الاتحاد الخليجي ..خرج ولم يعد !

نادية علي

الحوار المتمدن-العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

  

قبل أيام من المحادثات التي جرت الاسبوع الماضي بين طهران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا في بغداد حول البرنامج النووي الايراني، يزداد التوتر بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول الخليج العربية، ليصل حد التهديد بحرب خليج ثالثة في سلسلة حروب الخليج المفتوحة مع منذ حرب العراق وإيران عام 1980,وحرب تحرير الكويت عام 1991. 

التوتر بين ايران ودول الخليج العربية مستمر منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 ، لكنه هذه المرة له طعم آخر يتزامن مع تراجع الدور الأمريكي في الخليج الذي يبدو أنه يريد البحث عن هويته الضائعة ويواجه مايسميه التحدي الايراني لأمنه بفكرة "الاتحاد الخليجي "، الخائف طبعاً من رياح التغيير التي تهب هذه الأيام ، لتحول مصر من داعم مستمر لدول الخليج في وجه ايران والتهويل ب" خطرها"، الى قلق متواصل ، خاصة للسعودية التي سارعت الى عرض مبادرة الوحدة مع البحرين ، في ظل تحفظات كثيرة من قطر وعمان  والامارات وحتى الكويت.  

وليس غريباً القول إن قلق  ايران من مشروع الاتحاد الخليجي ، له مبرره من واقع ان معظم دول الخليج ، تساهم بقوة في تنفيذ العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها،  وهي متطوعة خاصة السعودية، لتعويض النقص في النفط في حال وقف ايران تصدير نفطها الى الاسواق العالمية. وكل ذلك رهن بالطبع ، بنتائج محادثات النووي في بغداد هذاالاسبوع.
ومن الطبيعي أن تقلق طهران أكثر وهي ترى الدور  الخليجي المستفز ، في الأزمة السورية والذي يظهر هذه الدول ، تقود حرباً شبه مباشرة على ايران لتغيير نظامها، من بوابة دمشق.  
 
وفي الضفة الأخرى ، تخشى دول الخليج أن تراجع الدور الأمريكي بعد سقوط نظام حسني مبارك ، والانسحاب من العراق ، أدى الى تعزيز النفوذ الايراني ، ومايقال عن دور إيراني ولو غير ملموس ، في المظاهرات الشعبية البحرينية ، وهي طبعاً من وجهة نظر دول الخليج " مؤامرة طائفية " وليست صدىً للربيع العربي الذي انطلق عفوياً في تونس الخضراء!.     

وفيما تقف شعوب المنطقة حائرة وهي تستمع الى خطابات نارية مابين تهديد ايران بضم البحرين كما طالبت صحف المرشد الايراني آية الله خامنئي مثل كيهان واطلاعات وجمهوري اسلامي ، وتصريحات في الخليج من قائد شرطة دبي مثلا بحرق ايران والضرب على طبول الحرب،خرج الشعب في البحرين في مظاهرات رفضت الاتحاد مع البحرين، ذلك أن الذين يحتجون في البحرين ، يمثلون غالبية الشعب وهم ليسوا شيعة فقط كما يصور الاعلام الرمادي.  

وليس الشعب البحريني وحده يرفض فكرة الاتحاد مع السعودية ، وهذا أكبر عائق حتى إذا افترضنا أن الشيعة وحدهم يرفضون وهو يشكلون أكثر من 70% رغم كل محاولات تغيير التركيبة المذهبية هناك، فان هناك عوائق كثيرة تحول أصلاً دون تحقق " الاتحاد الخليجي " على نمط الاتحاد الأوروبي أهمها الاختلاف الكبير في مصالح دول الخليج العربية حول قضايا كثيرة تخص التغيير في العالم العربي ودور الاخوان المسلمين والسلفيين.
كما أن هناك خلافات شائكة جداً بين هذه الدول خاصةةبين قطر والسعودية وقطر والبحرين وخلافات حدودية اخرى مستعصية. 
ويجب أن لاننسى انسحاب  الإمارات من الاتحاد النقدي، اعتراضا على اختيار الرياض مقرا للبنك المركزي الاتحادي. كذلك فان الكويت تعاني أزمات داخلية تجعل من "غير الملائم"، كما عبر رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون الخميس الماضي، وقوله  إن دول الخليج يجب أن تكون متناغمة في ما بينها في مجال احترام حقوق الانسان واطلاق حرية التعبير والمشاركة الشعبية قبل ارساء الاتحاد الذي تنوي اقامته.
وتظل عُمان حالة شبه مستقلة على الدوام ، وهي لم تتحمس لفكرة الاتحاد، حيث رأى وزير الدولة  للشئون الخارجية، يوسف بن علوي، أن "فكرة الاتحاد غير مفهومة بالنسبة لنا من حيث التطبيق والآليات، ولا من حيث الحاجة، أو الإيجابيات أو السلبيات. لو لم يكن مجلس التعاون لقلنا إن هذه الفكرة يمكن أن ندرسها، لكن الآن يوجد لدينا كيان له آلياته، وقوانينه، وحقق الكثير من الأشياء"..
فلماذا طبول الحرب والتهديد بها في الخليج ؟
وهل يمكن لإيران أن ترد على هذا الاتحاد الذي قد لا يلد أصلاً ، باتحاد ، يثير مجردالحديث عنه ، قلقاً جدياً في المنطقة، وأعني به : اتحاداً إيرانياً عراقياً سورياً ، ظلت فكرة مطروحة حتى قبل سقوط نظام صدام؟. 
والله فكرة !  
   
 

#نادية_علي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات