[ اللاوعي الجمعي للماء - كيف توحدنا ميثولوجية الماء - ؟ ] .

أيوب بن حكيم

الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 03:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

... لسنا ذاكري الماءَ إلا و ترد خاطرة الحياة حيث الصورةُ أكثر اِحتشادا بالتفسيرات اللاشعورية الجمعية، فللماءِ رموز شتى من عصر البدايات، فهو رمز لا تاريخي و لا جغرافي للطهر و القداسة و التجدد ، و أحيانا رمزٌ مصاحبٌ للشر[1] ، فهو أمثولة صراع الأضداد و رمز إيحائي مفتوح لتناسل الفهوم الميتافيزيقية،و رمز للخصب في جميع الحضارات غير الكاتبة [2] ، و عندها في ذلك اِستفاضة[3] خصوصا إذا اِرتُبط برمز آخر ،فالرمز المستقر في علاقته برمز مستقر آخر، يعطينا رمزا يتفجر حيوية فيضحي بذرة من بذور نمو لامعقوليات الإنسان في مختلف تجلياتها العيانية و الذهنية..وما أكثرها .

...أما بوصفنا مسلمين ، فالماء جُعل أيضا رمزا للتطهر و التجدد و القداسة، بل هو علامة سيميائية على توحد المسلمين ، فبالماء نتطهر وبالماء نقابل القدوس وبالماء نجدد علاقتنا بالله وبالماء أيضا يسري بيننا شعور جمعيٌّ بأننا نمرِّر الماء على نفس الأطراف و الأعضاء،فتذوب الكثير من الحزازات في موقف التوضأ[4] ،كما في موقف الاغتسال عند الأحياء والغسل عند الأموات ، إنه شعور مماهٍ يجعلنا ننتقل من حالة الخضوع لفعّالية الزمن إلى مرتقى يوحدنا ببعضنا و بالذات الجليلة بعد أن نكاد نكبو بلاجدوى أزمتي القصد و الصدق،ولعل حرصَ المسلمين على "آداب شرب الماء" لدليل ساطع على مطاوعتهم للتسريبات الحضارية في زمن البدايات و استطاعتهم تطويعها للفهم المسلم [5]

هوامش :

[1] " فالمياه قد تكون رمزا للشر،وهي المياه البدائية التي مثلها عند الكنعانيين الإله يم yem " أنظر "أساطير التوراة الكبرى" ص67 .
[2] أفضل مصطلح "الإنسان غير الكاتب" عوض "الإنسان البدائي" أنظر في المصطلح كتابَ " الأسطورة و المعنى" لستراوس .
[3] بالإمكان الرجوع إلى قدسية الماء في "أسطورة العذراء" و أسطورة"الطوفان" ــ أنظر ريتا عوض مثلا "أسطورة الموت والانبعاث"
[4] ألمح إلى "مواقف" النـِّفـَّري،فللوضوء موقف أيضا .
[5] أنظر تفاصيل آداب الماء في مصنف"الماء وما ورد في شربه من الآداب" لمحمود شكري الألوسي ، تحقيق محمد بهجة الأثري .

#أيوب_بن_حكيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات