طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3743 - 2012 / 5 / 30 - 23:41
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
تناولت في المقالة السابقة موضوعة تكون وانتشار الشخصية الشرجية في العراق واسباب هذا ألأنتشار, وبالاخص لدى الساسة العراقيين (قد ينطبق هذا الكلام ايضا بدرجات متفاوتة واشكال متباينة على اماكن اخرى غير العراق, ولكن المعلومات المتاحة لي لا تمكنني من تاكيد او نفي ذلك).
ولم يكن المقال تشريحا نفسيا لهذه الشخصية وتجلياتها في العموم, حيث ان ذلك يمكن الآطلاع عليه في كتب ودوريات الطب النفسي او التحليل النفسي. ولكن ما يهمنا هنا اساسا هو تبيان اسباب انتشار هذه الشخصية في العراق وتجليات ظهورها بشكل عام, ولدى الساسة وذوي النفوذ في العراق بشكل خاص.
استخدم في دراستي لهذه الظاهرة مفاهيم ومفردات التحليل النفسي لسببين رئيسيين. ألأول هو اهتامي الخاص بالتحليل النقسي ودراستي له وخصوصا مجال استخدامه لفهم وتحليل الظواهر ألأجتماعية والسياسية. والسبب الثاني هو ان التحليل النفسي يتكون من جزئين متكاملين: الجانب النظري للعلم او ما يسمى -الميتاسيكولوجي- الذي يرشد ويوحه جانبه العملي ويغتني به ايضا. والجزء ألآخر هو الجانب العملى, اي استخدام التحليل النفسي كعلاج نفسي.
تتعلق هذه المقالة ايضا بالشخصية الشرجية في العراق, وتكمل ما بدأته ألأولى. ساتناول هنا ايضا الشخصية النرجسية وانعكاساتها السياسية وذلك لأقترانها احيانا مع الشخصية الشرجية في ما يسمى -الشخصية الشرجية النرجسية-, مما قد يؤدي الى ضرر مضاعف على صعيد الفرد او المجتمع . في المقالة السابقة بينت ان الشخصية الشرجية تعبد الغائط بعبادتها للنقود, مما يدفعها لممارسة الفساد وتكديس ألأموال كصفة ملازمة لها وكذلك للتقليل من قلقها المصاحب لخشيتها من العقاب المحتمل. ساسعى في هذه المقالة الى تبيان ان الشخصية الشرجية, لأسباب اخرى, تعبد الرب والشيطان معا. ان تبيان ذلك ليس هدفا اكاديمبا بحتا, بالرغم من اهميته, ولكن اهميته الأخرى تكمن برأيي في تبيان الضرورة القصوى للسعي الى رسم سياسات جديدة للتعامل مع الجسد (وغرائزه بالطبع), وتوفير الضمانات لأحترامه وللتوقف عن ايذائه مها كانت المبررات: اي السعي لبناء ثقافة سياسية-اجتماعية جديدة, ثقافة -رعاية الجسد-. وهي ثقافة تقف على النقيض من ثقافة ايذاء واحتقار الجسد والتشجيع على ذلك, والتي نشهد تجلياتها دوما وتكرارا على مسرح ألأحداث في العراق.
لا بد ان أؤكد منذ البداية ان التحليل النفسي, وخصوصا التحليل النفسي ل -فرويد-, لا يؤمن بقدسية الدين, بل يعتبر الدين عصابا جماعيا. ولنفس السبب لا يعتقد التحليل النفسي بوجود ما يسمى الشيطان كمفهوم ديني. ويرجع التحليل النفسي مصدر الشرور والهدم والعدوانية لدى البشر الى ما يسمى بالعقل الباطن حيث تقطن غريزة الموت
Thanatos
المعاكسة لغريزة الجنس والحياة
Eros
(ثاناتوس في ألأسطورة ألأغريقية هو الشيطان الذي يجسد الموت. اما ايروس فهو اله الحب والشهوة)
ولكن هذا لا يعني عدم امكانية استخدام التحليل النفسي في دراسة الظواهر ألأجتماعية والسياسية, جنبا الى جنب مع علوم اخرى كعلوم الأجتماع والسياسة وغيرها. بل العكس هو الصحيح. وقد بدأ فرويد نفسه هذا المشوار وتبعه آخرون عديدون, مثل المحلل النفسي الماركسي اريك فروم وغيره.
