|
- الوردة في مشارقها - ، في تجليات دلالها و ... أناشيدها !
جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 15:23
المحور:
الادب والفن
" كنت أمنح الكثير للمؤول ، ولكنني أجازف الآن بأن أبدو مبالغ الاحترام للنص " - أمبرتو إيكو -
لربما لم يعمد نص شعري في مشهد " حالتنا الشعرية " الراهنة إلي تكسير الأزمنة والنوايا كما فعل نص " الوردة في مشارقها " . فقد وجدته يتحايل علي القارئ ويربكه ، ثم يأخذه ليورطه في أكثر من علاقة مع أجناس تعبيرية في الشعر ، ومع صورا مبتكرة تدير حوارا يبتدئ هنا فيقدم دلالات وإشارات وإحالات رشيقة وسرعان ما يذهب ليبدأ – أيضا – من هناك ، حوارا مع حوارات ، حوارا مع الاحلام ، حوارا مع الحيوات والشخوص ، مع الكوابيس والظنون و مع الرؤيات ! " الشهادة مكتوبة في التراب وفي المعطف الوطني منذ الأزل فقط ... لو نستطيع التعري أمام الحياة لو نستطيع صعود الأمل " ! إنها " الوردة " التي تتمدد علي فضاءات الجهات كلها و ... تضوع ! ثم أراه يلجأ إلي مغايرة الواقع ومجاراته في آن واحد ، باثا إشاراته وسننه ورؤاه في مقاطع شعرية وجودية وأخروية وتاريخية وسياسية . لكأنه يختصر لنا هموم وآمال الوطن وتجليات أطواره ، يفكك عنها دثارها وأرديتها فيجعلها في الناس عارية عارية ! " أحبك والقلب طين والشوق نهر صغير يرفرف بالطيبين ... كلما اجتاحني موجة صعدت أصلي علي جبل في مقام الحنين . ( موتي علي راية العاشقين ). ... ... ... ... ... ... آمين " !. لكن – في ظني – أن القارئ " يستسيغ " تلك المراوغات الحميمة في جسد القصيدة ، وفي جسد اللغة التي جعل منها ، أحيانا ، آسيانة فتبدو مقهورة ومحزونة ، لكنها مزهرة ومشرقة ! أن الرسائل الذهنية / النفسية وإشتباكات الذاكرة البشرية في تحولاتها وصخبها ، في تجسيداتها كما يبصرها أو يتخيلها أو ينصت إليها ، تجدها في كامل موضوعيتها رغم المراوغة ومهما كانت طبيعة إنثيالاتها صورا وملفوظات مكشوفة أو حلمية ! الواقع ومحاكاته ، الواقع ومغايرته ، ثمة بروق حدسية هنا ، حيث يبدو الواقع إنغماسا في واقع لم نألفه كثيرا ولم تألفه " شعريتنا " الراهنة ! إذ نراه – وهو الواقعي / الخيالي الجميل – يعتمد علي المرايا والذاكرة الموشومة ، والاحلام ، والرؤيات الفسيحة ، وتداخلات الروح بالمادة وتحريكه – كحجر رحي شقي – للكائنات جميعها و ... أرواحها ! أن النص بأكمله يمسك – بحميمية فارطة وبفيوض ليست ذرائعية بل وجودية يجري عليها ويحرقها ألم البرهة – بالإحتمالات من أعناقها ، ولكنه ، في ذات الوقت ، " يزوغ " منها ليترك للقارئ مساحات للحيرة والإرتباك قبل أن تدلق عليه" الوردة " عطرها الذي يضئ ! " سجن هو الماضي والذكري هي السجان . وأصيح في الحاضر : كن أهلا بهذا ( الآن ) رغم فداحة الإنسان " ! . يفعل ذلك بالقارئ ثم يتركه عند الحدود القلقة متنازعا بين جهات " الوردة " : بين الحلم والواقع ، بين الروح والجسد ، بين الحبيبة والجسد ، بين الوطن والجسد ، بين الكائنات والجسد ، ما أجملها وهي تتمدد وتنطرح لتقف ، بكل جلال عطرها ، في دنيا الناس هذه ، في دنيانا الجميلة و ... بهية رغما عن قسوة الواقع وخشونته ! " يغرق جسمك من أثر الضحكة ، من ذاتك ... فتصيرين مجرد نهر - نهر الروح - وأصير البر المفضوح وراياتك " ! ثم يكون – وقتذاك – في حب " زينب " التي تكون في " ذاكرة الخطوط علي اليدين " و ... يراها ! ولكن ، هل " الوردة " نص صوري ؟ لقد رأيتها – وهي الوحيدة الواحدة – في " التقطيع واللصق والدمج " في لحظات إزدهارها اللماع ، تحقق لها تراكمات التنغيم وأنية الانتظام الموسيقي أيضا ... والصور الشعرية تتعدد ، تماما ، كما تتعددالأزمنة ، وتتمظهر الاحلام كما تتخفي الوقائع و ... تبين فتشرق في " مشارقها " و ... " الوردة " في ضوعها وعنفوان دلالها و " تتيه تيها " ، في تمام شهوتها وإنعتاقها من الزمن الردئ إلي أزمنة تخصها و ... تخصنا ، خصبة وزاهية : " رجل علي حافة أمرأة يعيش علي البنات ... ( بنات أفكار الحياة ) ما خاف من أحد لكنه دوما يخاف الذكريات " !. أما إجتراحات الجسد ، وتشيئ القصيدة نفسها إلي براحات في الجسد الإنساني ، تكون فيه فيكون فيها ، فهي من خصيصة " الوردة " وجوهرها المفضوح ... كثيرة هي تلك التجليات ، ,اعدها العقد والحلية في عنق النص ، تلتمع وتضئ و ... تغني ، لأنها طالعة من دم " الوردة " ، أو بالأحري من نخاعها علي قول محمود محمد مدني ! فلننظر لبعضها ، فبريقها يأخذنا إليها رغما عنا : * " جسمي قطعة أرض أرجو أن أبني فيها أسمي " ! * " ما ألطف عقلي ! ... ... ... ... ... ... أني أسمع هسهسة أمرأة ما في جسد ما تقبلني ... " !. * " ... أحبك أنت تبا لهذي القصيدة . وتبا لكل الشواغل عنك ، في فكرة كافرة ! " . * " علي جسدي ولدت قبلة وازدهرت ذكرياتها في فمي ... أني أحسد الكلمات ! " . * " ... وعندي الحياة جميلة طالما الروح كأسي ، وكأسي طويلة ! " . ذلك بعضا من فيوض الجسد في دم " الوردة " . هذا النص ، هذه الوردة العفية اليانعة ، الذائبة – كالخمر – في جسد محكي ، يحكي تجليات البرهة الراهنة في سيماء " المشارق " كلها ، أنها حكايا لا تخص الماضي وحده ، ولا الحاضر وحده ، ولا المستقبل وحده ، المستقبل الذي يبقي " ملغزا " ، قيد التحري والرؤية في أطوار تخليقه المستمر وصورته الباهية عند الطلوع ، نعم ، لايخصها وحدها ، لأنه الآن يخصنا كلنا ، فالوردة قد غدت في سيماء وملامح اناس ، مزهرة و ... مشرقة ! الوسيلة ، ياصاحبي في المواجد المحرقات ، شكرا جميلا إليك لهذا البهاء الجليل : صورة " الوردة في مشارقها " ! --------------------------------------------------------------------------------------------------------- * " الوردة في مشارقها " المجموعة الشعرية الجديدة تحت الطبع للشاعر السوداني بابكر الوسيلة !
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلم الجسد زهور الحبيبة !0
-
أتحاد الكتاب السودانيين ينعي البروفيسور عالم الاثار خضر عبد
...
-
نقد* أنهض الحزب و ... الوطن !
-
الأحزان هي التي غيبتنا !
-
كنت الجسد إليها !
-
ليلة أرتدي القمر السواد !0
-
وهل حاذرتهن النساء يا أمي ؟
-
وجع الرحيل ياوردي !0
-
راهن السودان في رؤية داعية الحقوق صالح محمود !0
-
مقال في وجه أمام جائر يؤدي بكاتبه لبيوت الأشباح * !0
-
أنثي الشجر !0
-
حوار مع د . حيدر إبراهيم حول نظام المتأسلمين في السودان !
-
حسين مروة : نتذكره و ... نسير في التنوير !
-
تصمت كي تحدث عصافيرها !
-
في عيد الحب : وردتين إليها و ... قبلة !0
-
الفنان والحاكم: في المنفي، نعم في البيت4 !0
-
شفتاك !
-
الوحيدة !
-
تأتيني بأزرقها !
-
لوركا ، ريحانة الألفية الثالثة أيضا ! 1/2
المزيد.....
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|