|
ما علاقة الفن والأدب بالاقتصاد والسياسة ؟
أحمد حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 1090 - 2005 / 1 / 26 - 12:09
المحور:
الادب والفن
تساؤلات واستفسارات تحتاج إلى تحليل وربط ما بين الأدب والفن والحالة الاقتصادية والسياسية ، وهل الأدب والفن تعبير وتجسيد عن حالة المجتمع بشكل عام بمعني انه يوجد ارتباط طردي بينهما أي أن عندما يكون الفن راقيا والأدب مزدهرا كلما كان الاقتصاد منتعش ، ذلك هو المفترض في عالمنا المعاصر إلا أننا نجد في مصرنا الحبيبة بعض اللإستثناءات حيث نجد أن تاريخ مصر الحديث قد تعرض للاحتلال الأجنبي واحداً تلو الآخر وكان الفن والأدباء أحد وسائل مقاومة الاحتلال وطريق الشحن والدفع وتثبيت الهم من اجل استمرار الكفاح المستمر ضد العدو ، والأمثلة كثيرة ومتعددة مثل " عبد الله النديم _ رفاعة الطهطاوي _ عباس العقاد _ احمد شوقي " وكان هناك العديد من العباقرة الذين أثروا الحياة الأدبية والغنائية مما يسمي بالأدب الراقي وليس الرقيق وكان من أمثلة ذلك " سيد درويش " والذي توفي في سن مبكر والذي يعتبر عبقرية نادرة في مجال التأليف الموسيقي والتعبيري بالألحان عن الكلمة الصادقة والتي تصل إلى القلب في أسرع وقت وكانت الحانة أحد عوامل الدفع والحشد والتأثير في استمرار المقاومة ضد الاستعمار بل كانت ألحانه تعبر عن كل الظروف الاجتماعية المختلفة ومازال سيد درويش علي رأس قائمة المبدعين والمؤثرين ومازالت مؤلفاته وألحانه ترن يوماً بعد يوم أما المطربين فكانوا تعبيراً صادقاً عن هذه الألحان وكلمات الشعراء المبدعين وارتبطت الأسماء ببعضها من شعراء ومطربين وملحنين فأنتجت منظومة مؤثرة في رجل الشارع العادي قبل المثقف وسوف نتناول حقبة من الزمن والتي ترتبط منذ عام 1952 وحتى تاريخه ففي بداية الخمسينات وحتى نهاية الستينات كان الفن في قمته من حيث الأصوات والألحان والشعراء بالرغم من الظروف السيئة حروب مستمرة وهزيمة 1967 واقتصاد معدم ، وهذا التنافي مع القوانين والمعايير العالمية فنجد ظهور أسماء شعراء كبار " مرسي جميل عزيز وعبد الرحمن الابنودي ورامي وغيرهم من الأسماء الرنانة المبهرة " وظهرت الألحان العظيمة لكل من " كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي وغيرهم من قمم الملحنين " وارتبطت بهذه الكلمات والألحان أصوات مبدعة ومعبره وذو حساسية وعلي رأسهم " عبد الحليم حافظ ومحمد فوزي وشادية ونجاة الصغيرة وصباح ومحمد رشدي ومحمد قنديل وغيرهم "من الأصوات التي تعتبر مدرسة للغناء والتعبير وكانوا هؤلاء العباقرة يحصلون علي مبالغ لا تقارن ولا تذكر بما يحصل عليه شباب اليوم من المؤلفين والملحنين والمطربين وكذلك كتاب المسرح وأصحاب القلم من شعراء ومؤلفين قصة ورسامين ونحاتين.
وفي فترة السبعينات وبعد انتصار أكتوبر 1973 وظهور الانفتاح الاقتصادي كان من المفترض ارتباط الأدب والفن بذلك الانتصار والانفتاح ولكن ظهر ارتباط عكسي تماما حيث وصلت الكلمة لأدني حد لها والألحان بدأت تنحدر وظهر لون جديد لمطربي الألحان الشعبية وكان علي رأسهم " احمد عدوية " الذي نافس الجميع بل أقلقهم وخصوصا " عبد الحليم حافظ " الذي كان يتربع علي عرش الغناء منذ ظهوره وحتى تاريخه وبدأ النقاد هجوما علي عدوية وعلي كل من كان علي شاكلته واصبح " عدوية " أسطورة الضياع وباع اسطوانات وكسب ما كسب حتى فاق كل من " آم كلثوم وعبد الحليم " ومنذ الثمانينات وحتى تاريخه ظهر أصحاب الكلمات الرخيصة والألحان السريعة ذو النغمات التي تعتمد علي التصفيق والرقص فقط وأخيرا ظهر الفيديو كليب الذي يعرض الأغاني الجنسية وظهر المطرب حسب ما يدعي كل منهم معتمدا اعتماد كليا علي الأجهزة الحديثة التي تخرج الأصوات نقية وفي نفس الوقت كلها متشابهة آما المطربات فقد أخذتن التنافس فيما بينهن في التخلص من ملابسهن والقدرة علي إظهار الجانب الأكبر من أجسامهن هذا هو الفن الحديث متأثرا بالفن الغربي ومتناسيا عاداتنا وقيمنا وأخلاقنا واصبح في هذا العصر يحصل علي الملاين من الجنيهات في شريط واحد فقط في حين أنه لا توجد كلمة أو صوت أو لحن وهنا السؤال ما نوع الارتباط بين الفن والاقتصاد ؟ وليس مجال السينما ببعيد فقد انتعشت إيرادات الأفلام واصبح إيراد الأفلام بالملاين ودخل الممثل الشاب ما بين 3 إلى 6 ملايين .
