أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - البدائية الثقافية














المزيد.....


البدائية الثقافية


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 3717 - 2012 / 5 / 4 - 23:11
المحور: الادب والفن
    



كان افلاطون قد شغل نفسه بمشكلات المدنية, الجمالية والتكنيكية والقانونية, في وقت غدت فيه المدنية اليونانية مشكلة لا حل لها, لكن المهم في الامر, انه كلما تعمقت المدنية واتسعت انتشر الخوف من التكنولوجيا وتطوراتها المخيفة ,وهذا يسبب ارباكا للعقل البدائي ,وهو الذي لا يجد تفسيرا للظواهر الطبيعية الكبرى بالرغم من القفزات الهائلة في مسار التكنولوجيا وهي تسبر اعماق الكون, يقارن اهدافه الحياتية وهي تصبح اكثر تفاهة, يجد نفسه مستلب انسانيا بسبب المتطلبات المتنامية ,والتي تبتعد الى ما لانهاية عن الانسان المشروط بحكم الالهة ,وهو ينظر الى المدنية وكأنها بيروقراطيات تفرض وتسود ولا تستوعب مبدا العدل الالاهي, وهي لعبة سياسية بعيدة عن المبادئ والمعنى ويصبح التزمت الجديد هو تزمت الالهة,وهذا هو الخطر الذي يواجه نمو الحضارة ,وهذا تضاد والارث الحقيقي للبدائية الثقافية ,التي لا تستبصر ماهية الانسان واحتياجاته, وهي بعيدة عن الواقع, وهياكلها اشد منها غرابة متمثلة بأعلى حالات الشخصانية البدائية, وهي اللمسة الواحدة للطبيعة والإنسان ,رغم تعدد انماط التفكير البدائي الا ان التطور النوعي للإنسان ثقافيا قد ابرز عيوب هكذا انماط من التفكير. لذا نجد ان البناء المديني والعمران الثقافي يحمل نمطين من البناء, نمط قديم او اقل تطورا ويبدو وكانه وريث ثقافات منقرضة غير قابلة للإصلاح, ونمط أخر يحمل مفهوم التقدم والتطور, وهو اكثر تعقيدا من ناحية عقلية واخلاقية من وجهة نظر الثقافة , وبصورة عامة ان مفهوم الثقافة هو سلوك بقدر ما يبتعد به الانسان عن اصله البدئي, وان البدائية كما يحددها الانثروبيولوجيون تمتاز باقل ما يمكن من التغيير رغم انها قد تعيش في زماننا لكنها لا تنتمي الى عالمنا ,وتعيش عالم الماضي بكل اخفاقاته, اما ما هو مرتبط بمفهوم المدنية ,وهو اتساع الافق الفكري خارج بيئة الفرد والتسامح مع انماط الحياة الاخرى وتفهمها ,وهي نزعة توصف احيانا بانها نزعة مضادة داخل المجتمعات المغلقة, وهنا يحرص الانسان ذو النزعة الثقافية البدائية الى تعريف الانسانية من خلال جماعته المحلية, ولا يأخذ بالحسبان اي حقوق اخلاقية وجمالية للجماعات الاخرى,والعالم اليوم اوسع مما كان رغم ما يشاع بانه قرية صغيرة, وهكذا تبدو الفجوة شديدة الاتساع بين سمات الجماعات المحلية والعالم, والظاهر ان الافكار النمطية لا تتأثر بتراكم المعلومات, او هي تستعمل المعلومات بشكل انتقائي وضمن الاطار الفكري المفضل لديها وهي تركز من ناحية ثقافية على انماط سلوك تحاول ربطها بشخصيات اسطورية من التراث المكتوب لتلك الجماعات ,حتى تبدو وكأنها الشماعة التي يعلقون عليها الكثير من الآراء, ويقبل الانسان هنا على تلك الآراء دون استطلاع وتساؤل وكانه عبد لكل تلك الموروثات التي تصله من الماضي ,تتلاعب به العواطف والعادات ,وهو عاجز عن التفكير المنطقي ويصبح اطاره العقلي محدد بالجماعة ,ويكون مجالا للتركيز الاجتماعي والشعائري في الثقافة البدائية, لكن دراسة التاريخ الطويل للتطور الانساني ترينا ان الاختلافات العرقية والاثنية ,هي اختلافات ثانوية وليس لها اي دور في تمايز الجماعات ,لذا تطلعنا المادية الجدلية والتاريخية, وهي النظرة العلمية للعالم وهي نتاج العلوم الطبيعية والاجتماعية , ان الثقافة البدائية تهمل العوامل الاساسية التي تؤثر في الظاهرة وتصنعها ,وتركز على ما هو ثانوي متمثلا بالعقوبة الطبيعية والتي هي المقابل المادي لوعي الانسان لمحيطه ,واي محاولة للكشف عن كل ما هو جوهري ,تلاعب في ميزان الكون وان التطورات الاقتصادية والاجتماعية مبنية على اساس متين من علوم الاولين,وهنا نجد انفسنا ندور في حلقة مغلقة لابد من تجاوزها ,بوعي اعلى واسمى, ثمة واقع معاش ذو طابع محدد ,وهناك صروح حضارية توحد بين الداخلي والخارجي لا كشكل محايث بل هي مثابات يستفاد منها في البناء المستقبلي, ومن النادر ان لا نجد انسان لا يمتد به الزمن الافتراضي الى الابدية وهذا راسخ في الذاكرة الجمعية, والمفاضلة التكنولوجية لها علاقة بالمفاضلة بالثقافات ولها صلة مباشرة بالعلاقة بين الشعوب وانشغالاتها وهي الاطار الفكري الذي يفحص من خلاله الواقع الحضاري, وان الثقة بقدرات البشر الطبيعية تجعل الانسان ليس بحاجة الى الاعتماد على النخبة البدائية, لأنه قادر على رؤية الصورة بأكملها وبالتالي يكون مضطرا الى صياغة نظريته للحياة من البداية ,لا على روحانية الجماعة.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الالوهة المؤنثة واللذة المحرمة
- الحداثة تتجاوز عبثية سيزيف
- الشعائر والرموز من الارواحية الى الاسطورة
- النشيء كونيات وثقافة السلطة
- الى شالا
- كهرباء وموسيقى...... وفلم هندي
- لحظة حب
- قل ولا تقل الهمرجة والهمبلة
- التفتزاني ولغز الايمو
- فانتازيا النص وثقافة الجسد
- تاريخ الجنون وجنون التاريخ
- المرأة.......ودورها في الربيع العربي
- خارطة العالم والوعي المأزوم
- شالا وغليوني.......إشكالات الكتابة
- المحذوف والممنوع قراءة في سوسيولوجيا التاريخ
- لوزميات أبي العلاء وسيف المتنبي
- الكتابة.......عندما يكون الكون صامتا كالشاهين
- اللغة من الصمت إلى الموسيقى
- العبقرية وإبداعات الكتابة
- المثقفون وفلسفة الماء


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غالب المسعودي - البدائية الثقافية