لا بد ايضا ان اشير بأقتضاب شديد الى منهجية بحثي.
في دراستي هنا, فاني لأسباب جلية, استخدم الجانب النظري فقط لفهم ودراسة الشخصية الشرجية في العراق. بالطبع ستكون الدراسة اعمق واغنى في حالة تضمنها تحليل هذه الظاهرة في -المختبر- ايضا, اي باقترانها بالجانب العملي للتحليل النفسي, وذلك باستخدام الجلسات التشخيصية-العلاجية وتطبيق التقنيات العملية كتأويل ألأحلام واستخدام التداعي الحر للكلمات باعتباره, كما عبر عن ذلك رائد التحليل النفسي سيغموند فرويد, الطريق الملكي (افضل وانسب طريق) للوصول الى الجانب اللاواعي في شخصية الفرد. كما يمكن استخدام فحوصات اخرى كفحص-رورشاخ-, والذي ممكن حتى اجراءه بواسطة ألأنترنيت
http://theinkblot.com/
يستخدم التحليل النفسي تأويل ألأحلام وليس تفسيرها كما لدى ما يسمى عندنا -فتاح فال او ما اشبه-. وألأختلاف بين التفسير والتأويل هو ليس اختلاف شكلي يتعلق باستخدام الكلمات. بل انه اختلاف جوهري ذو بعد علاجي و فلسفي ايضا. فالمفسر ايما كان يسقط صيغة تفسيرية قسرية على الحلم المروى. اما في التحليل النفسي فهنالك انعدام تام للقسرية بسبب استخدام التداعي الحر للكلمات في تأويل الحلم او فك شفراته, وذلك لأن الحلم الذي نتذكره عند ألأستيقاظ ليس هو الحلم الذي حلمنا به بسبب قيام دفاعاتنا النفسية حال أستيقاظنا من النوم بتشويه الحلم لحماية ألأنا-الشخص من افكار او مشاعر لا يود معرفتها ويرغب بابقائها مدفونة في عقله اللاواعي او كما يسمى احيانا بالعقل الباطن, وهذا العقل هو الذي يحدد, حسب تقديرات المحللين النفسيين وغيرهم, حوالي ٩٠ بالمائة من سلوكياتنا وتصرفاتنا, ولذلك اكدت في المقال السابق والتعليقات اللاحقة بان الخطاب السياسي التقليدي في العراق, وبغض النظر عن ايدلوجيته سواء اكانت يسارية او وسط او يمينية, لا بد ان يفضي الى طريق مسدود لأنه يركز, لأسباب تخص ثقافة السياسي نفسه ونضوجه النفسي-الجنسي, على مايقرب من ١٠ بالمائة فقط من محتوى الظاهرة قيد البحث ويغفل الباقي, اي ٩٠ بالمائة.