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه هل السينما تقدمت بشكل يحدث كل هذه الثورة ؟ آما اصبح المؤلف عبقري أم الممثل أسطورة ؟ كلا يا سادة وترجع هذه الأسباب لبعض تلك الملاحظات وتتلخص في:
1- ارتفاع ثمن التذكرة بشكل ملحوظ بل وملحوظ جدا أي مئات الأضعاف .
2- الاختلاط الجماعي بين الشباب ذكور وإناث والذهاب معا إلى دور السينما ودخول الفيلم اكثر من مرة ليس حبا في الفيلم ولكن رغبة في التواجد معا .
3- عدم وجود قيادات تجعل قدرة الشباب علي التميز والتفكير والقدرة علي اتخاذ قرار من عدمه .
4- غياب الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية .
5- تشابه فكر وعقل الشباب من مؤلفين وموسيقيين وممثلين مع شباب المتفرجين مما ادي إلي غياب القيادة كما قلنا .
6- أصبحت الكلمات المنبوذة من الأجيال السابقة مجال الحوار والتأليف الغنائي والمسرحي والشعري بما يتعايش مع الأجيال الحالية ومما يساعد كعامل أساسي في زيادة الإقبال والدخل المبالغ فيه .
وبعد ذلك نتساءل إذا كان هذا النتاج يمكن أن يخرج لنا مطرب مثل حليم يعبر عن الحب والمناسبات وعن الأغنية الدينية والشعبية والوطنية التي كانت تقف جنبا إلى جنب البندقية ، وهل سوف يخرج لنا ملحنين مثل عبد الوهاب وبليغ حمدي وكمال الطويل ؟ وهل سوف يخرج لنا مؤلفين مثل مرسي جميل عزيز وعبد الرحمن الابنودي ؟؟ وعند قراءتك لهذه المقالة سوف تقول أن الكاتب وضع صوره مظلمة وقاتمة وانحاز لجيل دون الآخر ولكن في الحقيقة إن ما كتبته هو تحليل وربط بين الأدب والفن والحياة الاقتصادية فهل هناك علاقة طردية أو عكسية بينهما ؟ ولكننا في مصر خليط ما بين هذا وذاك وذلك مزعج للغاية لان لابد من وجود معايير ووضع النقط فوق الحروف للخروج من هذا النفق المظلم ونذكر منها:
1- لا بد من التركيز في التلفزيون بصورة خاصة علي الأغاني التي كانت لفترة طويلة تحمل معاني ذوقية من حيث الكلمة واللحن والغناء جنبا إلى جنب الأغاني الجديدة التي لا محل لها من الغناء .
2- إعطاء الفرصة لكتاب السينما والمسرح والتليفزيون لعرض مؤلفاتهم ذات المضمون ذو المعني للوصول إلى تربية جيل يفهم ويستوعب أصالة حضارتنا .
3- القضاء علي الشللية من الإداريين والفنانين والكتاب التي سيطرت علي جميع المجالات مما أوصلتنا لما نحن فيه .
4- إعطاء الفرص بالتساوي لكل من المطربين والملحنين والكتاب حتى يتسنى لجميع جماهير الشعب من كافة المستويات من تحديد الأفضل والاسوء .
5- ربط قيمة العمل المادية بقيمته الأدبية .
6- عمل لجان وتحديد العمل القيم من أشخاص مشهود لهم بالشفافية .
وفي نهاية مقالتي أرجو أن نخرج سويا بنظرة لما يحدث أو ما حدث في عالمنا الأدبي والفني ومدي ارتباطه بالحياة الاقتصادية لتصل إلى شعاع أمل وبصيص نجاح أو بريق يغير من عالمنا المظلم الذي نحن فيه
#أحمد_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحــــرية في ميزان العقل
-
كذب الرجال ولو صدقوا
-
قناة الجزيرة والتصعيد الغير مبرر!؟
-
المرأة بين الصورة والعصا
-
كتاب المرأة والجنس لنوال السعداوي
المزيد.....
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|