عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 3717 - 2012 / 5 / 4 - 16:43
المحور:
الادب والفن
القرية - 76
(مطوّرة من الجزء 70)
وما زالَ الطلعُ في أغمادهِ
بانتظار الفجر كي يقلـّدَهُ
فعاد إصغاؤنا يصنعُ الآذانَ
في قرية الفقراء
من طينةِ الخوف،
وعادَ الشكّ ُهمْساً،
من نسمةٍ درّجَتْ وجه المرايا
فهذ ّبَ الصمتُ معنى التحدي،
وعادت اللاّهاتُ المخيفة
بأشكالها وأحجامها
تأتي إلى سوق قريتنا
من الطريق العام، صاخبة ً،
تعشش في بيوت الطين،
وعاد السلّ ُسبيلاً للصلاة،
يأتي بالسكون وبالثباتِ لكل حبةِ رمل ٍ في الرئاتْ
تجيءُ من ماضي الصحارى
وآفاق البحار الميتة،
وفي وادي السوادِ تلفـّتَ النخلُ ثانية ً
بكل لوحةٍ في السَّما
يمسحها بألفِ فرشةٍ خضراء؛
حين عبّأتُ عينيَّ
صورة ً خجلى
بلون الرمل ِوالقصبِ
في جزرة النهـْر ِ
ثم بمَسحتـَين من خاصرة الهلال الرهيف
وما يُتوّجُ قلبي من كلام ٍ
بخط الثـُلـْثِ مُرتدياً
ثوباً من التبْر ِعلى عرش ٍمن الشذ ْر ِ،
تسافرُ الكلماتُ مع الرحْـل في هوادجها
لذا يخذلني الرقصُ
لأني تذكرتُ بأن اللهَ علـّمَنا
نحتَ البيوتِ من سرِّ أرواحنا
لذا كنا نشم الطينَ في جدران المطرْ
فكم عرفنا الفقرَ والصبْـرَ
وكم ناءتْ راحَتا قدمَيَّ بما تحملان من وحْل الطريق،
حين يصيرُ طينُ اللهِ أعرضَ منهما!
كعادته بكل مرونته في المكان وفي الزمان،
(يرتاحُ على الراح ْ!)
يكون تحتهما كخـُفٍّ كبير ٍ، ثقيل
مطوِّقاً حدودَ الأظافر والعَقِب
صاعداً ملتفـّاً حول إبهامي
بارداً، ليّـناً، لزجاً،
متواثباً صوبي
بين أصابعي الخائرة،
ثم ينحني ندماً كاذباً
إذ ْ يُجدّد نفسه في كل خـَطو ٍ
فيُضيفُ لي وزناً،
كأنّ الله الذي أهزلني
لم ينسَ صنعتـَهُ، فـشدّني
وألصقـَني به!
لكن الريحَ للطفل الصغير جناحْ،
يحِسّ ُ خيطـَيْن ِ رهيفـَيْن في ساقيهِ ينقطعان!
أحببنا الرذاذ َوالهواءَ والضياء!
ولم نـَهـَبْ ليلاً
ولم يُخِفـْـنا طـَرْقٌ على باب
ولا سلّ ٌ ولا ربْو ٌ أو غبار
ولا الميزابُ القصيرُ في المُز َن ِ
يسقي خطى أزقةٍ حائرة
نمرّ ُبين قوسـِهِ الصاخبِ الباكي والجدار،
فهل نرى عند منتصف الليل ِ
تلاقحَ الضياءِ والمياهِ والرياحْ
كأنما الفجرُ يسيلُ من طلـْع النخيل،
في هبةٍ أو خفقةٍ أو هشـّةٍ
بلؤلؤ اللقاح؟
لأن موسم التمر بها
(حين الشكّ ُ دينُ العقل)
صارَ اختيارَ الصباح.
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