|
الربيع العربي والأقليّات
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 19:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إذا انفجرت الحرية مرّة في روح الإنسان، فلم يعد لجميع الآلهة أي سلطة عليه جان بول سارتر
أثارت موجة ما اصطلح عليه "الربيع العربي" طائفة من ردود الفعل بخصوص "الأقليات" وهو وإن كان مصطلحاً ملتبساً، الاّ أنه مستخدم من جانب الأمم المتحدة، خصوصاً بإعلان حقوق الأقليات الصادر عام 1992 أو إعلان حقوق الشعوب الأصلية الصادر عام 2007، وإنْ كنت أميل إلى استخدام مصطلح " التنوّع الثقافي" بدلاً من مصطلح الأقليات وأقصد به التنوّع الديني والقومي والمذهبي والإثني واللغوي والسلالي وغير ذلك، لأنني أرى أن الأمر ينطلق من مبادئ المساواة والتكافؤ إزاء التكوينات المختلفة، بغض النظر عن حجمها وعددها، أقلية أو أكثرية. ـــــــــــــــــــ * مفكر وباحث عربي من العراق وهو من الجيل الثاني للمجددين العراقيين، له ما يزيد من 50 كتاباً في قضايا الفكر والقانون والسياسة والأدب والثقافة.
ولعل مفهوم الأقلية والأكثرية يحمل في ثناياه معنى التسيّد من جهة والخضوع أو الاستتباع من جهة أخرى وهو لا ينبغي أن يشمل القوميات أو الأديان، بل هو أقرب إلى التوازنات والاصطفافات السياسية، أما بخصوص القوميات والأديان واللغات والأصول السلالية والإثنية، فينبغي أن تكون على قدر من واحد من المساواة، لأنه يتعلق بالحقوق، وهذه متساوية وتشمل جميع البشر، ولا يمكن التمييز بينهم بسبب عددهم: أقلية أو أكثرية، كما أن هذه الحقوق شاملة وعامة، وتخصّ الإنسان بغض النظر عن عرقه ودينه وقوميته ولغته وجنسه وأصله الاجتماعي وهي حقوق، لا يمكن تجزئتها أو الانتقاص منها أو المفاضلة بينها لأي سبب كان. وإذا كان الربيع العربي قد انعكس على موضوع "الأقليات" الذي سنستخدمه مجازاً ونقصد التنوّع الثقافي، بشيء من القلق والترقب والحيرة أحياناً فذلك لسببين رئيسين: الأول: هو ما صاحب عملية التغيير وما أعقبها من فوضى وأعمال عنف استهدفت بهذا القدر أو ذاك التنوّعات الثقافية سواءً المسيحيين أو الأقباط أو الكرد أو التركمان أو غيرهم من التكوينات المختلفة في البلدان التي شهدت تحوّلات أو التي لا تزال تشهد حراكاً شعبياً لم يحسم بعد أو تلك التي جرت فيها تململات لا تزال تمور في أحشائها لكنه لم يجرِ التعبير عنها على نحو واضح ومعلن، على الرغم من الإرهاصات التي ظهرت هنا وهناك على نحو محدود. والثاني هو صعود التيار الإسلامي، لاسيما في تونس ومصر والمغرب في أول انتخابات بعد الربيع العربي، ناهيكم عن انتعاشه في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين، وهي الدول التي شهدت حركات احتجاج واسعة تكلّل بعضها بتغيير الأنظمة السابقة، وظلّت تراوح في بعضها الآخر، الأمر الذي أثار مخاوف مشروعة في الغالب ومبالغٌ فيها في بعض الأحيان، خصوصاً ما أثير من علاقة الدين بالدولة فضلاً عن علاقته بمفهوم الهوية والحقوق الفردية والجماعية ومبادئ المواطنة والمساواة والمشاركة في إدارة الحكم وتولّي المناصب العليا، خصوصاً بالنسبة "للأقليات"، وكذلك في الموقف من حقوق المرأة!(1) ولعل الحذر لدرجة الهلع أحياناً من اندلاع موجة عنف وتطرف وتعصب، كان قد أصاب الأقليات، حتى وإن انتشر في المجتمع ككل، لكن تأثيره على الأقليات كان واسعاً وعميقاً، خصوصاً في المرحلة الانتقالية، حيث لم تتحدد بعد وجهة الدولة ومستقبلها، ولم تستعيد الدولة كذلك هيبتها ونفوذها، ناهيكم عن أعمال " بلطجة" وعنف منفلت من عقاله انطلق من قاع المجتمع في لحظة ضعف الدولة وانهيار أو تفكك بعض مؤسساتها في مرحلة بالغة الدقة والحساسية، ولاسيما في غياب رؤية موحدة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة والخوف من المساءلة عن أوضاع الماضي، وأوضاع الحاضر، وخصوصاً المتعلقة بالانتهاكات بشكل عام وانتهاك حقوق الأقليات بشكل خاص. ولعل الحكومات السابقة في غالبيتها كانت تعبيراً أو تمثيلاً لطرف أساس سائد (أقلية أو أغلبية) على الأطراف الأخرى الخاضعة (أغلبية أو