أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - 123 من دانات طارق حجي (مختارات من 1000 دانة نشرها موقع الحوار المتمدن).















المزيد.....



123 من دانات طارق حجي (مختارات من 1000 دانة نشرها موقع الحوار المتمدن).


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تظل الحماقة حماقة ولو كررها ألف رجل ... فولتير.



هذه المقالات القصيرة جداً.

خلال السنوات العشر الماضية كتبتُ مئات المقالات القصيرة جداً والتي نشرت تحت اسم " دانات ". ويضم هذا الكتاب مختارات من هذه الدانات. وقد استبعدت أضعافَ ما هو منشور في هذا الكتاب إذ رأيت ان يضم فقط تلك المقالات القصيرة جداً المتصلة بقضايا فكرية أو سياسية أو تاريخية "غير لحظية".
في عام 1969 طالعت مجموعةَ قصص قصيرة للكاتبة الروسية ناتلي ساروت التي كانت تكتب بالفرنسية . وكنت قد اكتشفت عالمها القصصي عن طريق مترجمتها الصديقة منحة البطراوي . وقد بقت في ذاكرتي تلك الكلمات التي وردت بالصفحة الأولى لكتاب ناتلي ساروت : " قصص قصيرة جداً " ويبدو أن العقلَ الباطن قد اختزل تلك التسمية المتميزة لمدة ثلاث عقود قبل ان يعاود إفرازها بعد اكثر من أربعة عقود !

طارق حجيِّ
2012





( 1 ) كان سلوك الأغلبية الإسلامية فى البرلمان المصري الحالي سلوكاً فاضحاً لأربعة من أبرز معالم عقليتهم . فقد فضح أولاً عدم معرفتهم بفكرة "الكفأة" . فالأسماء التي اختاروها للجنة وضع الدستور (من داخل وخارج البرلمان) هي لأفراد من أنصاف المتعلمين وأصحاب التكوين الثقافي أُحادي البعد: كما فضح ثانياً نهجهم القبلي الذى يقوم على أساس واحد هو الولاء . وفضح ثالثاً كونهم أعداء بالفطرة للتعددية التي هي أساس المعاصرة وأساس الديمقراطية وأساس التمدن والتحضر ... وفضح رابعاً وأخيراً المنهج الذي سيسيرون عليه مستقبلاً والذى هو صورة طبق الأصل من منهج الحزب الوطني المنحل (منهج : قولوا ما تريدون ، وسنفعل نحن ما نريد).
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 2 ) ما لم تغل يد الإخوان المسلمين عن الانفراد بوضع الدستور الجديد لمصر ، فإن هذا الدستور سيأتي عامرا بأفكارهم منبتة الصلة بالعصر والتقدم والعلم والحداثة . وستكون المرأة المصرية وسيكون الأقباط في مقدمة الضحايا. وسيتوقف مستقبل مصر على رد فعل أنصار الحرية وحقوق المرأة والمواطنة والحقوق الكاملة لغير المسلمين . فبوسع هؤلاء إحداث ثورة جديدة تحبط محاولة بعض القوى سحب مصر إلى ظلمات القرون الوسطى.
كتبت ونشرت في مارس 2012



( 3 ) بدأ محمد علي (مؤسس مصر الحديثة) مسيرة التعليم العصري بإنشاء العديد من المدارس والمعاهد داخل مصر ، وبإرسال أعداد كبيرة من أبناء مصر لتلقي التعليم العالي فى سائر المجالات فى أوروبا . وقد أدي التعليم لحركة التنوير التى أفرزت روحا مصرية جديدة تحلم بتقدم مصر ورقيها فى سائر المجالات ولحاقها بركب التقدم الإنساني. وواكب حركة التنوير هذه حركة تنادي بضرورة تعليم المرأة والرقي بها معرفيا وثقافيا. وخلال المائة سنة الأخيرة ، تعاقبت وتوالت المكاسب الحضارية التى حصلت عليها المرأة المصرية فى مجالات التعليم والحق فى ممارسة الواجب الإنتخابي والترشح للمناصب السياسية كما كافحت المرأة المصرية للتواجد فى معظم المواقع كما ناضلت من أجل مساواة دستورية وقانونية. وبمحاذاة ذلك ، تحسن وضع المرأة (نسبيا) فى مجال قوانين الأحوال الشخصية. ولكن الثقافة الذكورية ضاربة الجذور فى أرض عقول عدد كبير من أبناء مصر حالت دون وصول المرأة للمساواة المتوخاة والتى لا يخلو منها مجتمع متحضر ومتقدم . وخلال السنة التى تلت ثورة 25 يناير المجيدة ، بدأت أصوات ترتفع منادية بتقليص المكاسب الحضارية التى حصلت المرأة المصرية خلال قرن من الزمان على بعضها . وعلى كل أنصار الحرية والإنسانية فى مصر أن يرفعوا أصواتهم حاثين رئيس مصر (حال إنتخابه) والجهة التى تنوب عنه فى هذه المرحلة الإنتقالية وبكل منظمات المجتمع المدني المصرية وبكل أنصار الحرية والتقدم وبالنخبة المثقفة وبقادة الفكر أن يعملوا على الحيلولة بين دعاة تقليص حقوق المرأة وبين بلوغهم لهدفهم الذى سيضع مصر على درب التخلف والماضوية . إن المرأة المصرية ليست مجرد نصف المجتمع المصري عدديا ، ولكنها (وهذا هو الأهم) التى تقوم بتنشئة وتربية النصف الآخر من المجتمع. إن مكتسبات المرأة المصرية لم تكن منحة من أحد ، وإنما ثمرة مسيرة نضال طويلة إستخلصت فيها المرأة المصرية "بعض" حقوقها كأنسان ينظر لها الدستور كمواطن مصري مكتمل المواطنة
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 4 ) رفض بعض نواب البرلمان المصري الحالي للوقوف حدادا على فقيد مصر العظيم البابا شنودة الثالث كان فضيحة ثقافية وأخلاقية وإنسانية لهذه الكائنات البسيطة والتى كان موقفها هذا مثار سخرية وإزدراء كل المتحضرين على سطح الكرة (نعم "الكرة") الأرضية ... كيف يصل أحد لهذا الدرك الأسفل من عدم الإنسانية؟
كتبت ونشرت في مارس 2012






( 5 ) بالعلم والادارة يكون التقدم . وبالشعارات والايدولوجيات يكون البعد عن طريق التقدم. والعلم والادارة هما القاطرتان اللتان أخذتا مجتمعات مثل اليابان وتايوان وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية لآفاق التقدم العليا التي بلغتها هذه المجتمعات . والعلم والادارة انسانيان من الألف للياء . بمعنى انهما لا دين ولا قومية لهما . والعلم والادارة هما زبدة وخلاصة مسيرة الانسانية . ولاتوجد حالة تقدم واحدة على ظهر الكرة الأرضية اليوم بسبب آخر غير العلم والادارة.
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 6 ) من ثمار ثورة 25 يناير 2011 في مصر غلق باب تمجيد الحاكم بشكل نهائي . فلن يتمتع حاكم لمصر في المستقبل بتلك الهالة من الهيبة والتقديس التي درج المصريون على احاطة الحاكم بها . حتى لو كان الحاكم رجلاً غير متعلم ولا نصيب له من الفكر والثقافة والمعرفة كالمخلوع الذي كان جلوسه على مقعد حاكم مصر هواناً لا مثيل له.
كتبت ونشرت في مارس 2012






( 7 ) لاشك أن ابن سينا والفارابي وابن رشد هم من أعظم العقول في تاريخ المسلمين . واذا علمنا ان "العامة" وعدد من "شيوخ العامة" قد كفروا هؤلاء الأفذاذ ، فإن السؤال الملح يكون هو: هل العوام وشيوخهم يملكون أهلية الحكم على أمثال ابن سينا والفارابي وابن رشد؟
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 8 ) من أبشع الجرائم التي اقترفها البشرُ على مدى تاريخهم على الأرض ما ارتكبه الرجالُ في حق النساء . فطيلة قرون عديدة استبد الرجالُ بالنساء وجاروا عليهن ووضعوهن في اسوأ الاوضاع ، ووضعوا التشريعات التي تقنن استبداد الرجال بالنساء . ولا توجد كلمات أوضح مما قاله الشاعر الفرنسي العظيم بول ايلوار عندما قال : لو وقف الرجالُ لخمسين الف سنة يعتذرون للنساء عما فعلوه بالمرأة ، لما كان ذلك كافياً ! . ولا أجد وقاحة فكرية تفوق وقاحة قيام الرجال بوضع التشريعات التي تخص المرأة !
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 9 ) عندما أسمع شخصاً يعبر عن رأي ديني بثقة مطلقة في صوابية ما يقول ، ترن في أذني كلمات مؤسس علم أصول الفقه المعروف بالإمام الاعظم أبي حنيفة النعمان الذي قال ذات يوم عن مجمل أراءه الفقهية : علمنا هذا رأي ، فمن جاءنا بأفضـــــــــل منه قبلناه ! وفي ذات الوقـــت ترن في أذني كلمات وليام شكسبير الفذة عن أولئك المتأكــــدين من صواب آرائهم : "انني اتعجب ، من أين يأتون بكل هذا اليقين ؟"...
كتبت ونشرت في مارس 2012




( 10 ) يقول أحمد شوقي على لسان أحد شخصيات مسرحيته الشعرية " مصرع كليوبترا" واصفاً "العوام" .... ( أثر البهتانُ فيه / وانطلى الزورُ عليه / يا له من ببغاء عقله في أذنيه).
كتبت ونشرت في مارس 2012





( 11 ) عقب محاضرة ألقيتُها منذ أيامٍ قليلةٍ في روسيا سألني مستشرُق روسي معروف عالمياً : هل الصورة العامة اليوم في مصر أفضل أم صورة وحالة مصر خلال السنة السابقة على خلع حسني مبارك ؟ وقد كانت خلاصة إجابتي الطويلة كالتالي : ان هذا السؤال يحمل في طياته خطأً منهجياً كبيراً . فالحالة الراهنة في مصَر هي محضُ نتيجة وثمرة لسنوات حكم حسني مبارك الثلاثين.
كتبت ونشرت في فبراير 2012





( 12 ) رغم انني لا يمكن ان أكون معجباً بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ، إلا أنني لابد وأن أشهد أنه كان إبان شهور محاكمته وحتى لحظة إعدامه رجلاً شجاعاً . أما حسني مبارك ، ففي كل مرة أراه يدخل قفص المتهمين في المحكمة ، فأنني أرى الجبن متجسداً . فالرجل الذي أعلم يقيناً أنه بمجرد عودته للمستشفى التي يقيم فيها يسير على قدميه بكل نشاط حريص على دخول المحكمة وهو ممدد في فراشه ومغطى ومحمول في حالة تعكس جانباً رديئاً من تكوينه. والحماقةُ الكبرى تتجسد في ان المخلوع المحمول على نقالة لا ينسى أبداً صباغة شعره كل جلسه . ان عدم قدرة حسني مبارك على دخول المحكمة واقفاً على قدميه (كما كان يفعل صدام حسين) هو جانبُ بالغ الأهمية في شخصية هذا الرجل الذي سيتبوأ في كتب التاريخ موقعه كأسواء وأفسد حكام مصر منذ وحد الملك مينا قطريها.
كتبت ونشرت في فبراير 2012





( 13 ) متى ينظر كل مصري ومصرية لنفسه فى المرآة ويلومها أشد اللوم على مساهمة كل منا فى عملية إفساد الحكام ؟ متى نخجل من التقديس الذى يسبغه جلنا على الحكام ؟ متى ندرك أننا جعلنا رجلا فى غاية التهافت العلمي والمعرفي والثقافي (أصبح فى مصادفة تاريخية رئيسا لمصر) يحسب نفسه حكيما متميزا فى حكمته ، وهو الذى كانت ضحالته المعرفية ومحدودية أفاقه تثير سخرية جل غير المصريين الذين إلتقوا به منذ أتت به قوانين المصادفة العمياء لسدة الحكم فى مصر فى أكتوبر 1981 ؟ ... منذ أكثر قليلا من ألف سنة تمكن خصي من أغوات دولة الإخشيد أن يثب لكرسي حاكم مصر ... ورغم أنه كان شديد الدمامة ، فقد صار المصريون يمدحون كل جانب من جوانبه ، حتى هيئته مدحوها ! يقول أبو الطيب المتنبي عن هذا الخصي الذى تولي (أيضا فى مصادفة تاريخية بلهاء) حكم مصر أنه رغم أن نصف وزنه كان فى شفتيه ، إلا أن ذلك لم يمنع المصريون - يومئذ - من أن يقولوا له أنه كالبدر ! يقول المتنبي : وأسود مشفره نصفه ، يقال له أنت بدر الدجي !!!! ولعل نار الثورة المقدسة (ثورة 25 يناير العظمي) تطهر معظمنا من دنس هذا الرياء للحكام الذى يجعل أقزاما يتفرعنون علينا ، وهم الذين مكانتهم المستحقة هى زنازين السجون . وما أكثر ما أكرر القصة التالية : فى سنة 1940 إستدعي البريطانيون إبن وطنهم العظيم ونستون تشرشل ليقود وطنه فى مواجهة وحش النازية الذى إلتهم معظم القارة الأوروبية ... وخلال خمس سنوات (1940-1945) قاد تشرشل حملة مواجهة الوحش النازي ... وفى سنة 1945 تكللت جهوده بإنتصار الحلفاء (جانب بريطانيا) وهزيمة الوحش النازي ... وبدلا من أن يقدسه البريطانيون ... وبدلا من أن يؤلهه البريطانيون ، إذا بهم فى سنة نصره الأكبر (1945) يسقطونه فى الإنتخابات ويأتون بغريمه كليمينت أتلي ليحل محل تشرشل على رأس الحكومة البريطانية ! ... وهو إختيار من الشعب البريطاني له أكثر من معني . ومن بين تلك المعاني ، أن تشرشل فى النهاية ليس إلا خادم بريطانيا وليس سيدها (تذكروا تعبيرات مثل بطل الحرب والسلام ، وبطل العبور ، وصاحب الضربة الجوية) ... ومن بين تلك المعاني أيضا ، أنه ليس بين الناس من يغرق الوطن بدونه ... ومن بين تلك المعاني كذلك ، أن الذى كان مناسبا لمرحلة الحرب ، ليس هو بالضرورة الأنسب لمرحلة ما بعد الحرب .... وعلينا أن نخجل لأننا بعيدون جدا عن هذه الدرجة من النضج العقلي والنضج الوطني
كتبت ونشرت في فبراير 2012





( 14 ) أدت تراكماتُ سلبيات ستين سنة من حكم غير متسم بالكفاءة والثقافة والرؤية والنزاهة الى ما وصلنا له والذي تجسد في اختيار اعضاء برلمان ثلاثة أرباعهم لا ينتمون فكراً ورؤية لمسيرة التقدم الانساني . والحقيقة ، أن ما حدث هو أمر طبيعي للغاية . فالشعبُ الفقير المهمش المظلوم والمنهوب والذي تلقى اسوأ انواع التعليم لم يكن بوسعه ان يختار بشكل مغاير. من الناحية السياسية ، فإن ما حدث طبيعيُ ومتناغمُ مع الديمقراطية المنشودة . أما من الناحية الثقافية ، فان ما حدث "كارثةُ " .ولكنها كارثةُ لا يجوز ولا ينبغي التعامل معها بأدواتِ غير ادوات وآليات الديمقراطية . أي بجهاد متواصل من جانب انصار الدولة المدنية بهدف رفع مستوى اختيار الشعب المصري بحيث يكون للأكفأ القادر على تحقيق احتياجات المصريين الاساسية وهي: (1) تحسين الظروف الحياتية (2) خلق وظائف عمل حقيقية جديدة تتناسب عددياً مع طلاب العمل في المجتمع (3) تطوير وتحديث التعليم (4) تفعيل مشاركة المصريين في الشأن العام وهي المشاركة التي تم خنقها خلال السنوات الستين الماضية ولم تنطلق الاَّ مع ثورة 25 يناير 2011.
كتبت ونشرت في يناير 2012




( 15 ) خلال سنى العقد الأول من القرن العشرين كرر استاذ الجيل احمد لطفي السيد أن المصري هو من لا يعرف لنفسه صفة الإَّ بكلمة واحدة هي "مصري" !!! ويضيف كاتب هذه السطور : عجبت لمن كان اسلافه هم خوفو وخفرع وسنوسرت وأحمس وكل من حمل اسم تحوتمس وكل من حمل اسم امنحتب وسيتي والرمامسة ثم ينسب نفسه لآخرين خاصموا الحضارة وخاصمتهم فلم تكن لهم أية اسهامات في مسيرة التمدن الانساني الاَّ بالكلام الكبير !!
كتبت ونشرت في يناير 2012




( 16 ) عندما تطورت المجتمعات التى هى اليوم الأكثر تقدما ، فإنها قامت بتقليم أظافر رجال الدين والمؤسسات الدينية المسيحية (دين أغلبية شعوب هذه المجتمعات) ، وتم رسم الحدود بوضوح تام بين ما يحق لرجال الدين تنظيمه ، وبين ما يترك للعلم الوضعي لإدارته. وقد إقتضي حدوث ذلك صراع مرير بيت رجال ومؤسسات الدين وبين قادة الفكر . ولولا ظهور رجلين مثل مارتن لوثر وكالفن وما أحدثاه من هزة لقواعد سلطان رجال الدين لما كانت تلك المجتمعات قد تمكنت من الخروج من الدائرة المغلقة لسلطان المؤسسات الدينية . وكما يحلو لي أن لأصف ما حدث باللهجة المصرية ، فإن رجال الدين والمؤسسات الدينية بعدما أعطوا "العقل العلمي" أكثر من ضربة موجعة "أي علقة بالمصريأو قتلة بالسورية ) ، فإن التقدم العلمي والفكري مكن (بفتح الميم وتسكين الكاف) قادة الرأي العام فى تلك المجتمعات من أن يعطوا هم رجال الدين والمؤسسات الدينية "علقة تاريخية" ، فأصبح هؤلاء ملتزمين بأن مجال نفوذهم هو الجانب الروحي ، أما إدارة المجتمع فإنها ليست مجالهم . وعندما رأي رجال الدين اليهود الذين كانوا يعيشون فى المجتمعات الغربية "الضربة " أو "العلقة" أو "القتلة" التى نالها رجال الدين المسيحي والمؤسسات الدينية المسيحية ، تعلموا الدرس ، فصاروا يقصرون نفوذهم - اساسا- على يوم "السبت" !! أما بقية أيام الأسبوع فيعيشها اليهود فى ظل نظام المجتمع المدني ... وأنا على ثقة أن المجتمعات الإسلامية ستشهد مارتن لوثر وكالفن الإسلام (وربما أكثر من مارتن لوثروأكثر من كالفن) ، وأن صراعا مريرا سيستمر لسنوات وعقود قبل أن تصل هذه المجتمعات الإسلامية للحالة الصحية والتى تسمح بإنطلاق وإبداع العقل الإنساني ، وهى الحالة التى بدونها لا يمكن حدوث التقدم واللحاق بمسيرة التقدم الإنسانية ... فثقافة الطاعة والتقليد والإتباع التى يروج لها كثير من الإسلاميين بوجه عام والحنابلة وأتباع إبن تيمية وإبن قيم الجوزية والدعوة الوهابية بوجه خاص لا يمكن أن تفرز العقل صانع التقدم ... والدليل الأوضح هو حالتنا الراهنة : فحتي أغني المجتمعات الإسلامية تعيش عالة على تجليات العقل الغربي الذى حرر نفسه منذ أكثر من أربعة قرون من ربقة عبودية العقل الإنساني للسلف والتقليد والإتباع والطاعة.
كتبت ونشرت في يناير 2012



( 17 ) أوليت قسما كبيرا من وقتى المخصص للقراءة منذ عدة شهور لمطالعة كتابات المفكر اللبناني فرح أنطون (1874 - 1922). وأذهلني أن يكون بين من كتابنا خلال القرنين الأخيرين رجل بقامة فكرية سامقة مثل هذا اللبناني الفذ ولا نوليه ما يستحقه من إهتمام. فرح أنطون ينتمي لنوعية مثقفين وأدباء ومفكرين أفذاذ مثل طه حسين والعقاد ومي زيادة والمازني وميخائيل نعيمة. وقد كان من الميسور الوقوف على سبب الإهمال المشين الذى حظت به كتابات هذا الجهبذ الفذ. فقد وضع فرح أنطون يده على علة المجتمعات الإسلامية الكبري (بل والعلة الأساس) والتى بسببها صارت مجتمعاتنا عالة على البشرية المتقدمة . فكل الآلات ومجمل علم الطب والأدوية ومنجزات البشرية فى عوالم الهندسة والفضاء وتكنولوجيا المعلومات فى واقعنا ليس من بينها بند واحد من إبتكارنا ... فكل ذلك من مبتكرات المجتمعات التى نعشق كراهيتها (فهذه الكراهية ترضي شعورا عميقا بالنقص تجاه الحضارة ذات السبق) ... ومعلوم أننا خلال القرنين الأخيرين ، لم نضف لمحصول البحث العلمي منجزا واحدا ... وقد تجلي لفرح أنطون أن حلفا تشكل منذ حقبة المعتصم (الخليفة العباسي الثامن ) من حكامنا وبعض رجال الدين فى مجتمعاتنا. وأن هذا الحلف هوالذى وضعنا على درب الركود والخمود والجمود منذ إنتصر هذا الحلف لأهل النقل على أهل العقل ... وهو ما أدي لما يعرف بقفل باب الإجتهاد ... أدرك فرح أنطون ذلك بجلاء عظيم ، فإتجه لأهم العقول الفلسفية فى تاريخ المسلمين ( إبن رشد ) وإهتم به إهتماما فائقا ووضع عنه أحد أفضل الكتب التى أعدت عن هذا العقل الفريد بين كبار العقول على مستوي التاريخ الإسلامي ، وأعني كتاب فرح أنطون العبقري "إبن رشد وفلسفته" .... وإذا كانت النخبة المثقفة (قبل العامة) فى مجتمعاتنا لا تعرف شيئا عن فكر وقيمة فرح أنطون ، فهذه نتيجة طبيعية لهزيمة روح الحداثة فى مجتمعاتنا ... ولعل هذه الفقرة من كتابات فرح أنطون تدلنا على سبب تجاهل المؤسسات التعليمية (التى اختطفها تيار ثيوقراطي بالغ التشدد والتعصب وضيق الأفق ) لمفكر بمثل قامة فرح أنطون العالية ... كتب فرح أنطون : "لا مدنية حقيقية ولا تساهل (يقصد : تسامح) ولا عدل ولا مساواة ولا أمن ولا ألفة ولا حرية ولا علم ولا فلسفة ولا تقدم الا في ظل مجتمع متطور ومتجانس ومفاهيم حضارية جديدة".
كتبت ونشرت في يناير 2012




( 18 ) تقوم الذهنية الوهابية فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة على ركن أساس هو أن المرأة هى مصدر الشر والإغراء ! وهو تفكير عريق فى القدم ، منذ "ألبست" النصوص "المقدسة" وزر ما حاق بأبي البشر آدم من لعنة وأدي لطرده من جنة النعيم وإلقاءه لعذابات الحياة الدنيا ومكابداتها ! والغريب ، أن أبسط تحليل لهذه "النظرة" يقود لنتيجة واحدة ، وهى أن مصدر الشر هو الرجل وليس المرأة ... فهو الكائن الهذيل الى لا يسيطر على ذاته ورغباته وشهواته ، بل انه أقرب ما يكون للوحش البهيمي الذى ما ان يشم رائحة الدم ، إلا وتحوله غريزته لوحش لا عقل ولا ضمير ولا إرادة له ! فالمؤكد أن الرجل العصري المتعلم والمثقف والمهذب ، لا علاقة له بهذا "الوحش" الذى يبني عليه متدينون كثيرون نظريتهم التى تتوخي حماية هذا الوحش (الذى لا سيطرة له على ذاته ولا عزم أو إرادة أو ضمير له) ... وذلك بتغطية المرأة (كلية) حتى لا يري منها الرجل ما يثيره ، فينبح ! ومن غرائب هذه الذهنية أن المجتمع الذى سيطر على عقله حكام ورجال دين يؤمنون بهذه النظرية (نظري الرجل الذئب ! ) وقاموا بوضع آلاف المتاريس بين الرجل - الذئب والمرأة - الفريسة - المغرية ، هذا المجتمع هو (تحت سطح البحيرة الزائف والمزور) أكثر المجتمعات إفرازا لأعلي نسبة من العلاقات - الجنسية - الفوضي (بين رجال ونساء ، وبين رجال ورجال وبين نساء ونساء) !!! وهو ما يدل على أن التهذيب الوحيد لهذا الرجل - الذئب (!!) إنما يكون بالتعليم العصري والتربية السيكولوجية السوية .
كتبت ونشرت في يناير 2012




( 19 ) يقولون أنهم يطلبون احترام العالم لهم (وهو حق مؤكد لهم) ، ولكنهم لا يحترمون الآخر بالشكل الذى يطلبونه لأنفسهم ... فبمناسبة وبدون مناسبة يقولون للآخر أن كتابه المقدس محرف ! وأن عقيدته فاسدة ومزيفة !!! .... ويقولون أنهم يؤمنون بحرية الإعتقاد ، ولكنهم يتمسكون بأن المعتقدات المسموح (!!) بها هى الأديان الثلاثة الإبراهيمية (أو التى يسميها البعض بالسماوية) ! ويقولون أنهم ليسوا ضد أي دين آخر ، ولكن ما أن يشرع أبناء أي دين آخر فى بناء دورعبادة لهم ، حتى يثور بركان غضبهم ويقوم بعضهم بتدمير دورالعبادة التى كان "الآخر" يهم ببناءها ! ... ويتحدثون بحماس عن حقهم فى إنشاء دور عبادة لأبناء وبنات دينهم فى أي وكل مكان على سطح الكرة الأرضية ، ولكن الدولة التى تضم أقدس مقدساتهم لا يوجد بها (وغير مسموح) دور عبادة لأي دين أو معتقد أو طائفة أخري !!! وعندما يقرر الشعب السويسري (من خلال إقتراع عام) أنه رغم السماح لهم بإنشاء دور عبادة جديدة ولكن بدون مآذن ، يغلي الدم فى عروقهم ويفور بركان غضبهم وتنطلق كالجحيم صراخاتهم ! وكأنهم نسوا أن كبري بلدانهم لا تسمح بكنيسة واحدة للمسيحيين أو معبد لليهود أو للبوذيين أو للبهائيين !!!! يتمسكون (عن طريق منظمات المجتمع المدني) بتحسين صورتهم وصورة معنقداتهم فى برامج التعليم فى البلدان المتقدمة التى آوتهم وفتحت صدرها وقبلتهم كمهاجرين اليها ... فإن طالب المسيحيون او اليهود او البهائيون بالمقابل ، تعالي عويلهم وشجبهم للتدخلات الأجنبية المشبوهة فى برامجهم التعليمية . يوجد من أبناء دينهم أعضاءا بكل برلمانات أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ... أما هم فلا يوجد ببرلماناتهم أي وافد من الخارج ، بل ويقومون بإلغاء عضوية أي إبن أو إبنة من الوطن إن ثبت تمتعه بأية جنسية أخري !!! يهاجرون لبلدان أوروبا وامريكا الشمالية وأستراليا هاربين من إنعدام الحريات (بشتى صورها) وإنعدام فرص الحياة الطيبة ... وما أن يستقروا فى الجنة التى طالما حلموا بها حتى يبدأ بعضهم فى العمل على تدمير البنية الأساسية للمنظومة الدستورية والقانونية والثقافية للجنة التى فروا اليها من جحيم مجتمعاتهم الغارقة تحت مياه بحيرة التخلف الآسنة ... وعندما يكتشف أبناء المجتمعات المتقدمة التى فر لها "هؤلاء" أن كل ما يريده من الديموقراطية "بعض" هؤلاء المهاجرين انما هو إستعمال الديموقراطية لنسف وتدمير الديموقراطيات الغربية ، يعلو صراخهم : إنقذونوا من موجة العداء لنا ولديننا !! .... إنها مأساة منطقتنا التى اختطفها حكام هم آية من أكبر آيات الجهل المضفر بالفساد وإنعدام الرؤية وغياب الحس التاريخي واختفاء الثقافة ... وبعد نصف قرن من حكم هؤلاء اللصوص - الجهلة تكون شعوب مجتمعاتنا غير قادرة على الإطلاق على إختيار الكفاءة المضفرة بالمعرفة والمتوخية للتقدم والمتسمة بالنزاهة .... وعندما تصل بنا عواقب نصف قرن من الجهل والفساد الى ما نحن فيه اليوم ، فلا يبقي لنا من خيار الا خوض المباراة بأدوات الديموقراطية وفى مقدمتها التمسك بإيماننا بالعلم (لا بالخرافة) وبتقنيات علوم الإدارة الحديثة وبالإنسانية وبالتقدم وبالحداثة وبالنسبية وبالتعددية (بمعناها الحقيقي ، لا بمعناها الزائف الذى يكرره اليوم بعض الثيوقراطيين) وبقبول الآخر وبحقوق الانسان وبحقوق المرأة العصرية المساوية تماما للرجل وبالسماحة الثقافية والدينية .... والأهم : بالدولة المدنية القائمة على المواطنة وعلى فصل الدين عن الدولة .... وأن يتمرسوا على العمل السياسي وعلى التواصل من الشعب بشتي طبقاته وعلى خدمة المجتمع .... ورغم أن هذا يبدو كمهمة عسيرة فى مواجهة سحب التراجع (للخلف) السوداء التى تغطي سماء واقعنا اليوم ، فإن الإيمان الحقيقي بقيم التقدم لا يكون حقيقيا وجديرا بالإحترام ما لم يعلنه المؤمنون به فى ظل ظرف تاريخي محبط كالظرف التاريخي الذى خلفه حكام مجرمون مثل بن علي وحسني مبارك والقذافي وعبدالله صالح (وقد سقطوا) وبشار الأسد (وهو سيسقط لا محالة خلال هذا العام الجديد) .... وأن يعملوا من الآن على إسترداد عقل وقلب الوطن من دعاة الماضي وخصوم العلم والتقدم والحريات والمعاصرة
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011


( 20 ) لولا اخفاق حكاّم مصر ( ونظمهم ) خلال العقود الستة الماضية ، لما اختار كثير من المصريين اي مرشح من المحسوبين على التيار الإسلامي. لولا اخفاق هؤلاء : سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وثقافياً ، لما دخل البرلمان المصري عضو واحد من التيار الديني . فالانسان الذي يعيش في ظروف حياتية كريمة ، والذي يشارك في الحياة العامة كصاحب مصلحة في اختيار ممثليه وحكوماته ، والذي تلقى تعليماً عصرياً يقوم على تفعيل العقل بوجه عام والعقل النقدي بوجه خاص ، والذي يعيش في مناخ اجتماعي يتسم بالوضوح والعدل (والعدل فى أحسن الأحوال " نسبي " ) ، والذي يحيا في مناخ ثقافي وإعلامي ينتمي للعصر ومسيرة التقدم الانسانية ، لايمكن ان يختار من لا علاقة لهم بالعصر والتقدم والحداثة وحقوق الانسان وحقوق المرأة. لولا اخفاق حكام مصر ( ونظمهم ) خلال العقود الستة الماضية في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة ، لكان جل المصريين قد اختاروا من يشغلهم الحاضر والمستقبل ، لا من لا حديث لهم الا عن الماضي وما سلف ومن سلف.
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011




( 21 ) خسر فخر مصر واستاذ الجيل ( ومترجم أرسطو) أحمد لطفي السيد ( 1872 / 1963 ) الانتخابات ( في أواخر 1923 ) امام رجل نصف متعلم . وكان السبب ان خصم لطفي السيد قد اشاع عند جمهور الدائرة ان من نتائج "الديموقراطية" السماح للمرأة بعلاقات مع اكثر من رجل (!!) ولما وصف لطفي السيد نفسه بأنه يدعو للديمقراطية ، قام معظم ابناء الدائرة بالتصويت لخصمه !! ففاز شبه انسان ، وخسر اكبر مثقف مصري في زمنه !
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011





( 22 ) في 1971 وصف أنور السادات نفسه بالرئيس المؤمن ( والمعنى الباطن ان الرئيس الذي كان قبله لم يكن كذلك) ! ... وقال أيضاً عن نفسه أنه رئيس دولة "العلم" و"الايمان" ! وفي أوائل سنة 1981 قال نفس الشخص ( اي أنور السادات ) : "لا سياسة في الدين ، ولا دين في السياسة" !! ... وفي أواخر سنة 1981 قتل اسلاميون أنور السادات !
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011






( 23 ) المؤمنون بفكر الإخوان المسلمين والسلفيين وأعضاء الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد وكل الفروع الاخرى للاسلاميين تؤمن بنظرية المودودي عن "الحاكمية" والتي قدمها لاسلامي المجتمعات العربية سيد قطب (1906 / 1966) . وبإشتراك هؤلاء جميعاً في الايمان بنظرية الحاكمية ، تكون كل الاختلافات (والخلافات) بينهم هامشية وغير استراتيجية.
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011




( 24 ) في بلد غير بعيد عنا وضعت أشد القواعد صرامة وحزماً لمنع اختلاط النساء بالرجال . وطبقت قواعداً حاسمة لكيلا تقع الخطيئة الكبرى وهي اختلاط الجنسين . ومع ذلك فالنتيجة الواقعية التي نعلمها جميعاً هي أن مجتمع هذا البلد يشهد من الاختلاط المحـرم ( رجال ونساء + رجال ورجال + نساء ونساء ) ما لا مثيل له في أكثر المجتمعات تحرراً . وهو ما يثبت ان " التنظيم الوحيد " للطبيعة الانسانية انما يتحقق من خلال التربية والتثقيف والرقي العقلي وليس بالعصا (!).
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011




( 25 ) لسان حال الرجل المتشدد يقول : " المطلوب اخفاء المرأة لانها تثير الوحش الذكوري الكامن في أعماقي " ... ومن غرائب مجتمعنا ( الراقد في قاع بئر التخلف ) اننا لا نسمع اصواتاً تقول لهذا المنطق . " ولماذا لايكون الحل من خلال تهذيبك وتهذيب هذا الوحش الذكوري الذي بداخلك ...؟ "
كتبت ونشرت في ديسمبر 2011







( 26 ) عندما تقع عيناي على عدد من الشخصيات التى تسمي نفسها تارة بالإسلامية وتارة أخري بالسلفية ، وأسمعها وهى تصف الحلول التى فى جعبتها لمشكلات مصر (وهم الذين يقفون على الخط الفاصل بين الأمية الثقافية والبدائية) أتذكر (بحسرة تعصر القلب والذاكرة) أيام أن كان قادة الفكر فى المجتمعات العربية من نوعية فرح أنطون ولطفي السيد وطه حسين والعقاد وعلي عبدالرازق وسلامة موسي .... وصولا لتوفيق الحكيم ولويس عوض ويوسف إدريس ومحمد مندور .... كيف إنهرنا هكذا ؟ كيف سقطنا من حالق هكذا ؟ وكيف رضينا بأن نستمع لتلك الكائنات الأحفورية دون أن نستدعي لعلاجهم كل الذين لدينا من أطباء للأمراض العقلية والنفسية ؟
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011




( 27 ) أؤمن أن معظم سياسات جمال عبدالناصر وحساباته كانت بعيدة عن الصواب . وأؤمن أنه لم يكن بوسعه إستقراء حال ومآل حقبة الحرب الباردة (1945 - 1991) ... ولكنني أزعم أنني أعرف سر جماهيريته وشعبيته اللتين تكبران مع مرور السنين ، وأعني تحديدا أنه كان الوحيد (على مدي التاريخ المصري الذى لا مثيل له فى الإستمرارية والتواصل) "المحامي الأكبر والوحيد" للفقراء والبسطاء والمهمشين ، ونصيرهم الأبرز المنشغل بهم قبل أي شيء آخر . لقد كنت محظوظا عندما أتاحت لي ظروف إجتماعية (لا قضل لي فيها) ألآ أكتفي بقراءة جل ما كتب عن جمال عبدالناصر ، بل وأن أكون صديقا لكل أبناء جمال عبدالناصر ، وزميلا لثلاثة منهم فى ذات المدرسة (1955 - 1967) وصديقا لهم وزائرا لبيتهم فى حياة والدهم . وهو ما أتاح لي أن أعرف بنفسي كيف كان جمال عبدالناصر أكبر من أية مطامع مادية ، بل ومانعا يقف بين أفراد أسرته والثروة وإستغلال النفوذ والإثراء بسبب مكانة والدهم التى لم يصل لجزء صغير منها أي حاكم عربي خلال القرن العشرين ... محامي الفقراء الذى كان جزءا من أهم مكونات شخصية جمال عبدالناصر هو سر تلك الجماهيرية والشعبية التى لم يصل لمستواها أحد غير جمال عبدالناصر
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011





( 28 ) قال صديقي المثقف الكبير : ان حالتنا الدينية المتخلفة الحالية هى سبب تخلفنا الحالي ... أما صديقي المثقف الكبير الآخر فقال : أما أنا فأعتقد أن تخلفنا هو الذى أنتج حالتنا الدينية المعاصرة التى تنفرد بدرجة من التخلف والعته لا نظير لهما ... أما أنا فقلت : انني أري ان هناك علاقة جدلية (دياليكتيكية) بين الظاهرتين (حالتنا الدينية الأحفورية الحالية وتخلفنا جالب العار أمام العالم) . وأن قانون الإرتباط الهيجلي بالذات هو أبرز معالم تلك العلاقة الجدل
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011





( 29 ) كيف لا يتعامل الغرب مع منظومته القيمية كأهم مصالحه ؟ كيف يعطي الغرب الأولوية لمصالحه الإقتصادية على نسقه القيمي ؟ هل يمر من هذا "العيب الفادح" قانون "هيغل" الأشهر : كل شيء يحمل نقيضه داخله ؟
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011






( 30 ) الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان الذى يقدس القذافي وصدام حسين و"الشيخ ! ) أسامة بن لادن لا يمثل نفسه فقط . وإنما هو تلخيص كامل شامل لخلطة تطورت خلال العقود الأربعة الأخيرة ، وهى خلطة من فكر الإسلامويين والقومجية العرب وأزلام نظم كنظم صدام حسين ومعمر القذافي ... وأشهد أنها خلطة من العسير فهمها على أي إنسان تكون عقله فى ظل ثقافة إنسانية تنتمي لمسيرة التمدن والتحضر والتقدم الإنسانية !!! ولا أظن أن أي مركز بحوث فى العالم بوسعه فهم مثل هكذا "خلطة"
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011




( 31 ) حكام العرب خلال العقودة الستة الأخيرة هم بانوراما للجهل والفساد والإستبداد والبدائية الفكرية والقبلية المتخلفة .... وفى ظل حكمهم وبسببهم نمت تلك الحركات الإسلاموية والسلفية التى هى فى حالة تضاد كلي مع العلم وقيم العصرنة والإنسانية التى كافحت من أجل الحريات العامة وقيم التعددية وقبول الآخر وحقوق المرأة والنسبية والتعايش المشترك وإكبار قيمة العقل الإنساني بوجع عام والعقل النقدي بوجه خاص وكونية العلم والمعرفة .... هؤلاء الحكام الجهلة الفاسدون البدائيون المستمدون هم الذين أوصلونا لسيرك حياتنا السياسية الراهن
كتبت ونشرت في نوفمبر 2011








(32) عندما كانت قبلتنا المعرفية والثقافية فى شمالنا الغربي ، كان أعلامنا من نوعية أحمد لطفي السيد وعبدالعزيز فهمي وطه حسين وعباس العقاد وإبراهيم عبدالقادر المازني وسلامة موسي وتوفيق الحكيم وحسين فوزي ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ... وعندما تحولت قبلتنا المعرفية والثقافية وأصبحت صوب الشرق ، صار أعلامنا من أمثال محمد عمارة وسليم العوا والشيخ حسان .... وهو "تطور" لا تخفي مناقبه ومزاياه على أي فطن لوذعي !!!
كتبت ونشرت في أغسطس 2011





( 33 ) إسرائيل هى الموضوع الوحيد الذى تسمح كل النظم العربية لجماهيرها أن تعبر عن أفكارها ومشاعرها بشأنه بلا حدود وبدون أية سقف !
كتبت ونشرت في أغسطس 2011







( 34 ) إن الحراك السياسي المتفاعل الآن فى مصر هو أمر حتمي بعد ستة عقود من "إحتباس" الحراك السياسي . وستكون نتائج هذا الحراك على المدي الطويل "إيجابية". ولكن الرحلة من اللحظة الراهنة لتلك المحطة الإيجابية ستمر بمراحل صعبة وعديدة ، وسيبدو للبعض وكأن ثورة 25 يناير 2011 قد أخذت مصر للأسوأ . وعلى خلاف ما يتوقعه كثيرون ، فإن الجهة التى تضم الليبراليين واليساريين والأقباط هى التى ستكون لها الغلبة فى النهاية.
كتبت ونشرت في يوليو 2011





( 35 ) لكل الحضارات الكبري مزايا وعيوب ، أو مناقب ومثالب . وإذ كانت أهم مناقب الحضارة الغربية (الجالسة اليوم خلف عجلة قيادة قاطرة التقدم الإنساني) هى تطوير القيم الإنسانية التى حققت الطفرة الكبيرة فى شتي المجالات (قيمة الوقت ، وقيم التعددية والغيرية والنسبية والسماحة والديموقراطية وحقوق الإنسان ، وإعلاء شأن العقل الإنساني ، وحقوق المرأة ، والتفعيل الكبير لدور العقل النقدي ، وعالمية أو كونية العلم والمعرفة .... إلى أخر الأنساق القيمية التى كتبت عنها عشرا الكتب ومئات المقالات) ... فإن أكبر عيوب أو مثالب هذه الحضارة هو ضعفها الشديد والمزري) أمام المال وأمام مصالحها المالية ، والأسوا : عدم دفاعها عى أنساقها القيمية كما تدافع عن مصالحها المالية . ولو أن هذه الحضارة قد إهتمت بالدفاع عن القيم الأساس التى كانت (ولا تزال) أساس نهضتها وتقدمها (وبشكل إنساني كوني) ، لكنا نعيش اليوم فى عالم أفضل بكثير مما يحيط بنا اليوم . وليتخيل القاريء مثالا وحيدا عما أقصده هنا : تري كيف سيكون عالمنا لو أن الحضارة الغربية تهتم بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والديموقراطية ومحاربة الفساد فى العالم الثالث (فى السعودية مثلا !!) كما تهتم بهذه القيم فى مجتمعاته !!!!
كتبت ونشرت في يوليو 2011




( 36 ) دخل التلاميذ على أستاذهم ، فألفوه يدندن بشعر لنزار قباني " أقبل النفط علينا / فأرتمينا على قدميه / ان شعري لا يبوس اليدين / وأحري بالسلاطين ان يبوســــوا يديه " ... وأخذ يكرر " وأحري بالسلاطين ... كل السلاطين ، أن يبوسوا يديه " ... فلما شعر بوجود تلاميذه نظر اليهم وهو يشدو بشطر من بيت آخر لنزار قباني : أيا متشقق القدمين يا عبد إنفعالاتك

كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 37 ) سأل أحد التلاميذ الأستاذ "من هو فى تعريفك المثقف الكبير؟ " ... فقال الأستاذ : هو (او هي) من أحاط بجل كلاسيكيات الإبداع الإنساني فى شتي مجالات وميادين العلوم الإجتماعية والإنسانيات (على أن يتضمن ذلك العلوم الإجتماعية الحديثة مثل علوم الإدارة الحديثة وعلوم تقنية المعلومات وسائر الروافد الجديدة لعلم النفس) . وأضاف الأستاذ : وأعتقد أن من لم يحط بالفلسفة الغربية الحديثة بوجه عام وبفلسفة ديكارت وإيمانويل كانط وأوغست كونت ، سيكون دائما غير قادر على إمتلاك منهج تفكير سليم وقادر على التعامل الناجع مع تحديات العصر
كتبت ونشرت في يونيو 2011






( 38 ) قال الأستاذ لتلاميذه أن الإخوان المسلمين فى مصر لا يتوقفون عن تكرار أن على الأقلية أن تخضع لخيارات الأغلبية ... فقال : هذا منطق سقيم ! فالأميون (الذين لا يقرأ أيهم ولا يكتب) هم قرابة نصف المجتمع المصري ... فهل لو أنهم كونوا حزبا (حزب الأميين) وحصلوا على الأغلبية فى أول إنتخابات برلمانية ، كان من حقهم إختيار رئيس وزراء أمي ووزير دفاع أمي ووزير تعليم أمي !!؟؟ ضحك الأستاذ وهو يردف : مصر اليوم بحاجة لدستور يضعه رموز التألق فى سائر المجالات ، وكما حدث فى مصر فى سنة 1923 ، فإن الدستور يجب أن يسبق الإنتخابات البرلمانية ... والدستور الجديد ينبغي ان يتضمن نصا واضحا يجعل من الجيش المصري حاميا للوطن والدستور والدولة المدنية ويحظر أية إستفتاءات مستقبلية حول الطابع المدني للدولة المصرية . وهذا أمر حتمي لحماية مصر وضميرها المعاصر والمتحضر من دعاة الخرافة وترهات الماضويين وأصحاب الأحلام الثيوقراطية.
كتبت ونشرت في يونيو 2011




