|
الفصل الأول من روايتي الأخرس و الحكاية
زوليخا موساوي الأخضري
الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 00:35
المحور:
الادب والفن
اللعنة! اللعنة! ماذا أفعل خلف هذا المقود؟ إلى أين أنا ذاهبة؟ في طريقها إلى هناك.. كانت الأفكار تتزاحم في رأسها. تصعد.. تصعد.. الحيرة..الهواجس.. ألف سؤال و سؤال..هل أنا خائفة؟ هل أهرب مرة أخرى! و ما عساي أفعل؟ لا مفر من الهروب. هل أهرب أم ألتجئ إلى نفسي؟ كيف ستقيني شرّ هذا العالم الذي لا يرحم؟ لا.. لا.. لم يعد مجديا ما أقوم به.. أنت الآن وحدك أمام نفسك. لم تراوغينها؟ إلى متى ستستمرين في المراوغة؟ لا تهزّي كتفيك علامة عدم اكتراث و لا تعقدي حاجبيك علامة الضيق. آن الأوان كي تجيبي على أسئلة لم تفعلي كل عمرك سوى التهرّب منها. تضحك. و تنفين عن نفسك صفة الجبن؟ ألا زلت تظنين أنك قوية و لا شيء يقهرك؟ ترفع رجلها قليلا عن دواسة السرعة . المنعرجات كثيرة و هي شاردة. هل هذه رغبة خفية في الموت؟ لا. ليس إلى هذه الدرجة. لا رغبة لها في الموت. تنظر إلى الأشجار تمر بسرعة، إلى البيوت البيضاء على سفوح التلال المحيطة بها كأنها حمائم معلقة . هناك في سفح التلة، راع صغير يهش على أغنامه التي تبعثر بياضها في خضرة يانعة . يا لهذا السكون ووحشته الغريبة! تريد أن تصل بسرعة لكن جوعها نهم للجمال الذي يحيط بها . تضحك. كيف خطرت لي فكرة الموت و أنا أتمنى لو بقيت العمر كله على هذه الطريق خلف هذا المقود؟ مرة أخرى ها هي في مهب العواصف. ملتقى طرق.هل ستفضي إلى شيء؟ الحيرة. الحيرة. حارت. تحار. تنقر بإصابعها على المقود و هي تلحن فعل حار إلى جميع الضمائر. لا يستقيم اللحن. تتوقف أصابعها عن النقر. تحاول مرة أخرى أن تتلهى بالمناظر التي تمر أمامها و السيارة تنهب الطريق. تستمع إلى هدير المحرّك. لا شيء غير طبيعي. المحرك يحدث صوته العادي. ليس عليّ أن أقلق من هذا. تعبر قنطرة صغيرة يمر من تحتها جدول ماء ، شجيرات صبار و دفلى. الدفلى صديقة الماء. تحتفي به دوما. حين يفتح الجدول عينيه كل صباح، تبتسم أزهارها المختلفة الألوان في وجهه. لماذا لم أخلق نهرا أو بحرا أو حتى جدول ماء يحتفي كل يوم بحريته المطلقة؟ ولدت كائنا بشريا أنثى في مجتمع محافظ. ثلاث إشكاليات متداخلة متشابكة كشرنقة عنكبوت. أعرف.. أعرف الشرنقة لدودة الحرير و البيت للعنكبوت، لكني أراها الآن شرنقة. ما العيب في ذلك؟ عليّ أن اشغّل المذياع و إلا سأشرد ثانية مع هذه الأفكار الحمقاء التي تهاجمني الآن و قد أتعرض أو أتسبب في حادث. ألم تتمني الموت منذ قليل؟ لا لم أتمن شيئا. يجب أن يكون الإنسان غبيا كي يتمنى الموت. كل لحظة حياة هي هدية ثمينة. لماذا أقول هذا الكلام؟ أكيد هناك من لا يرى الحياة بكل هذه السذاجة. ما العمل إذن؟ و لماذا ترمينني بهذا السؤال إلى الساحة الحمراء في موسكو؟ _تضحك_ عندهم الساحة الحمراء التي صنعوا منها معالم حضارة و عندنا المدينة الحمراء صنعنا منها مستعمرة من غير جيوش و لا عدو نحاربه. امتلأت قردة، قوّادين و مهرجين و جلسنا نتلمظ خيبة بمذاق المرارة نشاهدهم يستعرضون تفاهتهم ثم في آخر العرض يدخلون أيديهم في جيوبنا و يأخذون منها حليب أطفالنا و أثداء أمهات أطفالنا و ماءنا و هواءنا و كل شيء يشعرنا أننا نحيا. يا إلهي منذ نصف قرن و أنا أكرر نفس الكلام. لماذا لا أتغيّر؟ هل نضبت مخيّلتي أم هي بلادي التي تدور في نفس المتاهات؟ فلأنس و لو قليلا هذه البلاد و هذه المتاهات اللعينة. فلأنس، فلأنس و لو قليلا أني هنا و أن المتاهات في أثري مثل ريح عاتية لا تبقي على شيء صالحا أن يكون شيئا. صعب جدا.. بل مهمة مستحيلة لأن مثل هذه الأفكار تتسرّب كالدخان بين تلابيب وعيي و لا وعيي و تتربّع في دماغي تنهشه، تلتهمه إلى أن تستولي على كل ذرة فيه. أراوغها لبعض الوقت لكن يبدو أنها أذكى منّي فأجدها في نهاية كل منعطف تتربص بعقلي. ألم يكن من الأفضل لو أتت معي حياة؟ هي السد الوحيد المنيع ضد هواجسي بضحكتها الصاخبة وثرثرتها التي لا تنتهي. لكن هذه المرة الأمر غير مجدي.. غير مجدي تماما. الأمر في غاية الأهمية و يتطلب أن أقرر وحدي.. عليّ أن اقرر وحدي.. أن أتوصّل إلى معرفة الحقيقة وحدي و بموجبها أتخذ القرار المناسب كي أتحمّل كل ما يترتّب عن قراري. تبتسم بمرارة. كأني في الأمم المتحدة و سأقرر مصير العالم. يا لي من حمقاء! وحيدة. وحيدة أنا تماما مع هواجسي و قراري. كيف لي أن أعرف أن القرار الذي سأتبناه هو المناسب؟ وحيدة كالموت. كنصل سيف عار. أدور في متاهاتي الزئبقية. أدور .. أدور .. مع طواحين هواء عتيقة. إلى أين تمضين بي أيتها الحيرة؟ إلى أين تمضين بي أيتها الظنون؟ يا جراحي العارية، القديمة و الحديثة. محطة هذا القرار تخنقني. و تلك الهواجس تعشش في الفؤاد و رائحة الغياب تستبيح الفصول أبوابا للقيظ. منتصف الطريق. دوما و أبدا. أسكن حرائقي و الناس يمضون إلى شؤونهم الصغيرة. يحولّني القلق كتلة من ثرثرة بلهاء مع نفسي. ماذا سأفعل؟ كيف سأفعل ما عليّ فعله؟ الشكوك.. الشكوك.. الشكوك دوما تتصيّدني. تعبث بي. لماذا؟؟؟ تتناسل علامات الإستفهام. هل أدري عمّ أسأل؟ كيف أجعل الصورة واضحة في هذا الضباب الكثيف؟ أتأرجح بين الشك و اليقين. بل بين الشك و عدم اليقين. ثم تنسل هاربة من بين البياض إلى لجّة الليل و السد يم. لم أستعجل الأمر؟ عليّ أن أصل أولا و لكل حادث حديث. تشتاق للبيت الصغير المطل على زرقة المتوسط. تشتاق لنفسها الأخرى هناك. تلك التي تتعبّد في محراب وحدتها كناسك. القرية شبه خالية في هذا الفصل من السنة. ستنعم بالهدوء التام. أليس هذا ما تحتاجه نفسها المتعبة؟ أن تكون خارج دائرة الصخب. كأن العالم لا يعنيها. ستستلقي في ركنها المفضل في الشرفة و هي تتابع تحليق الطيور في السماء و تنصت لفحيح الليل. تبقى ساعات مستلقية هناك لا يعكر صفوها نعيق أبواق السيارات و لا رنين الهاتف. لماذا أصبح الإنسان عبدا لهذه الوسائل التي اخترعها كي تسهّل عليه حياته كما هو عبد بالفطرة لكل شيء لم يكن موجودا أو كان كذلك و لم يكن بحاجة إليه..