أقلية)، لا بالمعنى السياسي بل، بقدر علاقته بالتكوين القومي أو الديني أو المذهبي أو حتى الجهوي والمناطقي أحياناً، لأسباب تتعلق بالاستحكام بالسلطة أو الاستئثار فيها من خلال شبكة من الأتباع والمريدين، لاسيما من ذات الجهة الحاكمة والمتحكّمة، الأمر الذي طرح موضوع المواطنة على بساط البحث، خصوصاً التمييز القومي والديني والتنوّع الثقافي والتعددية المطلوبة. ولأن الغالبية الساحقة من الشعوب العربية وبسبب غياب أو ضعف الديمقراطية مفاهيماً وحقوقاً ومؤسسات وممارسات وشحّ الثقافة الحقوقية والقانونية، خصوصاً ثقافة حقوق الإنسان، فقد نظرت إلى التغييرات التي أرادتها وضحّت من أجلها، بشيء من الإرتياب بعد حسم الصراع مع السلطات الحاكمة السابقة، بل أنها ظلّت مذهولة وهي ترى التيار التقليدي يتصدّر المشهد، بعد أن كان المحفّز الأول لاندلاع الاحتجاجات الشعبية، هو الرغبة في الانعتاق والحرية والكرامة الانسانية ومحاربة الفساد، وهو ما أطلق عليه البعض سرقة الثورات أو الهيمنة عليها، لأنه شعر في لحظة تحقيق النصر، أن الحصاد الأكبر سيكون لصالح التيار الاسلامي، بعد أن ظنّ أن مساهمة واسعة ومتنوّعة من تيارات أخرى كانت وراء الإصرار والنجاح في المنازلة مع الأنظمة الحاكمة، في حين ظل التردّد وعدم الحسم أو قطع شعرة معاوية كما يقال سمة للتيار الاسلامي. وكان التيار الإسلامي، المعتدل أو المتطرف، بما فيه الإسلامويون، وإن اقتبس شعارات الديمقراطية وحاول التكيّف ببراغماتية عالية مع توجهاتها، ينظر إلى الغرب (باعتباره المنبع للفكرة الديمقراطية) بكثير من الشك معتبراً كل بضاعته مغشوشة أو غير صالحة للاستعمال في بلداننا، ساعياً إلى إعادة انتاج خطاب جديد، يروّج له، مستغلاً التضييق على نشاطه في السابق وملاحقته، ليتصدر الشارع السياسي، معتمداً على عدد من الجمعيات والمنظمات الدينية، المهنية والخيرية والإنسانية والخدمية، للتبشير بآرائه، ناهيكم عن محاولة مدّ جسر بينه وبين الناس باعتباره الطريق الموصول بالله وباليوم الآخر. ولذلك لم تكن النتائج التي أحرزها مفاجئة تماماً، وإن كانت لبعضهم صدمة قوية، لأنها لم تدرك ولم تتحسب ماذا يعني استمرار حكم الاستبداد لعقود من الزمان؟ وماذا يمكن أن ينتج من بدائل سياسية وهو ما حاولت الأنظمة السابقة العزف عليه زاعمة أن بديلها سيكون متطرفين وربما ارهابيين من تنظيمات القاعدة أو غيرها، وفي أحسن الأحوال سيكون الاسلاميون بديلاً عنهم، حيث ستتهدد هوامش الحريات المتوفرة وحقوق المرأة وستزداد معاناة الأقليات، لاسيما التلويح بتطبيق مبادئ الشريعة حسب التعاليم المتشددة السائدة لدى الجماعات الاسلامية، الأمر الذي كان رسالة للداخل من جهة وأخرى للخارج، لكن اللحظة الثورية كانت عارمة، لاسيما بعد أن أخذ الشارع زمام المبادرة وانكسر حاجز الخوف، بل أنه انتقل إلى الحكام بدلاً من المحكومين وتلك كانت بداية العدّ التنازلي للتغيير.(2) وإذا كان التيار الوسطي، الأقرب إلى العلماني والمدني والعقلاني والليبرالي هو من فجّر الثورات أو أن دوره كان كبيراً في اندلاعها، فإن التيار الإسلامي هو الذي حصد نتائجها باستحقاق، يوم أعاد تنظيم نفسه وقواه على نحو سريع مستفيداً من امكاناته المالية واللوجستية وتأثيره العاطفي على الناس باستمرار تفاعله معهم من خلال اللقاءات اليومية في الجوامع والمساجد وأماكن العبادة. ولمجرّد صعود التيار الإسلامي ساورت كثير من الشكوك المشروعة موقفه من الأقليات التي ظلّت "محرومة" إلى حدود غير قليلة من مواطنة متساوية ومتكافئة وعلى قدر من الندّية مع الآخرين، خصوصاً وأن التاريخ المعاصر للأقليات لقي مثل هذا التمييز أو العنف، سواءً كانت أقليات قومية أو إثنية أو دينية أو طائفية أو غيرها. لقد إزدادت وتعاظمت مسألة الأقليات عشية الربيع العربي، بل أنها اشتبكت لدرجة التعقيد ووصلت في بعض البلدان إلى طريق مسدود، على الرغم من التطورات التي حصلت في العالم على هذا الصعيد، لاسيما في أوروبا التي شهدت حروباً طاحنة في القرون الوسطى إلى أن استقرت بإقرار الدولة المدنية وإعلان مبادئ المساواة