( 39 ) حكي "الأستاذ" أن تلامذته يعكسون كافة ألوان الطيف التى فى مجتمعهم ... وأضاف أن أكثرهم إرهاقا له أؤلئك الذين يريدون منه "معلومات" وليس فلسفة حياة ومنهج تفكير وطرائق بحث ... وقال أن هؤلاء غالبا ما تصد أبوابه فى وجوههم فى النهاية . إذ لا جدوي ولا رجاء فيمن يجيئون لتخزين معلومات دون أن يتركوا وراءهم فلسفة ومنهج وطرائق بحث بدائية كحالتهم قبل المجيء للأستاذ . وأضاف : ما الفائدة أن أعلم أحدا ألف موضوع جديد ، لو أنني فشلت فى تزويده بفلسفة ومنهج تفكير أرقي مما أتي لي به ؟ وما الفائدة من إضافة ألف مسألة لمحصوله المعرفي إن لم أعلمه التسبيب (وما أكثر ما حدث الأستاذ تلاميذه عن نظريات السببية) ، ولكن البعض يأبي التعلم بسبب إصراره على طرائق التسبيب البدائية التى حضر وهى فى دمه (وعقله) تجري ؟
كتبت ونشرت في يونيو 2011






( 40 ) غريبة (بل وشاذة) هى تلك المجتمعات التى ان أرادت وضع تشريعات او قوانين تنظم امورا تتعلق بالمرأة ، عهدت بتلك المهمة لرجال وليس لنساء ! فقوانين الأحوال الشخصية والتى تنظم الزواج والطلاق وحضانة الأولاد والنفقة وغيرها من المسائل التى تندرج تحت مسمي "الأحوال الشخصية" هى من وضع لجان أعضاؤها "ذكور" !!! والصواب والمنطق أن تكون تلك اللجان مشكلة من أغلبية من النساء المتخصصات ومفكرات وكاتبات وأقلية من الرجال من الرجال المتخصصين ومفكرين وكتاب. وفى أقصي الأحوال، أن يكون نصف الأعضاء ذكورا ونصفهم (+ واحدة) من السيدات. والأمر أخطر وأهم وأجل من أن يترك لمجموعة من الشيوخ ورجال الدين . أما جعل الأمر برمته فى يد لجنة من رجال الدين الذكور فهو من قبيل جعل "الخصم" هو فى ذات الوقت "الحكم" ، وهى مأساة وملهاة فى آن واحد.
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 41 ) كل الثقافات القديمة بوجه عام ( وثقافات الديانات الإبراهيمية من بينها) عامرة بثقافة تجعل المرأة فى مكانة دونية . وكانت الثقافتان اليهودية والإسلامية من "أشرس" هذه الثقافات ظلما للنساء . ولكن بينما فرض التواجد الجغرافي لمعظم اليهود فى قلب "جغرافية عصر النهضة وما بعده" على العقل اليهودي أن يطور الكثير من ثقافته المعادية لحقوق المرأة (كإنسان كامل الإنسانية) ، فإن عاملين حالا بين العقل المسلم وبين ان يتطور (فى هذه الجزئية) كما تطور (نسبيا) العقل اليهودي - الغربي : (أ) التكلس الذى أصاب العقل المسلم منذ (ومع) غلق باب الإجتهاد فى القرن الثاني عشر الميلادي (ب) البعد الجغرافي عن "مصنع التقدم" منذ عصر النهضة . أما العقل المسيحي ، فمن جهة كان للمكانة السامية لأم المسيح الدور الأكبر فى منع العقل المسيحي من الإمعان فى "دونية المرأة" ، كما أن إرتباط المسيحية الجغرافي بالقارة الأوروبية قد جعلها المستفيد الأول من الثمار الثقافية لعصر النهضة وما بعده ، وكلها تصب فى مصلحة الإرتقاء بمكانة وحقوق المرأة لنفس مستوى مكانة وحقوق الرجل
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 42 ) مدام ماري سكودوفسكا كوري (البولندية الأصل ، والفرنسية الجنسية) والتى عاشت ما بين 1867 و 1934 ، لم تكتف بأن تكون أول إنسان يحصل على جائزة نوبل مرتين فى 1903 و 1911 (فى الفزياء والكيمياء - وليس فى فى فرك أصابع الرجلين كما يفعل الكثير من علماءنا الأجلاء) ... بل وقدمت للبشرية إبنة (إيرين جوليو - كوري) حصلت هى أيضا (سنة 1935) على جائزة نوبل فى الكيمياء ... ومع ذلك ، فأنها لو كانت بيننا اليوم ، وذهبت للشهادة أمام قاض يرتدي الدشداشة والشماغ فى مدينة بصحراء نجد ، فإن هذا القاضي سيصر على أن شهادة مداد كوري بنصف شهادة رجل مثل عوض القرني أو الشيخ السديس أو الدكتور النجيمي !! ولن يكون بوسعه أن يري أن النصوص الدينية يمكن أن تحترم رغم نظرتنا لها كنصوص مرتبطة بظرف تاريخي وثقافي محدد
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 43 ) يقول الشاعر الفرنسي العظيم بول إيلوار ( اسمه الأصلي إيوجين إميل غريندل ، ولد فى 1895 وتوفي فى 1952 ) أن الرجال لو وقفوا لمدة خمسين ألف سنة يعتذرون عما إقترفه الرجال من جرائم وعدوان وظلم وأخطاء فى حق النساء ، لما كان ذلك كافيا
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 44 ) عندما يطالب الرجل النساء بالإلتحاف بالملابس المغطية لهن ، فإنه يكون فى حالة إعتراف بأنه ذئب متوحش يقول : غطوا النساء تماما لأنني وحش لا يمكنه أن يري الفريسة دون أن تراوده نفسه بإلتهامها !! وهي حالة عقلية وثقافية بالغة الإنحطاط والدونية !!! فعوضا عن يكون الرجل "كائنا راقيا" ، فإنه يقر ويعترف بأنه كالكلب الذى يفقد مقاومته على كبح جماح نفسه كلما رأي لحما غير مغطي ... وهذه هى نفس مفردات مفتي أستراليا منذ بضعة سنين
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 45 ) من المفهوم (ولكن : من غير المقبول) أن الرجل الذى لا شأن ولا وزن ولا تألق له خارج بيته ، سيحاول أن يعوض فشله هذا عندما يعود للبيت بإعلان سيادته الكلية على تلك السيدة التى إبتلاها الزمان بهذا الفاشل الذى لا يجد سواها لإثبات سيادته
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 46 ) المجتمع الذكوري يفرز "أما" ذات طبيعة منسحقة تشبه طبيعة الإماء ... وهذه الأم تفرز إبنا رضع مع لبن أمه طبيعة العبيد التى بعد سنوات سيسوم بها زوجته سوء العذاب . أما الرجل الحر ، فهو من أنشأته أم حرة . والأحرار لا ينشأون على أخلاق العبيد والإستعباد ، ولا يحبون معاشرة الجواري والإماء ... العبد فقط هو من يحب ذلك.
كتبت ونشرت في يونيو 2011




( 47 ) فى مؤتمر لحقوق المرأة عقد بالمغرب منذ أسابيع قليلة ، قلت للحاضرات أن عليهن ألا ينتظرن نيل حقوقهن بسبب مواقف رجال يناصرون حقوق المرأة مثلي . فالنساء لن ينلن حقوقهن إلا بكفاحهن ونضالهن (وأحيانا : بثورتهن) ضد العقل الذكوري والثقافة الذكورية والمجتمع الذكوري ... الحقوق لا تمنح بمكرمات من الملوك والرؤوساء ، وانما تنتزع انتزاعا
كتبت ونشرت في يونيو 2011




( 48 ) النظم السياسية فى البلدان الأكثر تقدما تخون حقوق الإنسان وحقوق المرأة فى مجتمعاتنا نحن (شعوب المجتمعات العربية) كل يوم بتغافلها وتجاهلها للوضع المشين والمهين لحقوق الإنسان بوجه عام ولحقوق المرأة بوجه خاص فى مجتمعاتنا . وسيسجل التاريخ أن من أكبر مثالب الحضارة الغربية أن الأكثر تقدما فيها كان يرضي للشعوب الأقل تقدما بما لا يرضاه لشعوبه . وأن هذه الإزدواجية لم تكن بسبب الجهل وإنما بسبب الضعف الأسطوري أمام المال .
كتبت ونشرت في يونيو 2011





( 49 ) النساء هن نصف المجتمع عدديا وأمهات ومربيات النصف الآخر ... وعليه ، فإنه مالم تصبح تتقدم وتتحدث (من الحداثة) المرأة ، فستبقي مجتمعاتنا (كما هى اليوم) عالة على البشرية فى سائر مجالات العلوم والإبتكارات . ودليلي على صواب هذا القول هو أنه لا يوجد شعب واحد على سطح الأرض له إسهامات فى مسيرة التقدم العلمي إلا الشعوب التى تساوت فيها المرأة مع الرجل فى الحقوق والمكانة . أما الشعوب الأخري التى بقت مجتمعاتها ذكورية (ككل الشعوب العربية) فهى محض مستورد لتجليات العلم لا صانعة لها ، وهو عار لا يشعر به من جبلوا على "شراء" لا " صنع" الحياة ... وفى مقدمة هؤلاء من جعلتهم الثروة التى هطلت عليهم (بعد قرون من شظف العيش مع النوق والماعز وبيوت الشعر وتلال الرمال) يظنون أنهم قد إرتقوا ، وهم أبعد ما يكونون عن فهم معني الإرتقاء.
كتبت ونشرت في يونيو 2011

( 50 ) سألني دبلوماسي سعودي حضر منذ أيام محاضرة ألقيتها بجامعة إبن طفيل بمدينة القنيطرة المتاخمة لعاصمة المغرب عن تفسيري لتمسك عددٍ من الحكومات العربية بحظر تدريس مادة الفلسفة بمدارسها وجامعاتها. فقلت أن الفلسفة هي التي جعلت اليونان وروما (قديماً) صاحبتي حضارتين من أعظم الحضارات في تاريخ الإنسانية . ونحن نتحدث هنا عن حضارتين غير ميتتين (على خلاف الحضارة المصرية القديمة وحضارة بلاد مابين النهرين) . فالحضارتان اليونانية والرومانية حيتان اليوم من خلال حضارة الغرب ( حضارة الرينيسانس وما بعد الرينيسانس). وأضفت أن قتل الفلسفة (أو التفلسف أو التمنطق) خلال القرنين التاليين للقرن العاشر (الميلادي)في المجتمعات المسلمة والعربية هو (وحده) سبب الجمود المعرفي والتكلس العقلي والضمور البحثي الذي أدى لدخول هذه المجتمعات في طور بيات حضاري طويل وقع خلالها إستعمارُها . وفي العصور الحديثة ، فإن الحضارة الغربية كانت الفلسفة هي العمود الفقريِ لهذه الحضارة. وبإختصارٍ ، فإن الفلسفة تفعل (بضم التاء وفتح الفاء وتشديد العين المكسورة وتسكين اللام) الأنشطة العقلية والفكرية ، وتبث الحيوية في العقل النقدي ، وتخلق مناخاً يسمح بكل وكافة وسائر الأسئلة . ولما كانت الأسئلةُ "مبصرةً" والأجوبةُ "عمياءً" ، كما كان الإغريق يقولون ، فان المجتمعات التي إنتشر فيها الفكرُ الفلسفي هي التي تطورت وقادت مسيرة التمدن والتقدم الإنسانيين لما نراه اليوم والذي يلخَص (ويترجَم) في تقدمٍ علمي هائل يثمر تحسناً عظيماً في الظروفِ / الشروط الحياتية للإنسان.
ولما كانت الفلسفةُ تحض على إثارةِ الأسئلةِ ، فقد كانت عدواً كبيراً لكل النظم التي لا تريد أن تصل شعوبها (عن طريق الأسئلة) لوضع قواعد الحكم والتصرف في المال العام ، ناهيك عن جعل الحكاّم (في النهاية) "خدماً" للشعوب وصيرورتهم مسؤولين أمام الشعب وليس أمام أحد آخر.
وفي المجتمعات العربية التي لا تزال توجد بيئاتها السياسية (حتى اليوم) في ظلام القرون الوسطي (واحيانا : ما قبل القرون الوسطى) ، فإن أكثر ما يخافه الحكام هو "الأسئلة". مثل : لماذا تحكوموننا ؟ ... وعلى أي أساس وبموجب أية مرجعية ؟ ... ومن الذي يحاسبكم ؟ ... وماهي أسس التصرف في المال العام؟ ... وغيرها من الأسئلة.
ورفض تدريس الفلسفة هو سمة يشترك فيها حكام تلك المجتمعات وخدمهم وفي مقدمة هؤلاء المؤسسات الدينية التي تحض على ثقافة الطاعة . وتدلنا دراسةُ التاريخ أن المؤسسات الدينية كانت دوماً شريكَ أساسٍ في هذا الوضع المزري . ويكفينا أن نطالع ما ردده كبراء المؤسسات الدينية في تلك الدول العربية القرو-أوسطية ضد ثورات المجتمعات العربية الحالية ، سيما عن ثورة شباب مصر التي جعلت حكام وفقهاء الدول العربية القرو- أوسطية لا ينامون نوماً هانئاً منذ 25 يناير 2011 !
كتبت ونشرت في مايو 2011




( 51 ) في الأيام الأولى للسنة الحالية (2011) كنت أسير في الحي اللاتيني بالمدينة النور (باريس) بعد إلقائي كلمة في الإحتفال الذي أقامه ناشر كتبي بالفرنسية عن احدث هذه الكتب وهو كتابي "Le Djinn Radical" ("العفريت الأصولي" من منشورات L Harmattan ). واذا بي أجد أنني أسير في "ميدان محمود درويش المطل على نهر السين"... فهمست : يا الله !! بلادنا تحتفى بكائنات أحفورية تحكمنا وتنسى ابناءها العباقرة !.. أما المدينة النور (باريس) فتحتفى بهم وتطلق اسماءهم على ميادينها وشوارعها . يومئذ ، تذكرت المشهد الوارد بأحد الأناجيل ليسوع الناصري وهو يغادر مدينة الناصرة والأطفال يلقونه بالحجارة ويهتفون : "حتى ابن مريم يتنبأ" !
كتبت ونشرت في مايو 2011



( 52 ) يوم 9 مايو 2011 وأثناء الجلسة الختامية للمؤتمر الأربعين لاتحاد النساء المغربيات والذي دعتني لإلقاء كلمة ضمن فعالياته رئيسته (الأميرة مريم الأبنة الكبرى للملك الحسن الثاني) قلت لنائبة رئيسة اتحاد نساء المغرب الأميرة أم كلثوم بنت الحسن المهدي العلوي أن حصول المرأة العربية على كافة حقوقها (وهو ما يقاومه الرجل العربي الذي خربت جزءاً كبيراً من عقله الثقافة العربية والاسلامية) لن (ولا يمكن أن) يكون ثمرةَ مساندةِ رجالٍ مثلي كتبوا كثيراً عن ضرورة تمكين المرأة للوصول لكافة حقوقها (المنهوبة) ، وانما ذلك سيكون (ان حدث) عن طريق كفاح المرأة نفسِها وإنتزاعها لحقوقها من "ذكور" ينتمون لذهنية القرون الوسطى وسوسيولجيا الكثبان الرملية وعقلية الخيمة والنوق !
كتبت ونشرت في مايو 2011





( 53 ) منذ بضعة أيام كنت ألقي سلسلة محاضرات عن (المواطنة والهوية والآخر في الثقافة العربية" وعن حتمية تثوير التعليم الديني الاسلامي" وعن "تراجيديا وضع المرأة العربية" . وقد ألقيت هذه المحاضرات بعدة مؤتمرات وجامعات مغربية. وأنا انسان ما أن ترى عيناه جامعة مغربية حتى استرجع سنواتي المغربية (1976/1979) عندماكنت مدرساً بجامعة فاس المغربية ( اسم الجامعة الرسمي: جامعة محمد بن عبد الله – ومحمد هذا هو محمد الرابع ملك المغرب في القرن التاسع عشر ) . عندها ، تجتاحني نوبة نوستالجيا عارمة . فهنا صدر كتابي "أفكار ماركسية في الميزان" ( فاس ، 1978 ) وهنا كتبت مسودة كتابي "تجربتي مع الماركسية" ( نشر في القاهرة في 1983 ). وهنا عكفت على دراسة كل ما وصلنا من مؤلفات ابن رشد وشروحاته لأرسطو. وهي (اي كتابات وأفكار ابن رشد ) ما شكَّل ركن الأساس في علاقاتي بمسائل فكرية عدة. وهنا إكتشفت عوالم محي الدين بن عربي الرائعة . فكيف اذا لا تجتاحني نوبة (بل نوبات) نوستالجيا عارمة ؟!
كتبت ونشرت في مايو 2011





( 54 ) يحلو لي أن أكرر أن الحرب العالمية الثانية إنتهت على مرحلتين : الأولى في 1945 عندما هزمت المانيا (في شهر مايو) ومن بعدها اليابان (في شهر أغسطس). واما المرحلة الثانية فكانت في 1991 عندما انهار الاتحاد السوفيتي وانهار معه ما كان يُعرف بالمعسكر الشرقي . وهو التاريخ (1991) الذي اصبحت فيه الولاياتُ المتحدة الأمريكية هي "القوة العظمى الوحيدة على سطح الأرض". وفي إعتقادي أن أكبر خطايا الولايات المتحدة الأمريكية أنها آمنت خلال حقبة الحرب الباردة بأن كل عدو للاتحاد السوفيتي هو حليفها بالضرورة . وأما الخطيئة الكبرى الثانية فتمثلت في تعاملها مع حكامِ (لا شعوب) حلفاءها.
كتبت ونشرت في 2011





( 55 ) لم يكن اسامة بن لادن هو "المرض" بل كان "عرضا" من أعراض المرض الذى هو ذلك المناخ الثقافي والتعليمي والاجتماعي العام الذي سيطر فيه زبانية التعصب الديني وأتباع أشد مدارس فهم الاسلام ميلاً للعنف ومقتاً للآخر ورفضاً للحداثة وتجليلتها. هذا المناخ هو "المرض العضال" . أما أسامة بن لادن فكان مجرد "ثمرة" من ثمار هذه الشجرة شديدة السمية. ولا علاج لهذا المرض العضال إلاَّ بثلاثة ترياقات : (1) بنظام سياسي ديموقراطي يحقق الكرامة والعدالة والمشاركة (2) بنظام إقتصادي يحقق شروطاً وظروفاً حياتية افضل لابناء وبنات المجتمع (3) بمنظومة تعليمية عصرية تغرس في عقول وضمائر ونفوس أبناء وبنات المجتمع قيم العصر والتي من أهمها التعددية والغيرية (قبول الآخر) واكبار قيمة الحياة الانسانية ، واجلال العقل الانساني بوجه عام والعقل النقدي بوجه خاص ، والسماحة الدينية والثقافية وحقوق الانسان وأهمها حقوق المرأة ، ثم قيم العمل الحديثة وأهمها علوم الادارة والتسويق والاتقان ( QM ) والموارد البشرية.
كتبت ونشرت في مايو 2011




( 56 ) أدعو كل القراء لقراءة هذا النص الذى كتبه أبوحامد الغزالي فى كتابه المعروف "المنقذ من الضلال" : ( ودليل وجود النبوة وجود معارف فى العالم لا يتصور أن تنال بالعقل كعلم الطب والنجوم ، فإن من بحث عنها علم بالضرورة أنها لا تدرك إلا بإلهام إلهي وتوفيق من جهة الله تعالي ، ولا سبيل إليها بالتجربة . فمن الأحكام النجومية ما لا يقع إلا فى كل ألف سنة مرة ، فكيف ينال ذلك بالتجربة ، وكذلك خواص الأدوية فتتبين بهذا البرهان أن فى الإمكان وجود طريق لإدراك هذه الأمور التى لا يدركها العقل). وهو كلام يستطيع أي طالب فى السنة الأولي بقسم الفلسفة بالجامعة أن يثبت خطأه وخطله . وإذا كان هذا الطالب ملما بفلسفة أوغست كونت (الوضعية) لإستدعي عقله إسم ورسم هذا الفيلسوف الفرنسي العظيم وهو يطالع هذا الكلام شديد الإرتباك لمن يحب البعض أن يسموه بحجة الإسلام أبي حامد الغزالي.
كتبت ونشرت في إبريل 2011




( 57 ) رغم إيماني بمجموعة القيم الإنسانية التى طورتها الحضارة الغربية والتى كانت هى (ولاتزال) آليات وحركات وقاطرة التقدم فى مجتمعات الغرب وفى المجتمعات التى تبنت هذه (أو معظم) المجموعة من القيم الإنسانية (مثل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وتايوان وسنغافورة ومعظم دول ما كان يعرف بأوروبا الشرقية ، وكذلك بعض دول العالم الثالث مثل تركيا والأرجنتين والرازيل) . رغم إيماني بهذه المجموعة من القيم الإنسانية ، فإنني أنظر دائما بغضب وأنا أري عشرات القرائن على عيبين من أكبر عيوب دول المجتمعات الغربية ، وأعني الضعف المذهل أمام المال ، والإستعداد للتخلي كلية عن المباديء إذا كان التمسك بها يؤدي لخسارة المال ! وأيضا "إزدواجية المعايير" . ويكفي أن نتأمل العلاقة الأمريكية/السعودية ، ليظهر أمام عيوننا بجلاء هذا العيب الأقبح من عيوب الغرب . فأمريكا التى تعرف أن السعودية لا تسمح ببناء دور عبادة لغير المسلمين ، وأمريكا التى تعرف حجم التخلف والتأخر فى مجال حقوق المرأة السعودية ، وأمريكا التى تعرف أن برامج التعليم فى السعودية تحمل بذور القيم المضادة للإنسانية وقبول الآخر والتسامح والتعددية ... أمريكا هذه لم تفتح فمها مرة واحدة بما يدين تلك الأورام الخبيثة فى جسد الدولة السعودية . لماذا ؟ السبب أوضح من واضح ! وأمريكا التى تقيل رئيسها لتجسسه على تليفونات خصومه (ريتشارد نيكسون) تقبل لنا حلفائها من سخام البشر ليحكمونا ويطغون علينا وينهبونا ، وهى لا تحرك ساكنا ، لأنها فى الحقيقة ترضي لنا ما لا ترضاه لأبناءها وبناتها ، وهو ما يعكس ضمور شديد فى الإنسانية والعدل والإنصاف ، ناهيك عن التعصب (فلولا إيمانهم بأننا أقل منهم ، لما رضوا أن يحكمنا هؤلاء الطغاة الجهلة واللصوص ) ... ويكفي ما ردده بعض الإسرائيليون (عندما بدأت ثورة 25 يناير فى مصر) من أن حسني مبارك هو كنز بالنسبة لهم
كتبت ونشرت في إبريل 2011


