أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد















المزيد.....

نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد


ليث العبدويس

الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 17:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يسع الزائر لإقليم كُردستان، تلك الجنّة المعروشة الغافية بين جلاميد الجبال، وبتجاهُل سحنات "الأسايش" المُكفهرّة الواجمة وهي تتلقّفُ أوراقكَ الثُبوتيّة عند حواجِزِ التفتيشِ المُثبّتة على تُخوم جُمهوريّةٍ أو تكاد، وتشرعُ باحثةً في شاشات حواسيبٍ أولتكَ ظُهورها عن كُلّ شارِدةٍ أو وارِدةٍ تتعلّقُ بهذا "العربي" القادِم من مجهول الوسط أو معلوم الجنوب، وطالما كُنتَ لا تُخفي شيئاً قد يُعكّر صَفو هذه الجنّة الهادِئة، سُرعان ما ستنتهي "أزمة" التدقيق على عُهدةِ ختمٍ سياديٍ شاحبٍ تزدانُ به وريقةٌ "إقامةٍ" هزيلة ستصحبُك حيثُما حَللتَ او وَلّيتَ شطر وجهِكَ في رُبوع الشَمال الكُردي، لا يَسَعُ هذا الزائِر سوى الانحناءِ احتراماً وتثميناً لِنجاح التجرُبة الكُرديّة – التي نتيمّنُ بعراقيتها مع عميق احترامِنا لرأي المُعترضين المُصريّن على عِصاميّة الأنموذج وحصريّة براءة الاختراع - .
ثمّة جيلينِ من الكُردِ يتفقانِ - برغم التباين في الوعي التاريخي - على ترسيخ مفهوم المعزل / الغيتو الكُردي والاستمرار في إمدادِه بسُبُل الحياةِ المُمكِنة وإنْ أفرز ذلك آثاراً جانبية غير محمودةِ العواقب والنتائِج، فمحو الشخصيّة الكُرديّة – بحسبِ دلالات الغيتو القومي – قد لا يتأتى بالضرورةِ من حملات التعريبِ أو الأنفلة، وبالتالي هناك حاجة لإبقاء الوعي الكُردي في حالة صحوةٍ وحضورٍ دائمين لتلافي غيبوبة الاندماج مع هذا (الآخر)، بعبارة أخرى: استبعاد التماهي الوطني كخيار استراتيجي مع الاستمرار في الاحتفاظ بشعرة مُعاوية على المستوى التكتيكي مع المركز العربي، وهذين ِ الجيلينِ هُما جيلُ الجبل وجيلُ ما بعد النُزولِ من الجبل.
فهُناك الجيلُ الموالي للحرس القديم ممن قضوا الردح الأهم من أعمارِهم لائذين بأسنمة الجبال يحملونَ بنادِق "البرنو" ذائعة الصيتِ وقتئذٍ على أكتافِهم في صِراعٍ إثبات الهويّة مع الحكومات المركزية، وهو الصراع الذي استهلك معظم شبابِهم وسنيهم، ويدفعُهم اليومَ إلى الارتماءِ في خندق الأشد توجّساً وخيفةً من مطامِعِ وسياسات "الضحّاك" في بغداد، وهذه الطبقة التي تفتخرُ بحمل إرث (كاوة) الحدّاد وتُمثّل عُنفوان الثورة الكُرديّة، تتسم بِنظرةٍ تكادُ أن تكونَ "جينية" بصدد نوايا الآخر، طالما أن هذا الآخر – وِفق هذه الشريحة – سيكونُ عربياً بحتميّةٍ عِرقيّة، فهؤلاء "العرب المطليّة شرايينُهُم بِقَطِران الاستبداد والقمع المُتعدد المُستويات"، سوف لن يتوانونَ كُلما نضِجتْ الظروف الموضوعية عن حِصار الحُلُم الكُردي او حتى إجهاضِه طالما أنَّ "المصلحة الوطنيّة" - تلك الشمّاعة المُثقلة بقُبعات الحواةِ وأزياء المُهرّجين - تتطلبُ ذلك.
وهذا الجيل الذي عاصر القضيّة الكُرديّة مُنذ احتِدام أحداثِها في سبعينيات القرن الماضي، وإن كانَ سائِراً في طريقِهِ للانقراض بِحُكم التدافُع والتقادُم، لا زالَ يملِكُ من السطوةِ والنُفوذ ما يجعلُهُ قادِراً على التأثير في دَفّة السياسة الكُرديّة المُعاصِرة، عبر دعواتِهِ للتمسّكِ بأسس الثقافة الكُرديّة التقليديّة إلى حدٍ يقتَرِبُ من التعصّب القومي – الشوفيني، ذلك المرض الذي تحوّل إلى تُهمة يُلصِقُها الكُرد بكُلَّ من اعترضَ مسيرهم حسب قاعدة "رَمتني بِداءِها وانسلّتْ"، وكذلك عبر مُناداتِهِ بالمزيدِ من التمايُزِ عن باقي الوَطن والحثّ على عسكرة المُجتمع الكُردي استعداداً رُبما لِصعودٍ اضطراريٍ آخر للجَبل، والتحريضِ على خلق "المجال الحيوي الكُردي" عبر الاستماتة في المُطالبة بِضمّ كركوك وابتلاع المناطق المُتنازعِ عليها بالأمر الواقع، والتخلّي التدريجي عن أكياس الرِمال التي تُكبّلُ انطلاقة المِنطاد الكُردي نحو طبقات الاستقلال العُليا.
وإلى جانِبِهم، هُناك الجيلُ الذي ترعرعَ مُنذُ النُزول الأخير للكُرد مطلعَ التسعينيات بعد انحسار سُلطة المركز وخروج كُردستان من قبضة بغداد وظهور "المِنطقة الآمنة" المكفولة دولياً، وهو جيلٌ يبدو أكثر استغراقاً في حُلُم الفيدراليّة، ومُسلّحاً – بِحُكم الاستقرار النسبي وخُفوتِ حِدّة الصِراع العسكري مع المركز والرعاية الأُمميّة– بالمعرِفة والعِلم والدِراية أكثر منه بـ "برنو" الآباء، جيلٌ من التكنوقراط الحَداثي المُثقّف على المنهجيّة الغربيّة والمُشبعِ بِمفاهيم السياسة والإدارة على الطريقة الأمريكيّة، شبابٌ بيروقراطي على مستوىً رفيعٍ من التعليم الجامِعي وما بعد الجامِعي يُتقِنُ من اللُغات الأجنبيّة أكثر من اللُغة العربيّة التي اضطرَّ أسلافُهم من الجيل الآخذِ في الاندثارِ إلى احسانِها، ربما تحت هاجس" من عرف لُغةَ قومٍ أمنَ شرَّهُم"، وطالما أنَّ "شَرَّ" القومِ قد انقلبَ عليهم خارج حُدودِ الحُلُم الكُردي المحروس بـ"البيشمركة" لذا فقد انتفتْ الحاجةُ لِلُغَةٍ أخرى تُزاحِم لُغة الجُمهوريّة الآخذةِ في التبلورِ والولادة.
من الغباء والوضاعة في آنٍ واحد أن يستمرّ البعضُ في إطلاقِ النُكاتِ والمُزح العُنصريّة الثقيلة السَمجة على الكُرد فيما تحوّل كُلُّ البلد – عدا إقليمِ كُردستان كما يرِدُ في المُخاطبات الرسميّة - إلى نُكتةٍ سوداء مُضحِكةٍ حَدَّ البُكاء، ومن الامعانِ في الغباءِ والتمرغ في الوضاعة التلويحُ بالقوّة والويل والثُبور – اللكنة الوحيدة التي لا يفهمُها الكُردُ رغم اتساع مدارِكِهم اللُغوية – لكسر إرادة الإقليم او تهديده، الأكرادُ يُجمِلون بوادر الانهيار وارهاصات القطيعة على النحو المُختصر التالي:
كُلما ارتفع منسوبُ إرهاب الدولة وعقليّة اللُصوصيّة وقطع الطريق والبلطجة وكُلما علتْ صواري القراصِنة في خليج بغداد الهائج كلما اندفع أحفادُ (كاوة) لتصفيح سُدودِهم الواقية من الاشباح المؤنفلة، وسوف لنْ تُشكّل نواياك على حُسنِها وبراءتِها سوى (.....) في سوق الصفافير – إن بقي من الصفافير شيء – بإزاء شُهودِ عَيانٍ على ذويهم وهُم يُبادون - كالحشرات – في شِعاب الجبل الكُردي، فالثِقةُ عُملةٌ شديدةُ النُدرةِ بين الحاكِم – وليس الشعب – العربي وبين الأكراد، نادِرةٌ إلى حَدّ أن الإطاحة بِطاغيةٍ لا يشفعُ لِجسورِها أن تمتدّ وتُقام، طالما أنّ "كتيبةً" من الطُغاةِ تتدافعُ اليوم لملأ المنصِب الشاغِر!!

ليث العبدويس – بغداد - [email protected]



#ليث_العبدويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قِمّةُ بغداد.. الدُخولُ إلى الخارِج
- مملَكَةُ الأيمو
- في تأبينِ مُتسوّلة
- يوميّاتُ مَدينَةٍ مَذبوحة
- مُناجاةٌ القَمَرِ المُهَشّم
- إلى بَغدادَ دَمعي.. مَعَ التَحيّة
- السيّابُ لَمْ يَكُن رَكيكاً يا وَطني
- مُذكرات لاجئ سياسي 2
- مُذكّرات لاجئ سياسي
- نَحنُ.. والبَحرُ..وإسرائيل
- سوريا وَفَلسَفةُ الثُعبان المُقَدَّس
- رِسالةٌ إلى بشّار الأسَدْ
- وَقَفاتٌ عِندَ مُسلْسَلٍ مَمْنوع
- خرْبَشاتٌ طُفوليّة على جِدار العيدْ
- جرائِمُ الشَرَف.. وَقفةٌ شُجاعة
- ليبيا.. انتهاءُ عامِ الرَمادة
- وحشٌ طليقٌ في الشام
- -جمهورية- انكلترا المُتَحِدة
- فينيقُ لُبنان..ورمادُ الطائِفيّة
- هوامش على دفتر الثورة


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث العبدويس - نوري.. نوزاد.. وحُلُم الأكراد