طبقاً للقانون، تلك التي تعمّقت في القرن العشرين بخصوص المرأة والأقليات وحقوق الإنسان عموماً. لقد عانت الأقليات في بلداننا العربية من إشكالات تاريخية كثيرة، ففي فترة الدولة العثمانية، ولاسيما الحقبة المتأخرة منها والتي عُرفت باسم الرجل المريض، سعى الغرب للتدخل فيها على نحو سافر، بحجة حماية الأقليات الدينية وضمان حقوقها(3) ، ولم تكن فكرة الاعتراف بالمِلَلِ والنِحَلِ كافية لتلبية هذه الحقوق للولايات العثمانية، وهذه الفترة هيأت لفترة أخرى أعقبتها، خصوصاً بانتشار الوعي القومي من جهة، والشعور بالهوية الدينية من جهة أخرى، واتخذت شكلاً آخر في فترة الاستعمار، ولكن بعد حصول الدول العربية على استقلالها كان يُفترض أن تبحث في حلول لمشكلة الأقليات على أساس المواطنة والمساواة والمبادئ الدستورية للدولة العصرية التي انتشرت في العالم، لاسيما في الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وخصوصاً بعدهما، وذلك بعد انهيار الفاشية والنازية، وتأسيس منظمة الأمم المتحدة وإقرار مبدأ حق تقرير المصير كأحد أركان المبادئ الآمرة في القانون الدولي Jus Cogens وفيما بعد بإقرار الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 باعتباره الشجرة الوارفة التي أثمرت عشرات الغصون والفروع طيلة السنوات الستين ونيف، حيث تم إبرام نحو 100 إتفاقية دولية بهذا الخصوص، لكن مشكلة الأقليات تفاقمت، خصوصاً عدم الاعتراف بحقوقها وبالتعددية الثقافية والتنوّع الديني والقومي، الأمر الذي زاد الطين بلّة في بلداننا العربية ولدى بعض البلدان النامية في أفريقيا وآسيا، في حين كانت أوروبا الغربية قد وضعت اللمسات النهائية أو شبه النهائية للإقرار بالتنوّع والمساواة والمواطنة، ولحقت بها أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينيات. وإذا كانت الدول العربية ما بعد الاستقلال رفعت شعارات ما فوق دينية وما فوق إثنية أو مذهبية وسعت لصهر التكوينات المختلفة في إطارها تحت شعار الدولة الوطنية لكن ذلك عاظم من المشكلات ولم يساهم في حلّها، ولا شك أن مسألة التنوّع الثقافي انتعشت في الثمانينيات وعشية انهيار النظام الدولي القديم القائم على القطبية الثنائية وانتهاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الآيديولوجي من شكل إلى شكل آخر، الأمر الذي عزّز الشعور بضرورة انبعاث وتعزيز الهويات الفرعية وإيجاد حلول عقلانية وعملية لمشكلة الأقليات. ولم يعد بالإمكان غضّ النظر عن حقوق قوميات أو تكوينات دينية تحت أية مبررات أو شعارات كبرى سواءً مواجهة العدو الصهيوني أو الخطر الخارجي والتفرّغ لبناء الدولة وتسليح جيشها وتدريبه، لأنه بالاعتراف بالحقوق والحريات، لاسيما للأقليات، يمكن تعزيز الديمقراطية والتوجه نحو التنمية وتوسيع دائرة المواجهة مع الأخطار والتحديات الخارجية وليس العكس، ولم تكن المقايضات سوى مبررات لأنظمة شمولية لتثبّت سلطاتها وادعاء أفضلياتها وزعم نطقها باسم الشعب كل الشعب، تارة باسم مصالح الكادحين وأخرى باسم العروبة والوحدة ومواجهة العدو الذي يدّق على الأبواب وثالثة باسم الإسلام والشريعة، والحرام والحلال والمقدّس والمدنس بذريعة أنها تمثل السماء، ولعل الجماعات الإرهابية، عملت على استخدام السلاح وأصدرت أحكاماً خارج القضاء، بل ونفذتها باسم الله لدرجة أن الذبح أصبح على الهوية في بلد عرف التسامح والتعايش الديني والقومي مثل العراق على الرغم من استمرار مشكلة الأقليات. لم تتعامل الحكومات في العقدين ونيّف الماضيين مع هذه الظواهر الجديدة والتطورات في موضوع الأقليات بشكل إيجابي وبإنفتاح لقبول هذا الواقع القائم على التنوّع، وحاولت تسويف الاعتراف بالحقوق الحريات أو المداورة على حساب الأقليات أو إعلان بعض الحقوق والمراوغة عليها، ولعله خلال وبُعيد حلول الربيع العربي بدأت مرحلة جديدة في حياة الأقليات، سلباً وإيجاباً، والأمر يعتمد على أي طريق ستسلك الدول التي حصلت فيها مثل هذه التغييرات. فالأقليات اليوم تخاف أن تفقد أمنها وأمانها، ولهذا تتقدّم خطوة أحياناً وتؤخر