( 58 ) كانت (ولاتزال) زيارتي لكليات الدراسات الشرقية بعدد من أعرق الجامعات الأوروبية مصدر سرور شخصي وحيوية عقلية بلا حدود. فما أروع وأمتع الساعات التى قضيتها بأقسام الدراسات الشرقية بجامعات لايدن (هولاندا) و درم أو درهام (بريطانيا) وهايدلبرغ (ألمانيا) و نابولي (إيطاليا)، وغيرها. منذ أيام (18 مارس 2011) كنت في جامعة كاليبرا بأقصى جنوب إيطاليا ، وفي حوار مع أستاذ قد يصح وصفه بأحد أهم أستاذة دراسات التصوف الأسلامي في أوروبا اليوم (البرتو فينتورا). تطرق الحوار لأبن رشد (الذي يمثل أحد أهم المحطات الفكرية في حياتي) ومحي الدين ابن عربي (الذي تخصص البروفيسور فينتورا في دراسة حياته وأعماله). ومن هذا الحوار تعلمت ما لم أكن أعرفه من قبل عن علاقة ابن عربي بأبي الوليد إبن رشد . لا أقصد بالعلاقة الإعجاب الفكري الذي كان يكنه ابن عربي لأفكار ابن رشد ، وإنما أعني علاقة المودة الشخصية بينهما والتي جعلت محي الدين ابن عربي هو الذي يقوم بتكفين ودفن ابن رشد بنفسه. مات ابن رشد في المنفى وجهزه للدفن محي الدين ابن عربي وحمل جثمانه على دابة بشكل درامتيكي يستحق الوصف . وضع جسد ابن رشد في صندوق خشبي على يمين الدابة ووضعت مؤلفات ابن رشد في صندوق آخر على يسار الدابة ، وأقامت التوازن بين الصندوقين قطعة قوية من الخشب وضعت وسط ظهر الدابة التى سارت ومن وراءها محي الدين ابن عربي وآخرون في مشهد درامتيكي كانت كتب ابن رشد فيه هي التي حفظت التوازن مع الجسد الميت لصاحب أعظم العقول (فى إعتقادي) في تاريخ المسلمين . وكعادتي لم أتقبل القصة التي رواها البروفيسور فينتورا دون تحقيق . فما أن أتيح لي أن أكون على مقربة من العديد من الكتب التي وضعت عن ابن رشد حتى تحققت من صدقية وصواب القصة التي رواها البرفيسور الإيطالي الذي أفنى عمره في دراسة محي الدين ابن عربي. ومما ينبغي تسليط الضوء عليه هنا هو ذلك الود الكبير بين صوفي عظيم وبين مفكر عظيم ، وهو ود مفقود كلية بين فقهاء الإسلام السني وبين عبقري مثل ابن رشد وهذا موضوع يستحق العودة له بتوسع وتعمق أكبر.
كتبت ونشرت في مارس 2011



( 59 ) سألني محدثي : "لماذا تكره السعودية لهذا الحد ؟ " ... فقلت له : " أنني لا أكره السعودية ولا أحبها ، ولكنني أرفض وأستهجن وأكافح المناخ الثقافي الذى يسود فيها والذى تصدره لوطني أي لمصر ، كما تصدره لمعظم مجتمعات عالمنا المعاصر" . ولا شك أنني أرفض وأستهجن وأكافح دور المؤسسات الدينية فى السعودية ، وأراه "أس الداء منذ إنعقاد حلف المحمدين ، محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب فى الدرعية سنة 1755" . ولاشك أنني أرفض وأستهجن وأكافح القيود التى فرضها رجال دين سعوديون يمثلون قمة الجهل والتخلف والماضوية على المرأة السعودية . ولاشك أنني أرفض وأستهجن وأكافح النشاط المحموم للمؤسسة الدينية السعودية لنشر النموذج الوهابي/السعودي للإسلام ، وهو نموذج سبب (من الخراب وتشويه السمعة) للإسلام والمسلمين (خلال نصف القرن الأخير) ما لم يقم بنظيره من يسمسهم البعض بأعداء الإسلام . ولكن هذا كله لا علاقة له بالبشر (أي بالسعوديين) ولا علاقة له بالحب والكره . وفى إعتقادي أنه عندما يثور رجال "دشداشة-لاند على رداءهم غير المناسب للعصر ، وبالذات "مانع التفكير" المسمي بالشماغ، وعندما تثور نساء تلك المنطقة ضد مبدأ أن يحدد لهم الرجال ما يفعلون ويلبسون وما لا يفعلون وما لا يلبسون ، ستكون منطقتهم" على "أعتاب التمدن" !
كتبت ونشرت في مارس 2011




( 60 ) من أكثر ما يثير سخريتي ، أن يطلق كثيرون فى المجتمعات الناطقة بالعربية تسمية "العلماء" على "رجال الدين" ! فكيف يمكن أن نطلق إسم "العالم" على الشيخ فاتك بن ضاري بن نكد بن جهمان ؟ والرجل لا يقدر على قراءة (وفهم) صفحة واحدة من كتاب لأرسطو أو سبينوزا أو كانط أو هيغل أو أوجست كومت أو كيرككيغارد أو وايتهد أو برتراند راسل أو مارتن هايدغر أو سارتر أو جون ديوي ؟ كيف نسميه بالعالم وهو لا يدرك هل جون ستيوارت ميل وريكاردو ومالثوس وفرويد ودوركهايم هم من رواد العقل الإنساني أم أنهم ماركات سيارات ؟!؟
كتبت ونشرت في مارس 2011




( 61 ) فى سنة 1914 يغادر طه حسين (أبهر أنوار العقلنة والتنوير فى سائر المجتمعات الناطقة بالعربية) الإسكندرية على متن سفينة إتجهت للشمال الغربي . يقول طه حسين : وعلى ظهر السفينة من الإسكندرية لمارسليا خلعت "العمامة" عن رأسي وعن قلبي !!!! والمعني بغير حاجة لشرح
كتبت ونشرت في مارس 2011



( 62 ) منذ أيام كنت أسير فى مدينة تورينو ، وبينما أنا أمام قصر الملك قيكتور إيمانويل وعلى بعد خطوات من "المتحف المصري" (الذى يضم أكبر مجموعة من الآثار المصرية القديمة خارج مصر) سيطر علي شعور بأن الحياة الواقعية أكثر "درامية" من أي عمل درامي . محمد علي (مؤسس مصر الحديثة) يرسل حفيده "إسماعيل بن إبراهيم" (والذى سيحكم مصر ما بين 1863 و 1879) للدراسة فى إيطاليا. ويقع إسماعيل فى عشق إيطاليا . وعندما يقوم (وهو حاكم مصر) بإنشاء أول دار أوبرا فى الشرق الأوسط ، يطلب أن تكون دار الأوبرا المصرية "نسخة" من دار أوبرا تورينو. وعندما يعد لإحتفالات مصر بإكتمال عمليات حفر قناة السويس ، يضمن برنامج الإحتفالات عرض أوبرا جديدة هى أوبرا عايدة التى وضع موسيقاها المؤلف الموسيقي الأشهر غوزيبي فيردي (يوسف الخضر ! ) ... وعندما تجبر بريطانيا وفرنسا إسماعيل على التنحي عن عرش مصر (فى 1879) يسافر إسماعيل لمدينة تورينو ليعهد للملك فيكتور إيمانويل الثاني بتنشئة أصغر أبناءه "أحمد فؤاد" (المولود فى 1868 والذى سيصبح حاكم مصر من 1917 وحتى وفاته فى 1936) ... وبالفعل ينشأ "فؤاد" فى تورينو ، ويتعلم فى مدارسها ، ثم يتخرج من أكاديميتها العسكرية ويصبح ضابطا بالحرس الملكي لفيكتور إيمانويل !! ... وعندما يصبح "أحمد فؤاد" سلطان مصر (يوم الخميس 9 أكتوبر 1917) يوظف عشرات الإيطاليين بالقصر ، حتى تصبح الإيطالية هى لغة القصر الأولي ! ... وفى ظل هذه البيئة يولد وينشأ "فاروق" والذى ستكون الإيطالية أقرب اللغات لقلبه ! وفى سنة 1946 يصوت الإيطاليون ضد بقاء النظام الملكي ، فيختار آخر ملوك إيطاليا (فيكتور إيمانويل الثالث) أن يقضي آخر سنوات عمره فى الإسكندرية (والتى سيموت ويدفن فيها) ... وعندما يتنازل الملك فاروق عن عرش مصر ويغادر البلاد يوم السبت 26 يوليو 1952 ، يختار إيطاليا لتكون مقر إقامته فى المنفي ، وفيها يموت (مسموما ، على الأرجح) يوم 18 أبريل 1965 .... مر كل ذلك بخاطري وأنا أدلف للمتحف المصري فى تورينو مقر ملوك آل سافوا.
كتبت ونشرت في مارس 2011



( 63 ) الإئتلاف والتحـــــــــالف مع الإسلاميين (بل ومع غلاة التطرف منهم) كان منتجا ذا منبعين : فهو من منتجـــــــات حقبة الحرب الباردة ، إذ إستعمل الإسلاميين ضد الإتحاد السوفيتي وضد نظم إشـــــــــتراكية (أو تبدو كذلك) مثل النظام المصري فى خمسينيات وستينيات القرن الماضي (حرب السعودية المدعومة أمريكيا مع مصر المدعومة سوفيتيا على أرض اليمن) . وكان شعار المرحلة (فى هذا الشأن) أن (عدو عدوي هو حليف لي) . ونظرا لأن الإسلام السياسي كان (بتفاهة وسطحية منقطعي النظير) عدوا للمعسكر الإشتراكي ، فقد وجدته الولايات المتحدة (بغباء تاريخي منقطع النظير) "نعم الحليف" ضد الإتحاد السوفيتي وأنسباءه ! وأما المنبع الثاني لهذا الإئتلاف فقد كان أمريكي - سعودي المصدر . وهذا المنهج (المفتقد كلية للثقافة وللحس التاريخي) هو نهج مخابرتي بريطاني منذ أوائل القرن العشرين . فقد كانت الأغلبية فى المخابرات البريطانية (إم . آي . 6 ) تعمل مع عبدالعزيز آل سعود (المندمج آنذاك مع إخوان نجد ذوي الهوس الديني) لكي يمد نفوذه ويسيطر على معظم الجزيرة العربية ، بل وحارب معه فى بعض معاركه صباط بريطانيون ‘ بل ومات بعضهم وهو يحارب ضمن قوات عبدالعزيز آل سعود . ونفس المخابرات (البريطانية) هى التى ساعدت حسن البنا على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر سنة 1928 أي بعد سنة واحدة من وفاة قائد وزعيم الحركة الوطنية المصرية سعد زغلول الذى رأت بريطانيا والملك فؤاد ضرورة تأسيس حركة الإخوان فى محاولة منهما لسرقة الشارع المصري (بإسم الإسلام) من الوفد المصري الذى فقد زعيمه منذ عام واحد. ومعروف ان الأب الروحي لحســــــن البنا هو الســـــــــــوري المتزمت محمد رشيد رضا (صاحب تفسير المنار) والذى كان وصلة الصلة بين حسن البنا وعبدالعزيز آل سعــــــــــــــود والذى كان قد أصبح (بعون الإنجليز) ومنذ ثلاث سنوات فقط (1925) ملك الحجاز وســــــــلطان نجد ... وحتى اليوم ، لم تعترف الولايات المتحدة بخطئها وخطيئتها التى جعلت العالم الذى نعبشه اليوم عالما خطرا ، وأحيانا كثيرة "عالما كريها" ...
كتبت ونشرت في سبتمبر 2010





( 64 ) يوصف كثيرين فى المجتمعات الناطقة بالعربية بالمثقفين الكبار . وكاتب هذه السطور صاغ تعريفا لمن ينبغي ان يطلق عليه (بين المتحدثين بالعربية) بالمثقف الكبير ... ووفق هذا التعريف فانه يستحق ان يوصف بالمثقف الكبير بين الناطقين بالعربية من أحاط (احاطة متوازنة) بروائع الإبداع الإنساني فى شتي مجالات العلوم الاجتماعية والانسانيات منذ اقدم الازمنة المدونة وحتى اللحظة الراهنة . ويعني ذلك (عمليا) الاحاطة الواسعة بكلاسيكيات الابداع الاغريقية والرومانية واهم المؤلفات بالعربية وبالذات خلال القرون الثلاثة بدءا من القرن التاسع الميلادي ، وابداعات عصر النهضة ومرحلة ما قبل الثورة الفرنسية وكلاسيكيات الفلسفة والفكر السياسي والاجتماعي والادب فى اوروبا خلال القرون الخمسة الاخيرة ... وروائع الفكر المعاصر ، والعلوم الاجتماعية المستحدثة خلال القرن الاخير ، واهمها علم النفس وعلوم الموارد البشرية وعلوم الادارة الحديثة وعلوم الاتصالات . ونظرا لان هذه الثمار غير مترجمة للعربية (كما هى مترجمة لليابانية) ، فان اى عربي لا يقرأ بشكل اساس بلغة اوروبية رئيسة(وان كان طالع خمسين الف كتاب ، وحصل على اعلي الدرجات الاكاديمية) فانه لا يمكن ان يوصف بالمثقف العصري الكبير ... امام قاريء هذه الكلمات اما ان يرفض التعريف الذى صاغه كاتب هذه السطور ، وهذا حقه (ويقابله التزام بنحت تعريف بديل يطرحه للنقاش) ... واما ان يقبل هذا التعريف . فاذا قبل القاريء هذا التعريف ، اصبح من الواجب عليه ان "ينظر حوله" ، ويعرض كل من يعرف ، وكذا كل الشخصيات العامة على هذا التعريف ، ثم يسأل نفسه : " كم شخص من هؤلاء يمكن بهذا المعيار ان يوصف بانه مثقف عصري كبير ؟ " ... واذا لم يجد احد ، فارجو الا ينزعج ! فهى نتيجة طبيعية فى مجتمعات مساهماتها "صفر" فى مسيرة العلوم الطبية والهندسية والفزيائية والكيمائية ومجالات الفضاء وعلوم الاتصالات والمواصلات والاليكترونيات .... بل انها قد تكون "الشيء المنطقي الوحيد " فى مجتمعاتنا !!!!
كتبت ونشرت في يناير 2010


( 65 ) ابن تيمية (الذى قرأت جل ما كتب ، وبالذات كتاباته الفقهيه وفتاويه ) هو حجر الأساس لبنيان قلعة التعصب وعدم المرونة وضيق الأفق والتشدد والإساءة للمرأة والإساءة لغير المسلمين فى التاريخ الإسلامي . وهو الأول فى سلسلة من أكبر حلقاتها أشهرالوهابيين (محمد بن عبد الوهاب شريك السعوديين فى تأسيس الدولة السعودية الأولي فى 1744) ومحمد رشيد رضا (الرجل الذى أعتقد أنه كان الواسطة بين الحركة الوهابية وحسن البنا ، وهو فى اعتقادي الذى دفعه لتكوين جماعة الإخوان المسلمين فى مدينة الإسماعيلية فى 1928) ... وكذلك الهندي / الباكستاني المعروف بأبي الأعلي المودودي ، وسيد قطب . من النحية الفقهية ، فإن ابن تيمية فقيه هامشي صغير . فمن العبث مقارنته بابي حنيفة . وهو لا يعدو ان يكون (من زاوية علم اصول الفقه) مجرد واحد من الفقهاء الحنابلة ، وحتى امامهم (احمد بن حنبل) فهو اضعف الفقهاء السنة الكبار وأقلهم اعمالا للعقل (القياس ، والإستحسان عند الأحناف ، والمصالح المرسلة عند المالكية) . وكلما تذكرت تعريف أبي حنيفة للإستحسان (الذى يعتبره الأحناف بمثابة مصدر للتشريع أو بلغة عصر أبي حنيفة "استخلاص الآحكام العملية من ادلتها الشرعية" ) كلما احنيت رأسي احتراما لهذا الفقيه الأعظم الذى سوغ رفض تأسيس الأحكام على الأحاديث المسماة بأخبار الأحاد ... (وبناءا على ذلك يحق للمسلم رفض الحديث الذى هو حجر الأساس لحجاب المرأة). عرف أبو حنيفة الإستحسان بأنه (العدول عن قياس جلي لقياس خفي ، لعلة رجحت ) .... وهو منطق يرفع من قيمة العقل بشكل لا مثيل له عند أي فقيه سني آخر . أتذكر ابن تيمية كلما اشتكي مسلمون عقلاء من تراجع الاسلام المعتدل واستفحال الفهم الوهابي للإسلام ، وهو الفهم الذى افرز آلاف القتلة (باسم الدين) ، كما أنه الفهم الذى افرز طالبان والأفغان العرب والقاعدة وكل جماعات العنف التى شوهت سمعة الاسلام والمسلمين فى عالم اليوم
كتبت ونشرت في يناير 2010


( 66 ) جمعني لقاء بالقاهرة منذ شهور بالرجل الأول فى أكبر جهاز للإحصاء فى الشرق الأوسط . وجدته قارئا متابعا لجل ما أكتب ، وهو ما شجعني على الإتصال به فى اليوم التالي لأسأله : هل بوسع جهازكم أن يعطيني عدد المصريين الذين يحملون إسم "عبد الجبار" كإسم أول أو كاسم عائلي . فوجئت برده الفوري : " بعد أقل من ساعة سأتصل بك ومعي الإجابة عن سؤالك " ! بعد أقل من ساعة إتصل بي الرجل المشهور فى مصر ليخبرني انه لا يوجد بين الملايين المصريين الثمانين شخص واحد اسمه الأول او اسمه العائلي "عبد الجبار" ... ثم أضاف : لدينا آلاف يحملون اسماء مثل عبداللطيف و عبدالستار وعبدالرحيم وعبدالغني ... ولكن ليس لدينا "عبدالجبار" واحد ! قلت (وأنا لا اشعر بسرعة ردي) : "الحمد لله انه لا يوجد بمصر كلها وبملايينها الثمانين أي "عبد الجبار" ... شجعتني رغبته فى الاجابة عن أي سؤال احصائي ان اساله : " هل لدينا اي مصري اسمه فاتك او ضاري وحش او حرب او مصعب او متعب او صدام او جهمان او جهم او نكد ؟ " طلب مني مهلة قصيرة ، عاد بعدها ليخبرني ان ملايين مصر الثمانين ليس بينهم من يحمل أي من هذه السماء باستثناء بعض المصريين الذين ولدوا فى العراق وسماهم والداهم بصدام ، كما ان هناك متعب واحد كاسم عائلي لاسرة نزحت من الجزيرة العربية منذ قرنين ! ... قلت لنفسي : يا الله ، الرسالة والمعني والمغزي اوضح من سماء صيف مصرية ... هل اكتفيت ؟ لا ... لم أكتف ، فقد عدت للرجل الكبير باسماء نسائية مثل شمة والعنود وعفراء وغيرها . فى اليوم التالي جاءني القول الفصل : " لاتوجد مصرية واحدة بأي من هذه الاسماء " ... مرة اخري هتفت : "شكرا يا مصر ويا علم الاجتماع " ... فالدلالة واضحة ورائعة ومفخرة لهذا الوطن الذى قال عنه نابليون " مصر ليست بلد ... مصر هى البلد" ..
كتبت ونشر في يناير 2010


( 67 ) رغم التخريب الإيراني (وتخريب العرائس التى تحركها إيران - الخامينئي ، أي سوريا وحزب الله وحماس والجيوب الإيرانية الجديدة فى اليمن) ورغم مدرسة المقاومة الزائفة (فكل ما يقومون به هو إما "إفرازات صوتية زاعقة " أي "محض كلام" ، وإما "عنف ضد مدنيين " والتسبب فى كوارث لمدنيين فى جانبهم ) ... ورغم أوهام بعض "المسلطتنين" بالخلافة ، وإعادة "مجد الأمة" ... ورغم عصاب بقايا اليسار الذى سقطت كل قلاعه ، برغم ذلك ، فلن ينقضي العقد الحالي إلا وحل الدولتين (دولة فلسطينية للعرب ، ودولة إسرائيل لليهود ) قد أصبح واقعا حيا ملموسا ومعاشا . وسيحدث هذا ، لا بفعل المقاومة أو الحديث عن الحقوق ، وإنما لأن حدوث ذلك هو النتيجة الحتمية لصراع الحقوق (كما يراها أصحابها) ، وموازيين القوي ، ومصالح القوي الكبري . وعندما تقوم دولة فلسطين (على معظم الأرض التى أحتلت فى يونيو/حزيران 1967) فإن الإنسانية الأكثر تقدما ستكون مطالبة بحض كل أطراف الصراع العربي / الإسرائيلي للقيام بثورة تعليمية ، تكون معها المؤسسات التعليمية والبرامج التعليمية مفارخا لقيم التمدن الإنساني ، مثل : تقديس قيمة الحياة الإنسانية ، وتمجيد الإنسانية كإطار أعلي لكل البشر ، والولع بالتعدية (بشتي تجلياتها) :احد أجمل سمات الحياة ، والإيمان العميق بحتمية وإنسانية الإختلاف والغيرية (بشتي تجلياتها ، العرقية والفكرية والدينية ) ، وكذلك فرز أجيال جديدة تؤمن وتتماهي مع عالمية المعرفة والعلم ، وتؤمن بالتواجد (والتفاعل) الإنساني المشترك وبثقافة السلام وبالتكامل والعمل الجماعي وتقنيات وآليات علوم الإدارة الحديثو التسويق والموارد البشرية الحديثة. وحتى لو وقعت ألف إتفاقية سلام وتسوية ، فبدون الثورة التعليمية التى سلطت الضوء عليها ، ستبقي منطقة الشرق الأوسط مصدر هموم وقلاقل وعنف وتدمير لسائر البشرية
كتبت ونشرت في يناير 2010


( 68 ) الدكتور نصر حامد أبو زيد (باعتراف كبريات الجامعات العالمية و من ضمنها جامعة أوتريخت الهولندية العريقة التي هو أستاذ بها) هو واحد من أكبر الأكاديميين المتخصصين في الدراسات الإسلامية في عالمنا اليوم. و من حق كل إنسان أن يقبل بنظريات هذا الأكاديمي الكبير أو أن يرفضها جملةً و تفصيلاً ، أو أن يكون بين بين، أي يقبل و يرفض. و لكن أن يصل الدكتور نصر حامد أبو زيد إلى الكويت يوم 15 ديسمبر 2009 وتقوم الساطات الكويتية ممثلة في أمن الدولة بمنعه من دخول الكويت و ترحيله إلى القاهرة إنما هو أمر بالغ الدلالات السلبية. السلطات الكويتية بدلاً من منحه تأشيرة دخول الكويت كان يمكن أن ترفض منحه التأشيرة (رغم كونه عملاً شائناً). و لكن عوضاً عن ذلك عاملته السلطات الكويتية أسوأ المعاملة حين ألغت عشر ساعات من حياته، بل ملأتها بالإهانات و الإساءات. لقد انتهى عهد المنع السياسي و المصادرات إلا المنع بالقانون و القضاء. إن ما فعلته السلطات الكويتية هو قرار يهين و يدين و يشين من أصصدروه ومن حضوا عليه. ولا يملك المرء إلا أن يتساءل : ما هو ذلك الشىء الذي تخاف عليه الساطات الكويتية و تظن أن محاضرة واحدة للدكتور نصر حامد أبو زيد سوف تهدمه و تحطمه؟ هل الخصوصيات الثقافية التي يظن التصرف المعيب للسلطات الكويتية أنه يحميها هي خصائص ضعيفة و واهنة و بلا جذور لدرجة أن محاضرة واحدة من الدكتور نصر حامد أبو زيد سوف تقضي عليها و تمحوها؟ لقد شعر مثقفون كويتيون كثيرون بالعار من هذا التصرف و هم محقون. و قد قام هؤلاء المثقفون الكويتيون بعمل ما يلزم من ترتيبات مكنت الدكتور نصر حامد أبو زيد من إلقاء محاضرته القيمة عبر التليفون للجمهور الذي كان من المفروض أن يحضر المحاضرة و بالفعل قام الدكتور نصر بإلقاء محاضرته و لم يكن للتصرف الكويتي الرسمي الممجوج من أثر إلا الشعور المهين الذي حاولوا أن يلحقوه بالدكتور نصر فحاق بهم هم. إن كل من يعرف الشأن الكويتي يعلم لماذا قامت الساطات بهذا السلوك المعيب. و أعني مغازلة التيار الأصولي في مجلس الأمة و هو تيار يصر على تدمير الدولة المدنية في الكويت و الرجوع بها للظلام الدامس للقرون الوسطى.
كتبت ونشرت في ديسمبر 2009




