أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين رشيد - قصة قصيرة جدا -الخليقة-














المزيد.....

قصة قصيرة جدا -الخليقة-


حسين رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3740 - 2012 / 5 / 27 - 12:39
المحور: الادب والفن
    


الأمر أصبح مثير للاهتمام والجدل، فلليوم الثالث، لم تسجل أي حالة ولادة في جميع الأنحاء، مع تزايد معدل الوفيات بشكل ملحوظ، ومثير للمخاوف أيضا. وتستمر الحالة لأسبوع وشهر وثلاثة أشهر، برفقة حالات إجهاض كثيرة لنساء حوامل.
الذعر انتشر في كافة أرجاء المعمورة، فرق العلماء تبحث في الأمر وتحاول معرفة السبب ومعالجته لكن دون جدوى. المليارات من البشر أخذت بالتناقص الى مئات الملايين من ثم مئات الألوف. دول وبلدان محيت بالكامل، وما تبقى منها اتحد بدولة واحدة، الأرض أخذت بالانكماش بعض الشيء إذ اختصرت الصحاري والبحار والمحيطات بشكل كبير. وفرق العلماء تبحث بالأمر، بمعاونة منظومة متطورة من العلوم التكنولوجية والطبية. ولا تغيير في الأمر، لا بل أصبح الأمر أكثر خطورة. اذ استجدت حالة أخرى فجثث الموتى آخذت تختفي بعد موت الشخص، ورغم ما زرعته من خوف وتوجس في نفوس من تبقى من البشر ألا أنها كانت مصدر راحة أيضا.
لكن مئات الألوف تناقصت وتناقصت حتى وصلت الى ألاف معدودة، تجمعت فوق ارض تحيط به الأنهار والأشجار وشتى الثمار، وأنواع كثيرة من الحيوانات والطيور المتنوعة الأحجام والأشكال والألوان والصفات، لكنها بدت مستغربة الأمر أيضا. الألوف المعدودة أضحت مئات، والعلماء مازالوا يبحثون دون جدوى، رغم أن بعضهم مات واستبدل بعضهم الأخر.
أدوية الخصب وحبوب الجنس، توزع مع وجبات الطعام، والجميع تحت المراقبة، عسى ان تكتشف حالة حمل عند إحدى النساء، اذ اتفقوا على أن ينكح الرجل جميع ما تبقى من نساء من اجل ديمومة الحياة. السحرة والعرافون بدورهم عجزوا أيضا عن معالجة الأمر، والأعداد تتناقص وتتناقص حتى وصلت الى العشرات.
وذات صباح، هرعت أحدى النساء المتبقيات الى غرفة الأطباء والعلماء وعلامات الحمل بانت عليها، تلقفوها وعلى وجه السرعة وضعوها تحت المراقبة والعناية، وحين سألوها عن الرجل أخبرتهم بموته.
لا يهم موته. المهم هناك امرأة حامل. لكن خلاف حصل بين كبير السحرة وممثلي الأديان والطوائف المتبقين، حول سبب ما حصل ويحصل، فكبير السحرة يقول ان ساحرا كبير هو وراء ذلك ولابد من أعطائه الولاء والطاعة، وممثلو الأديان يقولون هذا بلاء من الرب او الاله، ولم ينتهِ الخلاف والجدل الا بموت كبير السحرة. ليستجد خلاف اخر بين ممثلي الأديان بشان دين المولود الجديد، فالأم كانت تدين بدين والأب بدين أخر، ورغم تدخل العلماء والأطباء المشرفين على المرأة الا ان الخلاف استمر ولولا موتهم جميعا لتطور الأمر الى الإفتاء والاقتتال.
الأطباء والعلماء يخضعون المرأة لجملة من الفحوصات والتحاليل المختبرية، بغية معرفة اسباب الحمل ومقارنتها بتحاليل سابقة لنساء اخريات. في ذات الوقت اخذ عدد المتبقين من البشر يتناقص ويتناقص، وبعد مرور فترة وجيزة، لم يتبق سوى المرأة واحد الأطباء. وما ان بدت علامات الولادة على المرأة، والسابقة لاوانها لا مثلما اعتدنا ان تكون تسعة اشهر. مات الطبيب وظلت المرأة وحدها تعاني وتصرخ وتحاول الولادة واخرج احد الجنينين اذ تبين من خلال الفحوصات ان هناك جسمين داخل رحمها لكن لم تحدد ملامحهما.
بعد محاولات عدة، ومعاناة والالم وصراخ كان يخترق كل الاحراش والغابات والانهار، اذ تجمعت الطيور والحيوانات والنباتات والاشجار دبت فيها الحياة صدفة، كانوا جميعهم يشاهدونها، وهي تتلوى. حتى تلك اللحظة اذ اطبقت على اسنانها بقوة، واعتصرت جسدها، لتضع في النهاية بيضتين وبحجم غير طبيعي، وتغادر الحياة لكن جثتها لم تختف. اذ تكفلت الطيور بحملها، والغزلان بدفنها تحت شجرة التفاح.



#حسين_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدى قصة قصيرة جدا
- قصة قصيرة جدا
- بغداد والثقافة العربية 2013
- مربدنا الآتي
- ثورة 14 تموز واثرها الاجتماعي والثقافي
- 100 راتب للموظفين والمطرقة والسندان
- الشعر الشعبي والقنوات الفضائية
- أزمتنا السكنية الخانقة
- دهوك بلورة الجبال الخضراء
- بناء الانسان
- باطل ... نريد ان نعرف؟
- لماذا يتمسكون ويختفون؟
- المناداة في اللهجة العامية
- المناداة باللهجة الشعبية
- شهربان … جميلة باطيافها كحبات رمانها
- قصص قصيرة جدا
- عينكاوا والحفر بالذاكرة
- لهجتنا العامية
- بخدمتك
- تسميات نقدية


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين رشيد - قصة قصيرة جدا -الخليقة-