أخرى، لأنها غير متيقنة أن وضعها اللاحق سيكون أحسن من وضعها السابق، والأكثر من ذلك هناك محاولات لإضفاء الطابع الإسلامي أو الإسلاموي على الربيع العربي والتلويح بشعارات استفزازية والقيام بأعمال عنفية، طالت الأقليات من مسيحيين وأقباط وكرد وتكوينات أخرى وغيرهم(4). ولعل هذا ما حاول آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا أن ينفخ فيه عندما قال: أن مسيحي الشرق قلقون على ديمومة وجودهم، ولاسيما في ظل صعود التوتر الطائفي، ولهذا ينبغي تفهّم مخاوفهم، وإذا كان هذا الكلام صحيحاً، فإن الوجه الآخر له ولكيلا يستغل ويستثمر على كونه كلام حق، حتى وإن أريد به باطل، ينبغي تأمين حقوق المواطنة والمساواة وعدم التمييز، ولعل ذلك واحداً من أهداف الربيع العربي، التي سيكون ضياعها ضياعاً له أو تأخيراً لنتائجه وزيادة في معاناة السكان التي طال انتظار وضع حد لها. (5) وقد دفعت أعمال عنف واسعة النطاق في العراق ضد المسيحيين والتنوّعات الثقافية الأخرى مثل الصابئة والأيزيديين والتركمان والشبك الاحتكاكات الإثنية والدينية ضد الأقباط في مصر، قبيل وخلال وبُعيد، التغيير بما فيها تفجيرات لكنائس وصدامات كما حدث في تفجير كنيسة في الإسكندرية أو في ساحة اسبيرو وغيرها، إضافة إلى تلويحات إسلامية تونسية، حتى وإن لم تصدر من الجماعة الإسلامية الأساسية وأعني بها حركة الأخوان المسلمين أو حزب النهضة في تونس، بإقامة دولة إسلامية أو إعلان رغبة في دفع الجزية، بل وحتى تحديدها، أو مغادرة البلاد والاستيلاء أحياناً على بعض المساكن والبيوت، كما حصل في العراق إلى زيادة درجة الاستقطاب والهلع من استهداف الأقليات، الذي يهدد مصيرها ووجودها فالارهاب والعنف ضدها يختلف عن استهداف الأغلبيات أو المكوّنات الكبرى، لأنه مهما حصل فلن يؤدي إلى هجرتها كاملة أو زوال تأثيرها.(6) وقد لعب تنظيم القاعدة في العراق وما سمّي بدولة الرافدين الاسلامية دوراً في إذكاء نار العداوة ضد الأقليات، فضلاً عن جماعات إسلامية متطرفة، سواءً تعلن مواقفها أو تضمرها أحياناً، ولكن بيئة التطرف والتعصب والإقصاء التي سادت في العراق، كانت مشجعة لاستهداف الأقليات. وهو ما حصل بُعيد الربيع العربي في العديد من البلدان العربية. ولعل مخاوف سورية كثيرة صاحبت أعمال العنف المندلعة منذ نحو عام أساسها استهداف الشرائح الضعيفة التي يطلق عليها الأقليات، لاسيما خارج الحكم أو حتى داخله، مثل استهداف المسيحيين ودفعهم إلى الهجرة واستهداف الدروز وكذلك استهداف العلويين والتلويح بالانتقام والثأر منهم وتحميلهم تركة النظام الذي حكم البلاد ما يزيد عن أربعة عقود من الزمان بأساليب استبدادية. وأعتقد أن المشكلة الدينية والمشكلة الطائفية والمشكلة القومية (الكردية) ستبرز في سورية ما بعد الأحداث ودون إيجاد حلول على أساس المواطنة والمساواة واحترام حقوق الانسان، فإنها ستتفاقم بسبب طول معاناة وكبت مزمن وشحّ للحريات وهدر للكرامة، ناهيكم عن الفساد المستشري. وإذ أردنا أن نحدد ذلك على نحو واضح، فقد عانى الوطن العربي من إشكالات مزمنة تتعلق بالهوية، من خلال مشكلات الكرد القومية في كل من العراق وسوريا، إضافة إلى دول الجوار: إيران وتركيا وأذربيجان، ولعل مساحة هذه المنطقة المتصلة والمتواصلة تاريخياً وجغرافياً ولغوياً وذات المصالح المشتركة تزيد عن 400 ألف متر مربع، ويسكنها نحو 40 مليون إنسان، لكنها جميعها تفتقد إلى حق الكرد في تقرير مصيرهم وإقامة دولة خاصة بهم أو الحصول على حقوقهم كاملة في مواطنة متكافئة ومساواة تامة واختيار شكل علاقتهم بأشقائهم من الشعوب الأخرى. كما عانت المنطقة من مشكلات المسيحيين وجرت حملات منظمة معلنة ومستترة لاجلائهم، وبشكل خاص في إسرائيل بعد قيامها وطرد سكان البلاد الأصليين، ولاسيما باستهداف المسيحيين لكي يقال ان الصراع ديني بين مسلمين ويهود وليس صراعاً وطنياً بين مستوطنين وكيان عنصري وبين شعب عربي فيه مسلمون ومسيحيون ودروز ويهود كذلك. فبعد أن كانت نسبتهم في فلسطين تزيد عن 20% أصبحت اليوم نحو 1.5% وكان عددهم في القدس وحدها