( 69 ) ليس من مبادىء إقتصاد السوق أن يتولى التجار و رجال الأعمال أعلى المناصب التنفيذية أي مناصب الوزراء. بل إن ذلك هو تدمير لكثير من مبادىء إقتصاد السوق و علوم الإدارة الحديثة و قواعد الشفافية و مبادىء عدم تعارض المصالح . فبينما ينبغي على المجتمع إتاحة أفضل الفرص الإستثمارية و شروط العمل و بيئة العمل أمام رجال الأعمال ليساهموا في تحقيق الوفرة الإقتصادية الحتمية للسلام الإجتماعي ، فإن على المجتمع أن يعهد بالمسؤلية التنفيذية لكادر بشري آخر يكون الرقيب على طبقة رجال الأعمال و الساهر على عدم إختلاط المصالح و التيقن من سلامة السياسات و الإجراءات و شفافيتهما. و من المعروف لكل خبير في علوم الإدارة الحديثة أن أعظم رجال الأعمال لا يمكن أن يكون مؤهلاً للمنصب الوزاري، إذ أن كل مؤهلاته تتعلق بالربحية ليس إلا. و إذا كانت الربحية هي يضاً من أهداف الوزراء، إلا إنها ليست إلا مجرد هدف واحد من أهداف عديدة تتعلق بسلامة المجتمع سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً و من نافلة القول أن أكرر أن ظروف حياة أي رجل أعمال في الكون تجعل الإحتمال الأكبر (و ليس المحتم) أن يتضائل عنده الشعور بالطبقات الأدنى في المجتمع و معاناتها و مشكلاتها. و لا ينقض ذلك القول وجود رجل مثل بيل جيتس، فليس كل و لا نصف و لا ربع و لا عشر رجال الأعمال في العالم كله مثل بيل جيتس. لقد سمعت بأذني من عشرات الوزراء الذين أتوا من عالم رجال الأعمال ذات الكلمات : "إن المصريين كسالى و لا يحبون العمل و يعرفون الحقوق و لا يعرفون الواجبات". و الذي لا يعرفه هؤلاء أنه حتى (بالفرض الجدلي) لو كان ما يقولونه صحيحاً، فإن الحكومات المتعاقبة هي المسؤلة عن وصول الناس لتلك الحالة السلبية. و أضيف أن معظم رجال الأعمال في مجتمعنا يرون أن من الواجب إلغاء الدعم و مجانبة التعليم و ضرورة أن يسدد الناس الثمن الحقيقي لكل السلع و الخدمات. و هي مقولة قد تكون صحيحة بشكل نظري. و لكن في واقعنا المصري هي مقولة تعبر عن إجرام و توحش المؤمن بها. فالمصريون خضعوا لعقد إجتماعي في الستينيات لا يمكن تفكيكه على حسابهم. و في إعتقادي أن تفكيك هذا العقد الإجتماعي الستينياتي يجب أن يبدأ بتوفير ملايين فرص العمل لأبناء و بنات مصر و بمرتبات تناسب مستويات الأسعار قبل أن نبدأ في الحديث عن تسديد مصاريف للتعليم و تعديل في قوانين الإيجارات و إلغاء للدعم. و لما كانت حكومات مصر (ومنها الحكومة الحالية المحتشدة بالتجار ) قد فشلت فشلاً ذريعاً (بسبب البيروقراطية و لفساد و مركزية القرار وضعف التكوين المعرفي والثقافي والإداري لمعظم الوزراء المصريين) في جلب استثمارات عالمية بالحد الأدنى المطلوب (ما لا يقل عن 25 مليار دولار أمريكي سنوياً) فإن عليها أن تغلق فمها و تسكت هي و وزراءها الأثرياء عن الحديث عن إلغاء الدعم و الأسعار الحقيقية للسلع و الخدمات.
كتبت ونشرت في ديسمبر 2009



( 70 ) من أكثر ما يضحكني أن أسمع من يردد أن الثقافة العربية و الإسلامية أنصفت بل و أكرمت المرأة. فالثقافة العربية الإسلامية توقفت في نظرها المرأة تاريخياً عند القرن السابع و جغرافياً عند الصحراء العربية التي تشيع فيها سوسيولوجيا البدو الرحل. مجتمعاتنا لا تزال بعيدة عن أن تغرس في عقول و ضمائر و نفوس أبنائها و نسائها أن المرأة هي (على الأقل) مساوية للرجل. إن مليون رجل عادي لا يعادلون إمرأة متميزة مثل مدام كورى ، أول إنسان حصل على جائزة نوبل في العلوم لأكثر من مرة. إن الدراسات العلمية المعاصرة تتحدث عن الكثير من الفوارق البيولوجية، و كلها فوارق لصالح المرأة. طالعت منذ أيام دراسة طبية أصدرتها واحدة من أهم المعاهد الطبية فى العالم عن معدلات التخلف العقلي بين الرجال و النساء و هي معدلات تبلغ عند الرجل ضعفها عند المرأة. لقد كنت و لا أزال أحلم ببرامج تعليم تقول لأبناء و بنات المجتمع أن المرأة هي نصف المجتمع من الناحية العددية فقط أما من ناحية القيمة فهي أكثر بكثير، إذ أنها أم النصف الآخر. و من أكثر ما يثير غضبي أن يؤمن إنسان بارتفاع مكانة الرجل عن المرأة رغم ما يعنيه ذلك القول (السخيف والغبي والرجعي والنابع من رحم ضعف ثقة القائل به فى نفسه) في حق أمه و زوجته و أخته و إبنته.
كتبت ونشرت في ديسمبر 2009




( 71 ) ذكرني صديق كنت أحرر معه سنة 1971 مجلة أدبية - ثقافية (الربابة) كانت تصدر عن نادي الثقافة العربية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بست شعراء كنا معاً نتغني بأشعارهم وهم ناظم حكمت وبابلو نيرودا وأراغون وغارسيا لوركا ومايا كوفيسكي وبول إيلوار . هؤلاء الشعراء كانوا رفاق سنوات من حياتنا ابان حقبة لم تكن دنيا منطقتنا خلالها قد تلونت بالوان الثيوقراطية-الماضوية التى تفشت فى مجتمعاتنا فأصبح الناس يقرأون فتاوي مفكر تنويري عظيم (!) مثل إبن باز ومفكرين (عمالقة !) مثل سيد قطب والسيد سابق والعثيمين ومتولي الشعراوي ومحمد الغزالي والقرضاوي ومحمد عمارة والعالم العلامة والبحر الفهامة عمرو خالد ... بينما كنا نحن منذ أربعين سنة من الضالين اذ كنا نضيع وقتنا وجهدنا مع ألبير كامو وجان بول سارتر ومارتن هايدغر وغابريل مارسيل وبرتراند رسل وجون ديوي ووليام جيمس وآلتوسير وهربرت ماركوزا وجان جينيه وفريدريش ديرنمات وماكس فريش وبول إيلوار وصمويل بيكيت ويوجين يونيسكو وجون شتاينبيك .... وعشرات غيرهم ممن لا تبلغ قامة أي منهم عشر قامة أي من أفذاذ زمانهم مثل العبيكان (وما أدراك ما العبيكان) والنجيمي وسائر العمالقة الذين يستحي أرسطوطاليس أو سبينوزا أو جان جاك روسو أو فولتير أو ديدرو أو عمانوئيل كانط أو هوبز أو لوك أن يقارنوا أنفسهم بأي منهم ... تري هل حسر موجة الماضوية ووقف مسيرة الهجرة لماضي لم يوجد ببهائه ومجده المتخيلين إلا فى أوهام بعضنا ، ناهيك عن إمعان البعض فى النأي بعقول أبناء وبنات مجتمعاتنا عن مسيرة الحداثة والرعب الهستيري من العصرنة - هل هذا قابل للإحداث ؟ أم أن المسيرة الماضوية (بالغة الاستنارة ! ) ستتواصل وأن الشقة بيننا وبين مسيرة الإنسانية سوف تتفاقم ، وأننا سنواصل مسارنا صوب حرب كونية بين فريقين : فريق الماضوية والماضويين وملاك الحقيقة المطلقة وحدهم دون سواهم ، وفريق الحداثة والتقدم والعلم والأنسنة ؟ ... يقينا " لست أدري " .
كتبت ونشرت في سبتمبر 2009





( 72 ) فاضل إيه تاني ؟ تفوه بها صديق تعليقا على فتوي لرجل دين السعودي بحرمة البوفيه المفتوح (!!!!) ... ثم نظر هذا الصديق صوبي وسألني : "ماذا تبقي ؟" وكان جوابي كالتالي : تبقي أن علي كل عاقل أن يرفض أن يكون هؤلاء البسطاء انصاف المتعلمين واصحاب المحصول المعرفي والثقافي المتواضع بمثابة مرجعية بالنسبة له . العيب ليس عيب هؤلاء الذين نصبوا انفسهم دعاة ومراجعا (فهم ثمرة ظروف اجتماعية واقتصادية وتعليمية وثقافية جد متواضعة) ، وإنما عيب النظام السياسي والمجتمعي والثقافي والتعليمي الذى يجعل منهم مرجعية . بإختصار مالم تكن مرجعيتنا الوحيدة هى العلم (العلم فقط) فسوف نصبح قريبا محمية أنثروبولوجية يحيطها العالم المتحضر بسور ويقوم بدراستها ككائنات أحفورية (حفريات) ... حقيقي أن الجرثومة جائتنا من ترابستان ، ولكن مسئوليتنا لا تنكر ، فمعظم الناس من حولنا تآكلت عقولهم وصاروا مضحكة العالم المتمدن. و بدون توفر إرادة سياسية لوقف هذا الطوفان من مضادة العلم والتقدم وسلطان العقل. وأكرر اننا فى طريقنا لأن نصبح بؤر معزولة سيحيطها العالم المتمدن بالأسوار كمراكز الحجر الصحي ويعتبرها محميات أنثروبولوجية ويرسل علماءه لدراسة شعوبها الأحفورية ، وبالذات تلك الكائنات البدائية التى تنظر لهم شعوب منطقتنا كمراجع و قادة رأي فى محميتاهم الأنثروبولوجية.
كتبت ونشرت في سبتمبر 2009





( 73 ) لاشك أن الثقافة العربية - الإسلامية القرون - أوسطية المضادة للعقل والتمدن والتقدم والأنسنة الممولة بالبترو- دولار قد تفشت فى معظم المجتمعات العربية والإسلامية ، وقد تهيئت لها البيئات بفعل الإستبداد والقيادات المترعة فى الجهل والفساد وفى ظل مؤسسات دينية وتعليمية غارقة فى الجهل والماضوية والثيوقراطية ... ولاشك أن سياسة القوي العظمي الوحيدة القائمة على التحالف مع السعودية (ركن الأساس فى نشر ورعاية وذيوع الإسلام السياسي ) لاشك أن كل تلك الحقائق جعلت من يفهمون ما حدث ومل هو حادث ، وهم قلة وسط سواد أعظم من الغوغائية القرون-أوسطية والذين علي كل موضوعي أن يتسامي عن لومهم ، فما هم إلا ثمرة حقائق تاريخية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية ما كان لها إلا أن نتنتج هذه الثمرة المسممة ... إنني أكتب هذه الكلمات وأنا محاط بأمواج وأنواء وعواصف الإحباط ، لا سيما وأن أقرب الناس لي لا علاقة لهم بهمي أو مهمتي ، ناهيك عن وحدة فكرية ضارية ... ولكنني مصر على أن أقاوم وأحضك على المقاومة ... (من رسالة لصديق) ...
كتبت ونشرت في سبتمبر 2009





( 74 ) أتعجب ممن لا يرى الصلة بين نظام التعليم في دولة من الدول الإسلامية و بين إفراز المجتمع لأمثال سكان كهوف وزيرستان من قادة القاعدة. الرحلة تبدأ من التعليم بمعناه الواسع أي الذي تقدمه المؤسسة التعليمية و المؤسسة الدينية و ينتهي بتفجيرات اندونيسيا و بومباي و لندن و مدريد و نيو يورك و غيرها. هذه "الحالة" هي حالة ثقافية سائدة إما توجد أو لا توجد لكنها لا يمكن تهذيبها أو تأديبها أو أقلمة أظافرها. يسألني كثيرون: هل مساهمة السعودية في إنتاج الإسلام المحارب أكبر من مساهمة مصر؟ و الحقيقة انهما ليسا مجرد شريكين بل انهما (في هذا الصدد) "كيان واحد".و سأشرح قليلاً: كان محمد رشيد رضا، تلميذ محمد عبده الذي لم يرث عن استاذه انفتاحه و اعتداله و جرأته على ما يعتبره البعض من مسلمات الفقه الإسلامي. منذ وفاة محمد عبده سنة 1905 أخذ تفكير محمد رشيد رضا يتخذ إتجاها مغرقاً في السلفية و ما أن تمكن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في سنة 1925 من صيرورته ملكاً للحجاز و سلطاناً لنجد على أسنة رماح و حراب و سيوف "الإخوان" (اخوان نجد) حتى كان محمد رشيد رضا هو أقرب المشتغلين بالدراسات الإسلامية مما حدث في الجزيرة العربية أي وصول الوهابية إلى سدة الحكم في بلد ليس هو فقط أكبر البلدان العربية شرق البحر الأحمر و إنما أيضاً مقر أقدس مقدسات المسلمين. أما الرجل (محمد رشيد رضا) و الذي كان على أوثق الصلات بعبد العزيز بن سعود و بالمؤسسة الوهابية كان هو الأستاذ الأكبر لمدرس اللغة العربية الشاب حسن البنا. و كان هو الذي حضه على تأسيس الإخوان المسلمين في مصر كجمعية دعوية و بمباركة من ممثلي الإحتلال البريطاني و شركائهم الفرنسيين الذين كانوا مديري قناة السويس و بمباركة الملك فؤاد الذي كان يحلم مع الإنجليز بوجود ند قوي للوفد بزعامة سعد زغلول الذي كان قد مات للتو (23 أغسطس 1927). وهكذا فإن الحديث عن: من المسؤل أكثر عن ظاهرة الإسلام المحارب هو حديث عبثي. فنحن أمام كيان واحد و لسنا أمام كيانين. ثم جاءت السنون بما دعم الإرتباط العضوي بين المؤسسة الدينية السعودية و حركة الإخوان المسلمين في مصر. فعندما وجه جمال عبد الناصر الضربتين القويتين للإخوان (1954 و 1965) كانت السعودية لزعماء الإخوان و للآلاف من أتباعهم هي الملاذ. و أخيراً فإن القىء الجيولوجي (البترول) جعل بمكنة السعودية أن تحول الحلف الوهابي الإخواني من حركة سعودية مصرية لحركة كونية تؤسس مراكز بث أفكارها من أستراليا إلى كاليفورنيا مروراً بكل القارات و سائر البلدان. وكل ما "وفته" هنا لا يجدي معه التعامل الأمني ... وبتحديد أكثر ‘ فبإستثناء الذين يقترفون ما يعتبر وفق قوانين العقوبات (او القوانين الجنائية او الجزائية) جرائما ‘ فإن التعامل مع غيرهم (اي غير مقترفي الجرائم) بغير الأساليب الثقافية وتطوير وتحديث النظم التعليمية لن يكون مجديا - فالمعضلة فكرية وثفافية وتعليمية فى جوهرها وفى كافة تجلياتها ...
كتبت ونشرت في سبتمبر 2009




( 75 ) كانت الساحات الأدبية والثقافية والقانونية والسياسية والعلمية والطبية والفنية (بكل مجالاتها) فى مصر عشرينيات القرن الماضي حافلة بأعلام يفوقون (كما وكيفا) فى تميزهم ونبوغهم مجمل أعلام كل هذه الساحات والمجالات فى البلدان الناطقة بالعربية ليس إبان ذات الفترة فحسب وإنما خلال القرون العشرة الأخيرة برمتها. وليس ذلك بمستغرب . فالنبوغ الفردي لا يتألق بشكل وافر بدون نبوغ المكان. وليس من مكان فى المنطقة الناطقة بالعربية يضاهي مصر فى نبوغ وعبقرية مكانها وتاريخها وجغرافيتها . يقول بونابرت " مصر ليست بلدا ؛ وإنما هى البلد". وقبل بونابرت فإن أفلاطون هو من قال "كل ما أنتجناه فى اليونان كانت أصوله من مصر". لذلك فإن مصر (وحدها) كانت القادرة على إعمار تلك الساحات بذلك العدد الهائل من النوابغ ؛ سواءا كانوا مصريين أو غير مصريين جاؤا إليها لتعتمد هى نبوغهم ؛ فبدون هذا الإعتماد ما كانوا إلا "مسودات نبوغ". وإذا كان الكثيرون من نجوم وأعلام تلك الحقبة قد نالوا من التقدير والتقديم للأجيال اللاحقة ما يستحقونه مثل أحمد شوقي ولطفي السيد وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وأم كلثوم ويوسف وهبي ومحمود مختار وزكي نجيب محمود ويوسف إدريس ... وغيرهم كثر؛ فإن البعض لم ينل حقه من التقدير والتقديم للأجيال التالية ؛ ومن أهم هؤلاء سلامة موسي وزكي مبارك ومنصور فهمي ... وغيرهم. وفى هذه الدانة سأتناول أحد هؤلاء الأعلام الذين كانوا (وينبغي أن يبقوا) نجوما ساطعة تحتاجها اليوم سماء حياتنا العقلية حالكة الظلام ؛ عسي أن يساعد نورها أبناء وبنات مجتمعاتنا على الرؤية فى ظلام واقعنا الدامس والخروج من عتمة حياتنا العقلية التى إستولي على قمرة قيادة الرأي والفكر والمعرفة فيها أشباه أميين. وإذا كان أكبر النقاد العرب المعاصرين الأستاذ رجــــــــاء النقاش قد شبه كاتب هذه السطور ومهمته الفكرية بسلامة موسي راجع المقال المطول للأستاذ رجاء النقاش عن كاتب هذه السطور بعنوان "ناقد العقل العربي" المنشور بجريدة الأهرام القاهرية يوم 28 مايو 2000. ولد سلامة موسي سنة 1887 بمحافظة الشرقية بدلتا نيل مصر لأسرة قبطية. بعد حصوله على البكالوريا أو الثانوية سافر (سنة 1906) لأوروبا حيث أمضي سبع سنوات نصفها الأول فى فرنسا ونصفها الثاني فى بريطانيا. أثناء إقامته فى بريطانيا درس القانون كما إنضم للجمعية الفابية وهى جمعية إشتراكية إصلاحية سميت على إسم فابيوس الروماني ؛ وكان نجم الفابيين وقتئذ الأديب الأيرلندي الأشهر جورج برنارد شو. كما تأثر سلامة موسي بكتابات ونظريات تشارلز داروين . بعد عودته لمصر ؛ صار سلامة موسي عراب الإشتراكية الإصلاحية (أي غير الثورية) كما صار عراب الدعوة للعلم واللحاق بالحضارة الغربية والإنتقاد الكلي للحضارات الشرقية. فى 1914 إشترك مع شبلي شميل فى تأسيس صحيفة أسبوعية سمياها "المستقبل" ؛ لم تعمر طويلا. وفى 1921 ساهم مع المؤرخ المصري المعروف محمد عبدالله عنان (مترجم أطروحة طه حسين للدكتوراة الثانية من السوربون عن الفلسفة الإجتماعية عند إبن خلدون) فى تأسيس "الحزب الإشتراكي المصري". تولي رئاسة تحرير واحدة من أهم المجلات الثقافية بالعربية "الهلال" من 1923 وحتى 1929 (صدرت الهلال سنة 1892 ولا تزال تصدر للآن). فى 1930 أسس مجلته الشهيرة "المجلة الجديدة" التى نشر فيها لسنوات خلاصة أفكاره المناصرة للعلم والحضارة الغربية مع نزعة إشتراكية إصلاحية متسقة مع توجهه الفابي). كذلك كان سلامة موسي من رواد تيار "فرعونية مصر" مع نظرة لم تتخل عن إستهجان الثقافة العربية والأدب العربي. كان الناقد المصري الماركسي) الشهير غالي شكري من أبرز المنافحين عن سلامة موسي وقيمة رسالته الفكرية. يقول غالي شكري : " كان سلامة موسي يري أن تحرير الطبقات المطحونة من عبودية الوهم والخرافة سوف يؤدي إلي تحرير تلك الفئات من سائر أشكال العبودية". وكان المحافظون وعلى رأسهم مصطفي صادق الرافعي الذى سبق وأن خصص كتابا بأكمله للهجوم على أفكار طه حسين بخصوص نحل الشعر الجاهلي يمقتون سلامة موسي ويكيلون له التهم والهجوم المنبثقين عن تعصب ديني أعمي. كان أول كتبه ( سنة 1910 ) بعنوان "مقدمة السوبرمان" ومن أهم مؤلفاته "الإشتراكية" سنة 1913 و "نظرية التطور وأصل الإنسان" سنة 1928 و "غاندي والحركة الهندية" سنة 1934 و "النهضة الأوروبية" سنة 1935 و "مصر أصل الحضارة" سنة 1947 و "المرأة ليست لعبة الرجل" 1956 كما ترجم لحياته فى كتابه "تربية سلامة موسي" سنة1947. ويمكن لقاريء مؤلفات سلامة موسي اليوم أن يدرك أسباب تجاهل الكثيرين له وأهمها التعصب الديني وعدم القدرة على الحوار العلمي الهاديء مع أفكاره الصادمة للمحافظين مثل إيمانه الراسخ بالتفوق الكاسح للحضارة الغربية وإيمانه بنظرية داروين فى تطور الكائنات وعدم تقديره للآداب العربية بل ولإعتقاده بأن اللغة العربية شريك رئيس فى تخلف الثقافة العربية. وإذا كان المناخ الثقافي المصري لم يحتمل برحابة أفكار سلامة موسي خلال سنوات نشره لمؤلفاته (1910 - 1958) فمن السهل أن يجزم المرء اليوم أن مناخاتنا الثقافية الحالية ستكون أشد رفضا لهذا الصوت الجريء الذى قال للمصريين منذ قرابة القرن "أنتم مصريون أولا وأخيرا ؛ وعليكم أن تولوا وجوهكم شطر أوروبا ثقافيا ومعرفيا وأن تؤمنوا بالعلم وإنجازاته وأن تخلصوا عقولكم من الوهم والخرافة وأن تعلموا أن الآداب العربية شبه خالية من الثمار الحضارية التى ستجدونها بوفرة فى آداب الحضارة الغربية من زمن هوميروس ويوريبيدوس وإسخيلوس وأرستوفانيس وفيرجيل لزمن تشالز ديكينز توماس هاردي وأوسكار وايلد وفيكتور هوغو وأناتول فرانس وإميل زولا وإبســن وألبير كامو وسـارتر وغيرهم من الثمــار اليانعة للحضارة الحية الوحيدة اليوم على سطح الأرض.
كتبت ونشرت في مارس 2010





( 76 ) في مُقابل رموز التعصُب والإنغلاق والهجرة العمياء للماضي والتي كان أبرزها في جيله الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي ، كان هُناك آخرون من رموز الإنتصار للعِلم والتقدُم والحضارة والمدنية مثل أحمد لطفي السيد وعبد العزيز فهمي وسلامة موسى ومنصور فهمي ومن الجيل التالي لهم الدكتور حسين فوزي . اليوم يشيعُ بين عددٍ غير قليل من حَمَلة الأقلام في واقعنا نموذج مصطفى صادق الرافعي ولا نكادُ نجد مُمَثِلاً للمدرسةِ الأُخرى . بقى أن يعرف القُراء أن مصطفى صادق الرافعي عاش ومات بدون أن يكون بوسعه قراءة فقرة واحدة بأية لغة غير عربية . أما أمثال أحمد لطفي السيد وعبد العزيز فهمي وسلامة موسى ومنصور فهمي فقد أحاطوا بكلاسيكيات الإبداع الإنساني في أصولها وبلُغاتها.
كتبت ونشرت في مارس 2010







( 77 ) أُكررُ في هذه "الدانة" ما كتبته في أول فصول كتابي "ما العمل" الذي صدر في سنة 1986 وهو أن الشارع المصري اليوم يُجَسِد ويُمَثِل ويُشَخِص مُعظَم ملامح حالتنا المُجتمعية الراهنة من إنعدامِ معنى القانون وعدم إلتزام الأقوى بالذات بأحكامه وسيادة مبدأ أن القوى تُنشيء الحق وتحميه وذيوع القيمة العالية المؤَسَسة إما عن السُلطةِ أو المال وقبل كل ذلك خرق القانون من قِبَل المنوط بهم إحترامة ناهيك عن ترجماتٍ شتى لثقافة الفهلوة التي يكون فيها كل مواطن هــو السُلطة التشـــريعية والسُلطــة التنفيذية وأحياناً السُلطة القضائية أيضاً في ذات الوقت .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 78 ) رغم وجودَ ألف دليل على فوائد بل وحتمية الفصل بين رجال الدين والعمل السياسي (لخطورة ذلك المروعة وعواقبه المدمرة) فقد تعلمتُ منذُ أيام أن هناك دليلاً آخراً لم أكن على دراية واضحة به ، ففي أثناء مُطالعتي لعدة بحوث أكاديمية عن المُرشد الأعلى الحالي للجمهورية الإسلامية في إيران تعلمت أن جُزءاً كبيراً من هيبتهِ وسُلطتهِ وسطوتهِ أن غير قليلٍ من مُساعديه (ومنهم رئيس الجمهورية الحالي) يؤمنون بأنه يتلقى تعليمات بشكل مباشر من الإمام المهدي الغائب أي من الإمام الإثنى عشر في سلسلة الإمامية الإثنى عشرة ذات القداسة الكُبرى عند الشيعة وهو الإمام محمد بن الحسن العسكري الذي إختفى ويعتقد الشيعة الإمامية أنه لم يَمُت وأنه سيعود بل ويدعون في صلواتهم ويسألون الله أن يُعَجِل عودته . ومن الطريف أن نُقارن بين فكرة آخر الزمان عند عدةِ فِرَقٍ مسيحية تربطُ آخرِ مرحلةٍ في الزمان بإسرائيل وعودة المسيح ومعركة أرماجيدون التي تستقي جذورها من سفر رؤية يوحنا اللاهوتي وبين ما يُقابلها عند الشيعة الإمامية . والتماثُل في الأفكار والأساطير غير محصور في هذا المثال . فالجدل المُحتدم قبل مجمع نيقيا (325 م) حول ما إذا كان الإبن مخلوق من الآب أم لا (وقد قال بأن الإبن مخلوق عددٌ من رجال الدين المسيحي في ذلك الزمان آريوس) بينما قال معارضوه أن الإبن غير مخلوق – وقد طالعتُ منذُ سنواتٍ بعيدة الجدل المُحتدم بين المُعتزلة والآخرين (أهمهم الحنابلة) حول القُرآن وهل هو مخلوق أم غير مخلوق وأنا في ذهول من إنتقال مفاهيم بأكملها من دينٍ لآخر . ولعل أيضاً من أشهر الأمثلة الكثير من النُظُم الصوفية/الإسلامية المأخوذة بالكامل عن رُهبان المسيحية (الخلوة أربعون يوماً ... عدم تناول طعام فيه روح ... ذكر أسماء لله بالآرامية أو العبرية أو السيريانية .
كتبت ونشرت في مارس 2010


( 79 ) رأيت الأب جورج قنواتي ( 1905-1994) مرة واحدة فى حياتي ... ذهبت إليه فى الدير الدومينيكاني بالقاهرة وأنا طالب بقسم الماجيستير فى القانون بجامعة عين شمس (1971)... كان حديثه يومها عن الفيلسوف فى أعمال نجيب محفوظ (الرواية والقصة القصيرة ) ... يومها : صال الأب قنواتي وجال فى حديثه المعمق عن فن الرواية فى الآداب العالمية وفى الأدب العربي المعاصر ... ثم طوف بنا فى عالم محفوظ من عبث الأقدار لبداية ونهاية لثلاثية بين القصرين ثم أولاد حارتنا واللص والكلاب ... ثم أطال الحديث عن رواية الشحاذ وعن المجموعات القصصية التى نُشِرَت فى أواخر الستينيات وبالذات "تحت المظلة" ... وفى نفس الجلسة تحدث بإستفاضة عن الفيلسوف الفرنسي جابرييل مارسيل وعن الفيلسوف الوجودي الألماني مارتن هايدجر ... ثم عرج على فيلسوف الشباب الأمريكيين - وقتها - هربرت ماركوز مؤلف "الإنسان ذى البعد الواحد"... فى آخر هذا اللقاء أعطانا الأب قنواتي بعض كتاباته عن إبن رشد ( الذى هو فى إعتقادي : أفضل عقل فى تاريخ المسلمين) ... وكانت تلك بداية غرام فكري وثقافي بإبن رشد العظيم . تذكرت كل ذلك منذ أيام وأنا أطالع مقالا عن الأب قنواتي ورد فيه أن أبرز المفكرين المصريين معرفة - شخصية وفكرية - بالأب قنواتي هو استاذ الفلسفة المرموق الدكتور عاطف العراقي ... فعسي أن يتحف الدكتور العراقي المناخ الثقافي فى مصر والمنطقة العربية بسلسلة مقالات عن هذا المحيط الفكري والثقافي والمعرفي والفلسفي العارم الأب جورج قنواتي ... وعسي أن تجذب هذه الكتابة الراقية عقول وضمائر أبناء وبنات مجتمعاتنا عوضاَ عن إستئثار التفاهة والسطحية والهزال الثقافي الذى يروج له - ليل نهار - مسوخ من الناحية المعرفية ... مسوخ وراءهم تمويل مفسد لا مثيل له فى تاريخ البشرية .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 80 ) رغم إحترامي وتقديري الكبيرين لرموزٍ عظيمة من رموز النهضة الفكرية والأدبية في مصر مثل طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ؛ إلا أن جيلهم كان يضم نجوماً أخرى لم تحظ بالشهرة والشيوع والتقدير اللائقين لفقرٍ شديد في جانب المُتلقي . فعمالقة مثل أحمد لطفي السيد وسلامة موسى ومنصور فهمي ولويس عوض هم أفذاذ من طبقة برتراند راسل في بريطانيا ... ولكن المُتلقي هنا لا يستطيع التلقي على موجة الإرسال والبث التي تأتي عليها تجليات هؤلاء الأفذاذ. فلطفي السيد الذى لا يعرف للمصري هوية إلا أنه مصري . ولطفي السيد الذى يُترجم للمصريين روائعا من أعمالِ أرسطو ... وسلامة موسى (مثله مثل حسين فوزي) الذى يُقدر الحضارة الغربية التقدير الذي تستحقه بصفتها الحضارة الوحيدة الحية اليوم على سطح الأرض اليوم ؛ فهؤلاء يصعب على المتلقي العربي المعاصر إستيعابهم . أما منصور فهمي فأكبر وأكثر من إحتمال (حتى بالمقارنة بسلامة موسي وأحمد لطفي السيد ) المُتلقي الذي هو في أعلى حالاته وفي شخوصِ من يُسَمون بكبار مثقفيه ، محض تلميذ صغير في عوالم المعرفة الإنسانية الرحبة . وينطبق نفس القول على لويس عوض الذي كان بقامة طه حسين ، ومع ذلك فإن مُقدريه وعارفي قدره أقل بكثير مما كان ينبغي أن تكون عليه الحال . ويمكن قول نفس الشئ على شخصياتٍ أخرى مثل محمود عزمي (فارس معركة الطربوش والقبعة منذ ثمانين سنة في مواجهة رمز من أكبر رموز التقوقع والهجرة للماضي وكراهة الحضارة الغربية وهو مصطفى صادق الرافعي) . أما حسين فوزي , فلا يوجد بين المثقفين المصريين والعرب المعاصرين من يعرف عنه أي شئ ؛ بإستثناءات معدودة . لماذا كانت ولا تزال تلك الظاهرة مُتفشية ؟ الجواب ببساطة: لأن المُتلقي ليس فقط مُعتل الصحة الثقافية وواهن الكيان المعرفي ولكن لأنه أيضاً ضحية ذهنية ثيوقراطية إقصائية تضع مُسميات على هؤلاء الأفذاذ , (وهي مُسميات كفيلة بالإنصراف عنهم في بيئةٍ ثقافية أحفورية (من الحفريات.
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 81 ) كيف يقبل " الأزهر " العريق بتبعية بعض كبار رجاله لمؤسسة دينية أُخرى خاضعة بالكلية لأضعف تيارات الفقه الإسلامي وأكثرها نصية وعبادة للنقل وعداءاً للعقل (تيار أحمد بن حنبل وإبن تيمية وإبن قيم الجوزية) ؟ لماذا لا يتصدى الأزهر لأفكارٍ هى بالتأكيد مفارخ التعصُب والتزمت والعُنف والإرهاب والدعوة الحاضة على الصدام مع الإنسانية مثل أفكار الولاء والبراء التي كان لها المُساهمة الكبرى في إنتاج دولة طالبان والأفغان العرب وأتباعهما من الجهاديين والإنتحاريين في شتى أرجاء المعمورة . لماذا لا يتصدى الأزهر لمُجمَل نظرية الولاء والبراء ويشرح لجمهوره الواسع أنها (نظرية الولاء والبراء) نظرية أنتجت في زمن معين وفي ظل ظرف تاريخي محدد هو سقوط أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي تحت سنابك خيل المغول الذين أسقطوا عاصمة الدولة الإسلامية وداسوا أشياءاً عديدة في طريقهم . لماذا لا يُقال على أوسع نطاق أن القول بنظرية الولاء والبراء كانت حاجة سياسية مُلحة في زمنٍ وظرفٍ تاريخي لمنع أبناء الشعوب الإسلامية (وقتها) من التعامل مع العدو الغازي .
كتبت ونشرت في مارس 2010






( 82 ) صرت - مع تجارب السنين - أرى أن بعضنا يحمّل بعض الأشياء والظواهر والتوجهات الثقافية أكثر مما تحتمل . فكثير منها هو محض ترجمة لحالة التَرَهُل والإنهيار فى المستويات الثقافية والتعليمية والإجتماعية ... ولتنخفض الجباه إحتراما لمن قال منذ قرابة القرن ونصف القرن (قُل لي كيف تكسب وتعيش ؛ أقول لك كيف ت ُ ف َ ك ِ ر وماذا تتذوق وبما تؤمن !!) ... وليقرأ قراء هذا المقال إما الفاتحة ( لو كانوا مُسلِمين) أو الصلاة الربانية (إن كانوا مسيحيين) أو مزمور "إرحمني يا الله" (إن كانوا يهودا ) على روح العظيم كارل ماركس (1818 - 1883) ... فإن كان هو سيرفض تلك النصوص الثلاثة ؛ فلنقرأ مقدمة كتابه المسألة اليهودية !!!!! ..... كتبت ونشرت في مارس 2010








( 83 ) منذُ مائة سنة بالتمام والكمال إ فتُتِحَت الجامعة المصرية ( تحول الإسم من الجامعة الأهلية للجامعة المصرية لجامعة فؤاد الأول لجامعة القاهرة ) ... فى سنواتها الأولي كان من بين طلاب الدراسات العليا با لجامعة طه حسين ؛ كما كان من أساتذتها البروفيسور الإيطالي الأشهر نيللينو - اليوم تغرق قطاعات عديدة من هذا الصرح العلمي العريق تحت ظلام ملاّك الحقيقة المطلقة فيما تُسحب صفة "الجامعة" عن أماكن كثيرة بها ... ففى البحث العلمي لا يوجد أ و لئك الذين يملكون الحقيقة المطلقة .
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 84 ) منذُ أيام قليلة (6 مايو 2008) وبينما كنت أجلس على يسار رئيس وزراء كوردستان في مدينة إربيل (عاصمة كوردستان) سمعته يتحدث عن أن أول قرارٍ إتخذه يوم أصبح رئيساً لحكومة كوردستان (سنة 1991) و هو إغلاق معظم المدارس الدينية في الإقليم . فقد كان يرى أن المجتمعات الحديثة تحتاج لعددٍ قليل جداً من رجال الدين من أصحاب المستويات الرفيعة في التعليم ولا تحتاج إلى تلك المفارخ لذهنية التعصب والتزمت والرجعية . في نفس يوم إصداره إلغاء المدارس الدينية في إقليم كوردستان العراق إتصل به الرجل الثاني في دولةٍ تُنفق ببذخ على المدارس الدينية من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب وعرضَ عليه إغراءات مالية بمليارات الدولارات إن قامَ بإلغاء قرار إغلاق المدارس الدينية . ولكن السيد ( Nichirvan Barzany ) أصر على التمسك بقرارهِ . وهاهي كوردستان اليوم منطقة هادئة مسالمة تنعم بسلامٍ نادرٍ وسط أتون الغليان العراقي بل أَنها الجهة الوحيدة في العراق التي لا يحارب بعضُها بعضَها . توقعاتي لإقليم كوردستان أن يكرر النهضة العظمى لمكانٍ مثل إمارة دبي كما أتوقع له أن ينسلخ عن أتون الغليان والقتلِ والدم القريبة منه .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 85 ) كان مُحدثي على مشارف التسعينيات من العمر . وهو عراقي من جيل الملكية في العراق. تلقى تعليمه في أرقى مدارس العالم وحصل على الدكتوراة في الإقتصاد من جامعة أُكسفورد البريطانية العريقة . قال لي : سافرت إلى يافا في فلسطين في صيف سنة 1942 وكنتُ قد تخرجت حديثاً من جامعة أُكسفورد . بعد زيارتي إلى يافا أخذني أصدقاءُ فلسطنيون إلى الجزء اليهودي من المدينة أي تل أبيب . رغم أن إسرائيل يومها لم تكن قد قامت بعد كدولة , إلا أن صاحبي العراقي المثقف الكبير أدهشته الفوارق بين يافا وتل أبيب . في تل أبيب طلب منه سائق الحافلة العامة أن ينزل ويقف في طابور المنتظرين ثم يُعاود ركوب القافلة وفق النظام . في الحافلة قال له أحد اليهود من قاطني تل أبيب أن اليهود سوف ينتصرون دائماً على خصومهم العرب طالما أنهم يقفون في الطابور والعرب لا يعرفون الإنتظام في طوابير!... قد تُضحك هذه القصة البعض ... ولكنها لم تضحكني فقد سبق وأن قرأت نفس الكلمات في مذكرات "بن جوريون" الذي كتب أنه لن يأخذ العرب مأخذ الجد طالما أنهم لا يقفون في طوابير .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 86 ) سألني شابُ بعد محاضرةٍ عامة منذ أسابيع عن تقييمي للحقبة الناصرية فقلت له أنها حقبة لها إيجابياتها ولها سلبياتها . ويمكن أن أقول أن أكبر الإيجابيات كانت محاولة عبد الناصر النبيلة لتوسعة الطبقة الوسطى المصرية وأن أكبر السلبيات هي الطريقة غير الصائبة التي تمت بها محاولة توسعة الطبقة الوسطى فإنتهينا بطبقة تُسمى بالوسطى ولكنها تحت ذلك بكثير . سألني الطالب : وماذا عن الهزائم والإخفاقات العسكرية ؟ قلت بالنظر لكل ذلك من خلال ظروفِ الحرب الباردة وما بعد الحرب الثانية فإن مجتمعات كثيرة غير مصر كانت لها إخفاقات مماثلة . ولكن هذه المجتمعات لم تسقط مثلنا في كل الأخطاء الكبيرة التي شابت عملية توسعة الطبقة الوسطى (وهي مهمة نبيلة في الأساس) وأهم هذه الخطايا ما أُقترف عندنا عندما سمح بتوفر عوامل إنهيار المؤسسة التعليمية بالشكل الذي حدث وما أعقبه من هبوط مذهل في مستويات التعليم (في الفلسفة التعليمية وفي مستويات الأساتذة والمدرسين وفي طبيعة ومستويات البرامج التعليمية وأخيراً في مستويات التلاميذ والطلبة). لقد إقترفت روسيا أخطاءاً كبرى على مستوى السياسات الكلية ولكن لم يكن من بينها إنهيار المؤسسة التعليمية كما حدث لدينا . ففي ظل أسود مراحل الإتحاد السوفيتي والتي ضرب من خلالها سوس الإنهيار في الإقتصاد في بدن الإتحاد السو فيتي ظلت الجامعات الروسية بمستويات تعليمية رفيعة وعالية . وقد حدث نفس الشئ في الهند . فرغم خيارات نهرو الإشتراكية (والتي من حق البعض أن يُعجب بها ومن حق البعض أن ينتقدها) فقد ظلت المؤسسات التعليمية الهندية بوجه عام والجامعات الهندية بوجه خاص بمنأى عن التدهور وإنهيار المستويات . واليوم ، فأننا نسمع الكل يتحدث عن إنهيار التعليم في مصر , ومع ذلك فلا توجد إرادة إقتحام جريء وعريض وعميق للمشكلة وتقديم حلول جذرية بل ولا تزال الفلسفة التعليمية لدينا هي ذات الفلسفة التي أدت لتدهورِ أحوالِ التعليم .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 87 ) يدعو "البعض" لإقامة دولة الخلافة . وهى أخبار سيئة للخُلفاء القادمين !! ... إذ أن ثلاثة من الخُلفاء الراشدين (عُمر وعُثمان وعلي) قد قُتِلوا !! أما مؤسس الدولة العباسية ، فإسمه "السفاح" ! وأما هارون الرشيد ، فقد ترك ولدين للخلافة من بعده ، وقد قتل أحدهـما الآخـر (!) . وخلال القرون المتتالية ، فإن الخلفاء الذين كانوا على شاكلة السلطان العثماني "عبد المجيد" أكثر بكثير ممن كانوا على شاكلة عُمر بن الخطاب .
كتبت ونشرت في مارس 2010






( 88 ) الإمام أبو حنيفة النُعمان هو المُلَقَب بالإمام الأعظم . وهو أول الفُقهاء الأربعة الكبار خارج المذاهب الشيعية ومذاهب الخوارج الأربعة . وحسب الإمام أبي حنيفة فإنهُ يجوزَ للمُسلِم أن يرفُض تأسيس الأحكام على الأحاديث المعروفةِ بأخبارِ الآحاد . ولمّا كان غير أخبار الآحاد من الأحاديث (أي الأحاديث المتواترة والأحاديث المشهورة) تقل عن مائةِ حديثٍ مُقابل آلاف الأحاديث التي هى من قبيل "أخبار الآحاد" ، فإنني أتعجبُ من الهجوم (الذي تُشارك فيه الدولة) على جماعة القُرآنيين التي لا تقبل إعتبار الأحاديث النبوية من مصادر الفقه الإسلامي ، نظراً لإعتقاد القُرآنيين أن السواد الأعظم من الأحاديث قد وضِعَت بدوافع سياسية إبان حِقبةِ الدولة الأُموية والحِقبةِ الأولى من عُمرِ الدولة العباسية. ويُشكك القُرآنيون في صوابية الأحاديث التي جمعها رجالٌ مثل البُخاري ومُسلِم بعد ثلاثةِ قرون من آخر يومٍ من أيام البعثة المُحمدية . ولا أعرف ما هو الأساس العقلي لمُعاملة القُرآنيين وكأنهُم كُفار أو زنادقة ؟ لقد إعتمد أبو حنيفة (أول الفُقهاءِ الأربعةِ الكِبار) أقل بكثيرٍ من مائةِ حديث . أما رابع الفُقهاءِ الأربعةِ الكِبار (أحمد بن حنبل) فقد إعتمد آلاف عدة من الأحاديث التي جمعها في كتابهِ "المُسنَد" . ومع ذلك ، فإن الذي إعتمد آلاف الأحاديث لم يتهم الذي إعتمد عشرات الأحاديث بالكُفر والذندقة . وأنا لا أعرف لماذا لا ننظُر إليهم كمدرسة فقهية لها ما لها وعليها ما عليها . وكيف يستقيمُ المنطقُ الذي يترُك الحُكم على هؤلاء لفُقهاء من عينةِ أصحاب الفضيلة القائلين ببركة الفضلات ؟!
كتبت ونشرت في مارس