ان دراستي للظاهرة سوف تغنى بالطبع في حالة استخدامي عينات من جلسات التحليل النفسي مع الساسة وذوي النفوذ, ومحافظتي في الوقت نفسه على اقصى درجات الكتمان بخصوص هوية الشخص المعني وتفاصيل ما يدور في الجلسات وما يتفق تماما مع اخلاقيات المهنة. ولكني استطيع ان اتصور اسباب عدول الساسة عن ألأنخراط في تجربة كهذه كما ساحاول ان ابين اسباب ذلك في مقال لاحق. عموما اني ارحب واشجع ساستنا على استخدام التحليل النفسي او العلاج النفسي من اجل فهم انفسهم وفهم شعبهم بشكل افضل, حيث يشكل ذلك محكا مهما لنجاح ألأمور. ان العلاج النفسي, وبألأخص التحليل النفسي, قد يسبب للمعالج ( بفتح اللام) ألاما نفسية وهو الثمن الذي يدفعه الشخص من اجل اكتمال نضوجه النفسي-الجنسي وعبور المرحلة الشرجية الى المرحلة التناسلية كما اوردت في المقال السابق. ان هذا العبور الى المرحلية التناسلية سوف يكتسب ابعادا اجتماعية واسعة في حالة السياسي, لأن افكاره وخططه تشمل قطاعات واسعة من الجماهير, عكس غيره حيث تكون التغيير في ألأعم ألأغلب محصورا بالفرد نفسه وانعكاسات ذلك على محيطه ألأقرب من عائلة او اصدقاء وزملاء.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
نلاحظ مؤخرا, وحتى قبل ذلك, ظاهرة اعادة اتتخاب القادة السياسيين والتي كتب عنها بشئ من التفصيل. قرأنا ايضا حجج البعض لتبرير او تفسير هذه الظاهرة. كما اعتبرها البعض تجليا لشخصية نرجسية للقائد او الزعيم المعاد انتخابه. وهذا تشخيص اؤكد صحته من وجهة نظر التحليل النفسي . ولفهم اسباب زعمي هذا يجب ان اشرح علاقة ألأنا بالجسد. تعني ألأنا تقريبا -النفس- وهي الجزء الظاهر من النفس بالنسبة للشخص نفسه او عند تعامله مع ألأخرين. اخبرنا فرويد منذ سنوات عديدة بألأرتباط الوشيج بين ألأنا والجسد, فألأنا لا يمكن عزلها ابدا عن الجسد.
-Freud, too, had intimately linked the genesis of narcissism to a function of narcissism to a function of visual perception. He has called the ego "first and foremost" a bodily ego-
Boothby R. (1996) The psychical meaning of life and death. In: Pettigrew, D., & Raffoul, F. (Eds.):Disseminating Lacan. State University of New York Press (p. 343).
اي ان الذات هي دوما جسدية. ويمكن للشخص النرجسي تحقيق -اناه- واشباع نرجسيته اما بادامة النظر طوال الوقت في مرآة تعكس صورته او في سطح ماء راكد كما فعل نارسيسوس في ألأسطورة ألأغريقية فهام اعجابا بنفسه ولم يبرح مكانه الى ان مات. او ان الشخص النرحسي يقوم باشباع نرجسيته عندما تتوجه ألأنظار نحوه, كما في ألأستعراضات والفعاليات وخصوصا عندما يكون هو في المركز ألأول, او عندما تنشر صوره في الصحف او المدونات. ان الشخصية النرجسية تعيش وتقتات على اهتمام ألآخرين بها ليس بالصورة فقط بل ايضا بالكلام حولها. الشخصية النرجسية تعشق الأهتمام بها حتى لو كان ذلك اهتماما سلبيا, وحتى السب والشتم هو افضل لها بكثير من عدم ألأكتراث بها. ان ما تمقته وتخشاه حد الموت, وهذا تعبير حرفي وليس مجازيا, هو اللااكتراث واللامبالاة بها. فاللاأكتراث بها ,بصريا او سمعيا, يعني لها عدم وجودها او موتها . وعادة ما يلجأ النرجسيون, اذا ما توفرت لهم الفرصة, الى تعليق صورهم في كل مكان او وضعها دوما في المقدمة في مدوناتهم ولأوقات طويلة وبدون اي مبرر. ان الشخصية النرجسية بالطبع تضيف نقاطا عدة الى رصيدها النرجسي عندما تصور ألأمر وكأن اعادة ألأنتخاب كان -نزولا- عند رغبة الرفاق واستعدادا لتحمل المسؤولية, بالرغم من الوهن الصحي مثلا. يقول البعض كتبرير بانه ليس هنالك من بديل لأنتخاب هذا الزعيم لأن كافة القادة, برأيهم, يفكرون وبتصرفون بنمط واحد تقريبا. ولذلك يتساءل البعض: -ما الفرق اذا انتخب هذا الزعيم او غيره من طاقم القيادة؟-, وتساؤل هكذا صحيح ومبرر, لأنه بالفعل ليس هنالك من فرق يذكر بين هذا الزعيم وطاقم القيادة ألآخرين.