قبل العام 1948 نحو 50 ألف وإذا بها لا تزيد اليوم عن 5 آلاف. وحصلت هجرة سورية أيضاً فبعد أن كان عدد المسيحيين ما يزيد عن 16% أصبح اليوم نحو 10%، وكذلك الحال في العراق فقد هاجر ما يقارب ثلثي عدد المسيحيين خلال فترة الحرب العراقية- الإيرانية والحصار الدولي وما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، ولاشك أن النسبة الأكبر كانت خلال اندلاع موجة التطهير والقتل، ولاسيما في العام 2006- 2007. وحصل الأمر على نحو كثيف في لبنان أيضاً فقد هاجر نحو 700 ألف لبناني من أصول مسيحية ومعظمهم من الكفاءات إلى الخارج، ولاسيما خلال الحرب الأهلية 1975-1990 وبُعيد اتفاق الطائف، ولم يسلم أقباط مصر من التمييز، وشهدت أحداث تفجير كنيسة الاسكندرية في العام 2011 وأحداث امبابة استخدام هذه الورقة، بل التعويل عليها أحياناً أما لاستمرار الاستبداد أو لجعل الاصطفاف دينياً، الأمر الذي يعقّد من مشكلة الأقليات، التي لا تتعلق باستبدال الأنظمة أو تغييرها، بل تتطلب تغيير العقليات المهيمنة واستبدال الثقافة السائدة ونشر الوعي الحقوقي والقانوني وتعزيز احترام حقوق الانسان، بل والعمل على وضعها أساساً في الدساتير والتشريعات لكفالة مبادئ المساواة والمواطنة والعدالة ولضمان حقوق الأقليات وهوياتهم الثقافية وخصوصياتهم دينية كانت أم قومية، والأمر يحتاج أيضاً إلى إعادة النظر بالمناهج التربوية والتعليمية التي فيهاالكثير من الانتقاص أحياناً من الأقليات والنظر اليهم باستصغار وهذا يتطلب أن يلعب الإعلام دوراً على هذا الصعيد وكذلك ما يمكن أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني من خلال تعزيز القيم القانونية والأخلاقية لمبادئ المساواة وعدم التمييز. ولعل هذه واحدة من مفارقات الربيع العربي، فإذا كانت الأنظمة السابقة كابتة للحريات ولحقوق الجميع، بما فيه الاقليات التي يقع عليها الإضطهاد مضاعفاً ومركباً، لكن ما حصل من تغييرات، لم يجعل هذه القضية في الصدارة، لاسيما وقد تعرّض الكثير من أبناء الأقليات إلى أعمال عنف وتنكيل واضطهاد، بل وإن الفتاوى التحريضية انتشرت ضدهم وازداد التعصب والتطرف بحقهم، الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة حول المستقبل، وهو يحتاج إلى وقفة جدية للبحث في موضوع الهويات والجدل التي خلقته في الماضي والحاضر، وما ستتركه بعد الربيع العربي. وإذا كانت حركة الاحتجاج تخص الجميع، فإن التنوّع الذي تعيشه بعض المجتمعات انعكس أيضاً في تركيبتها والقوى المشاركة فيها، وقد عبّر عن ذلك مفكر كردي سوري هو صلاح بدر الدين حين قال " فالثورة السورية ليست ثورة قومية عربية أو كردية وليست ثورة الإثنيات والمجموعات القومية الأخرى الأقل عدداً في بلادنا، بل هي ثورة الجميع ومن أجل الجميع كسوريين في سبيل الحرية والكرامة وإزالة الغبن عن الجميع وتحقيق العدل والمساواة، بما فيها للقضية القومية الكردية على قاعدة التوافق وحسب إرادة الكرد في إطار الدولة السورية الجديدة الديمقراطية التعددية". وإذا كانت هذه رغبة صادقة من جانب مكوّن أساسي من مكوّنات الدولة السورية، فإن مثل هذا الأمر يحتاج إلى إقناع الأطراف الأخرى، التي يمكن أن تتسيّد أو تتعالى بحكم الثقافة السائدة، للاعتراف بالحقوق وتأكيدها على نحو واضح وصريح، وإلاّ فإن القضية الكردية أو قضية التكوينات الأخرى الدينية، ستزداد تعقيداً وهي مشكلة أساسية ستواجهه الدولة الجديدة، بل أن هذه المشكلة التي كانت قائمة ولم تجد لها حلاً، لاسيما منذ تفاقمها منذ العام 1964 بإقامة ما سمّي الحزام الأخضر (أو ما يتندّر عليه بعض السوريين حزام محمد طلبة الذي قام بتنفيذه بغلاظه) والمسألة لها علاقة بمشاكل الجنسية والمواطنة والمساواة وبمستقبل التآخي العربي- الكردي ومصالح النضال المشترك، مع احترام الخصوصيات والحقوق السياسية والثقافية والإدارية، التي يمكن التعبير عنها بصيغ مختلفة. وهي المشكلة ذاتها التي واجهتها دولة السودان منذ الاستقلال في العام 1956، فلن يكون التنكّر لحقوق الجنوبيين، الاّ تراكماً بالاتجاه السلبي الذي قاد إلى الانفصال أو الاستقلال في العام 2011 وبناء على استفتاء حاز به الجنوبيون على أكثر من 98% من الأصوات، وهكذا أقيمت جمهورية جنوب السودان، التي دخلت إلى الأمم المتحدة كعضو جديد وارتفع علمها في أروقتها، والمهم الاّ تتحوّل الدولة الجديدة وبفعل الصراع الطويل والمعاناة المزدوجة والمركّبة إلى عدو، ومن الضروري للسودان (شماله) وللدول العربية العمل على كسبها كصديق وشريك وجار تربطه بالسودان وبالعرب الكثير من مصادر العيش المشترك والإخاء الانساني والمصالح المتبادلة، إضافة إلى المياه والنفط والموادر الأخرى. وعلى المكوّنات المختلفة أن تتقبّل برحابة صدر وانفتاح، لاسيما التي كانت "سائدة" مبدأ المساواة والتكافؤ وتتعامل على أساس المواطنة والاعتراف بالحقوق، سواءً في ظل دولة موحدة بسيطة أو مركّبة مركزية أو فيدرالية، ولكن الإنسان فيها هو الأصل وحقوقه مضمونة، سواءً اتخذت شكل حكم ذاتي أو فيدرالي أو كونفدرالي، أي لا مركزية جديدة، وهو الأمر الذي ينبغي قراءته في ظل التطورات الجديدة. وإذا كان الأمر قد تحقق وإن لم يكن كاملاً، بل ناقصاً ومبتوراً بل مشؤّهاً وملغوماً في بعض جوانبه في العراق بشأن الدولة الاتحادية، وفي السودان قاد إلى الانفصال، فإنه اليوم مطروحاً في اليمن خصوصاً بشأن الجنوب المرشح للفيدرالية أو الانفصال وفي ليبيا وقد أعلن فيدرالية برقة وربما يشمل مناطق أخرى في كلا البلدين وبلداناً أخرى، الأمر الذي بحاجة إلى التفكّر فيه كواحد من الحلول في إطار نظام ديمقراطي، لضمان حقوق المكوّنات المختلفة، بدلاً من العناد والمكابرة التي تقود إلى ضياع وحدة هذه البلدان وتؤدي الى تفككها وتشرذمها، ولا بد من تدارك الأمر قبل فوات الأوان، وذلك جزء من الأعراض الجانبية للربيع العربي. وإذا كان الدين أو القومية يمثل جامعاً على المستوى الكوني في عهد ما قبل الرأسمالية، فإن الاقتصاد أصبح هو الجامع، وهو ما تخضع إليه السياسات، تلك التي انبعثت بسببها الدولة القومية في الغرب، لاسيما في إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، ثم مرحلة ما بعد الدولة القومية، من خلال الشركات العابرة للقارات والحدود والجنسيات في ظل العولمة، وإذا كان هذا ينطبق على الغرب، فإن النمو المشوّه الذي عاشه الوطن العربي والبلدان المسلمة، جعلت هدف الانبعاث هو الوقوف ضد الاستعمار والعدو الخارجي، لهذا تأخرت الشعارات الخاصة بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، خصوصاً في ظلّ تخلف معتّق ونظام شبه إقطاعي وهو ما ساعد أنظمة استبدادية متسلّطة تنكّرت لحقوق الأقليات على القيام، في حين أن أوروبا تخطت مرحلة المركزية الأوروبية واتجهت للاعتراف بالتنوّع الثقافي(7). وإذا كان هذا هو الوجه السلبي للربيع فثمت احتمالات أخرى قد تظهر وجهه الايجابي بالنسبة للأقليات المنتشرة في الوطن العربي من كرد العراق إلى أمازيغ المغرب، مروراً بكرد سوريا ومسيحييها ومسيحيي لبنان وسوريا والعراق وأقباط مصر، فضلاً عن دروز لبنان وسوريا وإثنيات السودان، وطوائف الخليج وخصوصاً شيعة البحرين الذين كانوا وقود الحراك الشعبي المستمر باتجاه حقوق المواطنة. إن الانتفاضات العربية التي تستهدف التغيير والانتقال الديمقراطي فإنها في الوقت نفسه تعزز إمكانية فتح آفاق أكثر رحابة إزاء الأقليات وحقوقها، على الرغم من التيار التقليدي ومحاولات الكبح والموقف السائد من حق تقرير المصير وحقوق الانسان. وإذا كان موقف الحكومات مناوئاً للأقليات وحقوقها فإن موقف بعض المعارضات بمن فيها المشاركة بالتغيير لم يكن أفضل منها. وأظن أن الخميرة الآيديولوجية في السلطة والمعارضة أساسها واحد، وهي الرضاعة من ثدي واحد خصوصاً بزعم إدعاء الأفضليات، فحيث ما مالوا مال الحق والحقيقة إلى جانبهم، سواءً كانت تلك من جذور دينية طائفية أو قومية شوفينية أو ماركسية يسارية منغلقة أو متحوّلة نحو الليبرالية الجديدة. لعل القراءة الأولى للحدث بالنسبة للأقليات ستكون أقرب إلى قراءة الإعلامي، بعدسة تصوير لمجريات الوقائع وتسلسلها، ولكن ذلك ليس كامل الصورة، فالصحافي