كان مستغنيا عنه ثم فجأة أصبح ضروريا لحياته مثل الماء و الهواء. حين يدخل الشخص تجربة عشقية يصبح عبدا للمعشوق و لشوقه الجارف له. كم مرة سمعت هذه العبارة: لا يمكن أن أعيش من دونه. يا إلهي لماذا يتحول المعشوق الذي لم يكن ضروريا لحياتنا بل في غالب الأحيان لم نكن نعرف بوجوده، يتحولّ إلى ضرورة من ضرورات الحياة، نعيش معه أو نموت من دونه؟ قررت أن تترك كل شيء وراءها. كل ما يشدها إلى الحنين. وضعت في حقيبة سفرها فقط بعض الكتب، أوراقا و أقلاما. حتى الحاسوب تركته في محفظته الجلدية في الدولاب. تشتهي أن تكتب على الورق و تمزق ما كتبته. ربما ستحتفظ ببعض الخواطر أو ربما لن تكتب شيئا. سيكون من الأفضل لو استمتعت فقط بالقراءة و الإنصات إلى البحر و العصافير. الحشرات أيضا لها لغة خاصة هنا. يبدو لي أحيانا أني أفهمها. و أنها تخاطبني. أنا بالضبط. تتمنى لي عودة ميمونة. تستقبلني بحفيفها في سكون الليل. أنصت لها و أنا أحدق في العتمة علني أبصر الحياة التي تعيشها و كيف تتدبر أمرها هذه المخلوقات المتناهية الصغر. لماذا لا تخشى رعونة البشر؟ كيف استطاعت رغم ضآلتها أن تستمر في الحياة مع الإنسان الذي يلغي كل وجود عدا وجوده؟ هل لها من الذكاء ما يكفي كي تحكم سيطرتها على الطبيعة كما يفعل هو؟ هي ذكية إذن. أذكى مني لأنها لا تهرب. بل تواجه و تعيش و تثبت وجودها. تتجاهله تماما هذه الحشرات الصغيرة. بالنسبة لها الإنسان غير موجود. هههههههههههه تذكرني بقصة الفيل و النملة. هي من ينتصر في النهاية ! العبرة ليست بالحجم إذن. لكن العبرة بماذا؟ العبرة هذه اللعينة؟ عليّ أن أعرف. كيف اعرف ما يقع و لو مرة واحدة في حياتي البئيسة الخالية من الفرح؟ يا إلهي يبدو أني الوحيدة التي لم تتعلم شيئا من هذه الحياة. الحشرات كي تثبت وجودها، تدافع بوسائلها الخاصة عن نفسها: تتحايل، تختبئ، تغيّر شكلها أو لونها، و قد تؤذي بعضة أو لدغة أو بتركيب كيميائي يفرزه جسمها الصغير. لكن في النهاية تستمر و تبقى. هذا هو بيت القصيد. البقاء. هروبي للاعتكاف في صومعتي البحرية هل هو أيضا محاولة للبقاء؟ أنا ذكية إذن. ترتاح لهذه النتيجة و كأنها عثرت على سرّ الكون. سأرتب حياتي على هذا الشأن. أعطي لنفسي فرصة لاستجماع طاقتي ثم أواصل. أما الآن و أنا بهذه الهشاشة، فلا يمكنني سوى السفر إلى أبعد نقطة فيّ. هنا فقط لا أحد يجدني. لا أحد يفرض مشيئته عليّ باسم الحب أو باسم أشياء أخرى مقدسة أو غير مقدسة. تصل إلى البيت. تركن السيارة، تضع المفتاح في القفل، ينبعث صوت موسيقى خافتة من غرفة الجلوس. من هناك؟ تسأل. تطل عليها رذاذ و ابتسامة عريضة تنير وجهها الأبيض المستدير كوجه دمية في مدينة الملاهي. رذاذ تعتني بالبيت في غيابها. قبل مجيئها هاتفتها كي تخبرها أنها قادمة. تعرف أنها ستنفض الغبار عن الأثاث وتقوم بتهييء كل ما يلزمها لقضاء المدة التي ترغب فيها. الطعام في الثلاجة و الفراش معدّ و القهوة في الترموس. أقبلت نحوها تعانقها. إيه ليلى كيف حالك؟ حمدا لله على سلامتك! تأخذ عنها الحقيبة، تدخلها إلى غرفة النوم و هي لا تكف عن الكلام. تحكي عن أمها و إخوتها و دراستها. رذاذ شابة من أسرة فقيرة، باع الأب قطعة من حقله فشيد لهم منزلا صغيرا ثم بعد ذلك اضطرته ظروف حياة الفلاح القاسية المعتمدة على موسم الأمطار و على رحمة الله أن يبيع قطعا أخرى من حقله و يصبح عاملا زراعيا بسيطا ينتظر كل صباح في الساحة التي يجتمع فيها من هم في وضعيته لعلّ أحدهم يجود عليه بيوم عمل. أعجبت ليلى بالمكان ذات صيف كانت تقضيه مع أسرتها في المنطقة. المكان موحش يا ابنتي. ماذا أعجبك فيه؟ سألتها أمها و علامات التعجب مرسومة على وجهها. لن تفهميني أبدا يا أمي فكرت ليلى بحزن. ألحت على أبيها أن يشتري الأرض، و قضت كل عطلتها الدراسية في بيت رذاذ تراقب البنائين و هم يرسمون معالم البيت الذي تحلم به : صغير، بسيط و مريح. كلّفت عائلة رذاذ بالاعتناء به في غيابها مقابل مبلغ زهيد. ها قد أصبحت يا صديقي أنيسي و ملاذي. منذ اليوم الأول كانت لها علاقة خاصة بالمكان. كأنه يشعر بها و يبادلها حبا بحب، كل الأشجار التي غرسها أب رذاذ في الحديقة الصغيرة أمام البيت أصبحت يانعة تمنحه سكينة خاصة و مميزة. لا أكون سعيدة إلا هنا و أنا ملتصقة بالأرض و بما تزخر به من عالم خفي عن الذين لا يعرفون كيف ينظرون إلى السماء و لا يرون أبعد من أنفهم. يكلمني و أكلّمه، يحكي لي أسراره و أحكي له أسراري. أتتبع مجرى الوادي هناك في المنحدر الذي يتجه شمال البيت يقسم القرية إلى قسمين. من هنا مرت جيوش و قوافل. ألا ترين حوافر الخيل؟ ألا تسمعين جعجعة السيوف و صرخات الجرحى و السبايا من النساء؟ هناك على الجهة المقابلة كانت تقام الحفلات و الأعراس سبعة أيام بلياليها بعد كل موسم حصاد. ألا تسمعين قرعات الطبول و نغمات المزامير. انظري إلى أجساد الفتيان و الفتيات تتمايل في رقص بديع منسجم مع النغمات. الأكف المخضبة بالحناء تصفق و تشير بالوداع للعريس يقل عروسه على ظهر فرسه، سيذهب بها إلى قبيلته في السهول البعيدة وراء الجبال حيث يقولون أن الأرض جنة و أن الناس طيبين بعد أن تسقيه عروسه من ماء سبع موجات كي يكون لهما ذرية كثيرة و صالحة معطاءة و جسورة كالبحر تماما . ربما لن تعود العروس أبدا إلى قريتها. الطريق طويل و شاق. و الفتاة حين تتزوج تصبح ملكا لقبيلة زوجها. لذلك تكفكف دموعها و هي تلقي نظرة أخيرة على وجوه أحبتها. تعرف أن مثواها الأخير لن يكون هنا على هذه الأرض الطيبة التي أنجبتها. بل سيكون قبرها غريبا في بلد الأغراب. هيه؟ أين ذهبت؟ تسألها رذاذ و هي تعانقها . ليلى تتحول عن الشرفة و تتجه إلى غرفة الجلوس حيث أعدت رذاذ صينية الإفطار. خبز قروي ساخن و زيتون، بيض مقلي بالخليع و براد شاي. مدّي يدك. كلي. ربما لم تذوقي الطعام منذ أمس. توقفت في الطريق و تناولت فطوري. أعطيني فقط كأس شاي. و لماذا أعددت كل هذا؟ كلي أنت. تصمت رذاذ و هي تنظر إلى ليلى التي تبدو غارقة في أفكارها. أصبحت تعرفها جيدا. لذلك لا تصر عليها كي لا تضايقها. سأذهب الآن. سأخبر أمي أنك وصلت كي تهيئ لك الغذاء. لا تتعبي نفسك سآكل أي شيء. لكن قولي لي أولا ماذا نويت أن تفعلي؟ تضع رذاذ كأس الشاي على الصينية و تنظر إلى ليلى: سأذهب هناك في بداية الموسم الدراسي المقبل. أمممممممممم. صمت. إن كان لديك خيار آخر ماذا كنت ستفعلين؟ كنت سأذهب مهما كلفني الأمر. هل فكرت جيدا في الأمر؟ صمت.. ماذا لو رجع الزمان إلى الوراء؟ هل كنت سأدمن نفس الاختيارات؟ سؤال غبي و لا يحتاج إلى إجابة. لا أفهم يا ليلى ما الذي تبحثين عنه حين تأتين إلى هنا؟ الكل يريد أن يغادر هذا المكان الملعون. لا عمل، لا وسائل ترفيه، و لا حتى أمل. ليس هنا غير البحر و الضجر. ضجر؟ هل السكون ضجر؟ نعم. حين يكون دائم المكوث و ليس مؤقتا. لكنك لا تعرفين ما قيمته يا صديقتي. يحلو لها أن تنادي رذاذ صديقتي رغم فارق السن بينهما. أعرف. لأني تربيت فيه سأحن إليه. لكن قبل الحنين لا بد من استكشاف عوالم أخرى. في هذا أتفق معك. أنت شابة و مقبلة على الحياة. عليك أن تعيشيها و لا تكتفين فقط بالتفرج عليها. لكن الحياة غير مرتبطة بمكان ما. سترين المدينة، ستعيشين فيها مدة معينة و سترجعين إلى هنا. ربما. قالها ابن عربي: نبحث دائما عن شيء ينقصنا. أنا عن الضجر و أنت عن القضاء على الضجر. زاويتان مختلفتان لكن تلتقيان في شيء: البحث. كلنا نبحث يا رذاذ. هذا ما نفعله كل يوم. كل واحد يبحث عن شيء ما. يمكن اختصار رحلتنا في الحياة في هذا البحث المضني : الحب، المال، السلطة، التحكم ، المتعة... هل نجد شيئا منها؟ أنا سأجدها. أو تعرفين أولا عمّ تبحثين؟ أكيد. تجيب رذاذ بثقة. تبتسم ليلى. فورة الشباب أغبطك يا صديقتي. عشت أنا أيضا بهذا البحث المحموم عن شيء كنت أجهله لكني كنت في حاجة ملحة إليه. بل كان الأمر بالنسبة لي قضية حياة أو موت. لكن انظري إلي الآن. صمت. لا أزال أبحث. ليس بنفس الحدة لكني مع ذلك أبحث. و ربما لهذا أتيت إلى هنا. حين يصبح ما أبحث عنه يكويني بافتقاده أهرب مني إليه و منه إليّ. ألتجئ إلى أي قشة أتشبث بها كي لا أصاب بالإحباط. أتعرفين لماذا؟ لأني أعرف في قرارة نفسي أني لن أجد شيئا. تضحك رذاذ : أراك متشائمة اليوم يا ليلى. ما الأمر؟ لا شيء. و لست متشائمة بل ربما واقعية. تصمتان و ترتشفان الشاي. تنظر كل واحدة في عمق عيني الأخرى كأنها تريد أن تسبر أغوارها لتعرف ما يجول بخاطرها. لا تحاولي يا صديقتي تفكر ليلى و هي تتأمل رذاذ، إن كنت أنا نفسي لا أعرف ما يدور في خاطري كيف ستعرفين أنت؟ و هل والداك متفقان على الأمر؟ أكيد. في البداية وجدت صعوبة في إقناعهما. لكن يبدو أنهما مع الوقت اقتنعا بفكرتي. إذن لا تترددي و سيري في مشاريعك إلى أقصى حد. بعدما تنصرف رذاذ تجلس ليلى وحيدة في الشرفة أمام البحر. غريب أمر الدنيا. واحدة تأتي و الأخرى ترحل. كلانا يبحث عن شيء ما. أشعر بنفسي قد انتهيت من أمر الدنيا و رذاذ صورتي قبل عشرين سنة من الآن. ألم أمر بنفس التجربة؟ بحثت، غامرت. تكسرت أجنحتي على مشارف حلم لم يتحقق.
#زوليخا_موساوي_الأخضري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقطع من رواية قيد الطبع: في حدائق كافكا
-
بساتين العبادة
-
قصة قصيرة و يلعق الثلج الرسالة
-
يوم في حديقة قصة قصيرة
-
قصيدة نثر
-
جدارية لمن يرقص الغجر
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|