ان انعدام الفرق هذا ليس شيئا ايحابيا بالمرة كما يحاول تصويره البعض. ان ذلك يعني ففط ان النرجسية لم تبق مقتصرة على الزعيم فقط , بل انها قد انتشرت كالوباء واصبحت صفة للهيئة او التنظيم بالكامل كما يشرح ذلك باسهاب -سام فاكنين- في دراسته للشخصية النرجسية وانعكاس ذلك على المجوعات البشرية كألأحزاب او التنظيمات بمختلف اشكالها.
http://samvak.tripod.com/14.html
على عكس ما يتوهمه الكثيرون, فان الشخص النرجسي لا يحب نفسه ولا يحب ألآخرين, ان هيامه بنفسه هو دمار له وللآخرين اذا كان هو في مركز السلطة او محتلا موقعا قياديا.ان هيام نارسيسوس بنفسه لم يكن حبا لنفسه, فقد ادى ذلك الى هلاكه. كانت مأساة نارسيسوس مأساته هو فقط لأنه لم يقد تنظيما او يتزعم حزبا, واللا لكان الدمار اعما واشملا. ان شعارات حب الشعب والوطن التي تستخدمها الشخصية النرجسية ما هي الا تكتيكات تستخدم من اجل تحقيق مخططها بابقاء ألأنظار مصوبة نحوها وهي توزع ابتساماتها العريضة وأيماءاتها الأبوية, وألأبوية هنا تعني الوصاية وليس الحب, لأنه,كما ذكر اعلاه, ان الشخصية النرجسية شخصية خاوية ولا تستطيع ان تحب.
فابتسامات الزعيم النرجسي وايماءاته ألأبوية هي بمثابة الحلوى التي يوزعها ألأب, في لحظة صفاء, على اطفاله في حين لا يكف عن سؤاله لهم:- الا يعني توزيعي الحلوى عليكم حبي لكم برغم ضربي لكم و حرماني لكم من ألأكل وغيرها من ألأمور التي تعتبرونها من الموبقات وما هي بموبقات؟ بل ان واجبى كأب ان اعمل على أصلاحكم وتقويمكم, ولكنكم لا تعلمون, ويكفي ان اعلم انا اني احبكم وتوزبعي للحلوى (للأبتسامات) هو الدليل, واذا كنتم لا ترون ألأمور كما اراها فان ذلك بسبب طفوليتكم او بسبب جحودكم وعدم ادراككم لمصالحكم كما ادركها انا-.
------------------------------------------------------------------------------------------------
تعاني الشخصية الشرجية, وخصوصا اذا كانت تتبوء مركزا في السلطة, من قلق وخوف شديدين, كما اوردت في المقالة السابقة. انها تسجن نفسها طواعية في منطقتها الخضراء وتحيط نفسها بالعساكر وتركب السيارات المصفحة. ولكن كل ذلك لا ولن يفيد في التخفيف من هلعها الا الشئ الهين.
فالقلق يعشعش في داخلها. انها, بسبب جشعها وتقديسها للمال الناتج عن طبيعتها كشخصية شرجية, وكذلك بسبب استخدامها اياه لتوفير ألأمن لها, مستعدة لأرتكاب كل الموبقات من اجل جمع المزيد منه. وهي, بسبب وهن تطورها النفسي-الجنسي, تلجأ الى الدين ككابح لمخاوفها وقلقها. لكن دينها لا يمكن ان يكون دين -الفلاح وخير العمل- كما يكرر خمسة مرات يوميا عندما ينادي المؤذن الناس للصلاة, وذلك بسبب فسادها. لذلك تحتاج هي الى فتوى. لكونها تملك المال, فانها تحصل على الفتوى بين ليلة وضحاها. تقول الفتوى: -من بنى مسجدا, بنى لنفسه بيتا في الجنة-. ولكون الفتوى معرضة للبطلان حال صدورها اذا جوبهت بسؤال عن مصدر المال لبناء المسجد, ولكون والسؤال الواحد قد يجر الى المزيد تلجأ الشخصية الشرجية الى اسكات ألأصوات وألأكثار من الممنوعات والمحظورات. وقد يكون السؤال بلغة خفية كما في فنون النحت او الموسيقى والغناء- مثلا, فتصبح هي ألأخرى من المحظورات.
مثلا
http://www.sotaliraq.com/mobile-item.php?id=110575#axzz1wNSr7wvg
ان ما يوازي حرص الشخصية الشرجية على تكديس ألأموال هو حرصها على قمع ألأفكار. وازياد تشبثها بدينها يزيد من تشبثها باضطهاد ألأفكار.
لفد وجدت دينها وحصلت على فتواها. انها تملك المال للحصول على فتواها,وهي تملك المال ايضا لبناء المساجد. اذن لتسرع في بناء المساجد, متناسية ما تناسته الفتوى ايضا عمدا ام غفلة; تحديدها لمصدر المال لبناء المسجد. وسرعتها في بناء المساجد لا توازيها الا سرعتها في قمع ألأفكار. وهم المساجد, عكس ما تبغيه كليات الفلسفة واقسامها, ليس أشاعة النور والحداثة والتفكير-كما في عصرألأنوار, بل اشاعة العتمة وألغباء وألأوهام.
وكما يذكر الشاعر ألأنكليزي وليام بليك
Opacity
هو ألأسم ألأكثر شيوعا من اسماء الشيطان.
-Satan has many names. Opacity being the most -common-
Yeats, W. B. (Ed.): (1979): The poems of William Blake. London: Routledge & Kegen Paul (Original work published 1905)
والشخصية الترجسية تبلس قناعا مماثلا للقناع الذي سماه ماركس قتاع الشخصية
Character Mask
لأخفاء الشخص نياته ومشاعره الداخلية من اجل تحقيق مآربه. ويمكن ألأطلاع على المزيد من ذلك في
Christoph Henning: Charaktermaske und Individualität bei Marx
والمتوفر في ألأنترتيت
لفد ارسل صديق لي فيديو فلم يظهر فيه رجل دين معمم يخطب في الناس ألآن ويدعوهم الى مقاطعة حفل موسيقي في كربلاء تقوم به احدى شركات الموبايل في العراق كدعاية للشركة, بحجة ما يقول:
-الموسيقى من المحرمات...افتى بذلك علمائنا جميعا... حرام عليكم الحضور... في كربلاء اللي عشنا على دماء الحسين وآل بيته هذا مو عيب, مو حرام؟-
لربما لم يكن ما يقوله
-في كربلاء اللي عشنا على دماء الحسين-
هفوة فرويدية
Freudian slip
آتيه من عقله الباطن لتدلل على حقيقة هذا المعمم الذي بالفعل, كما اعلن هو بنفسه, -يعيش على دماء الحسين وآل بيته-.وسؤالنا له:-ما الذي كنت ستعتاش عليه لو لم تكن هناك دماء الحسين وآل بيته-؟ او: -هل قتل الحسين لتعتاش انت من دمه-؟ او: -لماذا لا تتعلم حرفة و مهنة تعيش منها حالك اغلب البشر, بدلا من عيشك على دماء الحسين-؟
و البعض من يسارنا هو ألآخر يعيش على دماء شهدائه رغم عدم اعتماره العمامة.
والكل في بحث دائم عن دماء ليعتاشوا منها. فكيف سيعيش هؤلاء بدون ان يسفك الشيطان كل هذه الدماء؟ والمعممون منهم على ألأقل يجهرون ليل نهار بعبادتهم للرب وان كانوا يعتاشون من الشيطان (وليس من ربهم الرحمن الرحيم) الذي سفك دماء كل هؤلاء الشهداء الأطهار.
