جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 15:36
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
استعمال مفردات كالجنة و الفردوس و البستان و الحديقة في المحيط الصحراوي يثير انتباه المهتم باللغة و اننا نجد ايضا في القرآن استعمال كلمتين من لغتين مختلفتين تستعمل واحدة تلو الاخرى في جملة واحدة بشكل غريب مثل (كانت لهم جنات الفردوس نزلا) لان (الجنة) الارامية و (الفردوس) الفارسي تشير الى نفس الفكرة تقريبا و ان القرآن او (كلام الله) يكررها او بالاحرى يخلط الحابل بالنابل و الخنس بالكنس بشكل يعكس هذه العملة النادرة في المحيط الصحراوي.
لقد تطرقت في مقالات سابقة الى العلاقة بين كلمة (نزل) و حياة البدو الذي (ينزل) من الجمل ليكون (منزل) و هذه هي فكرة نزول القرآن او النزلة و الجندي العراقي لا يزال يشير الى امكانية ترك المعسكر و الذهاب الى البيت بالنزلة و كلمة (اهل) التي كانت تعني سابقا (خيمة) لان العوائل كانت تعيش في (أهل) لا حظ ايضا عبارة (اهلا و سهلا) لان البيوت و الابواب و الشبابيك جميعها و لاسباب واضحة دخيلة على ثقافة البدو فالخيم ليست بحاجة اليها.
اولا تبدو (الجنة) ارامية الاصل خاصة و ان طائف كانت تعتبر اجمل منطقة في شبه الجزيرة العربية بسبب حدائقها نسبيا بالمقارنة مع المناطق الاخرى. لكلمة (جنة) اشتقاق صعب في العربية من الثلاثي (جنّ) اي غطى اي مجموعة صغيرة من النخيل كانت تسمى (جنن). لذلك نجد ان الاسم الاصلي كان في العربية في الحقيقة (حائط) كما نرى ايضا عبارات مماثلة في الانجليزية town التي تطورت الى مدينة بسبب السور او الحائط و الالمانية Zaun و الهولندية tuin و هناك كلمات اخرى تشير الى مناطق خضراء مثل (رقمة) و (مجتمع الماء في الوادي) و (الروضة) بينما كانت كلمة (حديقة) بدورها تشير في الاصل الى (الحائط) و ربما يفسر هذا وجود كلمة (جدار) في العربية بجانب الحائط و هذا يعني ايضا بان هناك تبادل الادوار بين الحائط و الحديقة فليس هناك شيء في كلمة (حديقة) يدل على معناها كما نفهمها اليوم.
كان للبدو قبل الاسلام نوع من الكراهية للاخضر و الاستقرار في مكان معين و العيش من النباتات و لذلك كانوا يشيرون الى قبائل عربية اخرى تمدنت و استقرت باحتقار (انتم اخضر) و هذا يبين ايضا كيف تطورت كلمة (لحم) من معناها الاصلي النباتي (خبز) الى معناها الحيواني الحالي.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