|
احتشادا وتأهب
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 21:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تدريجياً تنتقل المنطقة من الحرب الكلامية والاستعراضية إلى مكان أهم وأخطر قد مرت به الجغرافيا الممتدة على طول وعرض اليابسة النوعي والخاص في التدريب والتقنية هو مربع العمليات الخاصة التى تعتمد بشكلها الأساسي على الاغتيالات وجمع المعلومات والتجنيد في أماكن حساسة وحرق محطات أمنية سرية قائمة في مختلف العالم وخصوصاً تلك التى يتنازع الخصوم حولها في العالم بحيث يعيدنا المشهد إلى ما بعد حرب الكرامة 1968 م ودخول الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني مربع أيلول الأسود الذي شهد أعنف صراع أمني في القارة الباردة مما أدى إلى تصاعد الاغتيالات لشخصيات كانت تقود الأجهزة الإستخباراتية تزامنت مع حرب الاستنزاف ، بينما اليوم لما يشهده العالم من تطور تكنولوجي وحداثة في الترقب والتتبع عن بعد ، والبعد الجغرافي لإسرائيل وإيران مع تلك الجدران العديدة التى تفصل الموقعين تم الاعتماد قبل المواجهة المتوقعة على خلق مناخات متاخمة للطرفين كي يلعبوا أدواراً متقدمة بين الفينة والأخرى حسب الحاجة ، وتنطوي تحت أساليب ضغط لكنها جميعها لم تكن مؤثرة بالقدر المطلوب وخاصةً في الجوهر . المسألة بأن إسرائيل تعتبر ذاتها وهي محقة بأنها تملك القوة التى تهيئها في بسط سيطرتها على المنطقة برمتها لأنها تتمتع من الناحية الصناعية والاقتصادية والعسكرية بتفوق مستدام ناهيك عن تمكنها من القوة النووية المخفية والمعلنة باستحياء الذي يجعلها تنظر بقلق عارم للتصاعد المتسارع والمتنامي للعسكرة الإيرانية بالإضافة إلى النهج المعتمد بالاعتماد على الذات لصناعات جاءت تحت ضغط الحصار المتزايد بهدف إشلال ميكانيزمية حركتها المتواصلة دون كلل أو ملل رغم الظروف المتعاظمة في وضع الهراوات الغليظة ومسامير صدأت ، فيما أدركت إسرائيل من خلال بنك معلوماتها الدولية بأن القطار يصعب إيقافه بالمحطة التى ترغب هي تحديدها ويتطلب جهداً مختلفاً عن الأنماط السائدة لهذا مما دعاها أن تخوض حربها من خلال سلسلة عمليات متقدمه ونوعية التأثير داخل المربع الأمني الإيراني بضراوة تستدعي كل ما لديها من إحتياطات ، لكن على ما يبدو مازالت السهام متواضعة الاختراق وتأتي جميع الرهانات التى يبنى عليها النجاح بالفشل في الحد من اكتمال دورة الإنجاز حيث أصبحت لا تستطيع أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء ، فمن يتحالف مع المستقبل ليس كمن يتعلق بالماضي فالفارق واضح والعملية سهلة من حيث الحسبة بحيث المشروع الصهيوني الذي يتوارى خلف الدولة المدنية الحديثة يتوقف إلى حد البدء بالتراجع من خلال فقدانه أنظمة تحيط به كانت تزوده بمعلومات بالغة التعقيد على مدار الساعة كي تعزز مكانته الإقليمية من خلالها ، كما أن الآلة العسكرية لم تأتي بجديد كي تستطيع الحسم في أي مواجهة مستقبلية مما جعل القلق يصل إلى ذروته لأن الخصم بالإضافة كونه يحمل مشروع ، عنيد ومصر على التحدي والحصول لأعلى القدرات العسكرية المتزامنة مع امتداد أذرعته في المنطقة مصحوب بدعم إستراتيجي للجبهات المضادة للمشروع الإسرائيلي . لا بد لأي مواجهة عسكرية في المستقبل أن يكون لها بداية ووسط ونهاية ومن دون تسلسل متدرج لأحداث هي في اعتقادي سياسة عرجاء مبتورةُ البصيرة وكل ما يجري من تسديد أهداف تبقى في نطاق التحرش ولن تخرج عن حلقة الاغتيالات التى في أغلب الأحيان ضحاياها علماء ودبلوماسيين مدنيين مع تسجيل احتجاجات وإنكار شديدين اللهجة للفاعل ثم التواري خلف أبو طاقية الإخفاء ، مازال الرهان الدولي والإقليمي يراهن على تفكيك المشروع الإيراني الطامح أن يتحول إلى قوة على غرار الصين وروسيا الاتحادية بينما يزحف دون كلل أمام التحديات المتعاقبة بلا انقطاع الذي يُعّتقد بأنها ستلقى نجاحاً في نهاية المطاف في احداث انهاك تدريجي على الصعيد الاقتصادي بحيث يكون الشعب المتضرر الأول من سلسلة الضغوط . في المقابل يعتمد الجانب الإيراني على التعبئة المتواصلة من خلال القواعد الميدانية والتى تتبناها مجموعة من رجال الدين والعسكر مما أدى في الآونة الأخيرة لانقلاب أقتلع طبقة كانت توصف بالمتخمة وتمكنت من السلطة حيث استبدلت مكانها بمجموعات يتسمون بأكثر شفافيةً وانتماءً للمشروع الخميني بهدف تخفيف الفجوة التى توسعت بعد رحيل المؤسس بين الشعب والسياسيين محاولين التركيز على القضايا التى تلامس أوتار عميقة في وجدان الإنسان الإيراني وعلاقاته مع التاريخ واستثمار المجال العراقي وعمق حاكمه المالكي في إفشال الحصار الاقتصادي ، من هنا جاء ملئ الفراغ وجعلها أكثر توازنا داخلياً وإقليمياً رغم الضغوط المستمرة كي يُطرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول التهديد الإسرائيلي المتزايد لضربة وشيكة إلا أن السيرة العسكرية التى لا تعيش إلا بفائض القوة قد تعاملت مع دول الحجم الكبير بالتأني والحذر والاستقراء السياسي وتحسس المواقف وتعلم عن ظهر قلب أنه مرتهن عند القوى العظمى المتحالفة معها لكنه مصحوب بزن مستدام غير قابل للانقطاع مما يعيدنا المشهد اليوم إلى ما حصل مع العراق البارحة عندما تقدمت إسرائيل بالتجرؤ بضرب المنشأت النووية العراقية 1980 م بعد ما تورطت في حربها المجنونة لمدة ثمانية سنوات والتى خلفت نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار لتكون أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وواحدة من أكثر الصراعات العسكرية الدموية انتهت بدمار الطرفين لصالح المجهول مما أدى إلى عجز العراق عن الرد بذات القوة والتأثير . بالتأكيد قبل أن تبدأ عملية كسر العظام لا بد من تجييش الذهن العام وتتقدم العمليات الخاصة لتطفو على سطح الإعلام فيما البديل الوحيد لشح المعلومات لمعركة مازالت داخل سراديب وغرف مغلقة تحجب الأنظار نحتكم إلى القرائن لكنها تبقى مهددةً بالأهواء وتلبية النوايا . والتحليل مهما تجاوز سقف البيت وأتسع مداه هو اشبه بالإضاءة عن بعد أو التحليق عالياً . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعبة التكامل والابتزاز المتبادل
-
وزيراً في الصباح وغفيراً في المساء
-
المزهرية الفارغة يثرثر فيها غياب الورد
-
جنرالات استبدلوا الشدة بالفتحة
-
عادات كرسها متنكرون
-
التنكر في زمن الانتخابات
-
المقابر فاضت وابتلعت المدن
-
القيامة بصياغة بشرية
-
توهموا الصغار بأنهم أنداد للكبار
-
قبيحة وتزداد قبحاً
-
عواصف تخلع النوافذ بعد الأبواب
-
انتحر الحب
-
الجميع متهمين على أن تثبت براءتهم
-
بافلوفية
-
أحياء لكنهم شهداء
-
بين الأشباه والسعاديين
-
أصوات بُحّت لفرط الصراخ
-
منطقة الصفر
-
الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
-
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
المزيد.....
-
انهيار سقف ملهى ليلي يودي بحياة 44 شخصا.. وعشرات الجرحى تحت
...
-
لحظة احتراق صحفي فلسطيني حيا في غزة!
-
الرئيس اللبناني يحذر من نتائج الخرق الإسرائيلي للقرار 1701..
...
-
وزير الدفاع الأمريكي: الصين تشكل تهديدًا متواصلًا لقناة بنما
...
-
غوتيريش: إسرائيل حولت غزة إلى -ساحة قتل-
-
مقتل فلسطينية في الضفة الغربية وإسرائيل تتهمها بمحاولة -طعن-
...
-
لندن.. مطالب بمحاكمة متورطين بحرب غزة
-
الكونغو.. -الجمرة الخبيثة- تفتك بأكثر من 50 فرس نهر وحيوانات
...
-
هل أنهى ترامب سعي نتنياهو لضرب إيران؟
-
ترامب الابن يتهم كييف بالتكتم على محاولة اغتيال والده
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|