وكلما زاد عدد شهدائنا وبرك الدماء كلما زاد الشر والطغيان برغم ازدياد عبادة رب الرحمان.
القناع قد لا يخفي الوجه فهذا ليس من مهماته. انه يخفي النيات. وقد يتخذ القتاع شكل العمامة, المسبحة او الخاتم او صورة شهيد الخ. فللقناع نفسه عدد لا يحصى من الأقنعة والتمويهات.
اليس ألأولى برجال الدين, بدلا من التسكع في المساجد واصدار الفتوى تلو الفتوى لأخماد روح البهجة والفرح لدى الناس, ان يساهموا هم بانفسهم بادخال الفرح والبهجة في نفوس الناس, كاحدى اهم وظائف الدين؟ قبل فترة قصيرة شاهدت فيلما يتحدث فيه رجل وزوجته من اوكرانيا عن مساعدة قسيس كنيستهما لهما للوصول الى النشوة الجنسية, باعتبارها احدى وسائل التقرب الى الله, حالها حال الصلاة.
تؤكد ابحاث علم النفس وعلوم ادارة ألأعمال ان شعور الشخص بالسعادة يزيد من أداءه وكفائته الوظيفة, وهو امر قد يبدو بديهيا.
-Thomas Wright, Jon Wefald Leadership Chair in- Business Administration and professor of management at K-State, has found that when employees have high levels of psychological well-being and job satisfaction, they perform better and are less likely to leave their job -- making happiness a valuable tool for maximizing organizational outcomes-
http://www.sciencedaily.com/releases/2009/02/090203142512.htm
هنالك أيضا مجموعة كبيرة من الأدلة من علم النفس والطب الجنسي التي تظهر ان سعادة ألأزواج وتواصلهم حول مختلف ألأمور تزيد من متانة العلاقة الزوجية وتحسن العلاقة الجنسية بين ألأثتين. وعلى العكس، فالمشاعر السلبية بشكل عام وحول الجنس بشكل خاص, لأسباب دينية او غيرها التي تخص العادات والتقاليد, كالشعور بالذنب والخطيئة (ولدى رجال الدين وديوك الذكورة قائمة طويلة بالمحرمات تكاد لا تنتهي, وكل يوم يأتي بالمزيد), تساهم بشكل كبير في نشوء الصراعات الداخلية ومشاعر الكبت الجنسي والحرمان, والتي هي بدورها تشكل عوامل في منتهى ألأهمية للمساهمة في تكوين الشخصية الشرجية وشيوعها.
وبدل ان يكون الجسد او الجنس, فلا يوجد جنس دون جسد ,مصدرا للمتعة والراحة النفسية والجسمية, يصبح مصدرا للعذاب وألألم والخطيئة ويكون الجسد معرضا لأغواء الجنس, ألآن او لاحقا, وكل هذا ألألم والعذاب هو بسبب ما ينفثه ألشيطان, يقول لهم شيوخهم ويأتمنوهم على اسرار, في جسد ألأنسان, ولذلك ينبغي معاقبة الجسد الذي خضع لأغواء ألشيطان (الجنس) او كاد بضربه بالزناجيل او قطع الرأس بالقامات وسفك المزيد والمزيد من الدماء باسم الشهداء البررة.
يردد مريقي دمهم انهم يفعلون ما يفعلون تكفيرا لأثم في غابرالزمان. ولكن لماذا لا يكون التكفير, سواء اكان للشعور بالذنب ما يبرره ام لا, بسفك الدماء؟ لماذا لا يكون مثلا برعاية محتاج او بناء مدرسة او تعبيدا لطريق؟ ومن يستطيع ان يضمن, رغم حسن وطيب النيات, ان كل هذه الدماء المسفوكة لن تسر في عروق ثاناتوس لتغذي شيطان الموت والدم والدمار, وتزيد من شهيته لمزيد من الدماء؟
ولكن كل هذه الدماء, حتى لو غطت البقاع كلها , ليست بقادرة قيد انملة على اطفاء نار الشهوة ولهيب الجسد.
