صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 3737 - 2012 / 5 / 24 - 14:25
المحور:
الادب والفن
صباح الخيرِ أيُّها الطائرُ الغَرِدُ
صباح الخيرِ أيُّها الشجرُ المسحورُ
أنا ومِن أقدمِ الأزمانِ جئتُ مؤاخياً
مِن أقصى المسافاتِ
مِن عصورٍ ما أتت بعد
وإليها لم تُسْنَدْ قبائلُ
ربّما كانتْ مُهْمَلةً فأبعدَها السيّدُ القدرُ
قيلَ لي مع مسافرِ فجرٍ لا تعْلِن سرَّ طويّةٍ
و لا يأخذكَ الحديثُ ثم تَنْفَتِح
فانْعَقدَ في الحالِ لسانٌ
ثم تلعثمَ القلمُ
كنّا على مسافةِ رميةٍ مِن جَهْشَةِ السَّحرِ
صباح الخيرِ أيها الطائرُ المسكونُ بالسفرِ
هل أُطْعِمْتَ مِنِ الشَّجرِ الرّطيبِ حلاوةَ ثمرةٍ
فأطلقتَ صوتَكَ للغناء ؟
هأنذا إليكَ أجلبُ قبيلَ الرّحيلِ
شيئاً مِن عجائبِ الدّهور
ربّما كان شراباً عتّقتْهُ العصور
حفنةً مِن طعامِ اللوعةِ
بعضاً مِن خبزِ اشتياقي
وأنا وأنتَ مذُ زوالِ الشموسِ
مرّةً لم نلتقِ
وإليَّ ما أرسلتَ منكَ شبيهاً
فخانتني فراسةٌ وعلى ذائقةٍ فيكَ ما تعرّفتُ
ربّما ارتكبتُ خطيئةً
فاقْبَلْ صرّةً مِن متاعٍ
واعتلِ هامَ الشّجرِ
أتدري
وبعدَ افتراقِنا
أيُّها الطائرُ النبيلُ الذي
طويلاً أَغْرَدني
كتبتُ إليكَ مِن الأشعارِ شيئاً وفيراً
أَراقَها نهرُ محبتي
وانتظرتُ مَنْ كان إليكَ يحملُها
طالَ انتظاري
وبي طالَ المقامُ هنا
وبي استبدَّ المكانُ هنا
حتى التهمتْها ذاتَ مصادفةٍ نيرانُ اشتياقي
فلا تَحْزنْ حين تَسْمَع
أيّها الطائرُ الجميلُ
إنني في غيابِكَ أدمنتُ زَئيرَ الرِّيحِ
واسْتَغْرَدتُ طائرَ الوَحْشَةِ
ولا تأسف
فالمطرُ في برلين
منذُ رحيلِكَ مازالَ منهمراً
والبردُ ضباعٌ رقطاءُ
مازال قاسياً
ونحن لم يبقَ منّا سوى روائحَ
في طريقِها إلى زوالٍ
ونحن ذئابٌ جريحةٌ بهيئةِ بشرٍ
على كلِّ صغيرةٍ نتناهشُ
ونظلُّ حتى النّزعِ الأخيرِ نقتتلُ
أيها الطائرُ العابرُ دوماً في خيالي
صباح الخيرِ
فأنا مازلتُ أخوضُ حواراً
أصلُهُ العَجَبُ
وأنتَ في غمرةِ الرّحيلِ
فلا تعجبْ
واسمعْ آخرَ أنّةٍ مِن صاحبٍ
آخرَ لوعةٍ
أيُّها الصديقُ المُفارقُ
20 ـ 5 ـ 2012 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