يصوّر الحدث ولا يصنعه أو يتصوّره، ولهذا تتداخل أحياناً بعض الإنطباعات أو التقديرات أو حتى الرغبات عن الحدث، وليس واقع الحدث ذاته، فالصحافي على حد تعبير ألبير كامو هو "مؤرخ اللحظة"، أي من ينقل الحدث أو يصوّره، والصورة خبر كما يقال في الاعلام، مثلما هي الوثيقة خبر، كما يُقال في العمل الأكاديمي. ولكن ذلك له مقاربة أخرى، وهي تختلف عن المقاربة التاريخية، لأن الحدث لم يقرأ الاّ في سياقه، ولأن التاريخ متواصل ومستمر وأن هذه القراءة ستكون أولى، فنحن لا زلنا نعيش في تداعياتها غير المكتملة، وحتى القراءة التاريخية تأتي أحياناً مراوغة، وحسب هيغل فالتاريخ ماكرٌ، فما بالك وأن الحدث لم يكتمل وفيه الكثير من التغييرات والمنعرجات . وإذا كانت القراءة الحقوقية لمسألة الأقليات مهمة، لاسيما إذا أخذنا جوهرها وأعني به الانسان، "فالإنسان هو مقياس كل شيء" على حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس، لكن القراءة الحقوقية لوحدها تحتاج إلى مزيج من السياسة وعلم الاجتماع، بما فيه علم الاجتماع السياسي، والقانون والشرائع حسب منطق مونتسكيو في كتابه " روح الشرائع" وهذه هي التي يتكوّن منها " عقل الإنسان"، لاسيما في بحثه عن أشكال الحكم ونمط الدولة، وهكذا سيكون الوصول إلى ذلك تحليلاً ومقاربة، لاسيما بعد أن يُنجز الحدث ويكتمل لتتم قراءته سسيولوجياً بقراءة منهجية، وكل هذه القراءات المحتملة والمتداخلة ستكون ماثلة أمام الباحث، خصوصاً عند تناول موضوع لم يكتمل حتى فصله الأول ولا زال في مناطق عديدة أقرب إلى إرهاصات، ولكن لا بدّ من تمثّل الدلالات لما حصل وما وقع وما هي أهم الاستنتاجات الراهنة من خلال قراءة الواقع. الدلالات تأتي من خلال التحقق والامتلاء، لاسيما إذا كان شيئاً ما قد حدث، وانتقالاً ما قد تم، وتغييراً ما قد أنجز، لكن كل هذه المسارات المتداخلة والمتفاعلة، لا زالت في بداياتها، ولهذا لم يكن المطلوب تقديم فرضية، ليتم البرهان عليها أو تقديم وعد لكي يتم تأكيد تحققه، بقدر ما هي قراءات مفتوحة لحدث لم يكتمل، فيه اشتباك لما حصل عربياً، لكن له خصوصياته، كما فيه عوامل موضوعية قد تكون ناضجة أو بعضها ناضجاً وبعضها لم ينضج بعد، مع نقص وقصور في الأداة الذاتية التي لم تنضج بعد، وقد تحتاج إلى وقت غير قصير لكي تنضج. والأمر يحتاج إلى جهود غير قليلة، فموضوع الأقليات لا يزال يثير ردود فعل متباينة وحتى الآن، فإن النخب الفكرية والسياسية والدينية، تتعامل معه من منظور ذاتي أحياناً دون رؤية شاملة لموضوع الدولة والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها بدءً من المواطنة ووصولاً للمساواة في إطار احترام الحقوق والحريات الأساسية الفردية والجماعية انطلاقاً من عدم التمييز وعلى قاعدة ومنظور حقوق الإنسان. وإذا كان الشعار الكبير الذي رفعه الربيع العربي في مواجهة أنظمة الاستبداد هو حقوق الإنسان، فإن منظومة حقوق الانسان الثقافية للحقوق الجماعية والفردية تقرّ بحق الأمم كبيرها وصغيرها بالمساواة في الحقوق، واعتبار جميع الثقافات جزءًا من التراث الإنساني المشترك للبشرية بما فيها من تنوّع واختلاف بتأكيد واجب الحفاظ على الثقافة ورعايتها وضمان حق كل شعب في تطوير ثقافته، إضافة إلى حق كل فرد في المشاركة الحرة في حياة مجتمعه وحقه في التمتع بالفنون والآداب والمساهمة في التقدم العلمي وحقه في الحرية الفكرية الخ ... ولعل ذلك يعني فيما يعنيه إقرار بمبدأ المساواة، لا على أساس أغلبية دينية أو قومية، بل على أساس مبادئ المساواة والهوية المشتركة المتعددة، المتنوّعة، والقائمة على مبادئ المواطنة، دون التوقف عند التمييز بسبب الأقليات أو الأكثريات. وتقرّ الشرعة الدولية بالمساواة بين الثقافات ورفض التمييز بين الأمم والشعوب وعدم الاعتراف بفكرة التفوّق أو الهيمنة، وهو ما أكدته منظمة اليونسكو وما تبنّاه إعلان مكسيكو عام 1982 حول الحق في احترام الهوية الثقافية. إن الحق في الهوية الثقافية للشعوب يعطي الاشخاص والجماعات الحق في التمتع بثقافاتهم الخاصة وبالثقافات الاخرى المحلية