لذلك فان دعوة البعض من شيوخ اليسار الى ألأئمة وألآيات لتحريم ايذاء الجسد لهي, اي الدعوة, بالرغم من حسن النيات, هراء في هراء, لأن الدعوة كان لها ان تأخذ شكل ومضمون الدعوة لتحرير الجسد والسماح بمتعة الجنس دون اثم او عار. ولكن يسار كهذا يخشى الدعوة الى تحرير الجسد, ليس لربما بسبب الخوف من اتهامه بألأباحية والفجور, بل لسبب اهم بكثير. فهذا اليسار, حاله حال من وحهت له الدعوة, يحتاج لدم الشهداء ايضا لصبغ الوحوه, فليس هنالك افضل من قناع الشخصية لماركس (كما ورد اعلاه), افضل من قناع الدم, او هكذا يعتقدون. فالصداقات الحميمة, حالها حال العداوت المريرة, توثق بالدم.
وقد جسد الروائي اوسكار وايلد الجانب اللاأخلاقي والتدميري للشخصية النرجسية في روايته المشهورة -صورة دوريان كري-.
Oscar Wilde:The Picture of Dorian Gray
ولربما من المناسب ان اذكر هنا ان اوسكار وايلد كان جنسيا مثليا. فهل ان معاداة الجنسية المثلية من قبل عبدة العتمة والشيطان ستدفعهم الى ارتداءهم -قناع الشخصية- والدعوة باصوات هي كالفحيح الى تمزيق رواياته, لأن جنسيته, كما يزعمون, معادية للعرف والتقاليد والرب وتستحق اللعنة كالشيطان. وعندما يخلدوا الى انفسهم وينزعوا القناع يهس بعضهم للآخر كالجرذان: -لربما لن نحرق كتبه لو اكتفي بجنسيته المثلية ولم يتناول بالسوء شخصيتنا النرجسية حتى لو لم يذكرنا بألأسم او بألأعلان-.
---------------------------------------------------------------------------------------------------
تذكر مدونة -فندق هيغل- ان الشخصية النرجسية قد تقترن, لسوء حظ الشخص نفسه ولسوء حظ ألآخرين, بالشخصية الشرجية, لتنتج ما يسمى الشخصية الشرجية-النرجسية
The Anal-Narcissistic Personality:-- loves to play in the dirt , to get down and dirty , wrestle in the mud , Pigpen , Diogenes , has essentially identified with The God of Dirt and Mess ....generally very disorganized"
http://hegelshotel-mostrecentpapers.blogspot.com/2011/04/ten-different-types-of-anal-sub.html
ولكن رب القذارة في مدونة -فندق هيغل- هو نفسه العشيق السري للقذارة, اي, بالنسبة لفرويد, الشيطان او الشخصية الشرجية.
"Freud represents the ‘anal character’ by the image of a man who, like the devil, is given to hoarding, sadism and pedantry, and who, like the devil, is a secret lover of excrement."
http://www.richardwebster.net/freudsatanandtheserpent.html
نعلم ان المنظمات الدولية قد صنفت بغداد كاحدى اقذر مدن العالم قاطبة, ولكن مدونة -قلعة ألأسود- قد رصدت الظاهرة كأنطباعات شخصية في الرابط
http://baghdadnights-2008.forumotion.com/t243-topic
حكمتنا الشعبية قد قالتها هي ألأخرى من زمان -النظافة من ألأيمان والوساخة من الشيطان-.
وهكذا يضمحل ويختفي, لدى الشخصية الشرجية وساسة العراق, التناقض بين الرب والشيطان, ويصبح كلاهما وجهان لعملة واحدة بحيث ان عبادة احدهما هي ايضا عبادة للآخر بالتمام والكمال.
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