُلوا (بدَمٍ بارد، وذَبْحاً بالسكاكين) هؤلاء الأطفال الأبرياء؛ فَتُلْقون الذُّعر والرُّعب في قلوب الكِبار مِمَّن باعوا أنفسهم لـ "الأعداء"، وللمتربِّصين بـ "القلعة القومية الأخيرة" شَرَّاً؛ فتَقْطَعون دابرهم، وتَقْضُون على هذا الذي يُسَمُّونه "ثورةً!

إذا أردتم "الحقيقة"، فابحثوا عنها؛ لكنَّكم لن تجدوها إلاَّ إذا بَحَثْتُم عنها في جُثَث هؤلاء الأطفال؛ فإنَّهم (وهذا الأمر ليس من قبيل المصادفة) أطفالٌ لعائلات بريئة من "تُهمة" الانتماء (العملي) إلى "الثورة"، وإلى ممارسي العداء لنظام الحُكْم؛ فلو كانوا غير ذلك لشَقَّ على مُرْتِكب المجزرة أنْ يَبْلُغ غايته (أيْ "الحقيقة" الكامنة في جُثَث الأطفال المذبوحين ذبحاً) وهي إشعال فتيل حرب أهلية من النوع الذي قد يُلْبِس نظام الحُكْم "العاري" في صراعه من أجل البقاء "دِرْعاً شعبية"، فيغدو مع فئة واسعة من المواطنين في مَرْكَبٍ واحد تتقاذفه الأمواج؛ فإمَّا النجاة معاً، وإمَّا الغرق معاً!

وإذا أردتم حُسْنَ الظَّنِّ، لا سوءه، وسلامة التفكير، لا خطله، فإيَّاكم أنْ تتَّهِموا "الباب العالي"، شخصياً، بارتكاب مجزرة "الحولة"؛ فلو اتَّهمتموه لاتَّهَمْتُكم بالجهل بالمعنى الحقيقي لـ "الدكتاتور (المثالي)"؛ فـ "حُكْم الفَرْد"، إنَّما هو، بمعناه الحقيقي، انفراد الحاكِم بالقرار والرأي والتفكير..؛ أمَّا "التنفيذ" فيَتْرُكه، وينبغي له أنْ يَتْرُكه، لغيره؛ فـ "الدكتاتور" يُفكِّر ويرتئي ويُقرِّر..؛ و"الحقيقة"، في عُرْف بطانته، إنَّما هي ما يُفكِّر فيه وليِّ أمرهم الآن؛ فإذا تفتَّق ذهنه عن "الفكرة"، ولو كانت "فكرة المجزرة"، تَرَكَ لمرؤوسيه، وما أكثرهم، شَرَف "تنفيذها"!

أحد الأطفال من أقربائي شاهد "المجزرة"؛ فقادته رغبته في عدم تصديق ما رأى إلى أنْ يسألني السؤال الآتي: افْتَرِضْ أنَّ "الرئيس" بريء منها، أيْ من هذه المجزرة، ومن كل ما ارتُكِب من جرائم قَتْلٍ في حقِّ المدنيين العُزَّل من مواطنيه، وأنَّ المستقبل جاء بما يقيم الدليل على براءته؛ فهل تَقْبَلون، عندئذٍ، بقاءه رئيساً للبلاد؟

أجبته قائلاً: إنَّ في سؤالكَ يَكْمُن الجواب؛ فلو ثَبُتَت براءته، وثَبُتَ، من ثمَّ، أنَّه كان كالزَّوْج المخدوع، أيْ آخر من يَعْلَم، فلا بدَّ، عندئذٍ، من خلعه، ومحاكمته بتهمة العجز عن أنْ يكون رئيساً.

الجواب لم يروِ ظمأه إلى "حقيقة يَسْهُل عليه تصديقها"؛ فمفهوم الحاكم الذي حفظه عن ظهر قلب لا يجعله يُصدِّق أنَّ مجزرة كمجزرة "الحولة" يمكن أنْ تكون "أسلوباً في الحُكْم"؛ فتساءل قائلاً: أليس المُتَّهَم بريئاً إلى أنْ تَثْبُت إدانته؟

أجبته قائلاً: إلاَّ حيث تُحْكَم شعوبنا حُكْماً دكتاتورياً؛ فإنَّ من السِّمات الجوهرية للحُكْم الدكتاتوري العربي أنَّ رأسه، وإذا ما حُوكِمَ محاكمةً "عادلة، نزيهةً، موضوعية"، لن يُدان، إذا ما دِين، إلاَّ بارتكاب "جريمة" من قبيل أنَّه قد عَيَّن أحد أقربائه، في طريقة غير قانونية، رئيساً لأحد النوادي الرياضية؛ أمَّا الجرائم الجرائم فإنَّ أحداً غير الله السميع البصير العليم.. لا يملك دليلاً على إدانته بارتكابها؛ وإلاَّ كيف له أنْ يكون "الدكتاتور المثالي"؟!

معظم المجتمع الدولي اتَّهَمَهُ بارتكاب مجزرة "الحولة"؛ ولسوف ألغي عقلي، وأُصدِّق أنَّ معظم المجتمع الدولي يناصبه العداء لسبب اسْتَغْلَقَت عليَّ معرفته؛ فلماذا لم تتجشَّم موسكو وبكين وطهران مهمة "التحقيق (الدولي) المستقل" في المجزرة؛ فإنَّ أسلوب تبرئة هؤلاء لساحته هو أمْرٌ يُذْكي من فضولي؟!

قد يُدْهشني هذا الإصرار على تصوير معظم المجتمع الدولي على أنَّه مجبولٌ على "العداء" لـ "القلعة"، و"حاميها"؛ لكن ما يُدْهشني فعلاً هو "الإصرار الآخر"، ألا وهو إصرار "أهل القلعة" على عدم الزَّج باسم إسرائيل، العدو القومي الأوَّل للعرب، في "الرواية الرسمية"؛ فـ "العصابات الإرهابية المسلَّحة" تلقى التمويل والتدريب والتسليح والدعم والتأييد من "الأعداء الكونيين جميعاً" إلاَّ من إسرائيل؛ فلماذا؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
- -العقد شريعة المتعاقدين-.. أهو مبدأ ل -السرقة-؟!
- حتى لا ينتصر شفيق وتُهْزَم مصر!
- إنَّها -المستحيلات الثلاثة- في الكون!
- التفاعل بين -المادة- و-الفضاء-
- في فلسفة اللغة
- فساد الكِتَابة!
- لويس السادس عشر يُبْعَثُ عربياً!
- فكرة -الرُّوح- وكيف شَقَّت طريقها إلى رأس الإنسان
- مرَّة أخرى وأخيرة في محاورة -أعداء ماركس-!
- أعداء ماركس.. على هذه الشاكلة!
- -موتى- يَنْعُون -الماركسية-!
- في -حُرِّيَّة التعبير-
- دَعْهُمْ يَخْتَبِرون أوهامهم!
- -المجلس العسكري- يخوض -معركة الرئيس-!
- -الحياة- فلسفة!
- -الإحساس- من وجهة نظر -مادية جدلية-
- في هذا يكمن -سِرُّ قوَّته-!
- -أزمة- مصر تكمن في عدم اكتمال ثورتها!
- ما لَمْ يُقَلْ في -القرية العالمية-!


المزيد.....




- -المحطة الذكية-.. ابتكار يسعى لتحويل دبي لمدينة صديقة للدراج ...
- البرغوثي لـCNN: السنوار شجاع وسيُنظر إليه على أنه بطل.. وهذا ...
- مدفيديف: نظام كييف يحاول صنع -قنبلة قذرة-
- إسرائيل تعلن تحييد مسلحين اجتازوا الحدود من الأردن
- علماء يرسمون خارطة للجلد البشري قد تساعد في معالجة الندوب
- ترحيب غربي بمقتل السنوار: فرصة للسلام والإفراج عن الرهائن
- مصر.. تفاصيل دستور الدواء الخامس
- احتجاز جثمان السنوار بمكان سري.. والكشف عن نتائج التشريح
- خبير روسي: مقاومة ما يحدث في العالم هو ما يوحد -بريكس-
- عراقجي من إسطنبول: هناك فهم مشترك بالمنطقة تجاه خطورة الصراع ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!