والعالمية، ذلك أن إقرار الحق في الثقافة يعني : حق كل ثقافة لكل أمة أو شعب أو جماعة في الوجود والتطور والتقدم في إطار ديناميتها وخصائصها الداخلية واستقلالها، ودون إهمال العوامل المشتركة ذات البعد الانساني وقيم التعايش والتفاعل بين الأمم والشعوب والجماعات. وقد شهد القانون الدولي في العقود الثلاثة الماضية تطوراً ايجابياً في موضوع الأقليات، حيث تناولت العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية موضوع عدم التمييز، كما حظيت " الحقوق الخاصة" باهتمام كبير، خصوصاً بعد إبرام " إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو اثنية أو دينية أو لغوية " الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 27 برقم 135 في 18 كانون الاول (ديسمبر) 1992 والذي عُرف باسم " إعلان حقوق الاقليات " Minority Rights، حيث أنشئ على أساسه فريق معني بحقوق الأقليات عام 1995 اعتماداً على الحقوق الثقافية ( 8). والمقصود بالحقوق الخاصة هو الحفاظ على الهوية والخصائص الذاتية والتقاليد واللغة في إطار المساواة وعدم التمييز وهو نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذهب إلى ذلك أيضاً إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار حقوق السكان الأصليين لعام 2007 والذي أكد إن الإقرار بالتنوّع الثقافي والديني والإثني هو إقرار بواقع أليم، فقد كان ثمن التنكّر باهظاً وساهم في تفكيك الوحدة الوطنية وهدّد الأمن الوطني واستخدمته القوى الخارجية وسيلة للتدخل وفي هدر الأموال وفي الحروب والنزاعات الأهلية، بدلاً من توظيفه بالاتجاه الصحيح باعتباره مصدر غنى وتفاعل حضاري وتواصل انساني، وقبل كل شيء باعتباره حقاً إنسانياً !!
الهوامش
(1) انظر: شعبان، عبد الحسين- الاسلاميون والعلمانيون، صحيفة الخليج الاماراتية الثلاثاء 20/12/2011. (2) انظر: شعبان، عبد الحسين- الشعب يريد..! تأملات فكرية في الربيع العربي، دار أطلس، بيروت، 2012. (3) أنظر: شعبان، عبد الحسين- السيادة ومبدأ التدخل الإنساني، مطبعة جامعة صلاح الدين، إربيل، 2000 (4) أنظر: حمدان، عبد الحميد- الحوار المتمدن، العدد 3511، في 9 تشرين الأول(أكتوبر)2011. كذلك قارن: عربيد، أمال- جريدة السياسة الكويتية في 19تشرين الأول (اكتوبر) 2011. وقارن أيضاً: بن علي، أحمد غليوم- جريدة السياسة الكويتية في 2 شباط (فبراير) 2012. وانظر كذلك الأحمر، بارعة- الربيع العربي يحفّز مخاوف مسيحي المنطقة، 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 (5) انظر: جوبيه، آلان: مسيحيو الشرق والربيع العربي، 29 شباط (فبراير) 2012. (6) انظر: شعبان، عبد الحسين- سبعة أسباب لاستهداف المسيحيين، جريدة السفير اللبنانية، العدد رقم 11840 الخميس 17/3/2011 (7) قارن: مقلد، محمد علي- الربيع العربي فرصة تاريخية أمام الأقليات للحصول على حقوق المواطنة خلال إقامة أنظمة ديمقراطية ، الحوار المتمدن، 9 تشرين الأول (اكتوبر) 2011. (8) انظر: اعلان حقوق الاقليات لعام 1992، لدى د. هيثم منّاع، الامعان في حقوق الانسان، دار الاهالي، دمشق، 2000.
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليبيا: الفيدرالية المدنّسة والمركزية المقدّسة
-
مواقف خاطئة للحزب الشيوعي
-
القضاء الدولي والقضاء الوطني: علاقة تكامل أم تعارض؟
-
نقد قيادة الحزب الشيوعي
-
50 مادة في الدستور العراقي تحتاج الى إصدار قانوني
-
مواطنة -إسرائيل-
-
عن ثقافة التغيير
-
رسالة الى الحزب الشيوعي السوداني
-
نعمة النفط أو نقمته في الميزان الراهن
-
السياسة والطائفة
-
حقوق الإنسان والمواقف السياسية
-
الأحزاب العراقية بلا قانون
-
3 تريليونات دولار خسرتها أمريكا في العراق
-
لا تقديم للنظرية على حساب الوقائع الموضوعية
-
الشيوعيون والوحدة العربية
-
الحرب العراقية – الإيرانية عبثية ، خدمت القوى الإمبريالية وا
...
-
الميثاق الاجتماعي العربي: تنازع شرعيتين
-
الحزب الشيوعي وتشكيل الجبهة
-
معارضة الحصار
-
في بشتاشان
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|