( 89 ) يقول نيقولو ميكيافيللي في مُطارحاته أنه قال للأمير (وهو ينصحه) : تنبه ! إن كل من يمدحك يرى نفسَه أشدَ ذكاءً منك بل ويستغبيك ! ويقصُد ميكيافيللي أنه ما من أحد يمدح شخصاً في موقعِ سُلطة إلا وهو يرى نفسه أشد ذكاءً من الممدوح ؛ وأنه المُخادع وأن الممدوح هو المخدوع .
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 90 ) من أهم "قيم التقدم" الإيمان بالتعدُدية وإحترام الإختلاف وتنشيط وتفعيل العقل النقدي وإشاعة مناخ ثقافي عام يقبل النقد وإنتقال المجتمع من الشخصنة للموضوعية والإيمان (المُتَرجِم للواقع) بعالمية المعرفة والعلوم الطبيعية والإجتماعية والإيمان بفعاليات علوم الإدارة الحديثة والإهتمام بالإنسان (الموارد البشرية) كأهم أصول أي مجتمع من المجتمعات... والسؤال الأهم: إلى أي حد تغرس مؤسساتنا وبرامجنا التعليمية هذه القيم في عقول وقلوب ونفوس وضمائر أبناء وبنات مُجتمعنا ؟ ... ظني أنها لا تفعل ، أو أنها تفعل القليل غير المؤثر .
كتبت ونشرت في مارس 2010





( 91 ) متى تصبح بطاقة الهوية المصرية (مثل بطاقات الهوية في كل المجتمعات المتحضرة والراقية) بدون خانةِ الديانة ؟
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 92 ) كان "السنهوري" (أُستاذ القانونيين و الحقوقيين في المجتمعات العربية... و واضع المدونة المدنية المصرية الحالية) يقول أنه وإن كانت المدونة (المصرية) تستقي الكثير من موادها من القانون المدني الفرنسي (مدونة نابليون)، فإنه كان يجزم بخلوها من أي تعارض مع الشريعة الإسلامية . فهل السنهوري (أكبر علاّمة قانوني في منطقتنا خلال القرنين الأخيرين) على خطأ والشيخ حنظلة بن جهم الجيهـمي علـى صواب (؟!).
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 93 ) لن نبرأ من عللِ مُناخنا الثقافي العام إلاَّ بالمزيد من الترجمات عن سائر اللغات . وكما أن المُسلمين لم يُصبح لهم شأن فكري وثقافي وعلمي إلا على أساس الترجمات العديدة التي تمت في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين (وفي مُقدمتها ترجمات أعمال عديدة لأرسطو وتعليقات عمالقة مثل إبن رُشد عليها) فإننا لن نخرُج من مناخ الخُرافة والمحلية الحالي إلا بتعظيم حركة الترجمة . ومن حُسن الحظ (لمُجتمعنا) أن توضع تلك "المُهمة التاريخية" في يد رجُل مثل الدكتور / جابر عصفور بمحصوله المعرفي العارم ورؤيته الإنسانية الصافية وتوجُهاته الحضارية الراقية . أمامي عشرات الترجمات الفذة التي أشرف عليها هذا الرجل التنويري العظيم ، ومن بينها ثلاثة أعمال صعبة لتشارلز داروين (ترجمها بإبداع الدكتور / مجدي المليجي أُستاذ الطب) ... وأمامي أيضاً عمل فذ من كلاسيكيات الدراسات اليهودية (نقد العهد القديم لشازار زالمان) وعشرات العناوين ... وليس عندي أمل في أن نكسر شرنقة المحلية القرون-أوسطية المُتشحة برقائق سميكة من الخُرافة والتخلف إلاَّ بحركة ترجمة واسعة تجعل أبناء وبنات مجتمعنا ينصرفون عن كُتب هى الهوان المُجسِداً لنا ولعقلنا: وهى جل الكُتب المعروضة للبيع وداخلها ذهنية البداوة والظلام والإنغلاق ومُعاداة الإنسانية .
كتبت ونشرت مارس 2010





( 94 ) في سنة 2003 صدر لي في ولاية أوريجون الأمريكية كتاب بالإنجليزية بعنوان (الثقافات والحضارات الإنسانية) صدّرته بكلمات الملك داوود الواردة في المزمور الثاني عشر وهى: (عند إرتفاع "الأرذال" بين الناس ، "الأشرار" يتمشون في كل ناحيةٍ) . وكأن الملك داوود كان يعيش بيننا اليوم .
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 95 ) يقول "جان بول سارتر" (وما أروعه من قائلٍ) أنه لا يوجد شيء إسمه المُستَقبَل ، فالمُستَقبَل هو ما نصنعه في مطبخ اليوم . ويقول ذات العبقري – سارتر – أنه لا يليق بالمُثقف إلاَّ أن يكون "ناقداً" .
كتبت ونشرت مارس 2010




( 96 ) أكتُب هذه "الدانة" والإحصائيات أمام عينيَّ تفصح عن رسالة يرفض الدراويش المرضى بنستالجيا تقديس ماضٍ من صُنع أوهامهم التسليم بوجودها وفرط وضوحها . اليوم وتعداد المصريين يقترب من الثمانين مليوناً ، فإن عدد جرائم إغتصاب النساء تُقَدَر بنحو عشرين ألف حالة سنوياً . عندما كان عددنا نصف عددنا اليوم (أي أربعين مليوناً) لم يكُن عدد جرائم إغتصاب النساء هو عشرة آلاف جريمة سنوياً كما قد يظُن البعض وإنما أقل من ثلاثة آلاف جريمة إغتصاب سنوياً . أي ثُلث ( ? ) الوضع الحالي ... رغم أن النساء يومها لم يَكُن "مُلتَزِمات" (!!!) كما هو أمر الكثيرات اليوم . إذن ، "الإلتزام" لا يؤدي إلى "الفضائل المُجتمعية" التي يتوهمها البعض ... بل قد تكون مفردات الواقع في إتجاه مُعاكس لهذا "التوهم" . تفسيري الخاص لهذه الظاهرة ، أن إغتصاب النساء لا علاقة له بشكل لباسهن أو درجة "إلتزامهن" . وإنما الأمر نتيجة لذيوع عقلية/ذهنية أشد تخلُفاً في المُجتمع ولشيوع حالة غضب عارمة (تُعَبِر عنها أشكال شتى من أشكال الخلل) من جراء سوء إدارة الُمجتمع من قِبَل أجيال مُتتالية من العجز الإداري وإنعدام المواهب القيادية وإستشرار الفشل والفساد. إن جرائم الإغتصاب ليست "فعل إثارة من جانب الضحية" (كما يُرَدِد المُتخَلفون) وإنما هى "فعل عدوان شرس وهمجي وغاباوي وحيواني من جانب الذئب" . ولكننا أبناء وبنات "ثقافة الذئب" درجنا على تبرئة الذئاب وإلقاء كل المسئولية على عاتق الضحية !
كتبت ونشرت مارس 2010



( 97 ) يقول فولتير : "إنني على إستعدادٍ لمخالفةِ خصومي في الرأي لآخرِ نفسٍ في حياتي ، ولكنني بنفسِ القدرِ – على إستعدادٍ لفقدِ حياتي من أجل حريتهم في التعبيرِ عن آرائهم" . أما شيخُنا الأكبر فقد طالب بجلدِ بعض حملةِ الأقلام !! . أنت إذن (يا مولاهم) تدعو لجلدِ بعض حملةِ الأقلام لأنهم كتبوا ما لم يرق لك ... بينما كان ?ولتير على إستعدادٍ لملاقاةِ الموت من أجلِ حمايةِ حريةِ وحقِ خصومهِ في التعبيرِ عن آرائهم . وكأنك بذلك قد قصدتَ أن تجسدَ (أمام العالم) الفارق الأكبر بين حضارة الإنسانية التي أثمرها جهادُ أجيالٍ ضد الكهنوت ، وبين حضارتك (يا مولاهم) ، أي حضارة جلد حملة الأقلام ... وما أبأسها من حضارةٍ .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 98 ) يقول أبو الطيب المتنبي في واحدةٍ من أشهر قصائده :
نامت نواطيرُ مصرَ عن ثعالبِها
فقد بشمن وما تفني العناقيدُ .
ومعنى البيت : أن المسئولين في مصرَ قد ناموا وغفلت عيونهم من فرط التخمة حتى أنهم تركوا الساحة للصوص ليمرحوا فيها ، ومع ذلك فإن خيراتِ مصرَ لم تنفد (نوم المسئولين كان من فرطِ ما حطه اللصوصُ في أجوافِهم !).
كتبت ونشرت في مارس 2010





( 99 ) عندما إكتسح سعدُ زغلول وحزبُه (الوفد) الإنتخابات التي أجريت تحت نظر ملك يمقت سعداً (الملك فؤاد) وتحت إشرافِ حكومةٍ تُعادي سعداً (حكومة يحيى باشا إبراهيم) وهى الإنتخابات التي سقط فيها يحيى باشا إبراهيم (وكان رئيس الحكومة ووزير الداخلية في الوزارة التي أجرت الإنتخابات !!) أخذت العزةُ بالإثمِ نفسَ الملكِ فؤاد ، فعوضاً عن أن يكتب لسعد زغلول مكلفاً إياه بتشكيل الوزارة لأنه فاز في الإنتخاباتِ العامة ، فإذا بنفس فؤاد المستبدة تجعله يكرر ما يقوله كل طاغية . ماذا قال الملكُ فؤاد في خطابِ التكليفِ ؟ قال إن إرادته إتجهت لتكليفِ سعد زغلول بتشكيل الحكومة !! (إرادته إذن وليست نتائج الإتخابات) . ولما كان سعدٌ رجلاً عظيم النفس ، فقد أبى أن يخاطبه الملك بتلك الكلمات . فماذا فعل ؟ ... يجلس سعد زغلول العظيم ويكتب للملك فؤاد رسالة تنبيء الملك بموافقة سعد على تشكيل الحكومة ويبدأ بأن يحمد – سعد زغلول – الله ، أن جعلَ إرادةَ الملك تواكب وتوافق إرادةَ الأمة التي إختارت سعداً !! ... هكذا كان الرجالُ !! .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 100 ) أكاد أسمع صدى صوت وصدح كلمات إسماعيل باشا صدقي ( 1875/ 1950 ) وهى تأتي من القبورِ تحث الفلسطينيين بكلماتٍ قالها تحت قبة البرلمان المصري منذ أقل( بشهورٍ قليلة )من ستين سنة :( أَملي ، ألاَّ تركضوا وراء "المستحيل" ، وتهجروا :""الممكن").
كتبت ونشرت في 25 مارس 2010




( 101 ) يذهلنى أن كثيرين فى المجتمعات العربية لا يرون واحدة من أشد الظواهر قوةً ووضوحاً وهى ظاهرة إتفاق المؤسسات السياسية والدينية على ضرورة عدم تنمية العقل النقدى عند جموع المواطنين وحتمية إستمرار ذهنية الأجوبة لا ذهنية الأسئلة ... فمع إنتشارِ العقلِ النقدى وتحول الذهنياتِ من عوالمِ الأجوبةِ الضيقةِ إلى عوالمِ الأسئلةِ الرحبةِ ؛ يأتى طوفانِ المشاركةِ والمسائلة والمحاسبة الذى هو آخر ما تقبل بشيوعهِ مؤسساتِ الإستبدادِ والفساد ومعهما المؤسسات الدينية .
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 102 ) الصراعُ العربي الإسرائيلي لا يصل إلى تسويةٍ أو حلٍ إلا من خلال طريقين : الحرب أو التفاوض . ومن أغربِ ما يُثير عجب مُثقفي المجتمعات الأكثر تقدماً أن يروا المثقفين العرب يتخذون مواقفً ويكتبون آراءً تناهض إسلوب الحل السياسي أي التفاوضي . فمعظم (إن لم يكن كل) مُثقفي العالم يعتقدون أن من طبائع الأمور أن يكون المثقفون في جانبِ الحل التفاوضي وليس الحل القتالي . ترى ما الذي يجعل المثقف العربي (في أغلبِ الحالات) يُمجد إسلوب القتال أو المقاومة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ويرفض بل وأحياناً يزدري إسلوب تناول الصراع بالمفاوضات؟ رغم أن لدي إجابةً (خاصة) إلا أنني أؤثر الإكتفاء بطرح السؤال والدعوةِ لحوارٍ بهذا الخصوص.
كتبت ونشرت في مارس 2010



( 103 ) كما أن ويليام شكسبير – كما قال وينستون تشرشل العظيم – أهم من الإمبراطورية البريطانية ؛ فإن محمود درويش (كان ولا يزال أهم من أي منظمة فلسطينية 1942 – 2008) عندما توفى العظيم محمود درويش تقاطرت مواقف التعظيم له من كبريات الجامعات وأكبر أصحاب العقول والأقلام وطالت قامة الرئيس محمود عباس بما فعل وقال في حق محمود درويش ... ولكن الموقف اجلل والجليل شهد نغمة نشاز واحدة عندما إنبرى أقزام (أشك أن بوسع أي منهم مطالعة وفهم صفحة واحدة بأي كتاب عالمي جاد) وكلهم من أزلام حماس ينهشون إسم ورسم وقيمة العظيم محمود درويش ... وهو ما أكد ما نكرره أن من (توهم) أنه وحده الذي يمثل الحق (وكل من خلط الدين بالسياسة هو من هذه الفئة) لا يمكن أن يفهم أو يقبل التعددية التي هي من أحجار الزاوية لأي ثقافة إنسانية متحضرة ... ومن لا يقبل التعددية ؛ لا يقبل تداول السلطة ؛ ومن لا يقبل تداول السلطة لا يمكن تصنيفه بين الديمقراطيين ؛ حتى لو وصل للحكم (مثل أدولف هتلر) من خلال إنتخابات ديمقراطية ... لقد كانت كلمات أزلام حماس عن محمود درويش طبقة جديدة سميكة من طبقات السخام الحماسي (راجع معنى سخام في القاموس المحيط ولسان العرب) .
كتبت ونشرت في مارس 2010


( 104 ) لا شك عندي أن الأوليجاركية المالية تقود مهازلستان المعاصرة لأتون من الفوضي ... فكما قال إبن خلدون منذ قرون ؛ فإن الحاكم إذا تاجر فسد الحكم وبارت التجارة . منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي و مهازلستان تشهد واحدا من أخطر فصول تاريخها إذ تحول حكم مهازلستان خلالها من نظام حاكم فرد محاط ببطانة من عتاة البيروقراطية السياسية لنظام حاكم فرد محاط بطبقة تجار نهمة وذات محصول ثقافي ومعرفي وتاريخي بالغ الضحالة وعديمة الحس الإجتماعي ومن عتاة الفاهمين لآليات الإحتكار والإستحواذ وأخيرا فإنهم من أرباب الفساد والإفساد بأشكال ربما تكون الأكبر والأشد فساداً فى تاريخ مهازلستان الطويل (نيف وخمسين قرناً) . ولو كنت من قادة الجماعة المحظورة لصليت – يومياً - صلاة شكر لله لأن هذه الأوليجاركية قد وجدت فى هذا العهد ولأنها فعلت وتفعل ما يعبد طريق الجماعة لحلمها التاريخي . وعندما تقع الفاس فى الراس ؛ فسيكون ذلك موعد لقاء أبناء وبنات مهازلستان مع عقود من الفوضي والإنهيار ... أما أبناء وبنات الأوليجاركية المالية المهازلستانية فسيكونون أما فى سويسرا أو موناكو أو سردينيا يحيون حياة ترف بلا نظير بتمويل من أبناء وبنات مهازلستان (الغلابة) الذين بقوا لتتعلم فيهم الجماعة - غير المحظورة وقتئذ - الحكم والسياسة.
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 105 ) الثقافة العربية اليوم مكبلة بثلاثة قيود : القيد الأول يمثله عدد من رجال الدين الغارقين فى الرجعية والماضوية والتخلف (وهم أيضا الذين يعطون الشرعية) لنظم حكم أسوأ من السوء ... ثم القيد الثاني والذى تمثله برامج التعليم ومناهجه الغارقة فى عقلية التلقين والغارسة لقيم التخلف والحاجرة على إبداعات العقل النقدي ... ثم القيد الثالث والمتمثل فى إشكالية الثقافة العربية المعاصرة مع التقدم وعجز هذه الثقافة عن التعرف على الطبيعة الإنسانية لقيم التقدم ... وبفعل تلك القيود الثلاثة تغلف واقع مجتمعاتنا رقائق بل طبقات سميكة من الآفات أكبرها موقف ثقافتنا المخزي من الوضعية المزرية للمرأة العربية ... فالرجل العربي الكسيح والفاقد - كلية - للثقة فى الذات لا يزال يقبل بمعاملة المرأة وكأنها شر مؤكد (بل ويدين المرأة إذا تحركت غرائزه هو بشكل حيواني فيصرخ "كفنوها" بالأقمشة والبراقع لأنها تغريني !! فالضحية هى المسئولة لا الجاني الذى يعترف ضمنا بحيوانيته وبهيميته وتوحشه ... ومع ذلك يلقي بتبعة دونيته على المرأة) ... إن المثقفين العرب مطالبون اليوم بإعتبار أعداد غير قليلة من رجال الدين فى مجتمعاتهم (وهم أولئك الذين يعارضون المساواة والحقوق الكلية للمرأة) مجرد مرضي من مصلحة المجتمع حجزهم فى المصحات لعلاجهم نفسيا لا إقامة التشريعات وسن القوانين بناءاً على آرائهم المريضة والمترعة فى التخلف والظلامية والرجعية والماضوية واللا–إنسانية ...
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 106 ) كما طالعت كل كتابات الأب متي المسكين فقد طالعت السيرة التفصيلية له والتى أصدرها دير الأنبا مقار ... وكما أعجبت بمؤلفاته (وأن كانت لي تحفظات على آراء عدة له فى أكثر من مسألة من مسائل اللاهوت ) ؛ فقد أعجبت بسيرته ... أما ما تردد مؤخرا عن مصادرة السيرة التفصيلية للأب متي فإنه لم يذهلن لأنني لم أتوقف عن ملاحظة شيوع السلبيات الثقافية فى المجتمع المصري ككل : التعصب ... ضيق الصدر بالنقد ... ضآلة الإيمان بالتعددية والغيرية ... الهجرة المرضية للماضي ... تآكل هامـش الموضوعية ... ذيوع مفاهيم تستقي وجودها وتفاصيليها من ذهنية الخرافة والأسطورة ... لذلك فلم يدهشن أن يكون رد فعل بعض قادة الكنيسة تجاه الكتب التى لا تروق للبعض فى الكنيسة مشابها لردود أفعال الأزهر ... القضية قضية مجتمع يسقط الكثير من أبناءه وبناته بسرعة كبيرة فى يد الجهل والتعصب والثيوقراطية والماضوية ... للأسف الشديد .
كتبت ونشرت في مارس 2010


( 107 ) دعونا نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية : فالهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان هما ما يجعلا إنسان لا تغضبه الجرائم التى إقترفت فى دارفور ويصغرويقلل من فداحة ما حدث ويحدث هناك ... والهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان هما ما يجعلا إنسان يعجب بنجاح حزب الله فى الإفراج عن سميرالقنطار - وهو ما كلف لبنان ألف قتيل لبناني وتدمير قسم كبير من بنيتها الأساسية - ولا يحفل بنجاح الرئيس الفلسطيني محمود عباس فى الإفراج (بالمفاوضات فقط) عن قرابة مئتي فلسطيني كانوا سجناء فى سجون إسرائيل ... والهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان هما ما يجعلا مصري لا يسعد بإعلان وزير الخارجية المصرية أن من سيقدم على دخول مصر (من ناحية غزة) بغير السبل القانونية سيجد ما لا يسره والهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان هما ما يجعلا أي إنسان لا يزدري ما قامت ولا تزال تقوم به منظمة حماس فى قطاع غزة من الإنقلاب الهمجي لإلقاء خصومها من الطوابق العليا للمباني لإطلاق الصواريخ العبثية التى حملت وتحمل الفلسطينين الأبرياء ما لا طاقة لبشر به لواقعة إقتحام الحدود المصرية الغوغائية لرفضها ما قبلته الحكومات الفلسطينية السابقة ... والهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان هما ما يجعل مسئول سوري يصرح - فى تقدمة برنامج وثائقي عن الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين (أعدم سنة 1966 )أن سوريا ما كانت لتقبل أن تعطي إسرائيل رجلها إيلي كوهين حتى لو كانت مرتفعات الجولان هى المقابل (!!) وهو قول - فوق كونه تجسيدا لهمجية الفكر وسيكولوجية الأقنان - يتسم بالهوس ويجسد ثقافة الكلام الكبير التى هى أحد أهم معالم الثقافة العربية المعاصرة ... فمن جهة ؛ فهذا محض (كلام فارغ) إذ أن الجولان لم تكن قد إحتلت أثناء محاكمة إيلي كوهين وإبان إعدامه (!!) فقد أعدم إيلي كوهين فى دمشق قبل سنتين من ضياع الجولان ... ومن جهة أخري ؛ فكيف يكون إيلي كوهين أهم من الجولان؛ إلا إذا كنا نستمع لمتحدث مودع بعنبر المرضي الخطرين بمستشفي الأمراض العقلية ! فسوريا التى هى على إستعداد للإعتراف بإسرائيل والتعامل معها والتواجد المشترك معها فى منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن تسلم لإسرائيل رجلها إيلي كوهين حتى لو كان المقابل إعادة مرتفعات الجولان المحتلة لسوريا !!! ومن أبرز نماذج السلوك المجسد للهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان موقف بعض العرب المؤيد لغزو العراق للكويت فى صيف 1990 بل ونعته بأنه عمل وحدوي (!!!) وهل هناك وصف غير الهمجية الفكرية وسيكولوجية الأقنان (أي عبيد الأرض) لهذا الإصطفاف الإجرامي مع المعتدي ؟ ... ويمكنني ضرب عشرات بل مئات الأمثلة - من التاريخ العربي القديم والوسيط والحديث - على مواقف هى محض تجسيد لهمجية التفكير أو التفكير الهمجي ونفسية العبيد .
كتبت ونشرت في مارس 2010




( 108 ) المرشد الثامن للإخوان المسلمين (فى مصر) هو من تلاميذ وشركاء سيد قطب . لذلك قال ما قاله اليوم ( 16يناير 2010 ) .... وكنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ايمانه بالدولة المدنية وبأن الشعب المصري هو مصدر السيادة والتشريع وكل السلطات . كنت احلم برجل يقول عكس الآراء التى جاءت فى كتاب سيد قطب "علامات على الطريق" ، والتى استلهمها كل التكفيريين ... كنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ان اقباط مصر ونساء مصر لهم كل الحقوق المكفولة دستوريا وقانونيا لأي ولكل مصري ... كنت احلم بمرشد عام جديد يدين فى بيانه الأول كل عمليات العنف والارهاب التى ارتكبت خلال العقود الماضية (ظلما وعدوانا) باسم الدين .... كنت احلم بمرشد عام جديد يعلن ايمانه العميق بالتعددية والغيرية وحقوق الانسان وبثقافة السلام والعيش المشترك الايجابي ، وبانسانية وعالمية الحضارة والتمدن والتقدم والعلم ... وكان من الممكن ان يعلن "بعض" هذه المباديء مرشد عام جديد من الاصلاحيين ... ولكن الإخوان المسلمين اختاروا مرشدا عاما يجيء لهذا الموقع (فى هذا الظرف المصري ، والعربي والدولي )من عباءة سيد قطب الذى بينما استنكر اعدام جمال عبدالناصر له (كل الاستنكار) الا انني اعتبره (هو وابا الأعلي المودودي) آباء العقلية التكفيرية
كتبت ونشرت في يناير 2010





( 109 ) فى حركة أذهلت العالم ، أعلن ملك السعودية الإصلاحي أمس ما إعتبره المراقبون بمثابة زلزال سياسي بقوة 10 رختر ... فقد ظهر العاهل السعودي "محب الإصلاح" على شاشة التلفزيون وهو يعلن برنامجه المذهل : (1) سيتم خلال العام الجاري تحويل السعودية لمملكة دستورية ، وسيعتمد دستور وضعي يستلهم أرقي النصوص الدستورية التى تترجم جهاد البشرية منذ عصر التنويريين العظام أمثال جان جاك روسو وفولتير وديدرو ، كما سيتم اصدار تقنينات مدنية وجنائية وتجارية واجرائية على اساس من احدث منجزات القانون الفرنسي والأمريكي ، كما سيتم إيفاد مئات القضاة لفرنسا لتأهيلهم للمرحلة الجديدة (2) سيصدر الملك خلال العام الجاري "إعلان حقوق الإنسان والمواطن فى السعودية " والذى سيقوم على أحدث مباديء حقوق الإنسان المعاصرة (3) سيسمح خلال العام الجاري لكل غير المسلمين السنة ببناء دور عبادة لهم ، ولن يستثني اليهود من هذا الحق (4) سيصدر الملك خلال العام الجاري "قانون حقوق المرأة" والذى سيلغي كل اشكال التفرقة بين حقوق المرأة وحقوق الرجل ، بما فى ذلك كفالة شغل النساء لكافة المناصب وحرية السفر ... الخ (5) الغاء الفصل بين الجنسين فى المدارس والجامعات وسائر المؤسسات التعليمية (6) الغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لهلامية مهامها وضحالة رجالها، والحاق موظفيها بوزارة الداخلية بعد التأهيل والعلاج اللازمين (7) تغيير علم المملكة بحيث لا يحتوي مستقبلا لا على سيف ولا على اي آلة قتل من أي نوع (8) تشجيع المواطنين الرجال على ارتداء ملابس عصرية (9) عدم الزام النساء باي زي معين (10) تشكيل لجنة وطنية لإختيار اسم جديد للمملكة لا يشير من قريب او من بعيد لإسم عائلة معينة كما هو الحال الآن (11) تشكيل لجنة وطنية للتمهيد لتغييرات جذرية فى النظام التعليمي فى المملكة وهو النظام الذى اعلن العاهل السعودي انه سيقوم على اسس تحديثية شاملة فى كل المجالات وعلى اساس منظومة قيمية تعلي قيمة الحياة الإنسانية وتؤصل الإيمان بالتعددية واحترام الغيرية وقبول الآخر والإيمان بعالمية وانسانية المعلم والمعرفة وثقافة السلام والعيش الإيجابي المشترك وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والدور المحوري للعقل النقدي ، وترسيخ الإيمان بنسبية المعرفة والأحكام والآراء الإنسانية ، وتحقيق توازن بين الإهتمام بالماضي والإهتمام بالمستقبل ... وقد تأثر البشر فى العالم كله بعيون الملك التى اغرورقت بدموع التأثر وهو يكرر كلمات الشاعر الفرنسي بول إيلوار عن جرائم البشرية فى حق النساء والتى لا يكفي أن يقف الرجال يعتذرون عنها لمدة خمسين ألف سنة ! (12) تشكيل اللجنة الوطنية لمحاربة كافة أشكال التعصب والعنف والإرهاب .... كتبت هذه "الأحلام" بحانة الملوك بشارع الملك بعاصمة الضباب (لندن)والثلوج تهطل بكثافة ليلة 12/13 يناير (كانون الثاني) 2010
كتبت ونشرت في يناير 2010




( 110 ) على كثرةِ ما يتردد ويُقال عن مُختلف الأنشطة في مجال "الحوار بين الأديان" ، فإنني لا أفهم ما المقصود بكل تلك الجهود . إن الشيء الوحيد الذي علينا أن نزرعه في عقول وضمائر أبناءِ وبناتِ أي مُجتمعٍ مثل مُجتمعنا هو أنكَ إذا أردت أن يحترم الناس دينك ومُعتَقَدَك فإن عليك أن تحترم أديانهم ومُعتقداتهم وألا يكون همك الدخول في حواراتٍ هدفها إثبات التفوق والسبق .
كتبت ونشرت في ديسمبر 2008




( 111 ) سمعت بأُذُني عملاق الأدب العربي الراحل عباس محمود العقاد وهو يتسائل في سُخريةٍ موحية : لا أظن أن الله سيُحاسبنا على أعمالنا في زمنٍ صار فيه كمال الدين حسين وزيراً للتعليم والبحث العلمي ! ... تذكرت هذه السخرية الفذة أثناء محنة تسرب أسئلة الثانوية العامة مؤخراً فالنظام التعليمي الرائع الذي ورثته حركة يوليو 1952 وحولت قيادتهِ من رجالٍ على شاكلة أحمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل وطه حسين لرجلٍ مثل كمال الدين حسين ، كيف وضعت هذه المؤسسة الهامة للغاية بيد الجهالةِ والسطحيةِ والرعونة منذ نصف قرن على طريق الأفول والإنهيار والإنحدار والتراجعِ حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم ؟
كتبت ونشرت في ديسمبر 2008



( 112 ) كان حواراً محتدماً حول الإسلاميين ومبدأ تداول السلطة الذي بدونه لا تكون هناك ديموقراطية . الأغلبية كانت تردد مبررات إيمانها بأنه لا يمكن أن يؤمن من يخلط الدين بالسياسة بتداول السلطة ، أما الأقلية فكانت تردد ما مؤداه "التجربة فقط هى القـادرة علـى الحكـم !!" ... وقد أنهى الحوارَ شخصٌ كان صامتاً طوال الوقت عندما قال : (إذا كانت التجربة هى مناط الحُكم ، وهذا ما أعتقده ، فإن الأمر منته ! وشكراً لحماس ، فقد أثبتت لنا منذ أيام أن الذين يخلطون الدين بالسياسة لا يمكن أن يتركوا الحكم وستكون لديهم في كل الحالات مبررات البقاء في الحُكم قسراً ... وأكبر تلك المبررات أن "الله معهم" كما يتصورون ! ... الحقيقة أن الذين يؤمنون بأن الأحزاب الدينية في المنطقةِ العربية لا تؤمنُ إيماناً حقيقياً بالديموقراطية يجب أن يكونوا اليوم في قمة الإمتنان لحركةِ حماس ، فقد أثبتت أنهم على حق وأن وجهة النظر الأخرى باطلة كُليةً .
كتبت ونشرت في نوفمبر 2008




( 113 ) رُبما يكون من المفيد أن أُذّكر القُراء هُنا أنه في مواجهة "البنك الأهلي المصري" والذي كان يُمثل المصالح الأجنبية في مصر ، فإن مُسلماً (هو طلعت حرب) وثلاثة يهود (هُم سوارس، يوسف قطاوي وشيكوريل) قد إتجهوا منذُ قُرابة تسعين سنة لتأسيس بنك وطني (هو بنك مصر) يُمَثِل المصالح المصرية العُليا. وأدعو من يشاء لمُطالعة كتاب الأُستاذ الكبير فتحي رضوان الرائع عن طلعت حرب بعنوان (درس في العظمة ).
كتبت ونشرت في نوفمبر 2008





( 114 ) في سنة 2006 صدَر كتابي (الإدارة في الواقع العربي) الذي نشرته جامعة الدول العربية. وقد حاول الكتاب أن يثبت (في 200 صفحة وجهة نظري التالية: (هناك شعوب "تحكُم" ، وهناك شعوب "تُدار" – من الإدارة - . ولا يوجد دليل واحد على أن معظم المُجتمعات العربية "تُدار" وفق مفاهيم وتقنيات علوم الإدارة الحديثة . ولكن هُناك "ألف دليل" على أنها "تحكُم").
كتبت ونشرت في نوفمبر 2008


















( 115 ) مطالبُنا السياسية مُتعددةٌ ومُتنوعةٌ . البعضُ يختزل مطالبه في كلمةِ "الديموقراطية" والبعضُ يُركزها في "الإصلاح السياسي والإقتصادي" وآخرون يتحدثون عن "المُحاسبة" وغيرهم عن "الشفافية" ومجموعة أخرى تتكلم عن "مُحاربة الفساد" والبعض يتحدث عن "ثورة إصلاحية في مجالِ الخطاب الديني" الذي تأسن خلال قرون وعقود الركود والجمود حتى وصل إلى بركته الآسنة الراهنة ... وآخرون يتحدثون عن "حقوق الإنسان" وغيرهم عن "حقوق المرأة" والحقيقة أن فكرة "المُطالبة" هى فكرة عبثية عند أي إنسانٍ ذي حسٍ تاريخي . فالحقوقُ تُكتَسَب وتُنتَزَع ولا تُعطى . ومن سمات الطُغاة بالغة الوضوح تَحَدُثهم الدائم عن أنهم "مانحوا المزايا لشعوبهم" . وتاريخُنا الحديث عامرٌ بالأمثلةِ على تلك الروحِ التفضُلية المانحة. وفي إعتقادي الخاص أن كل تلك المطالب المتنوعة والمتعددة يُمكن أن تتحقق إذا أنجزنا أمراً واحداً هو إجبار غير الموافقين على أن تكون رئاسة الدولة لفترة رئاسية واحدة لمدة سبع سنوات أو لفترتين لا أكثر بعدد إجمالي من السنوات لا يزيد عن عشر سنوات . إذا تحقق لنا ذلك فكل المطالب الأخرى سوف تُلَبَى . فالذين يعلمون أنهُم راحلون عن مناصب الحُكم هُم الذين يُمكن أن نُحقق معهم المطالب الأخرى أما الذين عقدوا العزم على إستمرار طغيانهم فإنهم من المُحال أن يوافقوا على تحديد حد أقصى لمكوثهم في الحُكم . وأول من يعرف ذلك هو "الطغاة" أنفسهم
كتبت ونشرت في نوفمبر 2008


( 116 ) منذُ يومين كانت سيدة أعمال سعودية ورجل اعمال سعودي في إجتماع عمل ثم قررا إستكمال الإجتماع على مقعدين وحول طاولة بمحل من محلات (ستاربكس) المنتشرة في شتى بقاع العالم , وهي جيل جديد وعصري ومُتحضر من المقاهي . أثناء الإجتماع هبط على سيدة الأعمال ورجل الأعمال السعوديين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر, وعندما تأكدا أن الرجل ليس زوج سيدة الأعمال السعودية , قاما بإختطافها وساقوها لمحبس من محابس هيئتهم التي لا مثيل لها على وجه الأرض . بعد ساعات من الإعتقال وجه رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر تُهمة (الخلوة غير الشرعية) لسيدة الأعمال السعودية . أيحق لاحد بعد ذلك لومارس العالم الحر أي شكل من أشكال الضغوط على السعودية لكي تكف عن هذا العدوان على حقوق الإنسان – أن يعتبر ذلك تدخلاً في أمور تخضع للسيادة السعودية ؟! سَمعت بهذا الخبر وأنا بحضرة عدد من ضيوفي أساتذة جامعة لندن فغمرتني سُحب سوداء من سُحب الهم والغم والعار !
كتبت ونشرت في نوفمبر 2008



(117 ) يكرر السيد عبدالمنعم أبو الفتوح فى كتابه "مجددون لا مبددون" أن المسلمين تخلفوا بسبب الإستعمار ... وهذا كلام واضح الخطأ ، إذ أنه لا يقول لنا : ولماذا قام الأوروبيون بإحتلالنا ، ولم نقم نحن بإحتلالهم ؟ والجواب ببساطة ، لأنهم كانوا أكثر تقدما علميا ، وهو ما جعلهم يكتشفون البارود قبلنا ، فحاربونا بالعلم (أي بالبندقية) وحاربناهم نحن بالجهل (أي بالسيف) .... إذن الإستعمار كان نتيجة تخلفنا ، ولم يكن تخلفنا بسبب الإستعمار ... لقد تم "إستعمارنا" بعد أن تم "إستحمارنا" على يد رجال الدين الإسلامي الذين قالوا بأسبقية "النص" على "العقل" ، مخالفين أعظم عقل فى تاريخ المسلمين "إبن رشد" الذى قال : إذا تعارض النص مع العقل ، وجب تأويل النص (وليس تعطيل العقل) ....
كتبت ونشرت في ابريل 2012





( 118 ) في سنة 1923 أنهى كمال أتاتورك الخلافةَ العثمانية وأصبحت تركيا جمهوريةً . ونظراً لأن الحلمَ بالخلافةِ كان (ولايزال) حلماً (ووهماً) يسكن عقولَ (وأحلامَ) غير قليلٍ من المسلمين ، فإن مفكراً مصرياً جليلاً اسمه على عبد الرازق أراد أن يقول للمسلمين أن الخلافةَ نظامٌ سياسيٌ وضعَه البشرُ ولا أساس له من الدين . ولما كان علي عبد الرازق يريد أن يحول بين من يريدون (مرة أخرى) خلط السياسة بالدين فقد قام بوضع كتابٍ صغيرٍ الحجم (عظيم القيمة) بعنوان "الإسلام وأصول الحكم" (صدر في سنة 1925). وكانت رسالةُ على عبد الرازق من خلال هذا الكتاب أن الدين الإسلامي لم يحدد شكلَ الحكم السياسي وإنما ترك ذلك للبشرِ تحت ما يمكن أن يكون شعاره (أنتم أدرى بشئون دنياكم) . وقد هاجت الدنيا وماجت عندما أصدر علي عبد الرازق هذا الكتاب . وجاء ردُ الفعل الغاضب من قبل السلطة (الملك فؤاد وقتها) والمؤسسة الدينية (الأزهر).ويمكن تلخيص كتاب (الإسلام وأصول الحكم) في أنه أراد أن يقول للقارئ أن الإسلامَ قد ترك شئون الحكم للبشرِ لكي ينظموها بأنفِسهم . وقد دلل على ذلك بقولِه إن عصبَ أي نظامٍ سياسيٍّ هو : أولاً ، طريقة إختيار الحاكم ، ثانياً : طريقة وقواعد إدارة الحكم . وقد أثبت علىُ عبد الرازق في كتابِه أن الدين الإسلامي لم يضع قواعداً تنظم كيفية إختيار الحاكم ، كما أنه لم يضع قواعداً تنظم كيفية تسيير شئون البلاد وأمور الحكم.أوضح علي عبد الرازق أن الخلفاء الأربعة المعروفين بالراشدين قد تم إختيار كل منهم بطريقة مختلفة تماماً عن طرق إختيار الآخرين . فقد تم إختيار أبي بكر الصديق من خلال ما يعرف بإجتماعِ السقيفة بعد إختلاف حوله من قبل بعض الأنصار (كان على رأسهم سعد بن عبادة) . ويمكن القول بأن أساسَ إختيارِ أبي بكر الصديق لتولي الخلافة كان هو الإعتماد الكليّ على أن النبي (ص) قد أوكل إليه إمامة الصلاة أثناء مرضه الأخير. أما الخليفةُ الثاني (عمر بن الخطاب) فقد تم إختياره بما يمكن أن نصفه بتعيين أبي بكر له كخليفةٍ. أما الخليفة الثالث (عثمان بن عفان) فقد تم إختياره بطريقة جد مختلفة. فعندما قام مجوسياً بطعن عمر بن الخطاب تلك الطعنة التي أودت بحياته بعد عدة أيام ، قام عمرُ بن الخطاب (بعد طعنه) بإختيار ست من أجل الشخصيات المسلمة وكون منهم مجلساً وأوكل لهم أن يختاروا من بينهم خليفته. وقد أضاف للستة ابنه عبد الله بن عمر ليصبح سابعهم ، على أن يشارك في الإختيار مع حرمانه من أن يكون هو الخليفة الثالث أي أن صوتٍ عبد الله بن عمر بمثابة صوت ترجيحي. وقد وقع الإختيارُ أولاً على علي بن أبي طالب ، ثم تبدل القرار وإستقر الإختيار على على عثمان بن عفان. أما إختيار الخليفة الرابع (علي بن أبي طالب) فقد جاء خلال من تداعياتِ أكبرِ محنة في تاريخ المسلمين وهي محنةٍ مقتل عثمان بن عفان على يد الثوار الرافضين لطريقة حكمه ، والمعروفة بالفتنة الكبرى والتي كتبت عنها عشرات الكتب لعل أفضلها هو كتاب الأستاذ العميد طه حسين (الفتنة الكبرى) بجزئيه (عثمان وعلي وبنوه) ... وبعد أن أوضح علي عبد الرازق خلو الإسلام من قواعدٍ محددةٍ توضح وتنظم كيفية إختيار الحاكم ، إنتقل لموضوعه الثاني وهو إثبات خلو الإسلام من قواعد محددة لإدارة شئون الحكم. وقد أثار هذا الكتابُ (يومئذ) ضجةً كبرى. وقد قاد هذه الضجة (كما أسلفت) القصر والأزهر. فقد أدرك هؤلاء أن علي عبد الرازق يقف بينهم وبين حلم راود الملك فؤاد وقتها (وبعد سقوط الخلافة في تركيا) أن يصبح هو خليفةَ المسلمين.
ورغم روعة ودقة وصواب وحكمة كل كلمة كتبها على عبد الرازق في هذا الكتاب الفذ ، فإن الكثير من المسلمين بفعل مُناخ تعليمي ضحل ، وبفعل رغبات إستبدادية عند البعض ، لا يزال كثيرون من المسلمين يحلمون بهذا الكيان الوهمي الذي كان (قلباً وقالباً) من صنع البشر وليس من إملاءات السماء (وأعني "الخلافة").
كتبت ونشرت في ابريل 2012.



(119 ) يشهد المسرحُ السياسي اليوم في مصرَ ما لا حصر له من محاولات الرجوع لما قبل العصور الوسطى بما إحتشدت به من خرافاتٍ وجهلٍ ومعادةٍ للعلمِ والمنطقِ والتقدمِ. ومن أشد هذه المحاولات خطورة وقدرة على الفتك بقيم التحضر والتمدن تلك الهجمة السوداء على عادل إمام أحد أهم رموز الفن المصري المعاصر وأحد أكثرهم موهبة وشعبية. ولا يساورني شك أن ما يتعرض له الفنانُ الكبير إنما هو مشهد القصد من وراءه خفض سقف حرية الإبداع مع تخويف قوي لأهل الفن ولكل من يكتب أو يغني أو يمثل أو يرسم. ولابد أن يعي مثقفوا مصر وأنصار الدولة المدنية فيها أن الهجمةَ على عادل إمام هى في المقام الأول هجمةٌ على الحرياتِ العامةِ وعلى الإبداعِ وعلى الفنِ ، وإنها ستؤسس لحقبةٍ جديدةٍ مظلمةٍ في حياتنا الثقافية.
كتبت ونشرت في 2012





( 120 ) حق التظاهر هو من أسس الحريات العامة وهو حق لا يرفضه إلا الطغاة والبغاة. وحتى لو كان المتظاهرون يعبرون عن آراءٍ ومواقفٍ ووجهاتِ نظرٍ لا يرضى عنها المجتمعُ في مجملِه ، فإن حقَ التظاهر يبقى من أسس وركائز الحريات العامة ، ولا يرفضه إلاَّ الطغاة والبغاة.
كتبت ونشرت في ابريل 2012







( 121 ) خلال سني العقد الثالث من القرن العشرين (1921-1930) كانت مصر عامرة بالنابغين من أبنائها. وكان من بين رموز مصر يومها: أحمد شوقي وطه حسين وعباس العقاد وعبد القادر المازني وعلي إبراهيم ومصطفى مشرفة وتوفيق الحكيم وسيد درويش وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ومحمد تيمور ومحمود تيمور ... ومئات غيرهم من الشموس المضيئة . رموزُ مصرَ اليوم جد مختلفة. والموضوع لايحتاج لتعليق ، والفوارق تدمى قلوب المصريين المتحضرين.
كتبت ونشرت في ابريل 2012




(122) قلتُ وكتبتُ وكررتُ عشرات المرات أن درجة تحضر أي مجتمع تقاس بتلك المقايس الأَساس : (1) وضع وحقوق المرأة ونظرة المجتمع لها (2) وضع وحقوق الأقليات ونظرة المجتمع لهم (3) المكانة التي يحتلها الإهتمامُ بالعلمِ في المجتمع (4) درجة ومدى قبول المجتمع للتعددية والتنوع وإختلاف الآراء . وأترك نتيجة تطبيق تلك المقاييس على حالة مجتمعنا الراهنة والخروج بعد ذلك بحكمٍ على مدى تحضرنا وتمدننا.
كتبت ونشرت في ابريل 2012



( 123 ) سألني كاتبٌ إيطالي منذ أيام وعقب إلقاء محاضرة ألقيتها بواحدةٍ من جامعاتِ الجنوب الإيطالي عن أزمة بعض المجتمعات الأوروبية الغربية الحديثة مع ملايين المهاجرين إليها. فقلت ان "التسامح" الذي هو أحد أهم منتجات ومكتسبات مسيرة التقدم الإنساني يجب أن يكون هو أداة التعامل مع الأزمة. ثم أضفت : ان التسامح يجب أن يسود مع المتسامحين . أما التسامح مع من لا تقوم ذهنيتهم وثقافتهم وأفكارهم على التسامح الديني والثقافي مع الآخر فإنه يكون جريمة في حقِ الذاتِ ، وجريمةً في حق التمدنِ ، وجريمة في حق التحضر ، وجريمة في حق الإنسانية. بل إن التسامح مع غير المتسامحين (دينياً وثقافياً) هو من قبيل الإنتحار أو تدمير الذات.
كتبت ونشرت في ابريل 2012



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظم الحكم فى الإسلام ... ودانات أخري !
- خواطرٌ إيطالية.
- هوية فى خطر ...
- أسئلة تبحث عن إجابات ...
- ست دانات ثائرة ...
- رحيل رجل كبير : البابا شنودة الثالث (1923-2012).
- من -دانات- طارق حجي ...
- 7 دانات.
- نابغتان : نازلي فاضل ومي زيادة ...
- دانات (عن تراجيديا الحادث اليوم بأم الدنيا) ...
- دانات ... بمناسبة إرتداء مصر للجلباب القصير !!!
- هل تخلي الإخوان المسلمون عن العنف ؟
- خواطر ... عن العقل المسلم الأحفوري.
- ثلاث دانات لندنيات ...
- دانة الدانات !
- سلامة موسي : النجم المنير
- دانات ... فى زمن العته !
- ست دانات ....
- كلمة طارق حجي التى أذاعتها ال BBC (الإذاعة) بالعربية يوم 10 ...
- بمناسبة الجرائم التى يقترفها النظام السوري فى حق أكراد سوريا ...


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - 123 من دانات طارق حجي (مختارات من 1000 دانة نشرها موقع الحوار المتمدن).